عرض مشاركة واحدة
قديم 07-21-2011, 12:45 PM   رقم المشاركة : 3
7hokage
عضو نشيط






 

الحالة
7hokage غير متواجد حالياً

 
7hokage عضوية تخطو طريقها

شكراً: 10
تم شكره 42 مرة في 14 مشاركة

 
افتراضي رد: تعلم فن " التفكير والكلام " ... (( يوسف ميخائيل أسعد ))

اكتشف مواهبك العقلية

لا تترك نفسك للمصادفات :

أعلم أنك إذا ما اعتمدت على الحط الحسن ، وظننت أن مواهبك سوف تبزغ إلى الوجود حتى ولو لم تحاول بدأب الكشف عن آفاقها ، وسبر أغوارها ، فإنك سوف تكبر وتشيخ ، بينما تظل مواهبك مطمورة في قوامك ، ولا يتسنى لك القيام بتوظيفها في واقع حياتك على الإطلاق. فكم من أشخاص كانت لديهم في قوامهم استعدادات ومواهب فذة وعظيمة للغاية ، ولكنهم ظلوا غير مستفيدين منها ، وغير مستثمرين لها طوال حياتهم التي ربما امتدت إلى أن بلغوا الشيخوخة.
فالاستعدادات والمواهب كالكنوز التي تظل مطمورة ومخبوءة في باطن الأرض ولا يستفيد منها أحد ، إلى أن يقيض للمجتهدين المثابرين النبش عنها ، واستخراجها ، والإفادة منها. ولذا فإن من الأهمية بمكان أن تقوم أنت بنفسك بالبحث عن الوسائل الناجعة التي يتسنى لك بواسطتها كشف الغطاء عنها ، والوقوف عليها ، والسيطرة على مقاليدها ، واستثمراها في واقع حياتك ، بحيث تصير تلك الاستعدادات والمواهب مجسدة في حياتك العملية ، وذلك بتزويجها للمهام الاجتماعية التي يحس المجتمع أنه بحاجة إليها.
ولكن الواقع أ ن عملية اكتشاف الاستعدادات والمواهب ليست من السهولة بمكان ، بل إنها تعتمد على المحاولات الكثيرة ، التي تفضي كلها إلى النجاح في الكشف عنها. فاعلم أن من المحتم عليك أن تبذل الكثير من المحاولات في سبيل الكشف عما لا تعلم بوجوده مطموراً في قوامك النفسي من استعدادات ومواهب ، كما أنك لا تعلم مستواها ، وهل هي متوافرة لديك بغزارة بحيث يتسنى لك إذا ما استثمرتها ، أن تصير من النابغين الذين يشار إليها بالبنان ، أم أنها متوافرة لديك بدرجة متوسطة ، فلا يتسنى لك مهما داومت على استثمارها ، فإنك سوف تكون من المتوسطين ، ولا ترتفع إلى مستوى العباقرة الذين يفيدون من استثمارها إلى حد بعيد جداً. ومن هنا فإن عليك بالتذرع بالصبر والمثابرة ، وألا تتعجل بلوغ مرادك. واعلم أن الشخصيات التي استطاعت أن تكتشف استعداداتها أو مواهبها ، كان أصحابها من الصابرين والمجتهدين في الوقت نفسه ، ولم يكونوا من المتعجلين لإحراز النجاح ، أو من البرمين بما كانوا يبذلونه من جهود غير مثمرة ، والقيام بمحاولات لم تكن تجلى عن نتائج بادية للعيان. واعلم يا صديقي أن النجاح في الحياة ليس من السهولة بمكان ، وأن الجهود التي تبذل في سبيل الكشف عن الاستعدادات والمواهب لا تفضي إلى النتائج المرجوة منها بسرعة. فهي ليست طوع بنان المرء ، ولا تقدم إليه على طبق من ذهب. على العكس من هذا فإن الناجحين في حياتهم ، وفي الكشف عن استعداداتهم ومواهبهم ، قد دأبوا على السير على الشوك الذي كان يدمي أرجلهم ، ويفت في عضدهم مرات ومرات ، ولكنهم كانوا في كل مرة يهزمون فيها ، ولا يتسنى لهم النجاح فيما كانوا يسعون لإحرازه من نجاح ، ينهضون من كبوتهم من جديد ، ويشمرون عن ساعد الجد ، ولا يركنون على اليأس والقنوط.
إذن يخطئ من يظن أنه بمجرد قيامه بأول محاولة في سبيل الكشف عن استعداداته ومواهبه ، سوف يحصل على النتيجة المرجوة. فالحقيقة أنه لا مناص من مواصلة البحث والتنقيب عن استعداداتك ومواهبك بغير يأس وبغير ملل إلى أن تعثر على ما تترجاه من بحثك في قوامك الداخلي.



تفاعل استعداداتك مع مقومات البيئة :

إن المهم أن تعلم يقيناً أن استعداداتك ومواهبك لا تبدو للعيان إلا إذا تفاعلت مع مقومات البيئة الاجتماعية. فبغير ذلك التفاعل الذي ينبغي أن يتم بين الاستعدادات والمواهب وبين ما يناسبها من مؤثرات بيئية حضارية ، فإنها لا تخرج بأي حال من الأحوال إلى حيز الواقع ، ولا تصير من قوام شخصيتك المعلنة على الملأ ، والبادية للعيان ، والتي تتعامل بها في علاقاتك الاجتماعية. فإذا كان لديك استعداد أو موهبة للموسيقى مثلاً ، فإن ذلك الاستعداد أو الموهبة ، لا يمكن أن تتبدي في واقع حياتك ، إلا إذا تفاعل ذلك الاستعداد أو هذه الموهبة مع ممارسة الموسيقى بالفعل ، ومع مراعاة الأصول والمعايير الموسيقية التي توصلت إليها البشرية عبر الأجيال المتعاقبة.
فبفرض أن لديك استعدادا وموهبة موسيقية ، فيكون في حوزتك إذن قوامان رئيسيان : القوام الداخلي الذي يتضمن تلك الموهبة الموسيقية التي لم توظف بعد. ثم وسائل التعلم والتدرب على الموسيقى. فإذا لم تكن لديك الاستعدادات والمواهب لتعلم الموسيقى والتدرب على فنونها ، فإنك مهما بذلت من جهد ، ومهما واظبت على حضور دروس الموسيقى ، وقضيت الساعات كل يوم في التعلم والتدرب حتى تتفوق في المضمار الموسيقى ، فإنك وإن اكتسبت بعض فنونها ، فلن تستطيع أن تتفوق على زملائك أصحاب الموهبة الموسيقية في تعلمها والنبوغ فيها ، بل تظل بصفة مستمرة في المؤخرة ، حتى ولو ظللت سنوات وسنوات وأنت مصمم على اكتساب المهارات الموسيقية والوقوف على أصولها ، ومن جهة أخرى فإنك إذا كنت حائزاً على استعداد وموهبة موسيقية عظيمة ، ولكنك لم تنتظم على التعلم والتدرب على الآلات الموسيقية ، وعلى مدارسة الفنون الموسيقية التي اتفق عليها أرباب هذا الفن ، فإنك لن تستفيد على الإطلاق مما يزخر به باطنك من استعدادات ومواهب موسيقية مطمورة بداخلك.


ومعنى هذا أن الاستعداد أو الموهبة لابد أن تتفاعل مع الواقع والممارس بالفعل من فنون موسيقية ، وفي الوقت نفسه لابد من التدرب العملي على الآلات الموسيقية مع التركيز على إحداها طالما أنك تحس بأن لديك رغبة ملحة في اكتساب معلومات عنها والتدرب عليها بالعزف والإبداع وشق طريقك نحو النبوغ في استخدامها.



المحاولة والخطأ :

ومن الأهمية بمكان أن تستمر في تحسس مقوماتك الداخلية عن طريق المحاولة والخطأ تلو المحاولة والخطأ بغير كلل أو ملل ، وأيضا بغير انقطاع وبدأب مستمر لاكتساب المعرفة والمرانة على العديد من المجالات الخبرية ، إلى أن تعثر على ما لديك من استعداد وموهبة لتعلمه واكتساب والنبوغ فيه. من هنا فإن عليك بأن تتعلم الكثير من المهارات ، وأن تجس نبض الكثير من المجالات الخبرية ، إلى أن يتسنى لك العثور على ما يتلاءم مع استعداداتك ومواهبك. وعندئذٍ لابد من أن تنكب وتركز جهدك في ذلك الميدان الذي وجدت ضالتك المنشودة فيه. وبذا نستطيع أن نتنبأ لك بالتفوق في سبر أغواره والوقوف على أسراره ، وشق طريقك بنجاح في مجاهله.


استفد من خبرات غيرك :

ولكن على أية حال لابد من الإفادة من خبرات وتوجيهات من هم أعلم منك ، وأكثر دارية مما لديك في المجال الذي ترجوا أن تنبغ فيه ، حتى يتسنى لك أن تشق طريقك إلى النجاح في اكتشاف ما بداخلك من مطمورات استعداديه. فبغير أن تفيد من غيرك ، فإنك لا تستطيع أن تفيد من استعداداتك ومواهبك ، مهما استطعت أن تكشف النقاب عنها ، ومهما حاولت استثمارها.
والواقع أن الحضارة قد سجلت لكل من يرغب من استثمار مواهبه والإفادة من استعداداته ، الكثير جداً من التوجيهات في الكتب والمراجع. ولكن برغم هذا ، فإن المواظبة على التعلم على أيدي خبراء في المجالات التي يرجو المرء سبر أغوارها ، والوقوف على أسرارها ، مع الخضوع لتوجيهاتهم وجهاً لوجه حتى يتسنى له استثمار استعداداته ومواهبه التي يرجو كشف النقاب عنها ، وقد اعتقد أنه صاحب استعداد وموهبة فيها بإقرار وتشجيع أولئك الأشخاص الذين اكتسبوا الخبرات العميقة فيها. وعليك أن تعلم أن جميع النابغين عبر التاريخ في المجالات الحضارية المختلفة ، قد أفادوا واكتسبوا ونهلوا الكثير من خبرات غيرهم. فالمعلم أو المدرب الذي يتحمس للكشف عن مواهبك ، سوف يستمر في الأخذ بيدك ، وفي توجيهاتك ونقدك بإزاء ما قد تنحرف عن الجادة فيه. وبالتالي فإنك سوف توفر الكثير من الجهود التي تضيع سدى إذا لم تسترشد بتوجيهات الثقات في المجال الذي تعشقه ، وتجد نفسك تكتسب الخبرات المتعلقة به بسرعة وإتقان. ومن المؤكد أن توجيهات أولئك الثقات ، سوف تقيك شر الوقوع في الأخطاء ، أو اكتساب عادات أدائية رديئة فيما تحاول شق طريقك فيه من مجالات التعلم واكتساب الخبرات.



اختبارات الذكاء والقدرات الخاصة :

الواقع أن علم النفس بمجهودات علمائه ، قد وضعوا العديد من اختبارات الذكاء من جهة ، واختبارات الاستعدادات والمواهب الخاصة من جهة أخرى. وبذا فإن المرء يستطيع أن يخضع لتلك الاختبارات بالتوجه معمل من معامل علم النفس حيث يتسنى له الوقوف على حقيقة استعداداته ومواهبه. وبذا فإنه يوفر على نفسه الكثير من المحاولات الطائشة التي لا يتسنى بواسطتها الوقوف بدقة على ما لديه منها. بيد أن علماء النفس الروس قد شككوا في جدوى اختبارات الذكاء والاختبارات التي تقيس الاستعدادات والمواهب الخاصة ، ورجحوا كفة الاكتساب على كفة الوراثة ، وأخذوا يؤكدون أن المرء يستطيع أن يشق طريقه في أي مجال إذا ما توافرت لديه العزيمة والرغبة في التعلم والتدرب على ما يتضمنه ذلك المجال الذي وقع اختياره عليه من مهارات حركية متباينة.
ومهما يكن من أمر ، فمما لا شك فيه أن جس النبض في مجالات متعددة ، هو الذي يكشف النقاب عن مدى ما يتسنى للمرء النبوغ فيه من مجالات خبرية مختلفة وكثيرة. فإذا أنت تصفحت المجالات التي يتسنى لك غزوها وجس نبضك بإزائها ، فلا بد أنك سوف تعثر على مجال قريب إلى قلبك ، وأن لديك الرغبة في التعمق فيه ، وبز الآخرين الذين يشتركون معك في الاهتمام به ، والميل إليه ، وبذل الجهد فيه.
ولكن عليك أن تميز بين وسائل الأداء في أي مجال تغزوه ، بين المضامين الخبرية التي يشتمل عليها. فبالنسبة لوسائل الأداء ، فأنت غير حر في ممارستها ، بل لابد أن تخضع نفسك لما اتفق عليه بإزائها. ولكن بالنسبة للضامنين الخبرية ، وأيضا بالنسبة لما يتسنى لك اكتشافه أو الإبداع فيه ، فأنت حر فيما تخططه وتضعه هدفاً لنفسك ، وفي تقديم إبداعات غير مسبوقة بإزائه.

رد مع اقتباس