المنتدى العام مواضيع عامة - مناقشة مواضيع عامة - معلومات عامة - نقاشات | يمنع النقل الحرفي للمواضيع في القسم |
!~ آخـر 10 مواضيع ~!
|
|
إضغط على
او
لمشاركة اصدقائك! |
|
LinkBack | أدوات الموضوع |
من 5
عدد المصوتين: 0
|
انواع عرض الموضوع |
02-17-2012, 01:28 PM | رقم المشاركة : 11 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
التكملة
عين جالوت مقال تفصيلي :معركة عين جالوت عاد لمصر بعد أن ولاه سيف الدين قطز منصب الوزارة عام 1260 ميلادية ليشتركا معا في محاربة المغول الذين كانوا في طريقهم إلى مصر بعد اجتياحهم المشرق الإسلامي ثم العراق وإسقاطهم الدولة العباسية في بغداد. وقد أرسل هولاكو رسلا لقطز يحملون كتابا فيه تهديد ووعيد إن لم يخضعوا له. فعقد سيف الدين قطز اجتماعا مع وجهاء الدولة وعلمائها وتم الاتفاق على التوجه لقتال المغول إذ لا مجال لمداهنتهم. وقد اختلى قطز ببيرس البندقداري الذي كان أمير الأمراء واستشاره في الموضوع. فأشار عليه بأن: أقتل الرسل، وأن نذهب إلى كتبغا متضامنين. فإن انتصرنا أو هزمنا، فسوف نكون في كلتا الحالتين معذورين. فاستصوب قطز هذا الكلام، وقام بقتل رسل المغول[17]. وقد زاد من عزيمة المسلمين وصول رسالة من صارم الدين الأشرفي -وقد وقع أسيرا في يد المغول إثناء غزوهم الشام ثم قبل الخدمة في صفوفهم- أوضح لهم فيها قلة عددهم وشجعهم على قتالهم وأن لايخافوا منهم[18]. وقد استفاد قطز من رحيل هولاكو إلى فارس على رأس معظم جيشه بعد سماعه بوفاة أخيه الخان الأعظم، فمن تبقى بالشام من عساكر المغول تحت قيادة كتبغا يتراوح ما بين 10 آلاف إلى 20 ألف رجل[19]. قام سيف الدين قطز بتقسيم جيشه لمقدمة بقيادة بيبرس وبقية الجيش يختبئ بين التلال وفي الوديان المجاورة كقوات دعم أو لتنفيذ هجوم مضاد أو معاكس. فقامت مقدمة الجيش بقيادة بيبرس بهجوم سريع ثم إنسحبت متظاهرة بانهزام لسحب خيالة المغول إلى الكمين، وانطلت الحيلة على كتبغا فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة في التراجع إلى داخل الكمين، وفي تلك الأثناء خرج قطز وبقية مشاة وفرسان الجيش وعملوا على تطويق ومحاصرة قوات كتبغا، فعندئذ استحر القتل ولم يمض كثيرا من الوقت حتى هزم الجيش المغولي وقتل معظمهم بمن فيهم قائدهم كتبغا. [عدل] مقتل قطز بعد انتصار قطز على المغول في عين جالوت، ساق ورائهم لتحرير باقي مدن الشام، فتحررت دمشق وحماة وحمص وأرسل بيبرس ليطرد التتار من حلب ويتسلمها ووعده بنيابتها، فلما طردهم منها وتسلمها المسلمون، استناب عليها غيره وهو علاء الدين ابن صاحب الموصل، وكان ذلك سبب الوحشة التي وقعت بينهما فاقتضى قتل السلطان قطز سريعا[20]. فبعد عودة السلطان قطز من معركة عين جالوت منتصرا قاصدا مصر، وصل ما بين الغزالي والصالحية فضرب دهليزه، وساق خلف أرنب وساق معه بيبرس ومعه الأمراء الذين اتفقوا على قتله، فشفع بيبرس في شيء[21] فشفعه، فأخذ يده ليقبلها فأمسكها وحمل عليه الأمراء بالسيوف فضربوه بها، وألقوه عن فرسه ورشقوه بالنشاب حتى قتلوه. ثم كروا راجعين إلى المخيم وبأيديهم السيوف مصلتة، فأخبروا خبرهم، فقال بعضهم من قتله؟ فقالوا: ركن الدين بيبرس، فقالوا له: أنت قتلته؟ فقال: نعم، فقالوا أنت الملك إذا[22]. وقيل لما قتل قطز حار الأمراء بينهم فيمن يولون الملك، وصار كل واحد منهم يخشى غائلة ذلك، فاتفقوا على مبايعة بيبرس البندقداري، ولم يكن هو من أكابر المقدمين، ولكن أرادوا أن يجربوا فيه، فلقبوه الملك الظاهر وأجلسوه على كرسي الملك[22]. [عدل] بيبرس السلطان بعد مبايعة بيبرس على ملك مصر أواخر ذي القعدة سنة 658 هـ، دقت الطبول فرحا بذلك، ودخل قلعة الجبل وجلس على كرسيها. وقد لقب نفسه أول مرة بالقاهر، فقال له الوزير: إن هذا اللقب لا يفلح من تلقب به. تلقب به القاهر بن المعتضد فلم تطل أيامه حتى خلع وسملت عيناه، ولقب به القاهر صاحب الموصل فسم ومات، فعدل عنه حينئذ إلى الملك الظاهر، ثم شرع في مسك كل من يرى في نفسه الرئاسة من أكابر الأمراء حتى مهد الملك[22]. [عدل] السياسة الداخلية [عدل] ثورة علم الدين سنجر وقد عمد أولا إلى القضاء على الاضطرابات الداخلية، وتصفية معارضيه الذين احتجوا على مقتل السلطان قطز ومنهم الأمير علم الدين سنجر الحلبي. وقد استنابه قطز بدمشق، والذي نادى بنفسه سلطانا على دمشق وركب بشعار السلطنة وأمر بالخطبة له على المنابر وضرب السكة باسمه، ثم أرسل إلى الأمراء بحلب وحماة بوجوب طاعته. وقد جرد بيبرس بحملة عسكرية ضده، وقد تمكنت تلك الحملة من القضاء عليه وإعادة دمشق تابعة إلى مصر وذلك بتاريخ 16 صفر 659 هـ / يناير 1261م[3][18][23]. [عدل] ثورة الكوراني تمكن الظاهر بيبرس أيضا من القضاء على التمردات الفاطمية في القاهرة والتي أثارها رجل يدعى الكوراني وهو فارسي الأصل من نيسابور، وكان يهدف إلى قلب نظام الحكم وارجاع الفاطميين، وقد نتجت تلك الحركة إلى إعلان العصيان على بيبرس والمسير في شوارع القاهرة ليلا ثم الهجوم على مخازن السلاح والإصطبلات وأخذ مابها من السيوف الخيل، إلا أن الظاهر بيبرس تمكن بقواته الخاصة من الإحاطة بالمتمردين والقبض على جميع زعمائهم ومنهم الكوراني، حيث أقر السلطان بصلبه على باب زويلة بالقاهرة. وبها انتهت جميع محاولات الفاطميين بالتمرد والعودة إلى سدة الحكم[18]. [عدل] إحياء الخلافة العباسية أراد بيبرس أن يضفي لحكمه نوعا من الزعامة والنفوذ على البلاد الإسلامية ولكي يمنح دولته الفتية نوعا من الشرعية، فعمد إلى احياء الخلافة العباسية في القاهرة ليقيلها من الانتكاسة التي اصابتها في بغداد على يد المغول. وعليه فقد ارسل في طلب أحد أبناء البيت العباسي فوصل إلى القاهرة القاسم أحمد في رجب 659هـ/يونيو 1261م، حيث قوبل بالتكريم والاحترام، وبعدها بأيام عقد السلطان بيبرس مجلسا عاما بالديوان الكبير بالقلعة واستدعى كل أعيان البلد، ثم قام السلطان أمام الجميع فبايع الخليفة على العمل بكتاب الله وسنة رسوله وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى الجهاد في سبيل الله، فتبعه الجميع بالمبايعة ولقب الخليفة المستنصر بالله[18]. بعد نهاية الخليفة الأول المؤلمة[24] واستقدم السلطان بيبرس أخاه (أبي العباس أحمد) وعقد مجلسا لمبايعته للخلافة في القلعة في 9 محرم 661 الموافق 22 نوفمبر 1262 وبايعه بيبرس كما بايع سلفه، ولقب بالخليفة الحاكم بأمر الله الأول وقد عدل عن التفكير بجعل مقر الخليفة في بغداد، حيث أبقاه في القاهرة بعيدا عن خطر المغول، وبذلك احيت الخلافة العباسية للمرة الثانية بالقاهرة، غير أن الخلافة لم تتدخل في الشؤون المملوكية، حيث أن السلطة الفعلية في يد الظاهر بيبرس والمماليك من بعده[18]. [عدل] ترميم القلاع وطرق الإمداد عمد السلطان بيبرس إلى تأمين وصول قواته إلى بلاد الشام بالسيطرة على كل المدن والقلاع الممتدة على الطريق بين مصر والشام وجعلها تابعة له، وبالأخص حصن الكرك الذي كان تحت سيطرة الملك عمر بن العادل بن الكامل الأيوبي، الذي لم يقدم فروض الطاعة له، فاستولى على الحصن وقتل الملك عمر [3][18][25]. والتفت أيضا إلى تحصين الأطراف والثغور وعمارة القلاع التي خربها المغول في الشام. وأخذ يزودها بالرجال والسلاح من ممصر وبعض مدن الشام القوية[3][7]. كما عمل على تقوية الأسطول والجيش وأشرف بنفسه على بناء السفن الحربية في دور صناعتها الموجودة في الفسطاط والإسكندرية ودمياط[18][26]. ولم يكتفي بهذا العمل لتأمين وصول قواته إلى الشام ومنع أي التفاف حولهم من الخلف، بل عمد أيضا إلى التحالف مع بعض القوى الخارجية ليتفرغ للصليبيون. [عدل] النهضة المعمارية والتعليمية شهد عهده نهضة معمارية وتعليمية كبيرة حيث عمل على إنشاء العديد من المدارس بمصر ودمشق وتعرف المدرسة المصرية باسم المكتبة الظاهرية بدمشق عام 676 هجرية وتضم المدارس مكتبات ضخمة، كما أنشأ عام 665 هجرية جامعا عرف باسمه إلى اليوم في مدينة القاهرة وهو جامع الظاهر بيبرس والذي ما زال قائماً إلي اليوم، وتعرف المنطقة حوله باسم حي الظاهر. كما عمل بيبرس على إنشاء الجسور والقناطر والأسوار، وحفر الترع والخلجان، وأنشأ مقياس للنيل وغيرها العديد من الأعمال. ونظم البريد وخصص له الخيل، وبنى كثيرا من العمائر[1]. [عدل] إصلاح الأماكن المقدسة اهتم بيبرس بتجديد الجامع الأزهر فأعاد للأزهر رونقه فشن عليه حملات من الترميم والتجميل حتى عاد له جماله ومكانته مرة أخرى، وأعاد خطبة الجمعة والدراسة إلى الجامع الأزهر بعد أن هجر طويلا، ونصب أربعة قضاة شرعيين، واحدا من كل مذهب من مذاهب السنة الأربعة بعد أن كان القضاء مقتصرا على قاضي قضاة شافعي. وفي خارج مصر قام بعدد من الإصلاحات في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، وقام بتجديد مسجد إبراهيم عليه السلام في الخليل، وزار بيت المقدس يوم الجمعة 17 جمادى الآخرة 661هـ / 1262م، فقام بتجديد ماقد تهدم من قبة الصخرة[4]، وجدد قبة السلسلة وزخرفها ورتب برسم مصالح المسجد في كل سنة خمسة آلاف درهم. وأنشأ بها خانا للسبيل نقل بابه من دهليز كان للخلفاء المصريين بالقاهرة[27]. وقد زار بيت المقدس في شعبان سنة 664هـ / 1265م وأجرى عليها تعميرات إضافية[27]. وعمل على إقامة دار للعدل للفصل في القضايا والنظر في المظالم. [عدل] السياسة الخارجية [عدل] التحالفات ماأن استلم بيبرس الحكم حتى أقبلت الوفود على مصر من كل البقاع، فقدم إليه وفد من العصفوريين حكام البحرين برئاسة مقدهم محمد بن أحمد العامري سنة 658 هـ/ 1260م لمباركته على الحكم وطلبوا منه مساعدته للتصدي لهجمات المغول في فارس[28]. وتحالف بيبرس مع بركة خان زعيم القبيلة الذهبية في حربه ضد هولاكو خان الخانات فارس وأقام معاهدات وعلاقات ودية مع مانفرد بن فريدريك الثاني الإمبراطور الروماني، كما حالف ملك نابولي وصقلية وملك قشتالة ألفونسو العاشر. وحالف أيضا الإمبراطور ميخائيل الثامن امبراطور بيزنطة, وحالف أيضا سلطان سلاجقة الروم عز الدين كيكاوس، وقد كان يبعث بالرسائل والهدايا للآخرين (بركة خان وعز الدين) ويحثهم على محاربة المغول الإلخانات لكف أذاهم عن دولته، كي يتفرغ
|
|
02-17-2012, 01:28 PM | رقم المشاركة : 12 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
التكملة
الجهاد ضد المغول إن العداء بين المماليك والمغول لم ينقطع منذ وقعة عين جالوت، فبعد وفاة بدر الدين لؤلؤ والي الموصل وحليف المغول في شعبان 656 / اغسطس 1258م خلفه ابنه الملك الصالح اسماعيل الذي هادن المغول أول الأمر ثم انقلب عليهم وطردهم من الموصل، وارسل أخاه إلى مصر لطلب المساعدة من بيبرس، ثم ذهب بنفسه ونسق معه، فارسل هولاكو إليه جيشا تعداده عشرة آلاف فارس بقيادة صندغون، فحاصره فيها، وما أن علم بيبرس بذلك حتى أرسل اليه نجدة تعدادها سبعمائة فارس وأمر بخروج العساكر من دمشق وحلب، فخرج صاحب حلب وهو شمس الدين البرلي في سبعمائة فارس من الغز وأربعمائة من التركمان ومئة من العرب. إلا أن صندغون المغولي قد علم بخروج تلك القوة فكمن لها عند سنجار وانقض عليها وقتل معظم افرادها. ثم عاد مشددا الحصار على الموصل، ونصب عليها ثلاثين منجنيقا، فضاقت الأحوال بشدة على المدينة. ثم ارسل إلى الملك الصالح إسماعيل يمنيه بالوعود الحسنة إذا استسلم وفتح المدينة، وفعلا فتحت أبواب المدينة واستسلم الوالي وتوقف القتال. فدخل المغول المدينة في 26 شعبان 660 هـ / 16 يوليو 1262 فاستباحوها وعملوا فيها السيف وقتلوا معظم اهاليها وهدموا أكثر من نصفها. وقتل الصالح إسماعيل وكذلك ابنه البالغ من العمر ثلاثة اعوام[30]. وقد ظل مغول فارس يتحينون الفرصة للحرب، وخاصة اباقا ابن هولاكو، الذي واصل سياسة ابيه العدائية تجاه المسلمين، فيما اتسمت سياسته مع الصليبيين بالود. لكن الظاهر بيبرس وقف لهم دائماً بالمرصاد واستطاع أن يكسر شوكتهم، مما دعا ابغا إلى طلب الصلح، ولجأ في طلبه إلى الترغيب والتهديد، لكن بيبرس كان يعلم جيداً أن الصلح مع المغول امر لايرضي المسلمين، وذلك بسبب ما فعلوه في بغداد.[31] ورغم ذلك واصل المغول هجماتهم على الساجور،[32] لكن بيبرس ردهم خائبين، ثم ما لبثوا أن هاجموا عين تاب، لكن بيبرس دحرهم، وهكذا قام بكسر التتار في أخرها عندما تحالف المغول مع سلاجقة الروم في آسيا الصغرى، فأعد حملة كبيرة سنة 675هـ، [33] لغزو سلاجقة الروم. وفي موقعة أبلستين حلت الهزيمة الساحقة بالمغول وحلفائهم من السلاجقة، وقد فر زعيم السلاجقة بعد أن قتل عدد كبير من رجالة ورجال المغول، ثم دخل بيبرس قيسارية، ودعي له على منابرها وقدم له أمراء السلاجقة فروض الولاء والطاعة.[34] وقيل ان أبغا لما سمع بما فعله بيبرس برجاله في موقعة ابلستين أسرع إلى هناك ليشتد غضباً بما وجده من الآف القتلى من المغول في حين لم يرى أحدا من السلاجقة، مما جعلة يأمر بقتل ما يزيد على مائتي ألف من المسلمين السلاجقة[35]. [عدل] الحروب مع الصليبيين طالع أيضا :معركة أرسوف 1265 حملات الظاهر بيبرس (بالأصفر) والصليبيون (الأخضر) والمغول (الأحمر) بعد أن انهى السلطان بيبرس مشاريعه الداخلية، تفرغ للجانب الصليبي، وبدأ العدة للحرب، مما حدا للصليبيون التفاوض معه أواخر عام 660هـ/1261م بطلب استرجاع أسراهم وعقد هدنة، فوافق بيبرس بشرط العودة إلى ما كان عليه الأمر أيام الملك الناصر صلاح الدين وإطلاق الأسرى غير أن الصليبيين لم يوافقوا[3][18]. ولكنهم عادوا مرة أخرى عندما قويت شوكته وحرك الجيوش بإتجاه حصونهم، فطلبوا منه الصلح، فما كان رده إلا أن قال:"لم لا كان هذا قبل حضورنا إلى هذا المكان؟ ردوا ما أخذتموه من البلاد وفكوا أسرى المسلمين جميعهم فإني لاأقبل غير ذلك"[36]. فبدأ بيبرس حربه بمهاجمته إقليم الجليل، ثم الهجوم على عكا واقتحام أبوابها عام 662هـ/1263م ولكنه لم يتمكن من اقتحامها لحصانتها وكثرة من بها من الصليبيين، فتركها وهاجم بالشهر التالي قيسارية وعثليث. وفي عام 663هـ/1265م نزل بيبرس بقوات ضخمة إلى غزة ومن هناك إلى قيسارية ففتحها في جمادى الأول (شباط)، ثم تقدم صوب يافا فدخلها بغير قتال، لأن الصليبيين فروا منها هاربين. ثم سار نحو عثليث وحررها، وقد كانت بأيدي الصليبيين منذ سنة614هـ/1218م. ثم اتجه صوب أرسوف وضرب عليها حصارا شديدا استمر 40 يوما، استسلمت بعده المدينة، ومن أرسوف اتجه مرة أخرى صوب عكا، غير أنه لم يستطع أن يحرر المدينة نظرا لمساندة هيو الثالث ملك قبرص وامداده بإسطول كبير شمل كل قوة قبرص البحرية. لذا تركها بيبرس وعاد إلى مصر، ليعاود الكرة على الصليبيين بعد انتهاء الشتاء، وبدأ عمله أوائل صيف 1266م/664هـ. حيث بدأ بمدينة صفد (مقر الداوية) وتمكن من تحريرها 17 شوال 664هـ / يوليو 1266م[19][37] ثم حرر هونين وتبين والرملة[3]، وسقطت يبنة دون قتال واستولى على القليعة وعرقة، وبذلك تمت السيطرة على الطريق المؤدي إلى طرابلس من البقاع[19]. نتيجة لتلك الانتصارات ضعفت معنويات الصليبيين في الشام وسارع البعض إليه يطلبون وده ورضاه مقابل تنازلهم عن نصف غلات المناطق التي تحت سيطرتهم[18][38]. [عدل] حربه مع أرمينية الصغرى خريطة لمملكة أرمينيا الصغرى وإمارة انطاكية ودوقية طرابلس شجع ضعف الصليبيون الظاهر بيبرس للانتقام من العناصر والدول التي ساعدت المغول في قتل المسلمين وتدمير بلادهم، خاصة بعد موت هولاكو وانشغل خليفته أباقا في حربهم مع مغول القفجاق، والذين اعلنوا إسلامهم. وكان على رأس تلك الدول مملكة أرمينيا الصغرى[18]، وذلك أن ملكهم هيثوم بن قسطنطين بن باساك تحالف مع المغول بشكل مباشر وأمدهم بفرقة من قواته لحرب المسلمين بالشام. حاول هيتوم اجراء مفاوضات مع بيبرس وترددت السفارات بينهما، حيث طالب السلطان الظاهر من هيتوم بأن يدخل في طاعته ويؤدي إليه الجزية، إضافة إلى رغبته في الوصول إلى أسواق الخيل والبغال والحنطة والشعير والحديد، أي فتح باب التبادل التجاري بين الشام وبلاد الارمن، غير أن ملك الأرمن لم يتيسر له تلبية طلب سلطان مصر لخوفه من المغول،[39][40] وعندما لم تؤدي تلك المفاوضات إلى نتيجة، اتبع هيتوم سياسة جديدة ضد المماليك في مصر، وهي فرض حصار اقتصادي عليهم، وذلك بمنع تصدير الأخشاب والحديد من آسيا الصغرى إليهم، وكان هدفه من وراء ذلك تفويت الفرصة على المماليك في تطوير أسطولهم البحري[41]. لكن عندما أحس هيتوم بإصرار بيبرس على الحرب غادر مسرعا إلى الأناضول حيث كان المغول، ليستعين بهم في دفع جيش المماليك عن مملكته، لكن أمراء المغول امتنعوا عن المساعدة بحجة أنهم لم يتلقوا أمرا من ملكهم أباقا بذلك. فاضطر إلى الذهاب إلى تبريز سنة664هـ / 1266م طالبا العون من أباقا ملك إلخانات المغول[42]. واتخذ الجيش الأرمني بقيادة كل من ليو وثوروس ابني هيتوم مواقعه عند دروب جبال طوروس، ويحمي جناحيه فرسان الداوية بقلعة بغراس[19]. استغل المماليك خروج الملك هيتوم، فزحفوا بجيشهم تحت إمرة المنصور قلاوون والملك المنصور الأيوبي صاحب حماة نحو الشمال ليجتازوا جبل أمانوس بالقرب من سرفندار ليتجنبوا دروب طوروس. بادر الأرمن إلى اعتراض طريق الجيش المصري والشامي إثناء هبوطهم إلى سهل قليقية فدارت معركة رهيبة في 21 ذو القعدة 664هـ / 24 أغسطس آب 1266م، أنزل المماليك بالأرمن هزيمة منكرة عند حصن دربساك، وقتل فيها توروس وأسر ليو. ثم أعقبوا نصرهم هذا بهجوم كاسح على المدن الرئيسية في قيليقية واستولوا على كل ما كان بها، واستولوا على قلعة للداوية، فأحرقوها بما فيها من الحواصل، ثم دخلوا سيس عاصمة المملكة فأخربوها، وأقاموا في البلاد عشرين يوما يحرقون ويقتلون ويأسرون[42]. ثم توجه الأمير قلاوون بعساكره إلى المصيصة وأضنة وأياس وطرسوس، فقتلوا وأسروا وهدموا عدة قلاع. وفي نهاية سبتمبر عاد الجيش المنتصر إلى حلب ومعه كما قيل أربعين ألف أسير ومن الغنائم مالا يحصى[19]. ولم يستطع الملك هيثوم تخليص ابنه إلا بعد أن تنازل عن للسلطان بيبرس عن العديد من الحصون المهمة، ومنها دربساك التي تتحكم بطريق إسكندرونة ويكفل الطريق ما بين مملكة قليقية وإمارة انطاكية، وبهنسا الواقعة بإقليم مرعش والتي تتحكم بطرق المواصلات بين قليقية وفارس، ويضاف إليها مرزبان ورعبان وشبح الحديد، قد أدى انتزاع تلك المناطق إلى تجريد مملكة أرمينيا من أسباب دفاعها، وعزلها عن حلفائها الفرنج والمغول. واشترط بيبرس أيضا لإطلاق سراح هيو، ضرورة إخلاء سبيل الأمير سنقر الأشقر، والذي أسره المغول من حلب بعد أن انتزعوها من يد الناصر يوسف. وقال له في رسالة: "إن غايتنا من الحرب لم تكن الحصول على المال والنوال، قفد أخذ هولاكو من حلب أحد أصدقائنا ومريدينا أسيرا وهو شمس الدين سنقر الأشقر السمرقندي، فإن كان هيتوم يريد أن نطلق إبنه من الأسر، فعليه أن يطلب من المغول إطلاق سنقر لنطلق نحن في مقابل ذلك ابنه. فتم الاتفاق على تلك الشروط، وانعقدت المعاهدة في رمضان 666 هـ / مايو 1268م[19]. وقد أرسل أباقا بعد توسلات هيتوم إليه بسنقر الأشقر سنة 669 هـ / 1271م، وقد كان في نواحي سمرقند، فأرسله هيتوم بدوره إلى بيبرس مصحوبا بالاحترام والهدايا النفيسة. وفي المقابل بعث بيبرس ليو (أو ليون في مصادر أخرى) إلى أبيه على نفس النحو[42]. وقد خسرت مملكة أرمينيا الصغرى دورها في الشرق الأدنى عقب تلك الأحداث، ولم تقم لها قائمة بعد ذلك[3][18][36][43] [عدل] سقوط إمارة أنطاكية طالع أيضا :إمارة أنطاكية بدأت الحملة لاسترداد أنطاكية من الصليبيين، فوصل بجيوشه إليها يوم الثلاثاء 1 رمضان 666هـ/ 15 مايو 1268م، وهناك قسم جيوشه إلى ثلاث فرق وزعها حول المدينة ليحكم حصارها ويمنع وصول المدد إليها من البر والبحر. ولم يستطع الصليبيون المدافعون من المقاومة، بسبب شدة الحصار وقوة المهاجمون، ففتحت المدينة وتمكنت جيوش بيبرس من دخولها وغنموا غنائم كبيرة لا تعد ولا تحصى من الأموال والأسرى[18]. وقد كان سقوط تلك الإمارة الصليبية حدثا مهما في تاريخ الحروب الصليبية، فقد انقطعت صلة الصليبيين في طرابلس وعكا بأرمينية الصغرى، وبذلك غدت مصالح الصليبيين في الشام مهددة بشكل مباشر ولم يبق امامهم سوى مملكة قبرص الصليبية والتي توحدت مع مملكة طرابلس وعكا لأنهم انضموا إلى تاج الملك هيو الثالث، والذي باشر حكمه بعقد هدنة مع السلطان بيبرس إلى حين وصول المساعدات من أوروبا[18]. وقد وافق بيبرس على الهدنة لكي يعطي قواته قسطا من الراحة، خاصة وأن فصل الشتاء قادم، ويتطلب منه لعودة إلى مصر ليدير بعضا من شؤونها الداخلية[18]. كما حقق انتصارات عديدة على المغول في موقعة البيرة وحران، ورد هجمات المغول المتتابعة على بلاده، إلى أن قضى عليهم عند بلدة أبلستين وذلك في عام 675هـ، وبذلك حقق بيبرس ما كان يبتغيه من تأمين لجبهته الخارجية وحدود دولته. وقد دام حكمه حوالي سبعة عشر عاماً[44]. [عدل] وفاته توفي الظاهر بيبرس يوم الخميس 27 محرم من عام 676 هجرية - 2 مايو 1277 ميلادية ودفن في المكتبة الظاهرية في دمشق بعد حكم دام 17 سنة، تولى من بعده أكبر أولاده ناصر الدين الحكم، إلا أن أولاد بيبرس لم يدم لهم الحكم طويلاً، ثم تولى الحكم المنصور قلاوون. [عدل] صفاته أهم ما كان يتصف به بيبرس: الشجاعة والإقدام والدهاء والقوة، والكرم وحب الخير والإحسان إلى الفقراء. وإكرام العلماء وسماع نصائحهم والسكوت على مخاشنتهم له في النصح – كما كان يفعل معه عز الدين بن عبد السلام، والنووي[1]. وصف بأنه كان يتنقل في ممالكه فلا يكاد يشعر به عسكره إلا وهو بينهم. وقيل عنه أنه ما كان يتوقف عن شيء لبلوغ غايته. ليحمل فيها قوى الحصون على الاستسلام له.وكان نجاحه يعتمد على تنظيمه وسرعته وشجاعته المتناهية[1]. [عدل] مختصر سيرته في كتب التاريخ قال الزركلي في (الأعلام): الظاهر بيبرس (625 - 676ه) بيبرس العلائي البندقداري الصالحي، ركن الدين، الملك الظاهر: صاحب الفتوحات والأخبار والآثار. مولده بأرض القپچاق. وأسر فبيع في سيواس، ثم نقل إلى حلب، ومنها إلى القاهرة. فاشتراه الأمير علاء الدين أيدكين البندقدار، وبقي عنده، فلما قبض عليه الملك الصالح (نجم الدين أيوب) أخذ بيبرس، فجلعه في خاصة خدمه، ثم أعتقه. ولم تزل همته تصعد به في أيام الملك (المظفر) قطز، وقاتل معه التتار في فلسطين. ثم اتفق مع أمراء الجيش على قتل قطز، فقتلوه، وتولى (بيبرس) سلطنة مصر والشام (سنة 658 ه) وتلقب بالملك (القاهر، أبي الفتوحات) ثم ترك هذا اللقب وتلقب بالملك (الظاهر). وكان شجاعا جبارا، يباشر الحروب بنفسه. وله الوقائع الهائلة مع التتار والافرنج (الصليبيين) وله الفتوحات العظيمة، منها بلاد (النوبة) و(دنقلة) ولم تفتح قبله مع كثرة غزو الخلفاء والسلاطين لها. وفي أيامه انتقلت الخلافة إلى الديار المصرية سنة 659 هـ. وآثاره وعمائره وأخباره كثيرة جدا. توفي في دمشق ومرقده فيها معروف أقيمت حوله المكتبة الظاهرية.
|
|
02-17-2012, 01:30 PM | رقم المشاركة : 13 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة اذهب إلى: تصفح, البحث عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعودملك المملكة العربية السعودية الأولوُلد19 الحجة 1293هـ/ 1873م (مختلف عليه من قبل المؤرخين)وُلد فيالرياضتُوفيالاثنين 2 ربيع الأول 1373هـ (9 نوفمبر 1953) (80سنة)تُوفي فيالطائفدفن فيمقبرة العود، الرياضسبقهلا أحد بالنسبة للمرحلة الثالثة لحكم آل سعود أما بالنسبة لحكم آل سعود بكافة مراحله فمن سبقه هو والده عبد الرحمن بن فيصل آل سعودتبعهسعود بن عبد العزيز آل سعودالزوجاتانظر أبناء عبد العزيز آل سعودالذريةانظر أبناء عبد العزيز آل سعودالعائلة الملكيةآل سعودالأبعبد الرحمن بن فيصل آل سعودالأمسارة بنت أحمد السديريالملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود (1873 - 9 نوفمبر 1953)، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة (الدولة السعوديه الثالثة). ولد في عام 1873 وقيل 1874 في الرياض لأسرة آل سعود الحاكمة في نجد، ولما بلغ العاشرة من عمره انتقل مع عائلته إلى منفاها في الكويت بعد انتصار آل رشيد أمراء حائل على آل سعود، وقضى طفولته فيها إلى أن استرد الرياض سنة 1901. محتويات [أخف]
عندما استرجع الامير محمد بن عبد الله الرشيد المكلف من الدوله العثمانيه آنذاك القصيم بأكملها لم يبق من مدن الدولة السعودية الثانية إلا الرياض وكان عبد العزيز آنذاك عمره 10 أعوام وعندما اقتربوا أمر الأمام عبد الرحمن بن فيصل لعبدالعزيز الذهاب إلى الصحراء وفعلا فعلها وبدأت الحرب بين الأمام عبد الرحمن وآل رشيد لكن فشل عبد الرحمن بهزيمتهم واحتلت الرياض فذهب إلى قطر ثم البحرين ثم وصل الكويت فاستقر هناك وكان أميرها مبارك الصباح قد استقبل عبد العزيز ووالده عبد الرحمن وأخبرهم بما حدث. وعندما كان عبد العزيز في الكويت تعلم السياسة والمجالس وأساليب الحرب وكان انتقاله إلى الكويت عام 1310هـ وبقي فيها 8 سنوات إلى أن بدأت الحرب بينه وبين آل رشيد في عام 1318هـ. [عدل] بداية حكمه في عام 1900 الموافق 1318هـ وعندما بلغ عبد العزيز 28 سنة، طلب عبد العزيز من والده, الإمام عبد الرحمن, السماح له باستعادة حكم أسرته, إلا أن والده لم يسمح له بذلك, خوفا عليه من عدوه الذي يفوقه في العدد والعدة, لكن عبد العزيز نجح في إقناع والده، فقام بصحبة 60 رجلاً لاستعادة الرياض عام 1901الموافق 1319هـ بعد أن قضى زمنا في واحة يبرين على أطراف الربع الخالي جنوب الجزيرة العربية وقام بعد ذلك على جمع الأنصار من قبائل البادية لتقديم الدّعم والتأييد له بعد فترة فقد الناس آل سعود الدّعم بعد نفيهم إلى الكويت. ثم توجه إلى المقاطعات الجنوبية من نجد، وهي الخرج وحوطة بني تميم والحريق والأفلاج ووادي الدواسر، فاستردها من آل رشيد سنة 1321هـ/1903م. ثم استرد القصيم عام 1905م/1324هـ. وفي العامين الذين تليا سقوط الرياض، استمر ابن سعود في السيطرة على باقي نجد مما استدعى ابن الرشيد التماس العون من الدولة العثمانية. فقامت بإرسال قوة لدحره، واستطاعت القوة التركية إلحاق الهزيمة بابن سعود إلاّ أنه تمكّن من إعادة تشكيل قوّاته بعد رحيل القوات التركية بسبب مشاكل في التموين في جزيرة العرب. وفي عام1334هـ/1915م دخلت بريطانيا في معاهدة القطيف أو دارين مع ابن سعود والتي تقضي على حماية الأراضي التي يسيطر عليها ابن سعود مقابل دحر ابن سعود آل رشيد الموالية للدولة العثمانية. لم يقم عبد العزيز (الذي حاول الحفاظ على دولته بعيداً عن التورط في الحرب) يحاول عبد العزيز القيام بأي عمل هجومي على ابن الرشيد غريمه القوي. وفي عام 1338هـ/1919م شنّ الإخوان الموالون للملك عبد العزيز، هجوماً على الشريف حسين شريف مكة في معركة تربة وسهل الأشراف الفعور للجيش الدخول إلى الطائف وقد انسحب الشريف عبد الله بن الحسين إلى الهدا من ضواحي الطائف. وبحلول عام 1341هـ 1922م تمكّن من السيطرة على الأراضي التي كانت تحت سيطرة الشريف الحسين بن علي. وتوّج عبد العزيز انتصاراته بهزيمة الشريف حسين في عام 1344هـ/ 1925 وهو ذات العام الذي شنّ فيه الإخوان هجوماً على شرق الأردن بإيعاز من الملك عبد العزيز وبدعم من الأمير راشد بن خزاعي الفريحات. [عدل] الحرب الحجازية الملك عبد العزيز آل سعود مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فرانكلين روزفلت على متن السفينة الحربية الأمريكية يو إس إس كوينسي في فبراير 1945 امتنع الملك عبد العزيز طوال الحرب العالمية الأولى عن القيام بأي عمل عسكري ضد الشريف حسين، وركز جهوده على مقارعة ابن الرشيد المنحاز للدولة العثمانية، إلا أنه وقعت مناوشات بين الطرفين في كل من تربة البقوم والخرمة حول تبعيتهما لأي إقليم، إذ يرى عبد العزيز أنهما من أراضي نجد، بينما يرى الشريف حسين أنهما من الحجاز. وفي شعبان من عام 1337هـ/1918م زحف عبد الله ابن الشريف حسين إلى " تربة البقوم " واحتلها بعد خلوها تقريبا من أهلها وبعد مقاومة دامت يوماً كاملاً من البقوم الباقين في تربة الذين رفضوا إلا الدفاع عن تربة ضد الشريف وجيشه وهم قلة. ودامت المقاومة في قصر منيف وعدة أماكن في تربة كان آخرها في قلعة شنقل وانتهت بعد مغيب شمس ذلك اليوم, وقد إتجه معظم البقوم إلى حرة البقوم اعتزالا للحرب ولتحيزهم للإخوان ولموالاتهم للملك عبد العزيز واعتزالهم لتلك الحرب بسبب وجود فرسان من البقوم مع الشريف تحت لواء القائد عبد الله العسيس وأيضاً وجود فرسان من البقوم مع فرقة الإخوان تحت لواء القائد هزاع الصفراء. وكان الإخلاء والاعتزال بأمر من الأمير محمد بن غنام أمير البقوم. وكان ذلك في الرابع والعشرين من شعبان، وفي اليوم التالي وصلت فرقة الإخوان إلى تربة البقوم فهزموا جيش الشريف عبد الله بن الحسين في قصر منيف وما حوله في مدينة تربة وذلك بتاريخ 25/شعبان/1337 هجرية. ونستنتج من ذلك انقسام البقوم إلى اربعة اقسام وكل قسم له رأي :
بعد ذلك حرص عبد العزيز على اتّخاذ المملكة العربية السعودية موقف المحايد في الحرب العالمية الثانية. و بعد ذلك شاركت قوات سعودية في حرب عام 1948 في جدة. أدركت الحكومة البريطانية قوة عبد العزيز وسيطرته على معظم المملكة العربية السعودية الحالية، فدفع ذلك عبد العزيز بن سعود لعقد معاهدة جدة عام 1927 مع بريطانيا لينهى اتفاقية دارين 1915 السابق ذكرها. وفي هذه الأثناء غيّر عبد العزيز لقبه من سلطان نجد إلى ملك نجد والحجاز. ومن عام1346هـ 1927 إلى عام1351هـ 1932 استطاع عبد العزيز السيطرة على معظم جزيرة العرب. فقام بتغيير اسم المنطقة من مملكة نجد والحجاز إلى المملكة العربية السعودية، ونصّب نفسه ملكاً على المملكة حديثة النشوء. في 17 جمادى الأولى 1351هـ/1932م، أصدر الملك عبد العزيز قراراً يعلن فيه عن نظام توحيد المملكة، وتحديد يوم الخميس 21 جمادى الأولى يوماً لإعلان توحيدها تحت اسم "المملكة العربية السعودية"؛ فتوحدت جميع أجزاء المملكة العربية السعودية بشكل رسمي يوم 21–5–1351هـ /22–9–1932م. ثم اتجه بنظره تجاه عسير وعقد معاهدة الطائف بينه وبين اليمن لتحل المشاكل الحدودية بين اليمن والسعودية عام1353هـ 1934.
|
|
02-17-2012, 01:31 PM | رقم المشاركة : 14 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
التكملة
إنجازات في عهده
كانت للملك عبد العزيز آل سعود علاقات وطيدة مع الأمير الشيخ راشد الخزاعي من قبيلة الفريحات التي كان لها الحكم في شرق الأردن قبل قدوم عائلة الشريف حسين للأردن في تلك الحقبة وكان يتزعمها في ذلك الوقت الأمير راشد الخزاعي أمير سنجقية (إمارة) عجلون التي كانت تضم كافة أراضي الأردن الحالي بالإضافة لأجزاء من فلسطين وتجدر الإشارة إلى أن السلطان العثماني قد إستحدث إمارة (سنجقية) عجلون عبر مئات السنين ومنذ عام 1517م لإدارة تلك المنطقة من بلاد الشام وعهد بتلك السنجقية لقبيلة الفريحات لما لهذه القبيلة من امتداد وسطوة وبأس في تلك الفترة من الزمن، وقد دعم الملك عبد العزيز آل سعود المناضل الأمير راشد الخزاعي دعما مباشرا وقوياً من خلال احتضانه ومنحه الحماية لأسرته وأتباعه الشيوخ واستضافته لعدة سنوات منذ عام 1937م، وأضحى الأمير راشد الخزاعي وأسرته والمشايخ والزعامات الموالية له في ذلك الوقت لاجئين سياسيين في حمى الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل ملك السعودية التي كانت قد توحدت حديثاً وجاء ذلك كأثر مباشر لثورة الشيخ المجاهد عز الدين القسام في فلسطين عام 1935م [1] وهذا يوضح الجانب الوطني في شخصية الملك عبد العزيز، حيث اتصل الشيخ عز الدين القسام في عام 1935م بالملك فيصل في سورية طلباً لمؤازرته في ثورته فوعده ولم يثمر وعده عن شيء، واتصل بالحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر وطلب منه أن يهيء الثورة في منطقته، فأجابه بأنه يرى أن تحل قضية فلسطين بالطرق السلمية عن طريق المفاوضات، واتصل مع الأمير راشد بن خزاعي الفريحات من شرق الأردن للمؤازرة وليهيء الثورة ضد الانتداب البريطاني وأعوانه في شرق الأردن وقد قدم الأمير الخزاعي إمدادا مباشرا وقويا للشيخ القسام بالمال والسلاح فضلا عن توفير الحماية للثوار الفلسطينيين في جبال عجلون الحصينة من فترة لأخرى الأمر الذي استدعى من الأمير راشد وقبيلته ومعظم عشائر الشمال الأردني للمواجهة مباشرة مع النظام الأردني وخاصة مع الملك عبد الله الأول والانتداب البريطاني والذي حاول تصفية الأمير الخزاعي بقصف مواقعه وقتل كثير من الثوار الأردنيين الموالين للخزاعي في ذلك الوقت مما إضطره بعدها إلى مغادرة الأراضي الأردنية إلى السعودية ولجوئه مباشرة للملك عبد العزيز عام 1937م وكان موقفا تاريخيا يسجل لعبد العزيز في دعم المناضلين والمجاهدين في الأمة العربية والإسلامية وإندلعت على إثر لجوء الأمير راشد الخزاعي ثورة في جبال عجلون إمتدت بعدها لنطاق واسع في ما كان يسمى بإمارة شرق الأردن [2] [3] [4]. لقد مد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود يد العون لكل مناضل حارب الإستعمار في الأمة العربية والعالم الإسلامي وليس فقط من الأردن بل من فلسطين للجزائر لمصر والعراق ولبنان وكل أقطار العالم الإسلامي ومهما تم التوثيق بحق هذا الملك المؤسس والموحد لجزيرة العرب فمن الصعوبة بمكان إيفاءه قدره ومكانته الحقيقية في الإنجاز فالمغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز آل سعود هو رجل من معجزات العصر الحالي ويكفي ما قام به وأنجزه من جهود التوحيد الإعجازية[3][2]. [عدل] الحروب موقف الأمير عبد العزيز أثناء الحرب العالمية الأولى هو: من الناحية السياسية إلى جانب الحلفاء، أما من الناحـية العسكرية فهو لم يتخذ أي إجراء أو يشارك في أي معركة إلا إذا كانت تصب –أولاً وقبل كل شيء– في مصلحته. فقد كانت بريطانيا طوال الفترة السابقة للحرب تتجنب الدخول في أي نوع من العلاقات معه وتقف موقفاً سلبياً تجاه ما أبداه مراراً من إيجاد نوع من العلاقة يحفظ به شيئاً من التوازن مع الضغط العثماني المستمر ضده، فإذا هي بعد قيام الحرب تسارع بالاتصال به وتمخضت المفاوضات عن إبرام المعاهدة المعروفة بمعاهدة دارين بتاريخ 18صفر 1334هـ/26ديسمبر 1915م. واعتبار الأمير عبد العزيز منحازاً إلى جانب بريطانيا وحلفائها ضد الدولة العثمانية وحلفائها. [عدل] معاركه أثناء توحيد المملكة المعركةسنة (هجري)سنة (ميلادي)الطرف الآخرمعركة فتح الرياض1319هـ1902قوات ابن عجلانمعركة الدلم1320هـ1902قوات عبد العزيز المتعب الرشيدمعركة البكيرية1322هـ1904قوات عبد العزيز المتعب الرشيدمعركة الشنانة1322هـ1904قوات عبد العزيز المتعب الرشيدمعركة روضة مهنا1324هـ1906قوات عبد العزيز المتعب الرشيدمعركة الطرفية1325هـ1907قوات سلطان الحمود الرشيد ومحمد بن عبد الله ال مهنا وفيصل بن سلطان الدويشمعركة الأحساء1331هـ1912الحامية التركية بقصر الكوتمعركة جراب1333هـ1915قوات سعود العبد العزيز الرشيدمعركة كنزان1333هـ1915قوات قبيلة العجمانمعركة تربة1337هـ1919الشريف عبد الله الأول بن الحسينمعركة حجلا1338هـقوات حسن بن عائضمعركة حرملة1339هـقوات حسن بن عائضمعركة السبلة1347هـ1929قوات الاخوان بقيادة فيصل الدويش وسلطان بن بجادمعركة أم رضمة1348هـ1929قوات الاخوان بقيادة عبد العزيز بن فيصل بن سلطان الدويشمعركة جازان1351هـقوات الحسن الادريسي [عدل] وفاته توفي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بقصره بمحافظة الطائف التابعة لمنطقة مكة في الساعة :4:36ص.من يوم الاثنين 2\3\1373هـ. اثر نوبه قلبيه بعد معاناته من مرض تصلب الشرايين وصليَّ عليه في الحوية ثم نقل جثمانه من مطار الطائف إلى مطار الرياض القديم حيث دفن في مقابر العود. بعد حكم دام اثنتين وخمسين سنة وبلغ من العمر ثمانين سنة. [عدل] توارث الحكم طالع أيضا :أبناء عبد العزيز آل سعود الملك عبد العزيز أب لجميع ملوك المملكة العربية السعودية بدءاً من الملك سعود بن عبد العزيز الذي خلف أباه الملك عبد العزيز في عام 1953 ومن ثم الملك فيصل بن عبد العزيز ومن ثم الملك خالد بن عبد العزيز ومن ثم الملك فهد بن عبد العزيز والآن الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الأمير نايف بن عبد العزيز وينص القانون الملكي السعودي على أن يكون الملك من أبناء الملك عبد العزيز وأبناء الأبناء
|
|
02-17-2012, 01:33 PM | رقم المشاركة : 15 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
صلاح الدين الأيوبي
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة اذهب إلى: تصفح, البحث هذه المقالة عن صلاح الدين الأيوبي؛ إن كنت تبحث عن: «عناوين مشابهة»، فانظر صلاح الدين (توضيح). صلاح الدين يوسف بن أيوبالملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوبرسم لصلاح الدين الأيوبيالفترة589-567هـ / 1174–1193متتويج567هـ /1174م، القاهرة، السلطنة الأيوبيّةالاسم الكامليوسف بن نجم الدين بن أيوبألقابالملك الناصرولادة532هـ / 1138ممكان الولادةتكريت ، العراقتوفي589هـ / 1193م (55–56 عامًا)مكان الوفاةدمشق، السلطنة الأيوبيّةدفنالجامع الأموي، دمشق، سورياالسلفنور الدين زنكيالخلفالأفضل بن صلاح الدين (الشام) العزيز عثمان (مصر)سلالةالسلطنة الأيوبيّةاعتقاد دينيمسلم سنيالملك الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب (532 - 589 هـ / 1138 - 1193 م)، المشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي قائد عسكري أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز واليمن في ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي استمرت 262 سنة.[1] قاد صلاح الدين عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين في سبيل استعادة الأراضي المقدسة التي كان الصليبيون قد استولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في نهاية المطاف من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش بيت المقدس هزيمة منكرة في معركة حطين. كان صلاح الدين مسلمًا متصوفًا [2] اتبع المذهب السني والطريقة القادرية،[3] وبعض العلماء كالمقريزي وبعض المؤرخين المتأخرىن قالوا: إنه كان أشعريًا، وإنه كان يصحب علماء الصوفية الأشاعرة لأخذ الرأي والمشورة، وأظهر العقيدة الأشعرية.[4] يشتهر صلاح الدين بتسامحه ومعاملته الإنسانية لأعدائه، لذا فهو من أكثر الأشخاص تقديرًا واحترامًا في العالمين الشرقي الإسلامي والأوروبي المسيحي، حيث كتب المؤرخون الصليبيون عن بسالته في عدد من المواقف، أبرزها عند حصاره لقلعة الكرك في مؤاب، وكنتيجة لهذا حظي صلاح الدين باحترام خصومه لا سيما ملك إنگلترا ريتشارد الأول "قلب الأسد"، وبدلاً من أن يتحول لشخص مكروه في أوروبا الغربية، استحال رمزًا من رموز الفروسية والشجاعة، وورد ذكره في عدد من القصص والأشعار الإنگليزية والفرنسية العائدة لتلك الحقبة. محتويات [أخف]
رسم لساحة مدينة دوين (بالأرمنية: Դվին)، البلد الأم لبنو أيوب، في أرمينيا خلال القرون الوسطى. ولد صلاح الدين في تكريت بالعراق عام 532 هـ/1138م في ليلة مغادرة والده نجم الدين أيوب قلعة تكريت حينما كان واليًا عليها، ويرجع نسب الأيوبيين إلى أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دوين في أرمينيا،[5] ويرجع ابن الأثير نسب أيوب بن شاذي بن مروان إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية،[5] يقول أحمد بن خلكان: «قال لي رجل فقيه عارف بما يقول، وهو من أهل دوين، إن على باب دوين قرية يُقال لها "أجدانقان" وجميع أهلها أكراد روادية، وكان شاذي قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوهونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت، ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد»،[6] بينما يرفض بعض ملوك الأيوبيين هذا النسب وقالوا: «إنما نحن عرب، نزلنا عند الأكراد وتزوجنا منهم".»[7] الأيوبيون نفسهم اختلفوا في نسبهم فالملك المعز إسماعيل صاحب اليمن أرجع نسب بني أيوب إلى بني أمية وحين بلغ ذلك الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب قال كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية أصلاً،[7] أما الأيوبيون ملوك دمشق فقد أثبتوا نسبهم إلى بني مرة بن عوف من بطون غطفان وقد أحضر هذا النسب على المعظم عيسى بن أحمد صاحب دمشق وأسمعه ابنه الملك الناصر صلاح الدين داود.[7] وقد شرح الحسن بن داود الأيوبي في كتابه "الفوائد الجلية في الفرائد الناصرية"[8] ما قيل عن نسب أجداده وقطع أنهم ليسوا أكرادًا، بل نزلوا عندهم فنسبوا إليهم. وقال: "ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا يعترف بهذا النسب". كما أن الحسن بن داود قد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن غريب، والتي فيها نسبة العائلة إلى أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي (محمد) بن عنترة بن الحسن بن علي بن أحمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن هُدْبة بن الحُصَين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مُرَّة بن عُوف بن أسامة بن بَيْهس بن الحارث بن عوف بن أبي حارثة بن مُرّة بن نَشبَة بن غَيظ بن مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فِهر (وهو جد قريش). وكان نجم الدين والد صلاح الدين قد انتقل إلى بعلبك حيث أصبح واليًا عليها مدة سبع سنوات وانتقل إلى دمشق، وقضى صلاح الدين طفولته في دمشق حيث أمضى فترة شبابه في بلاط الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي أمير دمشق.[9] إن المصادر حول حياة صلاح الدين خلال هذه الفترة قليلة ومبعثرة، لكن من المعروف أنه عشق دمشق عشقًا شديدًا، وتلقى علومه فيها، وبرع في دراساته، حتى قال عنه بعض معاصريه أنه كان عالمًا بالهندسة الإقليدية والرياضيات المجسطية وعلوم الحساب والشريعة الإسلامية،[10] وتنص بعض المصادر أن صلاح الدين كان أكثر شغفًا بالعلوم الدينية والفقه الإسلامي من العلوم العسكرية خلال أيام دراسته.[11] وبالإضافة إلى ذلك، كان صلاح الدين ملمًا بعلم الأنساب والسير الذاتية وتاريخ العرب والشعر، حيث حفظ ديوان الحماسة لأبي تمام عن ظهر قلب، أيضًا أحب الخيول العربية المطهمة، وعرف أنقى سلالاتها دمًا.[10] [عدل] بدايته كانت الدولة العباسية قد تجزأت إلى عدّة دويلات بحلول الوقت الذي ظهر فيه صلاح الدين، في أواسط القرن الثاني عشر، فكان الفاطميون يحكمون مصر ويدعون لخلفائهم على منابر المساجد ولا يعترفون بخلافة بغداد، وكان الصليبيون يحتلون الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط من آسيا الصغرى إلى شبه جزيرة سيناء، والأتابكة يسيطرون على شمال العراق وسوريا الداخلية.[12] خط سير جيش الشام من دمشق إلى مصر ومعاركه مع الفاطميين والصليبيين. لمع نجم صلاح الدين في سماء المعارك والقيادة العسكرية عندما أقبل الوزير الفاطمي شاور بن مجير السعدي إلى الشام فارًا من مصر، وهربًا من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في الوزارة وقتل ولده الأكبر طيء بن شاور، مستغيثًا بالملك نور الدين زنكي في دمشق وذلك في شهر رمضان سنة 558هـ ودخل دمشق في 23 من ذي القعدة من السنة نفسها، فوجه نور الدين معه أسد الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح الدين، ابن الستة والعشرين ربيعًا،[13] في جملتهم في خدمة عمه وخدمة جيش الشام وهو كاره للسفر معهم،[6] وكان لنور الدين في إرسال هذا الجيش هدفان؛ قضاء حق شاور لكونه قصده، وأنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.[6] وكان نور الدين كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك، وجعل أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق على رأس الجيش في جمادى الأولى سنة 559هـ ودخلوا مصر وسيطروا عليها واستولوا على الأمر في رجب من السنة نفسها،[6][14] ومن المعروف أن صلاح الدين لم يلعب دورًا كبيرًا خلال هذه الحملة الأولى، بل اقتصر دوره على مهمات ثانوية.[15] ولمّا وصل أسد الدين وشاور إلى الديار المصرية واستولوا عليها وقتلوا الوزير ضرغام وحصل لشاور مقصوده وعاد إلى منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره، غدر بأسد الدين شيركوه واستنجد بالفرنجة عليه فحاصروه في بلبيس ثلاثة أشهر،[16] وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها، ولكن تحت ضغط من هجمات مملكة القدس الصليبية والحملات المتتالية على مصر بالإضافة إلى قلة عدد الجنود الشامية أجبر على الانسحاب من البلاد.[17] وبلغ إلى علم نور الدين في دمشق وكذلك أسد الدين مكاتبة الوزير شاور للفرنجة وما تقرر بينهم فخافا على مصر أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد هناك فتجهز أسد الدين في قيادة الجيش وخرج من دمشق وأنفذ معه نور الدين العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى البلاد مقارنًا لوصول الفرنجة إليها، فاتفقوا مع الفاطميين عليه، فاشتبكوا في أوّل معركة كبيرة في صحراء الجيزة، وفي تلك المعركة لعب صلاح الدين دورًا كبيرًا، حيث كان جيش المصريين والفرنجة يفوق جيش الشام عددًا، فرأى شيركوه أن يجعل صلاح الدين على القلب لاعتقاده بأن الفرنجة سيحملون على القلب ظنًا منهم أن شيركوه سيكون في القلب، وتولّى شيركوه قيادة الميمنة مع شجعان من جيشه، وسُلّمت قيادة الميسرة إلى جمع من القادة الكرد. عند بداية المعركة، حمل الصليبيون على القلب، الذين تقهقروا بانتظام أمام هذا الهجوم، ليطوّقهم بعد ذلك شيركوه وجنوده في صورة من صور تكتيك الكماشة.[18] يرى بعض المؤرخين الغربيين أن وعورة الأرض وكثافة الرمال وثقل الجياد الأوروبية والجنود الفرنجة المدرعين، أسهمت في جعلت الآية تنقلب عليهم، فهزمهم جيش الشام، واستطاع صلاح الدين أسر أحد قادة الجيش الصليبي عندما هاجم جناحه، وهو صاحب قيسارية.[19] معركة الإسكندرية. بعد هذا الانتصار، توجه أسد الدين إلى مدينة الإسكندرية المعروفة بكرهها لشاور، وفتحت له أبوابها.[18][20] سرعان ما أعاد عموري الأول ملك بيت المقدس، وشاور ترتيب الجيش، وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة التي لحقت بهما فكان لا يزال جيشهما أكثر عددًا من جيش أسد الدين،[20] وضربوا حصارًا قاسيًا على الإسكندرية. بدأت ملامح المجاعة تلوح في الأفق فقرر أسد الدين التسلل مع حامية إلى خارج الإسكندرية واستخلف صلاح الدين عليها،[21] متوجهًا إلى مصر العليا أملاً بأن تلحق به جيوش عموري إلا أن شاور أشار بأهمية الإسكندرية،[22] ليستمر الحصار عليها. ترى المصادر الصليبية أن أسد الدين تسلل من الإسكندرية لما ساءت الأمور فيها، وأنه أرسل في التفاوض على أن يخرج كلا الجيشين من مصر، وعلى ألا يعاقب أهالي الإسكندرية للدعم الذي قدموه.[22][23] كان من أهم أسباب موافقة عموري على هذه الصفقة إغارة نور الدين زنكي على إمارة طرابلس، مما أدى إلى خوف عموري الأول على أراضيه في الشام.[24] في حين ترى المصادر العربية أن أسد الدين افترق عن صلاح الدين مباشرة بعد الدخول إلى الإسكندرية، وراح يغير على صعيد مصر. حين اشتد الحصار على الإسكندرية تحرك نحوها، فلقفه الصليبيون في الصلح ووافق على ذلك على أن يخرج جيشا الفرنجة والشام من مصر.[18][25] ليخرج جيش الشام من مصر في 29 شوال سنة 562 هـ، الموافق فيه 18 أغسطس سنة 1167م.[22] عاد أسد الدين من دمشق إلى مصر مرة ثالثة، وكان سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون مصر نظرًا لتخلف شاور عن دفع الإتاوة إلى الحامية الصليبية الموجودة في مصر، إضافة إلى وجود شائعات تفيد بأن الكامل بن شاور تقدم للزواج من أخت صلاح الدين.[26] فلما بلغ ذلك أسد الدين ونور الدين في الشام لم يسعهما الصبر فسارعا إلى مصر، أما نور الدين فبالمال والجيش ولم يمكنه المسير بنفسه للتصدي لأي محاولة من قبل الإفرنج، وأما أسد الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله، وسار الجيش. وكان شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر، سيّر إلى أسد الدين في دمشق يستصرخه ويستنجده فخرج مسرعًا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564هـ، ولما علم الملك عموري الأول بوصول أسد الدين على رأس الجيش من دمشق إلى مصر قرر مباغتته عند السويس، لكن أسد الدين أدرك ذلك فاتجه نحو الجنوب متجاوزًا الصليبيين. فما كان من عموري إلا الجلاء عن أرض مصر في 2 يناير سنة 1169م، ليدخل أسد الدين القاهرة في 7 ربيع الآخر سنة 564 هـ، الموافق فيه 8 يناير سنة 1169م، وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئا، وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج أخرى، وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه، وفي 17 ربيع الآخر، الموافق فيه 18 يناير، ألقي القبض على شاور وأصدر الخليفة الفاطمي، العاضد لدين الله، أمرًا بقتله وعيّن أسد الدين كوزير.[26][27]
|
|
02-17-2012, 01:34 PM | رقم المشاركة : 16 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
تأسيس الدولة في مصر
طالع أيضا :أيوبيون [عدل] تولّي الوزارة وإسقاط الدولة الفاطمية كانت مصر قبل قدوم صلاح الدين مقر الدولة الفاطمية، ولم يكن للخليفة الفاطمي بحلول ذلك الوقت سوى الدعاء على المنابر، وكانت الأمور كلها بيد الوزراء، وكان وزير الدولة هو صاحب الأمر والنهي،[28] لذا أصبح أسد الدين شيركوه هو الرجل الأول في البلاد، ودام على هذا الحال وصلاح الدين يُباشر الأمور مقررًا لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته طيلة شهران من الزمان،[29] عندما توفي أسد الدين، فأسند الخليفة الفاطمي الوزارة لصلاح الدين.[27][30] يذكر المؤرخون، وفي مقدمتهم عماد الدين الأصفهاني، أنه بعد وفاة شيركوه وانقضاء مدة الحداد، طالب الزنكيون، أمراء دمشق، طالبوا الخليفة الفاطمي بل ضغطوا عليه حتى يجعل صلاح الدين وزيرًا له، وقد قبل الخليفة ذلك على الرغم من المنافسة الحادة التي كانت الدويلات الإسلامية تشهدها في تلك الفترة من الزمن، للسيطرة على الأراضي العربية، لشدة ضعف الدولة الفاطمية وقوّة الزنكيين وشعبيتهم، وشعبية صلاح الدين نفسه بين الناس وأمراء الشام، بعد ما أظهره من حسن القيادة والتدبير في المعارك.[31] على الرغم من هذا التأييد، لم يمرّ تولّي صلاح الدين وزارة مصر بسلام، فقد تعرّض بعد بضعة أشهر من توليه لمحاولة اغتيال من قبل بعض الجنود والأمراء الفاطميين، وتبيّن أن المحرّض الرئيسي على هذا كان مؤتمن الخليفة وكان خصيًا بقصر العاضد لدين الله، وكان هذا الخصي يتطلع إلى الحكم فيه والتقدم على من يحويه[27] فقُبض عليه وأًعدم، فحاك أرباب المصالح مؤامرة أخرى، حيث حقنوا 50,000 جندي من فوج الزنوج بالحقد والكره، وثاروا حميّةً على الوزير الجديد في القاهرة، لكنه استطاع أن يقمعهم ويكسر شوكتهم، وكانت تلك آخر انتفاضة ضد صلاح الدين تقع في المدينة.[27][32] بعد سقوط مصر في أيدي الزنكيين، أرسل الملك عموري رسله لإرسال حملة صليبية جديدة شارحًا خطورة الأمر والتغير في ميزان القوى في المنطقة، فاستجاب البابا إسكندر الثالث وبعث رسائل إلى ملوك أوروبا، لكنها لم تجد أذنًا صاغية.[33] في حين نجح الرسول المرسل إلى القسطنطينية بسبب إدراك الإمبراطور مانويل كومنينوس اختلال توازن القوى في المنطقة. فعرض تعاون الأسطول الإمبراطوري مع حملة عموري الأول، الذي وجد الفرصة مناسبة بسبب انشغال الملك نور الدين زنكي في مشاكله الداخلية، إضافة إلى وفاة أسد الدين شيركوه وتعيين صلاح الدين خلفًا له والذي كان الملك عموري يراه شخصًا غير المحنك.[34] حصار دمياط من قبل الأسطول الصليبي والبيزنطي. استعد صلاح الدين بشكل جيد، فقد استطاع التخلص من حرس قصر الخليفة العاضد لدين الله واستبداله بحرس موالين له.[35] وكان ذلك لتأخر الحملة الصليبية ثلاث أشهر منذ انطلاقها في 13 شوال سنة 564هـ، الموافق فيه 10 يوليو سنة 1169م، بسبب عدم حماسة الأمراء والبارونات الصليبيبن للمعركة بعد المعارك الأخيرة التي هُزموا فيها،[34] استهل الصليبيون حملتهم بحصار مدينة دمياط في 1 صفر سنة 565 هـ، الموافق فيه 25 أكتوبر سنة 1169م، فأرسل صلاح الدين قواته بقيادة شهاب الدين محمود وابن أخيه تقي الدين عمر، وأرسل إلى نور الدين زنكي يشكو ما هم فيه من المخافة ويقول: «إن تأخرت عن دمياط ملكها الإفرنج، وإن سرت إليها خلفني المصريون في أهلها بالشر، وخرجوا من طاعتي، وساروا في أثري، والفرنج أمامي؛ فلا يبقى لنا باقية»،[36] وقال نور الدين في ذلك: «إني لأستحي من الله تعالى أن أبتسم والمسلمون محاصرون بالفرنج».[37] فسار نور الدين إلى الإمارات الصليبية في بلاد الشام وقام بشن الغارات على حصون الصليبيبن ليخفف الضغط عن مصر.[38] وقامت حامية دمياط بدور أساسي في الدفاع عن المدينة وألقت سلسلة ضخمة عبر النهر، منعت وصول سفن الروم إليها، وهطلت أمطار غزيرة حولت المعسكر الصليبي إلى مستنقع فتهيؤا للعودة وغادروا دمياط بعد حصار دام خمسين يومًا، بعد أن أحرقوا جميع أدوات الحصار. وعندما أبحر الأسطول البيزنطي، هبت عاصفة عنيفة، لم يتمكن البحارة - الذين كادوا أن يهلكوا جوعًا - من السيطرة على سفنهم فغرق معظمهم.[39] لاحق صلاح الدين وجيشه فلول الجيش الصليبي المنسحب شمالاً حتى اشتبك معهم في مدينة دير البلح سنة 1170م،[40] فخرج الملك عموري الأول وحاميته من فرسان الهيكل من مدينة غزة لقتال صلاح الدين، لكن الأخير استطاع تفادي الجيش الصليبي وحوّل مسيرته إلى غزة نفسها حيث دمّر البلدة التي بناها الصليبيون خارج أسوار المدينة.[41] تفيد بعض الوثائق أنه خلال هذه الفترة، قام صلاح الدين بفتح قلعة إيلات التي بناها الصليبيون على جزيرة صغيرة في خليج العقبة في 10 ربيع الآخر 566 هـ،[42] على الرغم من أنها لم تمثل تهديدًا للبحرية الإسلامية، إلا أن فرسانها كانوا يتعرضون في بعض الأحيان للسفن والقوارب التجارية الصغيرة.[40] بعد هذا الانتصار، ثبّت الزنكيون أقدامهم في مصر، وأصبح من الواضح أن الدولة الفاطمية تلفظ أنفاسها الأخيرة، فأرسل نور الدين إلى صلاح الدين طالبًا إياه بإيقاف الدعاء إلى الخليفة الفاطمي والدعاء إلى الخليفة العباسي في مساجد مصر. لم يرغب صلاح الدين من الامتثال لهذا الأمر خوفًا من النفوذ الشيعي في مصر، وأخذ يراوغ في تأخير الأمر، إلا أن نور الدين هدد صلاح الدين بالحضور شخصيًا إلى القاهرة. فاتخذ صلاح الدين الإجراءات الشرطية اللازمة، لكن لم يتجرأ أحد على القيام بذلك، إلى أن جاء شيخ سني من الموصل زائر وقام في المسجد الأزهر وخطب للخليفة العباسي المستضيء بأمر الله في أول جمعة من سنة 567 هـ، الموافق في شهر سبتمبر من سنة 1171م، لتحذو القاهرة كلها حذوه، في الوقت الذي كان فيه العاضد لدين الله على فراش الموت مريضًا،[43] ولم يلبث العاضد طويلاً حتى فارق الحياة، فأصبح صلاح الدين الدين الحاكم الفعلي في مصر، ليس لأحدٍ فيها كلمة سواه، ونقل أسرته ووالده نجم الدين إليها ليكونوا له أعوانًا مخلصين، وبهذا زالت الدولة الفاطمية تمامًا بعد أن استمرت 262 سنة.[44] [عدل] سلطان مصر الجامع الأزهر، أسسه الفاطميون كمدرسة لنشر الدعوة الإسماعيلية وحوله صلاح الدين الأيوبي إلى مدرسة للسنّة بعد توليه مصر عام 1171م، وقضاءه على الدولة الفاطمية والنفوذ الشيعي في البلاد. أخذ صلاح الدين يقوّي مركزه في مصر بعد زوال الدولة الفاطمية، ويسعى من أجل الاستقلال بها، فعمل على كسب محبة المصريين، وأسند مناصب الدولة إلى أنصاره وأقربائه،[44] وعزل قضاة الشيعة واستبدلهم بقضاة شافعيون،[42] وألغى مجالس الدعوة وأزال أصول المذهب الشيعي الإسماعيلي.[45] ثم أبطل الأذان بحي على خير العمل محمد وعلي خير البشر،[45] وأمر في يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة سنة 565هـ، الموافقة سنة 1169م، بأن يذكر في خطبة الجمعة الخلفاء الراشدون جميعًا: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب،[46] كما أسس مدرستين كبيرتين في الفسطاط هما المدرسة الناصرية، والمدرسة الكاملية حتى يُثبّت مذهب أهل السنة في البلاد، وكانت هاتان المدرستان تُلقنا علوم الشريعة وفق المذهبين المالكي والشافعي.[47] وتخوّف نور الدين زنكي من تزايد قوة تابعه صلاح الدين، وكانت العلاقة بينهما على فتور أصلاً منذ أن تولّى صلاح الدين الحكم في مصر. بدأ هذا التوتر في العلاقة يظهر عندما تأخر صلاح الدين في الخطبة للخليفة العباسي في بغداد، حتى هدده نور الدين بالمسير إليه، وظهر أيضًا عندما أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال: "أخاف أن يخالف أحد منهم عليك فتفسد البلاد".[6] وازداد الخلاف بينهما في سنة 567 هـ، الموافقة سنة 1172م، حتى أصبح وحشةً، وذلك عندما اتفقا على حصار قلعتيّ الكرك ومدينة الشوبك في صحراء الأردن، ورجع صلاح الدين إلى مصر، قبل أن يلتقي بنور الدين،[48] خوفًا من أن يعزله الأخير عن مصر، وأن تؤدي السيطرة على القلعتين إلى فتح الطريق أمام نور الدين إلى القاهرة، فانسحب صلاح الدين متذرعًا بالأوضاع الخطيرة في مصر، فعظم الأمر على نور الدين، حتى قرر المسير إلى مصر. لما علم صلاح الدين بذلك جمع مقربيه وشاورهم بالأمر فمنهم من نصح بمقاتلة نور الدين إلا أن والده وخاله منعوه من ذلك وطالبه والده بإرسال رسائل الاعتذار والتبرير لنور الدين،[49][50] لكن نور الدين لم يقتنع بأي من تلك التبريرات، وعزم على تسيير حملة إلى مصر لخلع صلاح الدين في أقرب فرصة متاحة.[51] رسم "صلاح الدين ملك مصر"، من مخطوطة كتابية تعود للقرن الخامس عشر. وفي صيف سنة 1172م، وردت أنباء تفيد بأن جيشًا من النوبيين ترافقه عناصر أرمنيّة قد بلغ حدود مصر ويُحضّر لحصار أسوان، فطلب أميرها المعونة العسكرية من صلاح الدين، فأرسل إليه تعزيزات بقيادة شقيقه الأكبر، توران شاه، أرغمت النوبيين على الانسحاب. عاد الجيش النوبي إلى مصر في سنة 1173م، لكنه رُدّ على أعقابه في هذه المرة أيضًا، بل تعقبه الجيش الأيوبي حتى بلاد النوبة، وفتح بلدة قصر إبريم.[52] وفي ذلك الوقت، كان نور الدين زنكي لم يتخذ أي خطوة عسكرية تجاه صلاح الدين بعد، لكنه طالبه بإعادة مبلغ 200,000 دينار كان نور الدين قد خصصه لتمويل حملة أسد الدين شيركوه التي نجحت في فتح البلاد والقضاء على النفوذ الصليبي والفاطمي فيها، فدفع صلاح الدين 60,000 دينار، وأرفقها بحمل من أفضل البضائع وبعض الجواهر، إضافة لحصان عربي أصيل، وفيل، واعتبر ذلك وفاءً للدين. استغل صلاح الدين فرصة مروره في الأراضي الشامية الصليبية لتوصيل الأموال والهدايا إلى دمشق، وأغار على بعض معاقل البدو في الصحراء ليحرم الصليبيين من فرصة الاستعانة بمتقفي الأثر أو أدلاء محليين يرشدونهم في حال قرروا مهاجمة مصر أو الأراضي الإسلامية المجاورة لهم،[53] وجرى بينه وبين الإفرنج عدّة وقعات. وفي أثناء وجود صلاح الدين في الشام، أصيب والده نجم الدين أيوب بحادث أثناء امتطائه جواده، وتوفي في 27 ذي الحجة 568 هـ،[52] بعد أيام قليلة قبل وصول صلاح الدين إلى مصر.[54] وفي سنة 1174م، الموافقة سنة 569هـ، بلغ صلاح الدين أن رجلاً باليمن استولى عليها، وملك حصونها يسمى عبد النبي بن مهدي، ولمّا تبيّن له قوّة جيشه وكثرة جنوده، سيّر صلاح الدين أخاه شمس الدولة توران شاه إلى اليمن، فقتل ابن مهدي، وأخذ البلاد منه،[55] عندئذ أعلنت الحجاز انضمامها إلى مصر أيضًا.[44] أخذ نور الدين زنكي يجمع جيشًا ضخمًا في ربيع سنة 1174م، في محاولة لخلع صلاح الدين في مصر على ما يبدو، فأرسل رسلاً إلى الموصل وديار بكر والجزيرة الفراتية يحثون الرجال ويدعونهم للجهاد، غير أن تلك الحملة لم يُكتب لها أن تتم، إذ وقع نور الدين في أوائل شوال من سنة 569 هـ، الموافقة في شهر مايو من سنة 1174م بالذبحة الصدرية وبقي على فراش المرض أحد عشر يوما ليتوفى في 11 شوال سنة 569 هـ، الموافق فيه 15 مايو سنة 1174م، وهو في التاسعة والخمسين من عمره،[56] وبوفاة نور الدين، استحال صلاح الدين سيد مصر الأوحد بشكل فعليّ، حيث استقل عن كل تبعية سياسية، ويُقال أنه أقسم آنذاك أن يُصبح سيفًا مسلولاً على أعدائه وأعداء الإسلام،[57] وأصبح هو رأس أقوى سلالة حاكمة إسلامية في ذلك العهد، هي السلالة الأيوبية، لذا جرت عادة المؤرخين على تسمية المناطق التي خضعت لسلطانه وسلطان تابعيه بالدولة الأيوبية.
|
|
02-17-2012, 01:34 PM | رقم المشاركة : 17 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
ضم الشام
[عدل] فتح دمشق قلعة دمشق، دخلها صلاح الدين بعد 4 أيام من وصوله المدينة، بعد أن استنجد به أهلها وأميرها لإنقاذهم من أمير حلب. كان نور الدين زنكي قد استخلف ولده الملك الصالح إسماعيل ذي الأحد عشر ربيعًا، أميرًا على دمشق، وبعد أن توفي نور الدين كان أمام صلاح الدين خياران أحلاهما مرّ:[57] إما أن يُهاجم الممالك الصليبية من مصر ويتركها مفتوحة وعرضة لهجمات بحرية أوروبية وبيزنطية، أو أن ينتظر حتى يستنجد به الملك الصالح خصوصًا وأنه ما زال صبيًا لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك، كذلك كان أمام صلاح الدين خيار حاسم، وهو أن يدخل دمشق ويسيطر عليها ويتولى شؤون البلاد بنفسه، ويُحضرها لقتال الصليبيين، غير أنه تردد في إتيان الخيار الأخير، بما أنه قد يُنظر إليه حينها أنه قد شق عصا الطاعة ونكر المعروف والاحترام المتبادل والثقة التي منحه إياها نور الدين زنكي عندما ولاّه قيادة الجيوش بعد وفاة أسد الدين شيركوه، وساعده على تمكين منصبه في مصر، وعندها قد لا ينظر إليه الجنود والناس أنه جدير بقيادة جيش المسلمين. لذا فضّل صلاح الدين انتظار دعوة من الملك الصالح، أو أن ينذره بنفسه من احتمال تصاعد الخطر الصليبي على دمشق.[58] واختلفت الأحوال بالشام، فنُقل الصالح إسماعيل إلى حلب وعُين سعد الدولة كمشتكين، أمير المدينة وكبير قدامى الجنود الزنكيين، وصيًا عليه حتى يبلغ أشدّه، وسرعان ما طمع كمشتكين بتوسيع رقعة نفوذه حتى تشمل باقي مدن الشام الداخلية والجزيرة الفراتية، وقرر فتح دمشق، فراسل أمير المدينة، شمس الدين بن المقدم سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود أمير الموصل وابن عم الملك الصالح إسماعيل، طالبًا منه التدخل للمساعدة، لكنه رفض، فكاتب شمس الدين بن المقدم صلاح الدين،[59][60] فتجهز من مصر في جيش كثيف وترك بها من يحفظها وقصد دمشق مظهرًا أنه يتولى مصالح الملك الصالح. تكوّن جيش صلاح الدين من 700 خيّال، عبر بهم الكرك وصولاً إلى بصرى، وفي أثناء الطريق انضمت إلى الجيش جموع من الكرد والعرب من أمراء وأحرار وبدو "سماهم في وجوههم" كما ورد على لسان صلاح الدين.[61] دخل الجيش دمشق في شهر ربيع الأول من عام 570هـ، الموافق فيه شهر نوفمبر من سنة 1174م، وأول ما دخل صلاح الدين كان دار أبيه وهي الدار المعروفة بالشريف العقيقي، واجتمع الناس إليه وفرحوا به وأنفق في ذلك اليوم مالاً جليلاً وأظهر السرور بالدمشقيين، وصعد القلعة وتسلمها من نائب القلعة الطواشي جمال الدين ريحان بعد 4 أيام من وصوله.[59] [عدل] فتوحات الشام الداخلية رسم إفرنجي من سنة 1337م يُظهر الجيش الأيوبي. استناب صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين على دمشق قبل انطلاقه لضم باقي مدن الشام الداخلية التي استحالت مستقلة عن أي تبعيّة بحكم الأمر الواقع بعد وفاة نور الدين زنكي، فغنم حماة بسهولة، وعدل عن حصار مدينة حمص لمناعة أسوارها،[62] ثم حوّل أنظاره نحو حلب وهاجمها بعد أن رفض أميرها "كمشتكين" الخضوع،[63] وخرج الصالح إسماعيل إلى الناس وجعل يُخاطبهم ويحثهم ألاّ يسلموا المدينة إلى جيش غاز، وقد قال أحد المؤرخين الأيوبيين أن كلمات الصالح إسماعيل أمام الناس كانت "كأثر سحر ساحر" على السكان.[64] راسل كمشتكين شيخ الحشاشين المدعو رشيد الدين سنان، الذي كان على خلاف مع صلاح الدين ويمقته مقتًا شديدًا بعد أن أسقط الدولة الفاطمية، واتفق معه على أن يقتل صلاح الدين في قلب معسكره،[65] فأرسل كتيبة مكونة من ثلاثة عشر حشاشًا استطاعت التغلغل في المعسكر والتوجه نحو خيمة صلاح الدين، إلا أن أمرهم انفضح قبل أن يشرعوا بالهجوم، فقُتل أحدهم على يد أحد القادة، وصُرع الباقون أثناء محاولتهم الهرب.[64][66] وفي أثناء ذلك، تحرّك ريموند الثالث صاحب طرابلس لمهاجمة حمص، وحشد جيشه بالقرب من النهر الكبير الجنوبي، على الحدود اللبنانية السورية الشمالية حاليًا، لكنه سرعان ما تراجع عن تحقيق هدفه، لمّا بلغه أن صلاح الدين قد أرسل فرقة عسكرية كبيرة مجهزة بالعتاد اللازم لتنضم إلى حامية المدينة.[60][67] وفي غضون هذا الوقت كان أعداء صلاح الدين في الشام والجزيرة الفراتية يطلقون حملات مضادة له ويهجونه كلّما سنحت الفرصة، فقالوا أنه نسي أصله، فهو ليس سوى خادم للملك العادل نور الدين زنكي، بل خادم ناكر للمعروف لا يؤتمن على شيء، خان سيده ومولاه ونفى ولده من بلاد أبيه إلى بلاد أخرى، وجعل يُحاصرها بعد ذلك. فردّ صلاح الدين على تلك الحملات الشرسة قائلاً أنه لم يُحاصر حلب ولم يحضر إلى الشام منذ البداية إلا لحماية دار الإسلام والمسلمين من الجيوش الصليبية، وليستعيد ما سُلب من الأراضي المقدسة، وإن هذه مهمة لا يمكن أن يتولاها صبي لم يبلغ أشدّه بعد، ويسهل التلاعب به من قبل أصحاب النفوس الخبيثة. وليُطمئن الناس أكثر، سار صلاح الدين على رأس جيشه إلى حماة ليُقاتل فرقة صليبية أُرسلت لفتح المدينة، إلا أن الصليبيين انسحبوا قبل اللقاء بعد أن بلغهم حجم الجيش الأيوبي،[67] فدخل صلاح الدين المدينة بسهولة، وتسلّم قلعتها في شهر مارس من سنة 1175م، بعد مقاومة عنيفة من حاميتها.[68] بعد هذه الأحداث، علم سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي صاحب الموصل أن صلاح الدين قد استفحل أمره وعظم شأنه، وخاف إن غفل عنه استحوذ على البلاد واستقرت قدمه في الملك وتعدى الأمر إليه، فأنفذ عسكرًا وافرًا وجيشًا عظيمًا وقدّم عليه أخاه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود وساروا يريدون لقاءه ليردوه عن البلاد،[6] فلما بلغ صلاح الدين ذلك فك الحصار عن حلب في مستهل رجب من السنة عائدًا إلى حماة استعدادًا للقائهم. وعندما وصل عز الدين مسعود إلى حلب، إنضم إلى جيشه عسكر ابن عمه الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، وخرجوا في جمع عظيم، فلما عرف صلاح الدين بمسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه فما صالحوه، ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به غرضهم،[6] والتقى الجمعان عند قرون حماة بقرب نهر العاصي، ووقعت بينهما معركة عظيمة هزم فيها الزنكيون على يد صلاح الدين، وأُسرت جماعة منهم، وذلك في التاسع عشر من شهر رمضان من سنة 570 هـ،[60] الموافقة في 23 أبريل من سنة 1175 م، ثم سار صلاح الدين عقيب انتصاره ونزل على حلب مرة أخرى، فصالحه الزنكيون على أخذ معرة النعمان وكفر طاب وبارين.[69] نقش لصلاح الدين على درهم يعود لقرابة سنة 1190م. أعلن صلاح الدين نفسه ملكًا على البلاد التي افتتحها بعد انتصاره على الزنكيين، وخطب له أئمة المساجد يوم الجمعة باسم "الملك الناصر"، وضُربت الدنانير الذهبية في القاهرة باسمه، وعضّد مُلكه بالزواج من أرملة نور الدين زنكي المدعوة عصمة الدين خاتون. وسرعان ما أصبحت سيادة صلاح الدين على البلاد سيادة مشروعة عندما أسند الخليفة العباسي في بغداد إليه السلطة على مصر والمغرب الأدنى والنوبة وغربي شبه الجزيرة العربية وفلسطين وسوريا الوسطى،[44] وخلع عليه لقب "سلطان مصر والشام".[70] استمرت الحرب بين الأيوبيين والزنكيين على الرغم من انتصار صلاح الدين في حماة، وحدثت الموقعة الأخيرة بينهما في صيف سنة 1176م. كان صلاح الدين قد أحضر جيوشه من مصر استعدادًا للقاء الحاسم، وقام سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بتجنيد الرجال في المناطق التي ما زال يسيطر عليها، في ديار بكر وقرى وبلدات الجزيرة الفراتية.[71] عبر الأيوبيون نهر العاصي متجهين شمالاً حتى وصلوا تل السلطان على بعد 24 كيلومترًا (15 ميلاً) من حلب، حيث قابلوا الجيش الزنكي، فاشتبك الجيشان في معركة ضارية، واستطاع الزنكيون دحر ميسرة الجيش الأيوبي، فاندفع صلاح الدين بنفسه تجاه حرّاس سيف الدين غازي وأعمل فيهم السيف، فتشجع الأيوبيون واندفعوا يمزقون صفوف الجيش الزنكي، فذُعر الزنكيون وأخذوا يتقهقرون تاركين في ساحة المعركة الكثير من القتلى،[72] كاد سيف الدين أن يكون من ضمنهم. قُتل في المعركة العديد من ضبّاط الجيش الزنكي وأُسر بعضهم الآخر، وغنم الأيوبيون معسكر الزنكيين بما فيه من خيام وأمتعة وخيول وأسلحة، وعامل صلاح الدين الأسرى معاملة كريمة، فمنحهم هدايا وأطلق سراحهم، ثم وزّع غنائم المعركة كلها على جنوده، ولم يحتفظ بشيء لنفسه.[73] سار صلاح الدين بعد انتصاره ليعاود حصار مدينة حلب، وفي أثناء سيره فتح الجيش الأيوبي حصن بزاعة وحصن منبج،[74] ومن ثم توجّه غربًا لإخضاع حصن أعزاز، وعندما ضرب الجيش الحصار على الحصن، اقتحم بعض الحشاشين المندسين المعسكر واستطاع أحدهم الوصول إلى خيمة صلاح الدين وضربه بسكين على رأسه، فحمته الخوذة غير أن السكين مرت على خده وجرحته جرحًا هينًا، واستطاع إمساك الحشاش، فصارعه الأخير أرضًا وحاول نحره، لكن صلاح الدين تمكن منه، وأعانه عليه وعلى رفاقه الجنود الأيوبيون وأقاربه وقتلوهم جميعًا.[72] كان لمحاولة الاغتيال هذه أثر كبير على صلاح الدين، فقد عزم على القضاء على كمشتكين أمير حلب،[75] الذي سبق وتواطأ مع الحشاشين لقتل صلاح الدين، وأصبح شديد الحذر لا يُقابل إلا من يعرفه. يقول أبو شامة المقدسي في كتابه الروضتين في أخبار الدولتين: لمّا فتح السلطان حصن بزاعة ومنبج أيقن من هم تحت سلطتهم بخروج ما في أيديهم من المعاقل، والقلاع ونصبوا الحبائل للسلطان. فكاتبوا سنانًا صاحب الحشيشية مرة ثانية، ورغبوه بالأموال والمواعيد، وحملوه على البتاع فأرسل، لعنه الله، جماعة من أصحابه فجاءوا بزي الأجناد، ودخلوا بين المقاتلة وباشروا الحرب وأبلوا فيها أحسن البلاء، وامتزجوا بأصحاب السلطان لعلهم يجدون فرصة ينتهزونها. فبينما السلطان يومًا جالس في خيمة، والحرب قائمة والسلطان مشغول بالنظر إلى القتال، إذ وثب عليه أحد الحشيشية وضربه بسكينة على رأسه، وكان محترزًا خائفًا من الحشيشية، لا يترع الزردية عن بدنه ولا صفائح الحديد عن رأسه؛ فلم تصنع ضربة الحشيشي شيئا لمكان صفائح الحديد وأحس الحشيشي بصفائح الحديد على رأس السلطان فسبح يده بالسكينة إلى خد السلطان فجرحه وجرى الدم على وجهه؛ فتتعتع السلطان بذلك. ولما رأى الحشيشي ذلك هجم على السلطان وجذب رأسه، ووضعه على الأرض وركبه لينحره؛ وكان من حول السلطان قد أدركهم دهشة أخذت عقولهم. وحضر في ذلك الوقت سيف الدين يازكوج، وقيل إنه كان حاضرًا، فاخترط سيف وضرب الحشيشي فقتله. وجاء آخر من الحشيشية أيضا يقصد السلطان، فاعترضه الأمير داود بن منكلان الكردي وضربه بالسيف، وسبق الحشيشي إلى ابن منكلان فجرحه في جبهته، وقتله ابن منكلان، ومات ابن منكلان من ضربة الحشيشي بعد أيام. وجاء آخر من الباطنية فحصل في سهم الأمير علي بن أبي الفوارس فهجم على الباطني، ودخل الباطني فيه ليضربه فأخذه علي تحت إبطه، وبقيت يد الباطني من ورائه لا يتمكن من ضربه، فصاح علي: "اقتلوه واقتلوني معه"، فجاء ناصر الدين محمد بن شيركوه فطعن بطن الباطني بسيفه، وما زال يخضخضه فيه حتى سقط ميتًا ونجا ابن أبي الفوارس. وخرج آخر من الحشيشية منهزمًا، فلقيه الأثير شهاب الدين محمود، خال السلطان فتنكب الباطني عن طريق شهاب الدين فقصده أصحابه وقطعوه بالسيوف. وأما السلطان فإنه ركب من وقته إلى سرادقه ودمه على خده سائل، وأخذ من ذلك الوقت في الاحتراس والاحتراز، وضرب حول سرادقه مثال الخركاه، ونصب له في وسط سرادقه برجًا من الخشب كان يجلس فيه وينام، ولا يدخل عليه إلا من يعرفه، وبطلت الحرب في ذلك اليوم، وخاف الناس على السلطان. واضطرب العسكر وخاف الناس بعضهم من بعض، فألجأت إلى ركوب السلطان ليشاهده الناس، فركب حتى سكن العسكر.[76] بعد أن تمّ النصر وافتتح حصن أعزاز في ذي الحجة من سنة 571 هـ، حوّل صلاح الدين أنظاره ناحية حلب وضرب الحصار عليها كي يقتصّ من الأمير كمشتكين، فقاومته الحامية مقاومة شديدة مرة أخرى، ففشل في اقتحام المدينة، غير أنه تمكن من فرض هدنة على كمشتكين والملك الصالح إسماعيل وأبرم حلفًا معهما،[74] وجاء في نص الهدنة أن يحتفظ الزنكيون بمدينة حلب مقابل اعترافهم بسلطان صلاح الدين على كامل الأراضي التي أخضعها، وسرعان ما اعترف أمراء ماردين وجوارها بسيادة صلاح الدين وبملكه على الشام. وعندما انتهت الهدنة أرسل الملك الصالح شقيقته الصغرى الخاتون بنت نور الدين إلى صلاح الدين مطالبة إياه بإعادة حصن أعزاز إلى الزنكيين، فاستجاب لطلبها ورافقها بنفسه حتى بوابة حلب محملة بهدايا كثيرة.[75] [عدل] الحملة على الحشاشين طالع أيضا :الحشاشون قلعة مصياف، إحدى معاقل الحشاشين، حاصرها صلاح الدين خلال شهر أغسطس من عام 1176م وارتد عنها خائبًا. بعد أن تحالف صلاح الدين مع الزنكيين وأبرم معاهدة سلام مع مملكة بيت المقدس، لم يبق له من خطر يهدد دولته إلا طائفة الحشاشين بقيادة شيخ الجبل رشيد الدين سنان بن سليمان بن محمود، كانت هذه الطائفة تتبع طريقة الاغتيال المنظم للتخلص من أعدائها ومنافسيها. وكان الحشاشون يمتنعون في سلسلة من القلاع والحصون في عدد من المواقع المشرفة الشاهقة في جبال النصيرية، ولمّا عزم صلاح الدين على إبادة طائفتهم وكسر شوكتهم، أرسل بعض الفرق العسكرية إلى جبالهم، وأعاد ما تبقى من جنود إلى مصر، وتولّى صلاح الدين قيادة الجيش بنفسه، وضرب الحصار على جميع قلاع الحشاشين خلال شهر أغسطس من عام 1176م، لكنه لم يُفلح بفتح أي منها، ففك الحصار وانسحب بجيشه مدمرًا كل المعاقل غير الحصينة التابعة لتلك الطائفة أثناء سيره.[77] بينما ذكر ابن كثير وابن الأثير أن صلاح الدين حاصر حصنهم مصياف وقتل منهم وسبى ثم شفع فيهم خاله شهاب الدين محمود بن يكش، فقبل شفاعته فصالح الحشاشين، ثم كرّ راجعًا إلى دمشق.[78][79] غير أن بعض المخطوطات العائدة لرشيد الدين سنان نصّت على أن صلاح الدين انسحب خوفًا على حياته، وإنه كان ينثر الرماد وغبار الطبشور حول خيمته ليلاً عندما حاصر قلعة مصياف، ليعرف ما إذا كان الحشاشون يأتون ليلاً بالقرب منه، وجعل كل حارس من حرّاسه يحمل سراجًا مضيئًا.[80] أما بالنسبة لرواية صلاح الدين نفسه، فقد قال فيها أن حرّاسه لاحظوا لمعان معدن على إحدى تلال مصياف ذات ليلة، ومن ثم اختفى بين خيم الجنود، وأفاد صلاح الدين أنه استيقظ من نومه ليرى شخصًا يخرج من الخيمة، وكانت المصابيح فيها قد بُعثرت وبقرب سريره عثر على كعك مرقق، وهي العلامة المميزة للحشاشين، وفي أعلى الخيمة وجد رسالة معلقة بخنجر مسموم كُتب فيها تهديد له إن لم يغادر الجبال فسوف يُقتل. عندئذ صاح صلاح الدين أن سنانًا كان في خيمته وغادرها، وقد جعلته هذه التجربة يُدرك عجزه قتال الحشاشين وإفنائهم بسرعة، فطلب من جنوده أن يراسلوهم كي يُبرم حلفًا معهم،[80] فيكون بهذا قد حقق انتصارًا آخر، ألا وهو حرمان الصليبيين من حليف مهم.[81] [عدل] العودة إلى مصر والغزوات في فلسطين إعادة تصميم لباب البرقيّة، إحدى بوّابات سور القاهرة القديم الذي أعاد صلاح الدين بناءه. قلعة الجبل بالقاهرة الشهيرة باسم قلعة صلاح الدين. انسحب صلاح الدين من جبال النصيرية بعد أن لم يتمكن من فتح قلاعها عائدًا إلى دمشق، ثم سرّح جنوده الشوام وجعلهم يعودون إلى منازلهم للراحة والاستعداد للحروب القادمة، ثم رحل عن المدينة برفقة حرّاسه فقط قاصدًا مصر، فوصل القاهرة بعد حوالي شهر. كان على صلاح الدين تنظيم كثير من الأمور في الديار المصرية بعد أن غاب عنها حوالي سنتين قضاها في معارك متواصلة في الشام، وفي مقدمة هذه الأمور تحصين القاهرة وإعادة بناء أقسامها المهدمة، فأقدم على إصلاح أسوارها وإمداد المزيد منها، كذلك شرع في بناء قلعة القاهرة سنة 573 هـ،[81] التي عُرفت فيما بعد بقلعة صلاح الدين والتي أشرف على بنائها بهاء الدين قراقوش،[82] وبئر يوسف البالغ من العمق 85 مترًا (280 قدمًا). ومن أعمال صلاح الدين الأخرى بناء جسر ضخم في الجيزة ليُشكل إحدى خطوط الدفاع الأوليّة ضد غزو مغربي محتمل.[83] بقي صلاح الدين في القاهرة يُشرف على الأعمال العمرانية فيها، فبنى إلى جانب المباني العسكرية بضعة مدارس لنشر العلم، وتابع إدارة البلاد الداخلية بنفسه، واهتم بالمؤسسات الاجتماعية التي تساعد الناس وتخفف عنهم عناء الحياة، وتعهد بالإنفاق على الفقراء والغرباء الذين يلجؤون للمساجد للعيش فيها، وجعل من مسجد أحمد بن طولون في القاهرة مأوى للغرباء الذين يأتون إلى مصر من بلاد المغرب.[84] يقول ابن المقفع: إن الملك صلاح الدين عامل رعيته في بلاد مصر بخير يعجز الواصف عن وصفه وأرسى العدل وأحسن إلى المصريين وأزال مظالم كثيرة على الناس وأمر بإبطال الملاهي في بلاد مصر وأبطل كل منكر شرير وأقام حدود شريعة الإسلام. وكان يجلس للحكم بين الناس فينصف المظلوم من الظالم ويكون في مجلسه مجموعه من الفقهاء ومشاهير الدولة للنظر في القضايا بين الناس والعمل بما توجبه أحكام الشريعة والحق والعدل.[85] وفي شهر جمادى الآخر سنة 573 هـ، الموافق فيه نوفمبر من سنة 1177م، أغار الصليبيون على ضواحي دمشق، فاعتبر صلاح الدين أن الهدنة مع مملكة بيت المقدس قد نُقضت وانتهى أمرها، فجمع الرجال وسار إلى فلسطين ليُغير على بعض المواقع الصليبية، فما كان من الصليبيون إلا أن أرسلوا جزءً كبيرًا من جيشهم إلى مدينة حارم شمال حلب ليحولوا انتباه الأيوبيين إلى تلك الأنحاء، لكن صلاح الدين استمر بغزاته على بعض المواقع الثانوية في فلسطين بعد أن فرغت من الرجال الذين أرسلوا مع الجيش الصليبي شمالاً ثم توجّه إلى عسقلان،[83] التي قال أنها "عروس الشام"، بعد أن رأى أن الوضع مؤات لهكذا تحرّك. يقول المؤرخ الصليبي وليم الصوري أن الجيش الأيوبي تكوّن من 26,000 جندي، 8,000 منهم كانوا يشكلون النخبة، و 18,000 كانوا أرقاء زنوج من السودان. واصل صلاح الدين يغزو المواقع الصليبية الثانوية الواحد تلو الآخر، فهاجم الرملة واللد، وبلغ بوّابات القدس.[86] [عدل] الحرب والهدنة مع بلدوين الرابع معركة تل الجزر، بريشة شارلز فيليپ لاريڤيير. تحرّك ملك بيت المقدس الشاب بلدوين الرابع بن عموري "الأبرص"، أثناء وجود صلاح الدين على مشارف القدس، وسار بجمع من فرسان الهيكل من مدينة غزة ودخل عسقلان. ووصلت هذه الأنباء إلى صلاح الدين فعاد بقسم من جيشه إلى ضواحي المدينة، لكنه تردد في مهاجمة الصليبيين على الرغم من التفوق العددي للأيوبيين، وذلك لوجود عدد من القادة المهرة المخضرمين في صفوفهم، وكان لهذا التردد في الهجوم أثره الكبير، إذ قام الصليبيون تحت قيادة الملك بلدوين وأرناط آل شاتيون صاحب الكرك بهجوم مفاجئ بتاريخ 25 نوفمبر من سنة 1177م، وأخذوا الأيوبيين على حين غرّة وهزموهم في تل الجزر بالقرب من الرملة، وقد حاول صلاح الدين تنظيم صفوف الجيش وحشد الجنود مجددًا، لكنهم تشتتوا، وصُرع في المعركة جميع حرّاسه، فرأى الانسحاب إلى مصر وإنقاذ ما تبقى من العساكر[87][88] إستعد صلاح الدين لمنازلة الصليبيين مجددًا بعد عودته إلى مصر، فجمع الجنود والعتاد اللازم، ولم تثبط عزيمته رغم الهزيمة التي لحقت به في فلسطين، بل زادته إصرارًا على القتال. وفي ربيع سنة 1178م، نزل الجيش الأيوبي بقرب حمص، وحصلت بضعة مناوشات بينه وبين الجيش الصليبي، وفي شهر ربيع الأول سنة 574هـ، الموافق فيه شهر أغسطس سنة 1178م، هاجمت فرق صليبية أخرى مدينة حماة والقرى المجاورة وقتلت بعض السكان، لكنها هُزمت على يد حامية المدينة وأُسر كثير من أفرادها، واقتيدوا إلى صلاح الدين الذي أمر بإعدامهم كونهم "عاثوا فسادًا في أرض المؤمنين".[89] أمضى صلاح الدين بقية العام في الشام دون أي يخوض معارك أخرى،[88] لكن الحال لم يدم طويلاً على هذا النحو، فقد وصلت صلاح الدين أنباء مقلقة من جواسيسه تقول بأن الصليبيين يخططون لشن حملة عسكرية على سوريا الوسطى، فأمر ابن أخيه عز الدين فروخ شاه بن شاهنشاه بن نجم الدين أيوب، بأن يقف على الجبهة الدمشقية ومعه ألف من الجنود استعدادًا لضبط أي هجوم، وألا يلتحم مع الصليبيين في قتال، وإن حصل وتقدموا إلى المدينة، فعليه الانسحاب وإضاءة المنارات المنصوبة على التلال المحيطة حتى يعلم صلاح الدين بمجيئهم فيُلاقيهم بنفسه. وفي شهر ذي القعدة سنة 574هـ، الموافق فيه شهر أبريل من عام 1179م، تقدم الصليبيون بقيادة الملك بلدوين نحو دمشق متوقعين مقاومة ضعيفة، وشرعوا في مهاجمة القرى والرعاة في مرتفعات الجولان، فتصدت لهم فرقة عسكرية أيوبية بقيادة فروخ شاه، ثم انسحبت من أمامهم، فتعقبوها حتى جنوب شرق القنيطرة حيث كان الجيش الأيوبي منتظرًا، فوقعت معركة كان النصر فيها لصالح الأيوبيين.[89] قام صلاح الدين بتعزيز قواته بعد هذا النصر، فطلب من أخاه الأصغر الملك العادل سيف الدين أبو بكر، أن يُرسل إليه 1,500 فارس من مصر لينضموا إلى الجيش في الشام.[90][91] بقايا حصن مخاضة الأحزان الذي بناه بلدوين الرابع واستولى عليه صلاح الدين. موقع معركة حصن يعقوب بين الأيوبيين والصليبيين. بحلول صيف عام 1179م، كان بلدوين الرابع قد أقام حصنًا حدوديًا سماه المؤرخون المسلمون "حصن مخاضة الأحزان" على الطريق المؤدية إلى دمشق ليؤمنها، وعزم على بناء جسر فوق نهر الأردن هو "معبر يعقوب" (يُعرف اليوم باسم جسر بنات يعقوب) ليصل الأراضي الصليبية بسهل بانياس الذي يفصل بين الإمارات الصليبية والأراضي الإسلامية. اعترض صلاح الدين على هذا المشروع واعتبره عملاً عدوانيًا تجاه المسلمين، وعرض على بلدوين 100,000 قطعة ذهبية مقابل تخليه عن هذا المشروع، لكن الأخير رفض التسوية، فعزم صلاح الدين على مهاجمة الحصن الحدودي وتدميره، ثم سار بجيشه وجعل مركزه بانياس. هرع الصليبيون للقاء المسلمين بعد تلك الخطوة، لكن جيشهم تشتت، حيث تلكأ المشاة في الخلف، واستمر صلاح الدين يستدرجهم بعيدًا حتى ما إن تبين له أن الفرصة سانحة وإن الجيش الصليبي منهك، انقض عليهم واشتبك الجيشان في معركة طاحنة انتصر فيها المسلمون، وأُسر كثير من كبار الفرسان الصليبيين، ثم تحرّك صلاح الدين صوب الحصن وضرب الحصار عليه، ثم دخله فاتحًا في 26 ربيع الأول سنة 575هـ، الموافق فيه 30 أغسطس من سنة 1179م.[92][93] وفي ربيع سنة 1180م، وبينما كان صلاح الدين في صفد يُحضّر لغزو بيت المقدس، راسله الملك بلدوين يعرض عليه السلام فوافق، والواقع أن القحط في ذلك العام كان دافعًا أساسيًا لكلا الرجلين ليتوقفا عن القتال، حيث ذبلت المحاصيل ولم ينضج منها إلا القليل، فقلّت مؤن الجيشين الصليبي والأيوبي، وأصبح يتعذر على أي منهما ضرب حصار على قلعة أو مدينة تابعة للآخر، دون المجازفة بحدوث مجاعة في صفوف الجند. رفض ريموند الثالث صاحب طرابلس الالتزام بالهدنة في بادئ الأمر وأصرّ على القتال، لكنه سرعان ما رضخ للمعاهدة بعد أن أغار الجيش الأيوبي على إمارته في شهر مايو، وظهر الأسطول الإسلامي بالقرب من مرفأ طرطوس مهددًا بالهجوم.[94]
|
|
02-17-2012, 01:38 PM | رقم المشاركة : 18 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
القضايا المحلية
السلطان عز الدين قلج أرسلان بن مسعود، سلطان سلاجقة الروم (1156–1192)، أحد أبرز الحكّام المسلمين الذين تحالفوا مع صلاح الدين. كان صلاح الدين قد حاول التقرّب من أمير حصن كيفا المدعو نور الدين محمد الأرتقيّوني، عندما عرض التوسط بينه وبين عز الدين قلج أرسلان بن مسعود، سلطان سلاجقة الروم، لإنهاء خلاف قائم، حيث كان الأخير قد طالب نور الدين بإعادة بعض الأراضي التي حصل عليها كهدية زفاف بعد زواجه من ابنته، ثم تبيّن أنه يُسيء معاملتها وأن هدفه من ذلك الزواج لم يكن سوى السيطرة على مزيد من المناطق فحسب، وقد قبل نور الدين وساطة السلطان الأيوبي بينما رفضها قلج أرسلان. وفي شهر يونيو من سنة 1180م، استقبل صلاح الدين الأمير نور الدين محمد وأخاه أبو بكر في محاولة لكسب الود وتوطيد العلاقات مع الأرتقيون تمهيدًا لأي مجابهة يُحتمل وقوعها بين الأيوبيين وأمراء الموصل والأناضول والملوك الصليبيين، وأرفق كلا الأميرين بهدايا قيل بأن قيمتها تخطت 100,000 دينار.[95] بعد هذا اللقاء، راسل السلطان قلج أرسلان صلاح الدين معلنًا قبوله الوساطة ودخوله في الحلف الأيوبي الأرتقيّوني، فابتهج صلاح الدين لهذا الخبر لما تضمنه من بشائر إعادة توحيد الأراضي الإسلامية، لكن فرحه سرعان ما تحوّل إلى غضب عارم، عندما وصلته رسالة من أرسلان يقول فيها أن نور الدين عاد ليُسيء معاملة زوجته ابنة سلطان آل سلجوق، فهدد صلاح الدين بالمسير إلى ملطية عاصمة نور الدين ليؤدبه بنفسه ولينهي الخلاف القائم بين حاكمين مسلمين في وقت كان المسلمون فيه بأشد الحاجة لأن يتوحدوا،[95] وفي واقع الأمر فإن صلاح الدين لم يرغب بالمسير إلى نور الدين محمد، ذلك أنه تحالف معه ولم يعد يستطيع أن ينقض هذا الحلف، وفي الوقت نفسه كان للسلطان قلج أرسلان كامل الحق في الخوف على ابنته والدفاع عنها ومنع استغلالها لغايات سياسية، فجاء خطاب صلاح الدين حادًا في سبيل إخافة نور الدين وحثه على الخضوع. ولمّا تبيّن لنور الدين محمد أنه لا يقدر على الجيش الأيوبي، خضع لأوامر صلاح الدين وعز الدين قلج أرسلان، ووافق على أن يُرسل امرأته إلى أبيها طيلة سنة من الزمن، خصوصًا بعد أن جاء في رسالة بعثها إليه صلاح الدين، أنه إن خرق هذا الاتفاق فسوف ينقض صلاح الدين الاتفاقية بينهما.[95] رسم لتمثيل يعود لصلاح الدين من القرن الخامس عشر. عاد صلاح الدين إلى القاهرة بداية عام 1181م وترك فروخ شاه ليتولّى شؤون الشام أثناء غيابه؛ يقول أبو شامة المقدسي أن صلاح الدين كان ينوي تمضية شهر رمضان في مصر ذلك العام، ومن ثم يذهب للحج في مكة، لكن لأسباب غير واضحة عدل عن حج البيت الحرام، وشوهد في شهر يونيو وهو يتفقد ضفاف النيل. وفي تلك الفترة حدثت بينه وبين البدو بعض الإشكالات، إذ اتهم بعضهم بالإتجار مع الصليبيين، فصادر محاصيلهم وأرغمهم على مغادرة شرق مصر والسكن في غربها، واستولى على ثلثيّ الأراضي التابعة للإقطاعيين منهم وأعطاها لإقطاعيي الفيوم ليعوضهم عن أراضيهم الخاصة التي هدف أن يجعلها ملكًا عامًا للدولة، كما حوّل بعض السفن الحربية على قراصنة الأنهار من البدو الذين كانوا يغيرون على المزارع والقرى المجاورة للنيل وفروعه.[96] في صيف سنة 1181م، قاد أخو صلاح الدين سيف الإسلام ظهير الدين طغتكين بن أيوب،[97] في فرقة عسكرية لاعتقال نائب توران شاه في بلدة زبيد باليمن، حطان بن كامل بن منقذ الكناني، لاختلاس العوائد المالية للبلدة التي يتولّى أمورها، غير أن صلاح الدين قال أنه ليس هناك من دليل يفيد بصحة ما قيل، وأمر بإطلاق سراحه مقابل 80,000 دينار له شخصيًا ومبالغ أخرى لإخوته.[98] كان اعتقال حطان الكناني المثير للجدل نتاج استياء بعض المقربين من صلاح الدين من إدارة بلاد اليمن بعد أن غادرها توران شاه؛ فعلى الرغم من أن نائبوه استمروا يرسلون خراج البلاد، إلا أن السلطة الأيوبية على اليمن أخذت تضعف بعض الشيء، حيث برز صراع على السيادة بين عز الدين عثمان صاحب عدن وصاحب زبيد، مما جعل صلاح الدين يقول أنها تُكلّف الدولة الأيوبية مصاريف كبيرة ولا تعود عليها بالفوائد المرجوّة والمتوقعة.[99] [عدل] توسّع الدولة [عدل] فتح أطراف بلاد ما بين النهرين رسم لصلاح الدين الأيوبي. توفي سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود في 3 صفر سنة 576هـ، الموافق فيه 28 يونيو من سنة 1180م،[100] وخلفه شقيقه عز الدين في إمارة الموصل.[101] في 25 رجب سنة 577هـ، الموافق فيه 4 ديسمبر سنة 1181م، توفي الملك الصالح بن نور الدين زنكي في حلب. قبل وفاته، لما يئس من نفسه استدعى الأمراء فحلفهم لابن عمه عز الدين مسعود بن قطب الدين صاحب الموصل، لقوة سلطانه وتمكنه، ليمنعها من صلاح الدين.[102] رُحّب بعز الدين في حلب، ولكن تملّكه لحلب والموصل كان أمرًا يفوق قدراته، لذا تنازل عن حلب لأخيه عماد الدين زنكي، في مقابل سنجار والخابور والرقة ونصيبين وسروج وغير ذلك من البلاد. لم يحاول صلاح الدين استغلال تلك الظروف احترامًا للمعاهدة التي عقدها في السابق مع الزنكيين.[103] وفي 5 محرم سنة 578هـ، الموافق فيه 11 مايو سنة 1182م، غادر صلاح الدين الأيوبي القاهرة مع نصف الجيش الأيوبي المصري والعديد من المتطوعين إلى الشام. وعندما علم أن القوات الصليبية احتشدت على الحدود لاعتراضه، غير طريقه عبر سيناء إلى أيلة، وهناك لم يلقى صلاح الدين أي مقاومة من قوات بلدوين.[104] وعندما وصل إلى دمشق في يونيو، أغار عز الدين فروخ شاه على بلاد طبرية، واحتل دبورية وحابس جلدق، وهو أحد الحصون ذات الأهمية الكبيرة للصليبيين.[105] في يوليو، أرسل صلاح الدين فروخ شاه لمهاجمة كوكب الهوا. وفي أغسطس، شنّ الأيوبيون هجومًا بريًا وبحريًا للاستيلاء على بيروت؛ وقاد صلاح الدين جيشه في سهل البقاع، ولما بدا لصلاح الدين أن الهجوم قد يفشل، فضّل إيقاف هجومه والتركيز على مهمته نحو في بلاد ما بين النهرين.[106] دعا مظفر الدين كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين وهو أحد أمراء حران، صلاح الدين لاحتلال بلاد الجزيرة، الواقعة شمال بلاد ما بين النهرين.[105] ومع انتهاء الهدنة بينه وبين الزنكيين رسميًا في جمادى الأول سنة 578هـ، الموافق فيه شهر سبتمبر من عام 1182م،[107] وقبل سيره إلى بلاد الجزيرة، كان التوتر قد ازداد بين الحكام الزنكيين في المنطقة، نظرًا لعدم رغبتهم في دفع الجزية لصاحب الموصل.[108] وقبل عبوره الفرات، حاصر صلاح الدين حلب لمدة ثلاثة أيام، بمجرد أن انتهت الهدنة.[107] وما أن وصل إلى قلعة البيرة قرب نهر الفرات، حتى إنضم إليه كوكبري ونور الدين صاحب حصن كيفا، واستولت القوات المشتركة على مدن الجزيرة الواحدة تلو الأخرى، فسقطت الرها تلتها سورج ثم الرقة وقرقيسية ونصيبين.[107] كانت الرقة نقطة عبور هامة والتي كانت في يد قطب الدين ينال بن حسان المنبجي، الذي سبق وخسر منبج أمام قوات صلاح الدين الأيوبي عام 1176م. لما رأى قطب الدين كبر حجم جيش صلاح الدين، لم يُقدم على إبداء أي مقاومة واستسلم على أن يحتفظ بممتلكاته. أثار صلاح الدين الأيوبي إعجاب أهالي المدينة بعدما أمر بإلغاء عدد من الضرائب، حيث قال "إن شر الحكام هم من يسمنون وشعوبهم جياع". من الرقة، غزا ماكسين ودورين وعرابان والخابور، والتي خضعت جميعها له.[105][109] ثم توجّه صلاح الدين لغزو نصيبين التي سلّمت دون مقاومة. كانت نصيبين بلدة متوسطة الحجم، ليست ذات أهمية كبيرة، لكنها كانت تقع في موقع استراتيجي بين ماردين والموصل ويسهل الوصول إليها من ديار بكر.[110] في خضم هذه الانتصارات، وردت صلاح الدين أخبار تقول أن الصليبيين أغاروا على قرى دمشق. فأجاب «دعهم.. ففي الوقت الذي يهدمون فيه القرى، نستولي نحن على المدن؛ وعندما نعود، سيتعين علينا جمع المزيد من القوة لمحاربتهم».[107] وفي الوقت نفسه، في حلب، داهم أميرها الزنكي مدن صلاح الدين في الشمال والشرق، مثل باليس ومنبج وسورج وبوزيع والقرضين، كما دمر قلعته في بلدة أعزاز لكي لا يستخدمها الأيوبيون إن استطاعوا الاستيلاء عليها.[110] [عدل] ضم حلب بعد الموصل إهتم صلاح الدين بضم حلب، فأرسل شقيقه تاج الملوك بوري لاحتلال تل خالد، الواقعة على بعد 130 كيلومتر شمال شرق الموصل، وجهّز لحصارها، إلا أن حاكم تل خالد استسلم مع وصول صلاح الدين نفسه في 17 مايو قبل ضرب الحصار. بعد تل خالد، قام جيش صلاح الدين الأيوبي بالتوجه شمالاً إلى عينتاب لاحتلالها، ومن ثم العودة سريعًا لمسافة 60 كم في إتجاه حلب. وفي 21 مايو، عسكر صلاح الدين خارج حلب، وتمركز بنفسه شرق قلعة حلب، كما طوّقت قواته ضاحية بناقسة في الشمال الشرقي وباب جنان في الغرب، وتمركز باقي رجاله بالقرب من المدينة، على أمل فتحها في أقل وقت ممكن.[111] قلعة حلب، دخلها صلاح الدين في 12 يونيو من عام 1183م. لم يقاوم عماد الدين زنكي بن قطب الدين مودود لفترة طويلة، حيث لم يكن يحظ بشعبية بين رعاياه، ولرغبته في العودة إلى سنجار المدينة التي كان يحكمها سابقًا. عقدت مفاوضات بغرض تبادل الأراضي، على أن يسلّم زنكي حلب إلى صلاح الدين الأيوبي في مقابل استعادة سيطرته على سنجار ونصيبين والرقة والرقة وسروج، وأن تحارب قوات زنكي إلى جانب جيش صلاح الدين. وبحلول 18 صفر 579 هـ / 12 يونيو 1183م، أصبحت حلب في أيدي الأيوبيين.[112][113] لم يعلم أهل حلب بتلك المفاوضات، لذا فوجئوا حين رأوا راية صلاح الدين الأيوبي مرفوعة فوق قلعة حلب. عندئذ، عرض أميران أحدهما عز الدين جردق الصديق القديم لصلاح الدين خدماتهما على صلاح الدين، الذي رحب بذلك. استبدل صلاح الدين القضاء الحنفي بالقضاء الشافعي، مع وعد بعدم التدخل في القيادة الدينية للمدينة. وعلى الرغم من حاجة صلاح الدين للمال، إلا أنه سمح لزنكي بالمغادرة بكل ما استطاع حمله من خزائن قلعة المدينة، وبيع المتبقي لصلاح الدين نفسه.[114] على الرغم من تردده فيما مضى في إتمام عملية المبادلة، إلا أنه كان واثقًا من نجاحه لتيقّنه من أن حلب هي "الباب الذي سيفتح له الأراضي" وأن "هذه المدينة هي عين الشام وقلعتها بؤبؤها".[115] بالنسبة لصلاح الدين الأيوبي، كان الاستيلاء على المدينة يمثّل له نهاية أكثر من ثماني سنوات من الانتظار، فقد قال لفروخ شاه "نحن لا نملك إلا الانتظار، وحلب ستكون لنا." فمن وجهة نظره، أنه باستيلائه على حلب سيستطيع الآن تهديد الساحل الصليبي كله.[116] بعد أن قضى ليلة واحدة في قلعة حلب، سار صلاح الدين إلى حارم بالقرب من أنطاكية الإمارة الصليبية. كانت حارم تحت حكم "سرخك" أحد المماليك صغار الشأن، الذي قدم صلاح الدين الأيوبي له عرضًا بمدينة بصرى وأراضٍ في دمشق في مقابل حارم، ولكن عندما طلب سرخك الحصول على المزيد، أرغمته حامية البلدة على الخروج،[113][116] حيث تم إلقاء القبض عليه من قبل تقي الدين نائب صلاح الدين الأيوبي بعد مزاعم بأنه كان يخطط للتنازل عن حارم إلى بوهمند الثالث أمير أنطاكية. بعد استسلام حارم، شرع صلاح الدين الأيوبي في ترتيب دفاعات المدينة استعدادًا للصليبيين، وأوفد إلى الخليفة وأتباعه في اليمن وبعلبك بأنه سيهاجم الأرمينيين. وقبل أن يهم بالتحرك، كان لا بد من تسوية بعض التفاصيل الإدارية، فقد وافق صلاح الدين الأيوبي على هدنة مع بوهمند في مقابل رد أسرى مسلمين كان يحتجزهم، ثم ولّى علم الدين سليمان بن جندر،[113] وهو الأمير الذي انضم إلى صلاح الدين في حلب، إدارة أعزاز، كما ولّى سيف الدين اليزقوج، مملوك عمه أسد الدين شيركوه السابق الذي أنقذه من محاولة اغتيال في أعزاز، إدارة حلب.[117] [عدل] حربه من أجل الموصل مع اقتراب صلاح الدين من الموصل، كان عليه تبرير مسألة الاستيلاء على تلك المدينة الكبيرة.[118] استغاث زنكيو الموصل بالخليفة العباسي الناصر لدين الله في بغداد الذي كان وزيره يفضلهم، فأرسل الناصر بدر البدر، وهو شخصية دينية رفيعة المستوى، للتوسط بين الجانبين. وصل صلاح الدين إلى المدينة في 10 نوفمبر سنة 1182م، ولم يقبل عز الدين شروطه لأنه اعتبرها خدعة كبيرة، وعلى الفور ضرب صلاح الدين حصارًا على المدينة المحصنة جيدًا.[119] "صلاح الدين المُظفّر"، رسم من القرن التاسع عشر. بعد عدة مناوشات طفيفة والمأزق الذي وقع فيه أمام الخليفة، قرر صلاح الدين الأيوبي أن يجد طريقة للانسحاب من الحصار دون أن يلحق ذلك ضررًا بسمعته، لذا قرر أن يهاجم سنجار التي يحكمها شرف الدين أمير أميران هندوا شقيق عز الدين، مع ترك قوة لمواصلة الحصار، فسقطت سنجار بعد حصار دام 15 يومًا في 3 رمضان سنة 578هـ، الموافق فيه 30 ديسمبر سنة 1182م.[105][120] لم يلتزم قادة وجنود صلاح الدين بانضباطهم ونهبوا المدينة، وتمكن صلاح الدين بنفسه من حماية حاكم المدينة وضباطه بإرسالهم إلى الموصل. وبعد أن ترك حامية في سنجار، انتظر حتى يجمع جنده من حلب وماردين وأرمينيا لمواجهة عز الدين.[121] توجّه صلاح الدين بجيشه للقاء قواته في حران في شهر ذي القعدة من سنة 578هـ، الموافق فيه شهر فبراير من عام 1183م، وعندما علم عز الدين بقدوم جيش صلاح الدين، أرسل رسله في طلب السلام، وفرّق قواته. وفي 6 ذي القعدة سنة 578هـ، الموافق فيه 2 مارس سنة 1183م، كتب العادل من مصر إلى صلاح الدين الأيوبي بأن الصليبيين قد طعنوا قلب الإسلام، فقد أرسل صاحب الكرك أرناط آل شاتيون، سفنًا من خليج العقبة لمداهمة البلدات والقرى قبالة ساحل البحر الأحمر، وعلى الرغم من أن تلك المحاولة لم تكن هادفة لفرض النفوذ الصليبي على البحر أو للتحكم في طرق التجارة، وكانت مجرد قرصنة،[122] كتب عماد الدين بأن الغارة كانت مقلقة للمسلمين لأنهم لم يكونوا معتادين على الهجمات عبر البحر، وأضاف ابن الأثير بأن السكان لم يعهدوا فرنجيًا قط لا تاجرًا ولا محاربًا.[105] وقال ابن جبير بأن ستة عشر سفن للمسلمين أحرقها الصليبيون الذين استولوا على سفينة حجاج وقافلة في عيذاب. كما ذكر أيضًا أنهم كانوا ينوون مهاجمة المدينة المنورة ونهب قبر النبي محمد. وأضاف المقريزي إلى أن شائعات انتشرت تزعم بأنهم كانوا سينقلون جثمان النبي محمد إلى الأراضي الصليبية، لجعل المسلمين يحجون إليها. ولحسن حظ صلاح الدين الأيوبي، كان العادل قد نقل السفن الحربية من الفسطاط والإسكندرية إلى البحر الأحمر تحت قيادة حسام الدين لؤلؤ قائد الأسطول المصري، فبدأ بمهاجمة القوات التي هاجمت أيلة وهزمها، ثم سار لقتال من هاجموا عيذاب، فأدركهم في ساحل الجوزاء ودمر معظم سفنهم، فنزلوا إلى البر محاولين الفرار فهزمهم شر هزيمة.[105][123] أمر صلاح الدين بقتل الأسرى الصليبيين البالغ عددهم 170 مقاتل في عدد من مدن المسلمين.[124] من وجهة نظر صلاح الدين، كانت الحرب ضد الموصل تسير على ما يرام، لكنه لم ينجح بعد في تحقيق أهدافه وبدأ جيشه يتناقص؛ فقد عاد تقي الدين برجاله إلى حماة، وغادر ناصر الدين محمد بن شيركوه بقواته. شجع ذلك عز الدين وحلفائه على الهجوم. فجمع قواته في حرضم الواقعة على بعد 140 كيلومتر من حران. وفي بداية أبريل، ودون أن ينتظر ناصر الدين، بدأ صلاح الدين وتقي الدين تقدمهم ضد قوات عز الدين، متوجهين شرقًا إلى رأس العين دون أن يلقوا مقاومة.[125] وبحلول نهاية أبريل، وبعد ثلاثة أيام من القتال، استولى الأيوبيون على آمد. سلم المدينة نور الدين محمد بن قره أرسلان بخزائنها التي بها 80,000 شمعة، وبرج كامل مملوء بالسهام و1,040,000 كتاب. وفي مقابل إعادته حاكمًا للمدينة، أقسم نور الدين الولاء لصلاح الدين الأيوبي،[126] واعدًا إياه بمساعدته في كل حملاته في الحرب ضد الصليبيين وإصلاح الأضرار التي لحقت بالمدينة. وبسقوط آمد، قرر حاكم ماردين التحالف مع صلاح الدين الأيوبي، وهو ما أضعف تحالف عز الدين.[127] الدولة الأيوبية والدول المجاورة عند نهاية حملة صلاح الدين على إمارات الشام وبلاد ما بين النهرين. حاول صلاح الدين الحصول على دعم الخليفة الناصر ضد عز الدين من خلال إرسال رسالة للخليفة يطالبه فيها بمرسوم يعطيه الحق في تملّك الموصل والأراضي التابعة لها. حاول صلاح الدين الأيوبي إقناع الخليفة معللاً طلبه بأنه في الوقت الذي فتح مصر واليمن وأعادها تحت راية العباسيين، كان الزنكيون في الموصل يؤيدون صراحة السلاجقة (منافسي الخلافة)، ولم يخضعوا للخليفة إلا وقت حاجتهم إليه. واتهم أيضًا قوات عز الدين بعرقلة الجهاد ضد الصليبيين، مشيرًا إلى أنهم "لا ينوون القتال فقط، بل ويمنعون الذين يستطيعون ذلك". كما قال صلاح الدين الأيوبي بأنه إنما جاء إلى الشام لقتال الصليبيين وإنهاء بدعة الحشاشين ووضع حد لتخاذل المسلمين. كما وعد أنه إذا أعطيت له الموصل، فسيستولي على القدس والقسطنطينية والكرج وأراضي الموحدين في المغرب، حتى تصبح كلمة الله هي العليا وتطهّر الخلافة العباسية العالم وتتحوّل الكنائس إلى مساجد. وأكد صلاح الدين أن كل هذا من الممكن أن يحدث بمشيئة الله، وبدلاً من طلب الدعم المالي أو العسكري من الخليفة، قال أنه سيغزو أراضي تكريت وداقوق وخوزستان وجزيرة كيش وعمان، وسيعطيها للخليفة.[128] [عدل] الحروب ضد الصليبيين أرناط آل شاتيون، أبرز قائد صليبي قاتل صلاح الدين قبل استرجاعه للقدس. بعد أن نجح صلاح الدين في أن يجمع مصر وسوريا وغربي شبه الجزيرة العربية والعراق في دولة إسلامية موحدة قوية تحيط بمملكة بيت المقدس والإمارات الصليبية من الشمال والشرق والجنوب، واطمأن إلى وحدتها وتماسكها، انتقل إلى تحقيق القسم الثاني من مخططه السياسي، وهو محاربة الصليبيين وطردهم من البلاد،[44] وجاءَته الفرصة حين تعرّض أرناط آل شاتيون صاحب الكرك لقافلة غزيرة الأموال كثيرة الرجال فأخذهم عن آخرهم ونهب أموالهم ودوابهم وسلاحهم، فأرسل إليه صلاح الدين يلومه ويُقبح فعله وغدره ويتوعده إن لم يطلق الأسرى والأموال، فلما رفض أرسل صلاح الدين، الذي كان آنئذ في دمشق، إلى جميع الأطراف باستدعاء العساكر لحرب أرناط، وتوجه بنفسه إلى بصرى، ومنها إلى الأردن ونزل بثغر الأقحوان.[129] في 9 جمادى الآخرة سنة 579هـ، الموافق فيه 29 سبتمبر سنة 1183م، عبر صلاح الدين نهر الأردن لمهاجمة بيسان التي وجدها خاوية. وفي اليوم التالي، أضرمت قواته النار في البلدة،[113] وساروا غربًا، ليعترضوا تعزيزات الصليبيين من حصني الكرك والشوبك على طول طريق نابلس وأسروا عددًا منهم. وفي تلك الأثناء، كانت قوة الصليبيين الرئيسية بقيادة غي آل لوزنيان، قرين ملكة القدس سيبيلا أخت بلدوين، قد تحركت من صفورية إلى العفولة. أرسل صلاح الدين الأيوبي 500 مقاتل لمناوشة قوات الصليبيين، وسار بنفسه إلى عين جالوت. وعندما تقدمت القوات الصليبية، والتي كانت أكبر قوة جمعتها المملكة من مواردها الخاصة، ولكنها كانت لا تزال أقل من قوات المسلمين، تراجع الأيوبيون بشكل غير متوقع إلى عين جالوت. رغم وجود بضع الغارات الأيوبية، بما في ذلك الهجمات على زرعين والطيبة وجبل طابور، لم يشارك الصليبيون بكامل قواتهم في معركة العفولة، التي قاد فيها صلاح الدين رجاله عبر النهر منسحبًا ببطء.[117] ومع ذلك، أثارت المزيد من الهجمات الصليبية غضب صلاح الدين الأيوبي. فقد استمر أرناط آل شاتيون يهاجم القوافل التجارية العائدة للمسلمين وطرق الحج بأسطول في البحر الأحمر، وهو الممر المائي الذي كان من اللازم لصلاح الدين بقائه مفتوحًا. وردًا على ذلك، بنى صلاح الدين أسطولاً من 30 سفينة لمهاجمة بيروت في عام 1182م. هدد رينالد بمهاجمة مدن المسلمين المقدسة مكة والمدينة المنورة، وهو ما رد عليه صلاح الدين بمحاصرة الكرك قلعة أرناط الحصينة مرتين، عامي 1183 و1184، فردّ رينالد بنهب قافلة حجيج عام 1185، ووفقًا لمؤرخ القرن الثالث عشر الإفرنجي وليم الصوري، فقد قبض أرناط على أخت صلاح الدين في تلك الغارة على القافلة،[130] وهو ما لم تثبته المصادر المعاصرة، سواءً الإسلامية أو الأوروبية، وذكرت بدلاً من ذلك أن أرناط هاجم القافلة، وأن جند صلاح الدين حموا شقيقته وابنها حتى وصلوا دون أي ضرر. بعد أن استعصى حصن الكرك المنيع على صلاح الدين أدار وجهه وجهة أخرى وعاود مهاجمة عز الدين مسعود بن مودود الزنكي في نواحي الموصل التي كان قد بدأت جهوده في ضمها سنة 1182م، إلا أن تحالف عز الدين مع حاكم أذربيجان ومملكة جبال، والذي أرسل جنوده عبر جبال زاغروس عام 1185م، جعل صلاح الدين يتردد في هجومه. وحينما علم المدافعون عن الموصل، بأن تعزيزات في طريقها إليهم، ارتفعت معنوياتهم وزادوا من جهودهم، وقد تزامن ذلك مع مرض صلاح الدين، لذا ففي شهر مارس من سنة 1186م، تم التوقيع على معاهدة سلام.[131] [عدل] معركة حطين مقال تفصيلي :معركة حطين غي آل لوزينيان، ملك بيت المقدس (1186–1192)، شهد عهده القصير معركة حطين واسترجاع المسلمين للقدس. كان المرض قد اشتد على ملك بيت المقدس بلدوين الرابع، في سنة 1185م وما لبث أن توفي في ذلك العام بعد أن سمّى ابن شقيقته بلدوين الخامس خلفًا له، لكن الأخير ما لبث أن توفي خلال سنة، فتولّت العرش والدته سيبيلا، التي ما لبثت أن توّجت زوجها الثاني غي آل لوزينيان ملكًا، وكان الأخير قد خُطط له أن يكون وصي العرش بعد بلدوين الرابع، لكن تحالفه مع أرناط وخرقهما للهدنة مع صلاح الدين ومهاجمتهما لقوافل المسلمين التجارية وقوافل الحجاج، الأمر الذي جعل صلاح الدين يُحاصر الكرك، جعلت بلدوين الرابع يعدل عن تسميته خلفًا له بعد مماته.[44] وعندما تولّى غي عرش بيت المقدس ظهرت الانشقاقات بين الصليبين وتوسعت، فلم يكن عدد من الأمراء راضيًا عن توليه، ومن هؤلاء ريموند الثالث "القمص" صاحب طرابلس، الذي دفعه غيظه إلى مراسلة صلاح الدين[132] ومصادقته واتفق معه ألا يحاربه ولا يرفع عليه سيف، فقال له: «أنني أملك طبريا أنزل عليها وأستولي عليها وأنا أتركها لك فتقوى بها على الفرنجة وتضعف قلوبهم». فذهب صلاح الدين ونزل قريبًا من طبريا فسلمها له صاحب طرابلس، وسمع ملك الفرنجة المتوج حديثًا ما حدث، فحشد العامة في البلاد مع عساكر الساحل وسار للقاء صلاح الدين، وانضم إليه صاحب طرابلس ليتستر على فعله.[133] معركة حطين بين الصليبيين والمسلمين. صلاح الدين يُعدم أرناط صاحب الكرك بيده. في يوم السبت 25 ربيع الآخر سنة 583هـ، الموافق فيه 5 يوليو سنة 1187م، نزل الصليبيون قرون حطين،[129] وكان صلاح الدين قد سبقهم إلى هناك وتمركز جيشه في المنطقة العليا منها حيث نبع المياه، وكانت تجهيزات الفرنجة الحربية الثقيلة هي سبب تأخرهم في الوصول، ولمّا حصل ووصلوا إلى الموقع كانوا هالكين من العطش لدرجة أنهم شربوا الخمر بدلاً من الماء فسكر منهم الكثير، وهاجموا جيش صلاح الدين فقُتل من الفريقين عدد من الجنود، وكان الصليبيون متحمسين في البداية للحصول على الماء فهزموا المسلمين في أول النهار ولكن دارت الدوائر في آخر النهار، فإنقض الأيوبيون على الجيش الصليبي ومزقوا صفوفه، واستمرت المعركة ساعات طويلة، وما أن انقشع غبارها حتى تبيّن مدى الكارثة التي لحقت بالصليبيين، فقد خسروا زهرة شباب جنودهم، وقُتل العديد من الفرسان والضبّاط المخضرمين، ووقع الملك غي آل لوزينيان وأخوه وأرناط صاحب الكرك وغيرهم من كبار الصليبيين بالأسر.[6][134] أما ريموند الثالث صاحب طرابلس، فقد تظاهر بالهجوم على المسلمين، فمر بين صفوفهم وذهب ولم يرجع كأنه أنهزم، واتجه إلى مدينة صور ومكث بها. بعد هذا النصر جلس صلاح الدين في خيمته، وأمر بإحضار الملك غي وأخوه وأرناط، فلمّا مثلوا أمامه قدّم للملك شربة من جلاّب وثلج، فشربها وكان على أشد حال من العطش، ثم ناولها لأرناط، فقال صلاح الدين للترجمان: «إنما ناولتك، ولم آذن لك أن تسقيه، هذا لا عهد له عندي»،[135] وذلك كون العادة السائدة كانت أنه لو شرب الأسير أو أكل من مال من أسره أمن، وكان صلاح الدين قد نذر أنه لو ظفر بأرناط قتله بعد أن قتل من المسلمين خلقًا كثيرًا.[6] بعد ذلك أمر صلاح الدين بإحضار بعض الطعام للملك غي، وما أن انتهى حتى أمر بإحضار أرناط، وأوقفه بين يديه ثم قال له: «نعم أنا أنوب عن رسول الله في الانتصار لأمته»،[135] ودعاه إلى اعتناق الإسلام، فرفض وقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي محمد، فسلّ صلاح الدين سيفه ودق عنق أرناط، وأمسكه الجنود وأخرجوا جثته ورموها على باب الخيمة، ورآه الملك غي يتخبط في دمائه ويلفظ أنفاسه الأخيرة فخاف وشحب لونه معتقدًا أنه لاحق به،[134] فاستحضره صلاح الدين وطيّب قلبه وقال له: أنا أحدثك حديث الأمراء، لا تخاف يا ملك فلن تموت اليوم، بل تحيا ولو بقي في قومك بقية كنت أملكك عليهم وأساعدك بمالي ورجالي طول أيام حياتك. إن سبب ما فعلته به أن الكرك كانت طريق التجار والمسافرين فكان يعتدى على القوافل بظلم وعنف، وكان ملوك المسلمين نور الدين وغيره يطلبون الصلح معه ليخففوا ضرره على المسلمين، فكان يوافقهم مرة ولا يعتدي على التجار وألف مرة يعتدي. فلما تملّكت وحكمت البلاد أرسلت له وهاديته بمال كثير وخلع.. فحلف لرسولي أنه لن يؤذي المسلمين وسيترك التجار بلا ضرر ويمهد لهم الطريق ولن يعتدي أي واحد من أصحابه عليهم، وبعد الصلح بثلاثة أيام عبرت قافلة قاصدة دمشق فساقها بجمالها ورجالها وأموالها وذهب بها إلى الكرك فأسر رجالها وأخذ الأموال فلما عرفت بأمر نقوضه العهد كتمت الغيظ ونذرت لله أنني متى ظفرت به أذبحه واقطع رقبته، فلا تلومني يا ملك.[136] صلاح الدين وغي آل لوزينيان بعد معركة حطين. ثم استدعى خادمه وسأله أن يحضر شراب فجاء به فأخذه بيده وشرب منه وناوله للملك فشربه وأعطى له ولأصحابه خيمة وجعل عليها حراسًا لحراسته واحتفظ به، وأرسله إلى دمشق أسيرًا، يرافقه القاضي ابن أبي عصرون، حتى تنتهي الحرب وتُفتتح القدس، وأرسل معه أيضًا صليب الصلبوت، وهو الصليب الأعظم عند الصليبيين والذي قيل بأن فيه قطعة من الخشبة التي صُلب عليها المسيح، وكان يُغلّف بالذهب واللآلئ والجواهر النفسية، وكان يتقدم الجيش الصليبي على الدوام، وحملوه معهم يوم حطين، وأودع في قلعة دمشق عند وصوله
|
|
02-17-2012, 01:45 PM | رقم المشاركة : 19 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
تحرير الساحل الشامي
حصار الأيوبيين لمدينة يافا. رأى صلاح الدين ألا يتوجه مباشرة لفتح القدس بعد انتصار حطين، وإنما رأى أنه من الأسلم أن يسير لفتح مدن الساحل ومن ثم الهجوم على القدس، فرحل طالبًا عكا وكان نزوله عليها يوم الأربعاء، وقاتل الصليبيين بها بكرة يوم الخميس مستهل جمادى الأولى سنة 583هـ، فأخذها وأنقذ من كان بها من أسرى المسلمين، وكانوا أكثر من 4 آلاف شخص،[6][135] واستولى على ما فيها من الأموال والذخائر والبضائع كونها كانت المرفأ التجاري الرئيسي للصليبيين ونافذتهم على وطنهم الأم في أوروبا. ثم تفرقت الجنود الأيوبية في الساحل يأخذون الحصون والقلاع والأماكن المنيعة، ففتحوا نابلس وحيفا والناصرة وقيسارية وصفورية[138] بعد أن خلا معظمها من الرجال إما لمصرعهم على أرض المعركة أو لوقوعهم في الأسر أو لهربهم من أمام الجيش الأيوبي بعد أن قل عددهم.[6] ولمّا استقرت قواعد عكا، قسّم صلاح الدين أموالها بين أهلها، وأبقى بعض القادة الصليبيين في الأسر وأطلق سراح بعض الجنود، ثم سار يطلب قلعة تبنين، فوصلها يوم الأحد في 11 جمادى الأولى من نفس السنة، فنصب عليها المناجيق وضيّق عليها الحصار، وقاومت حاميتها مقاومة عنيفة قبل أن تستسلم ويدخلها الجيش الأيوبي، ثم ارتحل بعد ذلك قاصدًا صيدا وتسلمها في اليوم التالي لوصوله.[6][138] وفي أثناء توجه صلاح الدين لفتح بيروت في سنة 1187م، لقيه الأمير جمال الدين حجي التنوخي في بلدة خلدة وسار معه لحصار المدينة، فضرب الإثنان عليها الحصار ودخلوها بعد 7 أيام، وكافأ صلاح الدين الأمير التنوخي على ولائه له وثبته على إقطاعات آبائه وأجداده وزاد عليها حتى شملت منطقة الغرب كلها، الممتدة من جنوبي بيروت حتى أعالي جبل لبنان، وكذلك فعل مع الأمراء الشهابيين في سهل البقاع، فقد كان هؤلاء يقاتلون الصليبيين طيلة فترة من الزمن انتهت باستيلائهم على حاصبيا وما حولها، فسُرّ صلاح الدين بذلك وولّى الأمير منقذ الشهابي على البلاد التي فتحها.[44] وفي أثناء حصار صلاح الدين لبيروت، كانت فرقة عسكرية أيوبية قد استرجعت جبيل من أيدي الصليبيين، ولمّا فرغ من هذا الجانب رأى أن قصده عسقلان أولى لأن حصارها وفتحها أيسر من حصار صور، فأتى عسقلان وتسلّم في طريقه إليها مواقع كثيرة كالرملة والدراوم، وأقام في عسقلان المناجيق وقاتلها قتالاً شديدًا حتى استسلمت حاميتها، وأقام عليها إلى أن تسلّم أصحابه غزة وبيت جبرين والنطرون بغير قتال، وهكذا كان صلاح الدين قد استرجع أغلب ساحل الشام، ولم يصمد في وجهه غير مدينتيّ طرابلس وصور وقسمًا من إمارة أنطاكية.[139] [عدل] فتح القدس مقال تفصيلي :حصار القدس (1187) صلاح الدين وقد ضرب الحصار على القدس. ظل صلاح الدين في عسقلان حتى نظم إدارتها وسلمها إلى أحد مماليكه واسمه علم الدين قيصر، وأعطاه ولاية عسقلان والقطاع الذي حولها ورحل منها وتوجه إلى القدس لفتحها، ووصلها يوم الخميس في 11 رجب سنة 583هـ، الموافق فيه 20 سبتمبر سنة 1187م، من جهة عين سلوان حتى يكون الماء قريب من جيشه وأمر جنده بمحاصرة المدينة في هيئة دائرية، وصلى المسلمين على الجبل الذي حولها يوم الجمعة، وزحفوا للقتال بعد الصلاة، ولم يكن في المدينة المقدسة قوة كبيرة لحمايتها من الهجوم الأيوبي، حيث لم يزيد عدد الجنود عن 1400 جندي، أما الباقون فكانوا من الفقراء والأهالي الذين لا خبرة لديهم في القتال وكان باليان بن بارزان فارس من فرسان الفرنجة الكبار يسكن مدينة القدس ويتولى شؤونها منذ أن غادرها الملك غي، وكان باليان هذا هو صاحب مدينة الرملة،[138][140] وقاد القتال في ذلك اليوم وإنضم إليه الكهنة والشمامسة، وكان ماهرًا في إدارة القتال وتوجيه المقاتلين أمام قوات صلاح الدين، وكان خوفه الأكبر أن يقتل المسلمين كل مسيحيي القدس عند دخولهم كما فعل الصليبيون عندما فتحوا المدينة قبل ما يزيد عن قرن من الزمن، فحث السكان أن يدافعوا عن حياتهم ومقدساتهم حتى الرمق الأخير، وعندما أرسل له صلاح الدين أن يسلم المدينة ويطلب الأمان لم يفعل، وأصر على القتال واستمر في الحرب لمدة 14 يومًا.[139] ولما رأى صلاح الدين أن الحرب ستكون شديدة ولم يقدر على احتلال مدينة القدس، أحضر يوسف البطيط، وهو رجل مسيحي أرثوذكسي مقدسي، انتقل إلى مدينة دمشق وسكن فيها وكان له معرفة بأمراء مسلمين وفرنجة، وكان ممن يعرفهم صلاح الدين، وكان يعرف كذلك أبوه وعمه أسد الدين شيركوه وهم بدمشق في خدمة نور الدين زنكي قبل أن يحكموا مصر،[139] ولما ملك صلاح الدين مصر وحكمها، جاء إليهم ليعمل معهم فاستخدمه الملك العادل أبو بكر أخو صلاح الدين وأعطاه عطايا، وسكنًا في قصر الخليفة في قاعة باب الذهب في القصر الشرقي بالقاهرة، واستخدمه صلاح الدين لمراسلة الفرنجة، وكان يعرف أحوال البلاد وأهلها كما كان يعرف كبار فرسان تلك البلاد، فطلب منه أن يتفق مع المسيحيين الأرثوذكس من عرب وروم يوعدهم بالخير والعفو عنهم إذا لم يساعدوا الفرنجة في القتال وأن يسلموا المدينة لصلاح الدين من الجهة التي يسكنون بها في القدس فيُهلكوا الفرنجة،[139] الذين رفض صلاح الدين أن يعفي عنهم بحال فتح المدينة، حتى هدد باليان بقتل الرهائن المسلمين، والذين يُقدّر عددهم بأربعة الآف مسلم، وتدمير الأماكن الإسلامية المقدسة، أي قبة الصخرة والمسجد القبلي، الذان يُشكلان المسجد الأقصى، إذا لم يعف صلاح الدين عنهم.[141] باليان بن بارزان صاحب الرملة ونابلس وحامي القدس، يُسلّم المدينة للسلطان صلاح الدين الأيوبي. السكّان الفرنجة بين يديّ صلاح الدين بعد استرجاعه للقدس. استشار صلاح الدين الأيوبي مجلسه وقبل هذه الشروط، على أن يتم دفع فدية على كل من فيها مقدارها عشرة دنانير من كل رجل وخمسه دنانير من كل امرأة ودينارين عن كل صبي وكل صبية لم يبلغ سن الرشد، فمن أدى ما عليه في المهلة التي قدرها أربعين يومًا، صار حرًا.[138] ثم سمح صلاح الدين بعد أن إنقضت المهلة لمن لم يستطع الدفع منهم بالمغادرة دون فدية،[142][143] ولكن تم بيع معظم المقاتلة منهم عبيدًا.[144] دخل صلاح الدين المدينة في ليلة المعراج يوم 27 رجب سنة 583هـ، الموافق فيه 2 أكتوبر سنة 1187م، وسمح لليهود بالعودة للمدينة،[145] وهو ما دفع سكان عسقلان من اليهود لاستيطان القدس.[146] وأغلق صلاح الدين كنيسة القيامة بوجه الفرنجة بعد فتح المدينة، وأمر بترميم المحراب العمري القديم وحمل منبر مليح من حلب كان الملك نور الدين محمود بن زنكي قد أمر بصنعه ليوضع في المسجد الأقصى متى فُتح بيت المقدس، فأمر صلاح الدين بحمله من حلب ونُصب بالمسجد الأقصى،[138] وأزيل ما هناك من آثار مسيحية منها الصليب الذي رفعه الإفرنج على قبة المسجد، وغُسلت الصخرة المقدسة بعدة أحمال ماء ورد وبُخّرت وفُرشت ورُتّب في المسجد من يقوم بوظائفه وجُعلت به مدرسة للفقهاء الشافعية، ثم أعاد صلاح الدين فتح الكنيسة وقرر على من يرد إليها من الفرنج ضريبة يؤديها.[139] وقد ابتهج المسلمون ابتهاجًا عظيمًا بعودة القدس إلى ربوع الأراضي الإسلامية والخلافة العباسية، وحضر ناس كثيرون ليسلموا على السلطان ومن هؤلاء الرشيد أبو محمد عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن مفرج النابلسي، الشاعر المشهور، فأنشد صلاح الدين قصيدة طويلة من مائة بيت يمدحه ويُهنئه بالفتح،[6] ومما جاء في القصيدة: هذا الذي كانت الآمال تَنْتَظِرُفَلْيوفِ لله أقوامٌ بما نَذَرهذا الفتوحُ الذي جاء الزمانُ بهإليك من هفوات الدهر يعتذرُتَجُلّ علياه عن دح يُحيط بهوصفٌ وإن نظم المّدَاح أو نثروالقد فتحتَ عَصيّاً من ثُغورهمُلولاك ما هُدَّ من أركانها حَجَرُ[عدل] حصار صور وعكا مقال تفصيلي :حصار عكا حصار صور من قبل الجيش الأيوبي سنة 1187. كان معظم أمراء الفرنجة وفرسانها يذهبون إلى المدن الحصينة التي ما زالت في أيديهم مثل أنطاكية وصور، وكانت الأخيرة يحكمها ملك من ملوك أوروبا هو كونراد مركيز مونفيراتو، ويقول البعض أنه رومي ابن اخت إمبراطور القسطنطينية.[139] وكانت صور أكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية من القدس، لذا كان من المتوقع أن يقوم صلاح الدين بفتحها أولاً، لكنه فضّل استرجاع المدينة المقدسة أولاً ليرفع من معنويات المسلمين قبل التوجه لحصار المدينة المحصنة. وقبل حصار صور توجّه صلاح الدين بجيشة إلى قلعة صفد وحاصرها سبعة شهور، ولمّا نفذ الطعام وجاعت الحامية إضطروا أن يسلموا القلعة له وطلب الأمان، وعندما غادرها جنود الفرنجة وفرسانهم ذهبوا إلى صور وكانت كل قلعة أو حصن أو مدينة تطلب الأمان ويسلمونها إلى صلاح الدين، كان الفرنجة يغادرونها إلى صور فقويت بوجود فرسان الفرنجة فيها، فصمدت في وجه صلاح الدين سنة كاملة، أضف إلى ذلك أن المركيز ظلّ يقوّي ويحمي ويدبر احتياجات المدينة طيلة أيام الحصار، حتى دبّ اليأس إلى فؤاد السلطان، ففك الحصار عنها مؤجلاً تحقيق الفتح إلى فرصة قادمة. وفي سنة 1188م أطلق صلاح الدين سراح الملك غي آل لوزينيان وأعاده إلى زوجته سيبيلا، فذهبا ليعيشا في طرابلس، ثم توجها إلى أنطاكية، قبل أن يُقررا الذهاب إلى صور، لكن كونراد رفض السماح لهما بالدخول إلى المدينة كونه لم يعترف بشرعيّة ملكيّة غي.[139] حصار عكا. وبعد أن انصرف صلاح الدين عن صفد واصل فتح المدن والقلاع ففتح جبلة واللاذقية وحصون صهيون وبكاس والشغر وسرمينية وبرزية ودرب ساك والكرك وكوكب، كما سعى بوهمند الثالث صاحب أنطاكية لمهادنة صلاح الدين لمدة ثمانية أشهر، فقبل صلاح الدين ذلك على أن يطلق بوهمند من عنده من أسرى المسلمين.[147] لما ضجت صور بمن لجأ إليها من الفرنجة، قام بعض رهبانهم وقسسهم بشحن الفرنجة للثأر لفقدان بيت المقدس، فرأوا أن يهاجموا عكا، فجمعوا قواتهم وضربوا عليها حصارًا بريًا بحريًا في 15 رجب 585 هـ الموافق 28 أغسطس 1189م.[148] استنجدت حامية المدينة بصلاح الدين فأرسل إلى عماله وحلفاؤه يطالبهم بالاسراع إلى نجدة المدينة، فوافاه عسكر الموصل وآمد وسنجار وغيرها من بلاد الجزيرة وحران والرُّها، كما وافاه أخاه الملك العادل أبي بكر بن أيوب في جند مصر والأسطول المصري بقيادة حسام الدين لؤلؤ، فدارت بين الفريقين معارك عظيمة لم يكتب فيها الغلبة لأي من الفريقين.[148] [عدل] الحملة الصليبية الثالثة مقال تفصيلي :الحملة الصليبية الثالثة السلطنة الأيوبية بعد استرجاع بيت المقدس وساحل الشام، وعند وصول الحملة الصليبية الثالثة. كانت معركة حطين وفتح القدس سببين رئيسيين لخروج الحملة الصليبية الثالثة، حيث حثّ البابا غريغوري الثامن ملوك أوروبا على شن حملة صليبية جديدة لاستعادة بيت المقدس، فكان أول من لبى النداء الإمبراطور الألماني فريدريش بربروسا الإمبراطور الروماني المقدس الذي سار بجيشه برًا عبر المجر ورومانيا حتى بلغ القسطنطينية، والتي كان إمبراطورها إسحق الثاني قد تحالف سرًا مع صلاح الدين، ألاّ يسمح أحدهما لأي قوّات بتهديد أراضي الآخر، إلا أنه لم يقوى على منع قوات فريدريش لكثرة عددهم، لكنه لم يسمح بتزويدهم بالمؤن. راسل فريدريش أبناء سلطان سلاجقة الروم قلج أرسلان الثاني وقد كانوا قد حجروا على أبيهم، للمرور من خلال أراضيهم، فسمحوا له، وأرسل قلج أرسلان الثاني يعتذر لصلاح الدين على عدم قدرته على منع الألمان من المرور من أراضيه، فبلغت الرسل صلاح الدين وهو يحاصر عكا.[149] رغم ذلك، فقد فشلت حملة فريدريش في الوصول إلى الشرق، لطول المسافة وحلول الشتاء على الجيش المرتحل ومقاومة بعض أمراء المناطق التي مرت بها الحملة للجيش الغازي وقلة المؤن، خاصة بعد امتناع إسحق الثاني إمبراطور الروم عن إمدادهم بالمؤن، إضافة إلى غرق فريدريش بربروسا نفسه في أحد الأنهار بالقرب من أنطاكية، والخلافات التي تبعت وفاته على من يخلفه، وقد أثارت أنباء فشل حملة بربروسا الغبطة في المعسكر المسلم المدافع عن عكا.[149] "إعدام السراسنة"، رسم يُظهر الملك ريتشارد الأول "قلب الأسد" وهو يُعدم السجناء المسلمين بعد استرجاعه مدينة عكا. لم تتوقف الحملة عند ذلك، بل تصدى لتلك الحملة أيضًا ملكان من أكبر ملوك أوروبا في ذلك الوقت هما ريِتشارد الأول "قلب الأسد" ملك إنگلترا وفيليپ أغسطس ملك فرنسا، اللذان مُوِّلاها بفرض ضريبة خاصة عُرفت بعشور صلاح الدين (بالإنگليزية: Saladin tithe؛ وبالفرنسية: Dîme saladine) في إنگلترا وأجزاء من فرنسا، وانضما إلى حصار عكا، التي سقطت في عام 587هـ، الموافق لعام 1191م، أمام القوات التي يقودها ريتشارد، وأُعدم فيها ثلاثة آلاف سجين مسلم منهم نساء وأطفال.[150][151] ردّ صلاح الدين بقتل كل الفرنجة الذين أسرهم بين 28 أغسطس و 10 سبتمبر، وقد كتب بهاء الدين بن شداد "وبينما كنا هناك أحضروا اثنين من الفرنجة الذين تم أسرهم إلى السلطان صلاح الدين، وعلى الفور أمر بقطع رؤوسهم."[152] وفي 15 شعبان سنة 587هـ، الموافق فيه 7 سبتمبر سنة 1191م، اشتبكت جيوش صلاح الدين مع جيوش الصليبيين بقيادة ريتشارد قلب الأسد في معركة أرسوف التي انهزم فيها صلاح الدين،[153] إلا أن الصليبيين لم يتمكنوا من التوغل في الداخل وبقوا على الساحل، وبقيت الحرب سجال بين الفريقين، وفشلت كل محاولات الفرنجة لغزو القدس. لجأ الفريقان بعد ذلك إلى الصلح، وعقدت هدنة في 20 شعبان سنة 588هـ، الموافق فيه 1 سبتمبر سنة 1192م، لمدة ثلاث سنوات وثمانية أشهر تبدأ من ذاك التاريخ، بعد أن أجهدت الحرب الفريقين، التي بموجبها تنحصر مملكة بيت المقدس الصليبية في شريط ساحلي ما بين يافا وصور، وتظل القدس في أيدي المسلمين مع السماح للمسيحيين بالحج إليها.[154] ومع ذلك، كانت علاقة صلاح الدين مع ريتشارد يسودها الاحترام المتبادل والشهامة بعيدًا عن التنافس العسكري، فعندما أصيب ريتشارد بالحمى، عرض صلاح الدين الأيوبي عليه خدمات طبيبه الشخصي، وأرسل إليه فاكهة مثلجة. وفي أرسوف، عندما فقد ريتشارد جواده، أرسل إليه صلاح الدين الأيوبي اثنين محله. كما عرض ريتشارد على صلاح الدين فلسطين موحدة للمسيحيين الأوروبيون والمسلمين عن طريق تزويج أخت ريتشارد الأول بأخو صلاح الدين وأن تكون القدس هدية زفافهما، على أن يكون ما فتحه المسلمون تحت حكم العادل وما بيد الفرنجة تحت حكم أخت ريتشارد، إلا أن الأمر لم يتم.[153] إلا أن الرجلين لم يلتقيا أبدًا وجهًا لوجه وكان التواصل بينهما بالكتابة أو بالرسل. ولما تم الصلح سار صلاح الدين إلى بيت المقدس وحصّن أسوارها، وأدخل كنيسة صهيون داخل أسوارها، وبنى فيها مدرسة ورباطًا للخيل وبيمارستان، وغير ذلك من المصالح، وقضى بالمدينة شهر رمضان من سنة 588هـ، ثم تركها في 5 شوال متوجهًا إلى دمشق حيث قضى آخر أيامه.[154] [عدل] وفاته صورة صلاح الدين معلقة على ضريحه بدمشق. قبر صلاح الدين في دمشق. كانت المواجهة مع الملك ريتشارد ومعاهدة الرملة آخر أعمال صلاح الدين، إذ أنه بعد وقت قصير من رحيل ريتشارد، مرض صلاح الدين بالحمى الصفراوية يوم السبت في 20 فبراير سنة 1193م، الموافق فيه 16 صفر سنة 589هـ، وأصابه أرق فلم ينم الليل إلا قليلاً، وأخذ المرض يشتد ويزيد، حتى قال طبيبه الخاص، أن أجل السلطان أصبح قاب قوسين أو أدنى، واستمر المرض يشتد حتى انتهى إلى غاية الضعف، وبعد تسعة أيام حدثت له غشية وامتنع من تناول المشروب، ولمّا كان اليوم العاشر حُقن دفعتين، وحصل له من الحقن بعض الراحة، لكنه عاد واشتد عليه المرض حتى يأس الأطباء من حاله.[6] توفي صلاح الدين فجر يوم الأربعاء في 3 مارس سنة 1193م، الموافق فيه 27 صفر سنة 589هـ، فأفجع موته المسلمين عمومًا والدمشقيين خصوصًا، وبكاه الكثيرون عند تشييعه وقيل إن العاقل حتى كان ليُخيل له أن الدنيا كلها تصيح صوتًا واحدًا من شدة البكاء، وغشي الناس ما شغلهم عن الصلاة عليه، وتأسف الناس عليه حتى الفرنج لما كان من صدق وفائه،[155] ودُفن بعد صلاة عصر ذلك اليوم في المدرسة العزيزية قرب المسجد الأموي في دمشق، إلى جوار الملك نور الدين زنكي، وعندما فُتحت خزانته الشخصية لم يكن فيها ما يكفي من المال لجنازته، فلم يكن فيها سوى سبعة وأربعين درهمًا ناصريًا ودينارًا واحدًا ذهبًا، ولم يخلف ملكًا ولا دارًا، إذ كان قد أنفق معظم ماله في الصدقات.[156] في ساعة موته، كتب القاضي الفاضل، قاضي دمشق، إلى ولده الملك الظاهر صاحب حلب رسالة قال فيها: «﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾۞﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ كتبت إلى مولانا الملك الظاهر أحسن الله عزاءه، وجبر مصابه، وجعل فيه الخلف من السلف في الساعة المذكورة وقد زلزل المسلمون زلزالاً شديدًا، وقد حضرت الدموع المحاجر، وبلغت القلوب الحناجر، وقد ودعت أباك ومخدومي وداعًا لا تلاقي بعده وقبلت وجهه عني وعنك، وأسلمته إلى الله وحده مغلوب الحيلة، ضعيف القوة، راضيًا عن الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وبالباب من الجنود المجندة، والأسلحة المعمدة ما لم يدفع البلاء، ولا ما يرد القضاء، تدمع العين، ويخشع القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وأنا بك يا يوسف لمحزونون. وأما الوصايا، فما تحتاج إليها، والأراء، فقد شغلني المصاب عنها، وأما لائح الأمر، فإنه إن وقع اتفاق، فما عدمتم إلا شخصه الكريم، وإن كان غير ذلك، فالمصائب المستقبلة أهونها موته، وهو الهول العظيم والسلام».[155] مقام صلاح الدين. وكان ڤيلهلم الثاني إمبراطور ألمانيا عندما زار دمشق توجه إلى مدفن صلاح الدين ووضع باقة زهور جنائزية على قبره عليها نقش معناه "ملك بلا خوف ولا ملامة، علّم خصومه الفروسية الحقيقية"،[157] كما أهدى نعشًا رخاميًا للضريح إلا أن جثمان صلاح الدين لم يُنقل إليه، وبقي في النعش الخشبي، وذلك لأن الإسلام يُحّرم نبش القبور وإخراج الأموات لأغراض غير شرعيّة ويُصنّف ذلك انتهاكًا لحرمة القبر، لهذا بقي النعش الهدية في الضريح خاويًا إلى اليوم. [عدل] الدولة الأيوبيّة بعد صلاح الدين قسّم صلاح الدين دولته قبل وفاته بين أولاده وأفراد من عائلته، فجعل إمارة دمشق لابنه الأفضل نور الدين علي، وهو أكبر أولاده، وأوصى له بالسلطنة، وجعل الديار المصرية لولده العزيز عثمان، وإمارة حلب لولده الظاهر غازي غياث الدين، وترك الكرك والشوبك وبلاد جعبر وبلدانًا كثيرة قاطع الفرات لأخيه العادل، وحماة لابن أخيه محمد بن تقي الدين عمر، وحمص والرحبة وغيرها لحفيد عمه شيركوه، أسد الدين شيركوه بن ناصر، واليمن بمعاقله ومخاليفه في قبضة السلطان ظهير الدين سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخي صلاح الدين.[129] ولم يلبث الخلاف أن دبّ بين أولاد صلاح الدين، مما جعل عمهم العادل يعزلهم ويقوم بتوحيد البيت الأيوبي تحت رايته. وكما فعل صلاح الدين من قبل، فعل أخوه الملك العادل، فقسّم أراضي دولته بين أبنائه وهو على قيد الحياة، ولكن هؤلاء الإخوة لم يكونوا على وفاق بعد وفاة أبيهم، فكانوا يُحاربون بعضهم بعضًا، بالرغم من أن الصليبيين كانوا يفيدون من هذا الخلاف، وبعدهم جاء أولادهم، فلم يكونوا خيرًا من آبائهم في صلاتهم فيما بينهم وبين أبناء عمهم، ولكن واحدًا منهم استطاع أن يلمع في ظلام هذا الخلاف، ذلك هو "الصالح أيوب"، حفيد الملك العادل، الذي أعاد توحيد دولة صلاح الدين تحت سلطانه. ولمّا مات الصالح أيوب تولّى ابنه توران شاه السلطنة، لكن مماليكه ائتمروا به وقتلوه، ثمّ نصبوا زوجة أبيه "شجرة الدر" سلطانة عليهم، وبهذا زالت الدولة الأيوبيّة في مصر وقامت مكانها دولة المماليك.[158] [عدل] أسرته وفقًا لعماد الدين الأصفهاني، فقد أنجب صلاح الدين الأيوبي خمسة أبناء قبل مغادرته مصر في عام 1174م. ابنه الأكبر الأفضل وُلد في عام 1170م وأنجبت له زوجته شمسة التي اصطحبها معه إلى الشام ولده عثمان، وُلد في عام 1172م في مصر، ثم أنجبت طفلاً آخر في عام 1177م. بينما ذكر أبو العباس القلقشندي، أن ولده الثاني عشر وُلد في مايو سنة 1178م، بينما ذكر الأصفهاني، أن هذا الطفل كان ابن صلاح الدين السابع. كما وُلد له مسعود في عام 1175م ويعقوب في عام 1176م، وهذا الأخير من زوجته شمسة. تزوج صلاح الدين من أرملة نور الدين زنكي عصمة الدين خاتون في سبتمبر سنة 1176م، وانجبت له إحدى زوجاته غازي وداود في عامي 1173م و1178م على التوالي، وأنجبت له أخرى إسحق في عام 1174م وولدًا آخر في شهر يوليو من سنة 1182م.[159] [عدل] صلاح الدين في التراث [عدل] في الوعي العربي شعار مصر الحالي هو العقاب المصري الذي اكتشف في قلعة صلاح الدين بالقاهرة. بالرغم من أن الدولة التي أسساها صلاح الدين لم تدم طويلاً من بعده، إلا أن صلاح الدين يُعَدُّ في الوعي العربي الإسلامي محرر القدس، ومع تصاعد مشاعر القومية العربية في القرن العشرين، ولا سيما في وجود الصراع العربي الإسرائيلي، اكتسبت بطولة صلاح الدين وقيادته أهمية جديدة، فقد كان في تحريره للقدس من الصليبيين مصدر إلهام لمعارضة العرب في العصر الحديث للصهيونية. كما استلهمت شخصيته في الملاحم والأشعار وحتى مناهج التربية الوطنية في الدول العربية، كما أُلِّفَت عشرات الكتب عن سيرته، وتناولتها المسرحيات والتمثيليات والأعمال الدرامية. لا يزال صلاح الدين يضرب به المثل كقائد مسلم مثالي واجه أعداءه بحسم ليحرر أراضي المسلمين، دون تفريط في الشهامة والأخلاق الرفيعة. تمثال صلاح الدين في دمشق بالقرب من قلعتها. علاوة على ذلك، كان ينظر إلى وحدة العالم العربي تحت راية صلاح الدين رمزًا مثاليًا للوحدة الجديدة التي سعى إليها القوميون العرب، بقيادة جمال عبد الناصر. لهذا السبب، أصبح عقاب صلاح الدين رمزًا لثورة مصر،[160] واعتمد لاحقًا كشعار لعدد من الدول العربية الأخرى مثل العراق وفلسطين واليمن وسوريا. بل إن هناك محافظة في العراق سُمّيت على اسمه، إضافة إلى جامعة صلاح الدين في أربيل أكبر مدن كردستان العراق. هناك عدد قليل من المباني منذ عهد صلاح الدين ما زالت باقية، داخل المدن الحديثة. فقد كان صلاح الدين الأيوبي أول من حصّن قلعة القاهرة (1175-1183). ومن بين الحصون التي بناها "قلعة الجندي" في سيناء، والتي تطل على طرق القوافل التي يربط مصر بالشرق الأوسط، داخل تلك القلعة، عثر فريق آثار فرنسي عام 1909م، على عدد من الغرف المقببة الكبيرة المنحوتة في الصخر، بها بقايا متاجر وصهاريج مياه.[161] كذلك يُطلق بعض المسلمين على أولادهم الذكور اسم "صلاح الدين" تيمنًا بهذا القائد، على الرغم من أن هذا الاسم كان لقبًا للسلطان الأيوبي خُلع عليه بعد إسقاطه الدولة الفاطمية وقتاله الصليبيين.
|
|
02-17-2012, 01:48 PM | رقم المشاركة : 20 |
شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: شخصيات تاريخيه
خالد بن الوليد
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة اذهب إلى: تصفح, البحث خالد بن الوليد قبر خالد بن الوليد في مدينة حمصبطاقة تعريفآخر رتبةقائد جيشالاسم الكاملخالد بن الوليد بن المغيرة المخزوميلقبسيف الله المسلولالانتماء الخلافة الراشديةخدم فيالجيوش الإسلامية زمن الرسول وأبي بكر وعمر.تاريخ الميلاد592 ممكان الميلادمكةتاريخ الوفاة642 م / 21 هـمكان الوفاةحمصمكان الدفنجامع خالد بن الوليدأثناء الخدمةسنوات الخدمة10 هـ / 632 م - 16 هـ / 638 مأهم قياداتحروب الردة - فتح العراق فتح الشام.خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي (توفي سنة 21هـ/642م) صحابي وقائد عسكري مسلم، لقّبه الرسول بسيف الله المسلول.[1] اشتهر بتكتيكاته وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردة وفتح العراق والشام، في عهد خليفتي الرسول أبي بكر وعمر في غضون عدة سنوات من عام 632 حتى عام 636.[2] يعد أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم،[3] فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عدديًا من الإمبراطورية الرومية البيزنطية والإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم،[2] بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى. اشتهر خالد بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامة وأُلّيس والفراض، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجة واليرموك.[4] قبل إسلامه، لعب خالد بن الوليد دورًا حيويًا في انتصار قريش على قوات المسلمين في غزوة أحد، كما شارك ضمن صفوف الأحزاب في غزوة الخندق.[5] ومع ذلك، اعتنق خالد الدين الإسلامي بعد صلح الحديبية، شارك في حملات مختلفة في عهد الرسول، أهمها غزوة مؤتة وفتح مكة. وفي عام 638، وهو في أوج انتصاراته العسكرية، عزله الخليفة عمر بن الخطاب من قيادة الجيوش، ثم انتقل إلى حمص حيث عاش لأقل من أربع سنوات حتى وفاته ودفنه بها. محتويات [أخف]
اسمه كاملآً خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب، المكنّى بأبي سليمان، وقيل: أبو الوليد. يلتقي في النسب مع الرسول في مرة بن كعب الجد السادس للرسول.[6] أبوه: الوليد بن المغيرة سيد بني مخزوم أحد بطون قريش، رفيع النسب والمكانة حتى أنه كان يرفض أن توقد نار غير ناره لإطعام الناس خاصة في مواسم الحج وسوق عكاظ، وأحد أغنى أغنياء مكة في عصره حتى أنه سمّي "بالوحيد" و"بريحانة قريش"، لأن كانت تكسو الكعبة عامًا ويكسوها الوليد وحده عامًا.[7][8] أمه: لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية من بني هلال بن عامر بن صعصعة من هوازن، وهي تلتقي في النسب مع الرسول في مضر بن نزار الجد السابع عشر للرسول.[9] جده لأبيه المغيرة بن عبد الله سيد بني مخزوم، الذي كان الرجل من بني مخزوم يؤثر الانتساب إليه تشرفًا،[7] والذي كان له من الأبناء الكثير، أشهرهم الوليد أبي خالد و"الفاكه" الذي كان له من كرمه بيت ضيافة يأوى إليه بغير استئذان، و"أبو حنيفة" أحد الأربعة الذين أخذوا بأطراف رداء الرسول يوم أن اختلفت قريش عند بناء الكعبة، و"أبو أمية" الملقب "بزاد الركب" لأنه كان يكفي أصحابه مئونتهم في السفر، وهو أبو أم المؤمنين أم سلمة والصحابي المهاجر بن أبي أمية، و"هشام" قائد بني مخزوم في حرب الفجار، والذي أرخت قريش بوفاته، ولم تقم سوقًا بمكة ثلاثًا لحزنها عليه، وهو أبو أبو جهل،[7] و"هاشم" جد الصحابي عمر بن الخطاب لأمه. جدته لأمه هند بنت عوف بن زهير بن الحرث، التي قيل عنها أنها "أكرم عجوز في الأرض أصهاراً"،[10] فهي أم أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث وأم المؤمنين زينب بنت خزيمة وأم الفضل "لبابة الكبرى بنت الحارث" زوج العباس بن عبد المطلب و"أروى بنت عميس" الخثعمية زوج حمزة بن عبد المطلب وأسماء بنت عميس زوج جعفر بن أبي طالب ثم أبي بكر الصديق ثم علي بن أبي طالب.[11] إخوته ستة أخوة وقيل تسعة بين ذكور وإناث،[12] منهم الصحابيان الوليد بن الوليد وهشام بن الوليد، إضافة إلى عمارة بن الوليد الذي عرضته قريش بدلاً على أبي طالب ليسلمهم محمدًا، وهو ما رفضه أبو طالب.[13] مسجد خالد بن الوليد في مدينة حمص والذي يضم قبره. قبيلته بنو مخزوم وهو البطن الذي كان له أمر القبة التي كانت تضرب ليجمع فيها ما يجهّز به الجيش، وأعنة الخيل وهي قيادة الفرسان في حروب قريش.[14] كان لمخزوم عظيم الأثر في قريش، فقد كانوا في ثروتهم وعدتهم وبأسهم أقوى بطون قريش وهو ما كان له أثره في اضطلاعهم وحدهم ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود واليماني، واشتركت قريش كلها في بناء بقية الأركان،[15] وقد اشتهر منهم الكثير في الجاهلية والإسلام ومنهم الشاعر عمر بن أبي ربيعة والتابعي سعيد بن المسيب. وفقًا لعادة أشراف قريش، أرسل خالد إلى الصحراء، ليربّى على يدي مرضعة ويشب صحيحًا في جو الصحراء. وقد عاد لوالديه وهو في سن الخامسة أو السادسة. مرض خالد خلال طفولته مرضًا خفيفًا بالجدري، لكنه ترك بعض الندبات على خده الأيسر.وتعلم خالد الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كان خالد صاحب قوة مفرطة كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ. واستطاع "خالد" أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله من أفضل فرسان عصره.[16] أما صفته، فقد كان خالد طويلاً بائن الطول، عظيم الجسم والهامة يميل إلى البياض،[17] كث اللحية.[18] كان خالد شديد الشبه بعمر بن الخطاب، حتى أن ضعاف النظر كانوا يخلطون بينهما.[17] [عدل] خالد في عهد الرسول محمد [عدل] قبل إسلامه مقال تفصيلي :غزوة أحد لا يعرف الكثير عن خالد خلال فترة الدعوة المحمدية للإسلام في مكة. وبعد هجرة الرسول من مكة إلى المدينة المنورة، دارت العديد من المعارك بين المسلمين وقريش. لم يخض خالد غزوة بدر أولى المعارك الكبرى بين الفريقين، والتي وقع فيها شقيقه الوليد أسيرًا في أيدي المسلمين. وذهب خالد وشقيقه هشام لفداء الوليد في يثرب،[19] إلا أنه وبعد فترة قصيرة من فدائه، أسلم الوليد وهرب إلى يثرب.[20] كانت غزوة أحد أول معارك خالد في الصراع بين القوتين، والتي تولى فيها قيادة ميمنة القرشيين.[21][22] لعب خالد دورًا حيويًا لصالح القرشيين، فقد استطاع تحويل دفة المعركة، بعدما استغل خطأ رماة المسلمين، عندما تركوا جبل الرماة لجمع الغنائم بعد تفوق المسلمين في بداية المعركة.[23] انتهز خالد ذلك الخطأ ليلتف حول جبل الرماة ويهاجم بفرسانه مؤخرة جيش المسلمين، مما جعل الدائرة تدور على المسلمين، وتحوّل هزيمة القرشيين إلى نصر.[24][25] شارك خالد أيضًا في صفوف الأحزاب في غزوة الخندق،[26] وقد تولى هو وعمرو بن العاص تأمين مؤخرة الجيش في مائتي فارس، خوفًا من أن يتعقبهم المسلمون.[27] كما كان على رأس فرسان قريش الذين أرادوا أن يحولوا بين المسلمين ومكة في غزوة الحديبية.[28] [عدل] إسلامه بينما كان المسلمون في مكة لأداء عمرة القضاء في عام 7 هـ، وفقًا للاتفاق الذي أبرم في صلح الحديبية،[29] أرسل الرسول إلى الوليد بن الوليد، وسأله عن خالد، قائلاً له: «ما مثل خالد يجهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين على المشركين كان خيرًا له، ولقدمناه على غيره.»[30] أرسل الوليد إلى خالد برسالة يدعوه فيها للإسلام ولإدراك ما فاته. وافق ذلك الأمر هوى خالد، فعرض على صفوان بن أمية ثم على عكرمة بن أبي جهل الانضمام إليه في رحلته إلى يثرب ليعلن إسلامه، إلا أنهما رفضا ذلك. ثم عرض الأمر على عثمان بن طلحة العبدري، فوافقه إلى ذلك. وبينما هم في طريقهم إلى يثرب، إلتقوا عمرو بن العاص مهاجرًا ليعلن إسلامه، فدخل ثلاثتهم يثرب في صفر عام 8 هـ معلنين إسلامهم،[31][32] وحينها قال الرسول: "إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها".[33] فلما وصل يثرب، قصّ خالد على أبي بكر رؤية رأها في نومه كأنه في بلاد ضيقة مجدبة، فخرج إلى بلاد خضراء واسعة، فقال له: "مخرجك الذي هداك الله للإسلام، والضيق الذي كنت فيه من الشرك".[31][34]
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|