رد: إنه الله جل جلاله
[frame="2 80"] الخطبة الثانية: إخوة الإسلام والإيمان.. وصية الله سبحانه وتعالى لنا تقواه في كل آن، فاتقوا الله في السر والعلن، واستحضروا عظمته في كل ظرف وحال. وإننا مدعوون أيضاً من ربنا وبكلام ربنا إلى حسن تلك الصلة بالله عز وجل: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (الذاريات: 50)، هذه بعض الوجوه من الواجبات في الآيات (فروا إلى الله)، قال الطبري: "اهربوا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به والاتباع لأمره والعمل بطاعته"، وقال غيره: "فروا من معاصي الله إلى طاعته"، وعن ابن عباس: "فروا إلى الله بالتوبة من ذنوبكم"، وعن الحسين بن الفضل: "احترزوا من كل شيء دون الله فمن فرّ إلى غيره لم يمتنع منه". وهكذا يجب أن ندرك أنه في كل الظروف المعتادة وفي كل الصلات والعلاقات الدنيوية إن خفتَ من شيء ابتعدتَ عنه، إن أخطأتَ في حق أحد حاولت أن تتوارى منه إلا في الله عز وجل فإذا أخطأت أقبلت وإذا أذنبت استغفرت، وإذا ابتعدت عنه كان الحل أن تعود إليه، لأنه سبحانه وتعالى أفرح بتوبة عبده كما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم وفي رواية لمسلم " لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح"
{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ} (آل عمران: 159)، إذا أخذت بالأسباب، كم نأخذ بالأسباب ونتقنها ونأخذ بالخطط الاستراتيجية والتشغيلية ونضع المؤشرات وكل ذلك مطلوب لكن أين هذه الفاء التعقيبية: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ}، اعلم أنه لا توفيق إلا منه ولا نجاح إلا به ولا نصر إلا من عنده، لابد أن نستحضر في كل حركة وسكنة سيما ونحن -بحمد الله- نذكر الله بما علمنا إياه رسول الله، تخرج من بيتك: "بسم الله توكلت على الله"، لا تنس مثل هذه الأذكار تجعلك مستحضراً لوجوب اعتمادك وشدة افتقارك وأهمية توكلك على الله سبحانه وتعالى، {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ {173} فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} (آل عمران: 173-174)، هكذا يكون العبد الموصول بالله المستحضر لعظمته المدرك للطفه ورحمته كما جاء في الآيات الكثيرة، {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ} (الأعراف: 200)، إذا جاءك الشيطان أو جاءك الوسواس، إذا رأيت ضعفاً من نفسك فاستعذ بالله والتجئ إليه فإنه سبحانه يعصمك وأنت في كل يوم تقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، وأنت في كل حال تقول: "بسم الله" أي: أنني أبتدئ كل عمل بسم الله سبحانه وتعالى، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {53} وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} (الزمر: 53-54)، أنيبوا: ارجعوا، أسلموا: استسلموا، كونوا مع الله، تذكروه فهو الرحيم بكم، والغافر لذنوبكم، وهو اللطيف سبحانه وتعالى بكم فلا تبعدوا عنه، ولا تفروا منه بل فروا إليه، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ} (الزمر: 36)، إن كنت مع الله فلن تخش أحداً ولن يستطيع أحد أن يصيبك بشيء كما قال صلى الله عليه وسلم: "ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك". هذه معالم أيها الإخوة والآيات في هذا كثيرة، ولعل من أعظم المعاني والدلالات العظيمة المستحوذة على كثير من آيات القرآن ودلالاته عظمة الله عز وجل وبيان وجه عظمته من لطفه ورحمته بعباده، وبيان صلة صفوة خلقه من أنبيائه به في الظروف والأحوال المختلفة وإرشادنا إلى ما يجب علينا تجاه خالقنا ورازقنا الرحيم بنا واللطيف بنا والغافر لنا سبحانه وتعالى. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا انت استغفرك وأتوب اليك اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين [/frame]
آخر تعديل -قمر الليالي- يوم 12-22-2015 في 04:57 PM.
|