هارون الرشيد ....
ذاك الذى كان يرفع رأسه ..فيقول للسحابة :
أمطرى فى الهند أو الهند أو فى الصين ...
أو حيث شئت ..
.فوالله ما تمطرين فى أرض إلا وهى تحت ملكى..
هارون الرشيد...خرج يوماً فى رحلة صيد فمر برجل يُقال له بُهلول ..
فقال هارون:عظني يا بُهلول..
قال:يا أمير المؤمنين !! أين آباؤك وأجدادك؟
من لدن رسول الله .صلى الله عليه وسلم. إلى أبيك؟
قال هارون:مـــــــاتـــــــوا..
قال:وأيــن قبورهم؟ قال: هـــــــذه قبورهــــم ..
فقال بُهلول: تلك قصورهم .. وهــــذه قبورهم ..فما نفعهم قصورهم فى قبورهـــم؟
قال: صدقت..زدنى يا بُهلول
..قال:أمــا قصورك فى الدنيا فواسعة فليت قبرك بعد الموت يتسع
فبكى هارون وقال:زدنى..
فقال:يا أمير المؤمنين:
هب أنك ملكت كنوز كسرى وعُمرت السنين فكان ماذا
أليس القبر غاية كل حـــي وتُسأل عن كل هذا؟
ثم رجـــع هارون...وانطرح على فراشه مريضاً ...
ولم تمض عليه أيام حتى نزل به الموت ..
فلما حضرته الوفاة..وعاين السكرات.. صاح بقواده وحجابه:
اجمعوا جيوشي.. فجاؤوا بهم .. بسيوفهم .. ودروعهم ..
لا يكاد يُحصى عددهم إلا الله .. كلهم تحت قيادته وأمره ..
فلما رآهم .. بكى .. ثم قال:
يا من لا يزول ملكه ..ارحم من قد زال ملكه ..
ثم لم يزل يبكى حتى مات .. فلما مات ..
أُخذ هذا الخليفة.. الذى ملك الدنيا وأًُودع حفرة ضيقة..
لم يصاحبه فيها وزراؤه .. ولم يساكنه ندماؤه ..
لم يدفنوا معه طعاماً .. ولم يفرشوا له فراشا ما أغنى عنه ملكه وماله..
سل الخليفة إذ وافت منيته
أين الجنود أين الخيل والخول
أين الكنوز التى كانت مفاتحها
تنوء بالعصبة المقوين لو حملوا
أين الجيوش التى أرصدتها عدداً
أين الحديد وأين البيض والأسل لا تنكرون فما دامت على أحد
إلا ناخ عليه الموت والوجل
من كتاب"حدائق الموت" للشيخ: محمد العريفي