الرسالة الثانية
كونوا لرمضان نعم الجنود يكن لكم نعم القائد
إن الصيام يقوي في الإنسان أشياء ويُضعف فيه أشياء أخرى...
وهذا هو السر الذي يجعل الصيام طريقاً سهلاً ميسراً للتقوى.
فالصيام يضعف سيطرة البدن على الروح، فتتحرر الروح تلك النفحة العلوية «فإذا سويته ونفخت فيه من روحي..» من براثن الجسد وحينئذ.. فالحصول على التقوى أمر بسيط طالما سمت الروح فهي كلمة سر التقوى.. هي الباب الوحيد الذي تدخل منه التقوى، فالصيام يحرر روحك من قيود جسدك وحينها تُحذف من قاموسك كلمة «غافل» وكأن لسان حال القلب يقول
«وانكسر القيد يا روح.. انطلقي واسبحي واقتربي من الله».
والشيء الثاني الذي يضعفه الصيام أو قل يضبطه.. هو الشهوة.
يقول علماء النفس: «إن الشهوة هي المحرك الأساسي للسلوك الإنساني».
فيأتي الصيام فيضبط هذه الغريزة وينظمها وبها يصبح الإنسان على درب التقوى مستقيماً.
إخوتى وأخواتى.. كونوا لرمضان نعم الجنود يكن لكم نعم القائد..
أما عن الأشياء التى يقويها الصيام فأول هذه الأشياء هو مجاهدة النفس
وهذه في حقيقة الأمر هامة جداً جداً فبها يُبنى كل شيء وبدونها يُهدم كل شيء
مجاهدة النفس، الإرادة، العزيمة، الإصرار، الهمة العالية..
كل هذه مترادفات لشيء يجعل هذا الإنسان الضعيف إنساناً قوياً لا يستسلم إلا لله
ولا يذل إلا لله، والصيام يعينك على ذلك فالإمساك بميعاد وكذلك الإفطار وهناك
ضبط للشهوة الحلال.
والشيء الثاني الذي يقويه الصيام هو صحبة الصالحين فضلاً عن تقوية العلاقات
الاجتماعية فالعائلة تجلس جميعها على طعام واحد في وقت واحد.. الوجوه تقبل
على الوجوه وتبتسم لها.. تنظر العيون إلى العيون في حنو ورحمة شهر التصحيح فهذا
هو الأصل ولكن الدنيا قد شغلتنا وأصبحنا في مارثون لنأتي بلقمة العيش ولا تجد للساعة فائدة إلا في العمل أما في أوقات صلة الرحم والزيارات فالساعة تغط في النوم غطيطاً
.. ترى أهي السبب أم نحن..؟! أحبتي.. اهتموا في رمضان بصحبة الصالحين فهي طريقنا نحو التقوى «الإخلاء يومئذ
بعضهم لبعض عدو إلا المتقين» هل من المعقول أن نحصل على التقوى ونحن في
صحبة الفاسدين.. الذين لا يعرفون حق الله..؟! إن الصحبة الصالحة هي الممر
الأساسي والرئيسي للوصول إلى الفائدة المكتملة..