ما زال طعم الحلوى في فمي يا عمي!
قصه رجل كبير يرقد في المستشفى، يزوره شاب كل يوم، ويجلس معه لأكثر من ساعة، يساعده على أكل طعامه، والاغتسال. ويأخذه في جوله بحديقة المستشفى، ويساعده على الاستلقاء، ويذهب بعد أن يطمئن عليه.
دخلت عليه الممرضة في أحد الأيام لتعطيه الدواء، وتتفقد حاله، وقالت له: "ما شاء الله يا حاج؛ الله يخليلك ابنك وحفيدك يومياً بيزورك، ما في ابناء بها الزمن هيك". نظر إليها ولم ينطق، وأغمض عينيه، وقال لنفسه: "ليته كان أحد أبنائي.. "..
هذا اليتيم من الحي الذي كنا نسكن فيه، رأيته مرة يبكي عند باب المسجد بعدما توفي والده وهدأته.. واشتريت له الحلوى، ولم احتك به منذ ذلك الوقت. ومنذ علم بوحدتي أنا وزوجتي يزورنا كل يوم ليتفقد أحوالنا حتى وهن جسدي؛ فأخذ زوجتي إلى منزله، وجاء بي إلى المستشفى للعلاج. وعندما كنت أسأله "لماذا يا ولدي تتكبد هذا العناء معنا؟" يبتسم ويقول: "ما زال طعم الحلوى في فمي يا عمي!".. قال الشاعر:
ازرع جميلاً ولو في غير موضعه
فلن يضيع جميلاً أينما زرعــــــــا
إن الجميل وإن طال الزمان بـــــه
فليس يحصده إلا الذي زرعــــــــا
* * *
* * *
كثيراً ما نغفل قيمة وقوة اللمسة، أو الابتسامة، أو الكلمة الطيبة، أو الأذن المنصتة، أو المجاملة الصادقة، أو أقل لمحة تنم عن الاهتمام؛ فكل مما سبق له القدرة على تغيير حياة الناس تغييراً جذرياً للأفضل.
المعلم ليو بوسكاجليا