منتدى فتيات الإسلام (خاص للأخوات فقط) |
!~ آخـر 10 مواضيع ~!
|
|
إضغط على
او
لمشاركة اصدقائك! |
|
أدوات الموضوع |
5.00 من 5
عدد المصوتين: 1
|
انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||
|
||||||
إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه. أما بعدُ: الحيض باب عظيم تبرز أهميته في أن عبادة المرأة وكثيراً من مسائل المعاملات متوقّفة على ضبطه، والإلمام بمسائله وأحكامه، ولذلك اعتنى العلماء بهذا الباب، ونبّهوا على أهميّته وأنه ينبغي على طالب العلم والمشتغل بالفقه أن يعتني به أيّما عنايةٍ، حتّى قال الإمام أحمد رحمه الله برحمته الواسعة:"مكثت في الحيض تسع سنين حتى علمته"، يعني هذا الإمام الجليل مكث هذه التسع سنوات حتى ضبط مسائل الحيض... واليوم يأتينا من يقول والله الحيض باب بسيط كلها خمسة أو ستّة أحاديث تحفظها، ولماذا نعقد على الناِس بتعقيدات الفقهاء وتفصيلاتهم وتفريعاتهم؟، نعم هذا شيء والحقيقة شيء آخر، والكلام شيء والواقع شيء آخر، العلم يقول الله تعالى عنه: { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } المزمل 5 ... هي أحاديث محصورة لكن يقول الأئمة إنها تبلغ مائة حديث ولها ما لا يقل عن مائة وخمسين طريقاً، كما ذكر الإمام ابن العربي رحمه الله... وأفرد الأئمة لمسألة من مسائل الحيض يسمونها مسألة المتحيرة، سميت متحيّرة ومحيّرة، يقال: متحيرة في نفسها لأنها ما تدري متى تصلي ومتى تعبد الله، ومتى تصوم ومتى تؤدي عبادتها فهي طاهرة ومتى يحكم بكونها حائضا، فلا يحل لها فعل الصلاة ولا الصوم فهي متحيرة، ولا تدري هل خرجت من عدتها أو لم تخرج، وهل يجوز طلاقها أو لا يجوز طلاقها، فلما تحيّرت قيل لها متحيّرة، ولأنها حيّرت العلماء فقيل لها محيرة، فحيرت العلماء رحمهم الله أفرد بعض الأئمة للمحيّرة وحدها كتاباً مستقلاً، فهذه ليست تفصيلات وتفريعات فمن عند الفقهاء... يا إخوان هناك مسألة مهمة جداً وهي أن الله أعطى الناس العلم فمن مستقلّ ومن مستكثر، من وقف أمام مشكلات الناس والمسائل والفتاوى وعاش دهراً طويلاً يغوص في خضم وغمار تلك الرحمات من نصوص الكتاب والسنة يستنبط منها ثم يعيش واقع الناس في أسئلتهم وفتاويهم تتفرع له من العلم فروع ، { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ } ،إبراهيم 24 فيجد من التفريعات والمسائل، يقول عبد الله ابن مسعود:"ثوروا العلم"، يعني إذا ثورت العلم وفصلت فيه دون تنطع ودون تكلف ودون تشدق فإن الله يفتح عليك... فالذي يأخذ العلم بالتأصيل ويبني على التأصيل تتفرع له الفروع على أصول صحيحة وتنبني على قواعد سليمه يصيب من العلم غايته ويأخذ العلم وجدانه وأحاسيسه، ويعيش في جنة قبل جنة الآخرة يعرفها من يعرفها، هذه الجنة التي عاش العلماء فيها فأصّلوا وقعّدوا وضبطوا وقيّدوا وحرّروا رحمهم الله برحمته الواسعة، فما ملوا ولا سأموا ولا تعبوا ولا كلّوا، كيف يكلَّون وهم يعيشون تلك الرحمات التي يتقربون إلى الله بخوضها ومعرفتها وضبطها للأمة، فهذه التأصيلات من أين جاءت؟،.. جاءت من مسائل الناس، من النوازل ومن المشاكل ولذلك تجد بعض العلماء يأتي ويتكلم في مسألة في البيع على أنها أصل، هناك من يتكلم عن المسألة مثلاً لا يجوز بيع الإنسان لما يملك، هذه أصل المسألة فيها حديث، حديث حكيم ابن حزام وغيره"لا تبع ما ليس عندك"، ثم يأتي الآخر ويقول لا تبع ما ليس عندك، لماذا نهى النبي e عن هذا؟، يربط بأصل عام في الشريعة وهو تحريم أموال المسلمين وعدم جواز الظلم، ثم لمّا يربطه بهذا الأصل العام يأتي شخص آخر ويقول طيّب لو باع مالا يملك، فإما أن يعلم صاحبه وإما أن لا يعلم، طيب لو كان هذا لم يعلم فما حكم بيع المغصوب وما يتفرّع على مسائل الغصب، ثم لو أنه تاب كيف يرد ثم يأخذ يفصل هذه المسائل، من أين جاء هذا التفصيل؟، من مسائل الناس والنوازل... هكذا في الحيض هناك نساء حضن على عهد رسول الله واستحضن حتى التبست عليهن الأمور، فقعد عليه الصلاة والسلام القواعد وبيّن الأصول لباب الحيض، وتفرعت عن هذه الأصول وهذه الأحاديث الجامعة التي أوتيها من جوامع كلمه بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه، وتفرعت من هذه الجوامع مسائل وأحكام ما جاء به العلماء من عندهم، إنما جاءوا بها من دلالة النص، ولذلك تجد الحديث الواحد تستغرب حتى كيف يستنبط منه الحكم؟، وتتعجب تجد العبارة خطابا للمرأة"إنما ذلكِ عرق"،"وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة"،"فاتركي الصلاة"،"دعي الصلاة قدر الأيام التي كنتِ تحيضينهن"،"لتنظري الأيام التي كانت تحيضهن"،"فلتمسك عن الصلاة"، فإذا هي خلفت ذلك فلتصلِ"، الرجوع إلى العادة الرجوع إلى التمييز الرجوع إلى الغالب، هذه المسائل قعدها عليه الصلاة والسلام، لكنها تتفرّع عنها مسائل كثيرة. ومن هنا كان ضبط هذا الباب والعناية به أمراً عظيماً فيه نفع للمسلمين، لأن الحيض تتعلق به عبادات وتتعلق به معاملات، المرأة ما تستطيع أ، تصلي وما تستطيع أن تصوم ولا تدخل المسجد ولا تمسّ المصحف ولا تقرأ القرآن، ولا يجامعها زوجها إذا كانت حائضة، لا يطلقها إذا كانت حائضة طلاقاً السّنّة، والاعتداد لا تعتد بالأشهر مادامت حائضاً.... ثم التبس عليها الأمر هل هي حائضة أو مستحاضة، على كل حال كل هذه المسائل من العبادات والمعاملات وما يتبعها كلها محتاج إليها، وانظر إلى عظيم نفعك للأمة إن ضبطت وأتقنت هذا الباب فنفعت به وانتفعت، ونسأل الله العظيم أن يلهمنا فيه الصواب وأن يجنبنا فيه الزلل، ولذلك نعود ونكرر إلى أن هذه التأصيلات والتفريعات في غالبها جاءت مستقاه ومستنبطه ومبنية على أصول في سنة النبي e، فهمها العلماء ويحتاج طالب العلم إلى ضبطها والإلمام بها حتى يستطيع أن يفتي ويعلّم ويبيّن مسائل الحيض على نور وبصيرة من الله، وإن شاء الله سنبيّن المسائل المتعلّقة بالحيض. الحيض في اللغة مأخوذ من قولهم حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا وإحاضة وأصله العرب السيلان، يقال: حاض الوادي إذا فاض وسال بالماء، وتقول العرب حاضت السمُرة وهي نوع من الشجر إذا سال صِمغها على ساقها، فالحيض السيلان.. وأما في الاصطلاح فدم يرخيه رحم المرأة لغير مرض ولا نفاس. النفاس كما في الصحيح حينما كان النبي صلى الله عليه وسلم مع عائشة رضي الله عنها في حجة الوداع وكانت قد نوت العمرة متمتعة بها، قال عليه الصلاة والسلام لما أصابها الحيض بسرف:"ما لكِ أنُفِسْتِ؟، ذاك شيء كتبه الله على بنات آدم"،"ما لكِ أنُفِسْتِ؟"، يعني هل جاءكِ الحيض فسمى الحيض نفاساً، لأن النفس أصله ويطلق عليه العرب الطمث لأن أصله الدم لأن العرب تسمي الدم بالطمث، ولذلك يقول أطمث المرأة إذا افتض بكارتها لأنه يدميها، كما قال الليث من أئمة اللغة، ومنه قوله تعالى:"لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان" الرحمن 56 ، أي أن حوريات الجنة أبكار لم تفتض بكارتهن من إنس ولا جان.. كذلك يسمى الحيض بالقرء ومنه قوله تعالى على أحـد الوجهين { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء } البقرة 228 ، قيل ثلاثة حيضات وقيل ثلاثة أطهار وهو الصحيح ولكن على القول بأنه حيض من باب تسمية القرء حيضا، وهذا موجود له شواهده في لغة العرب.. ويسمى الضحك وحملوا عليه قوله تعالى: { وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوب} ، كانت قائمة فأصابها دم الحيض على أحد الأوجه، مع أنها طعنت في السن ويئست من المحيض، ولكن الله على كل شيء قدير، كانت ابنة تسعين سنة كما قيل، ومع هذا وهبها الله الـولد لكن الشاهد أن قوله : { فَضَحِكَتْ }قيل ضحكت حقيقة، والمراد بكونها ضحكت قيل ضحكت أن إبراهيم أصابه الخوف ثم جاءته البشرى، كيف كان خائفاً ثم نظرت إليه وقد جاءته البشرى فعجبت من هذا وضحكت كما هو حال القرين مع قرينه، إذا رآه في كرب ثم رآه في فـرح، عجب من اختلاف الحـالين، وقيل ضحكت ضحكة استغراب ، { قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } هود 72 ، الله ما يعجزه شيء، { قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } المؤمنون 88 ، { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } يس 82 ، { فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يس 83 ، سبحانه، لا يعجزه شيء وهو سبحانه وتعالى بيده كل شيء، فالشاهد أنها ضحكت ضحك المتعجب، وقيل ضحكت بمعنى حاضت، يسمى الحيض الإكبار والإعصار والطمس بالسين كلها من أسماء الحيض وأشهرها الستة الأول. التعديل الأخير تم بواسطة همسات مسلمة ; 11-09-2011 الساعة 05:15 AM |
3 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-23-2011, 03:04 AM | رقم المشاركة : 2 |
شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
الفقهاء رحمهم الله تعالى ذكروا بعض الحكم أو فوائد جعل هذا الدم يعتاد المرأة كل شهر مثلاً. قالوا إن الحيض وجد لحكمة تغذية الجنين، ولهذا قالوا لا تحيض الحامل، لأن هذا الدم الذي يأتي المرأة في أوقات معتادة كل شهر في غير وقت الحمل ينصرف أثناء الحمل إلى تغذية الجنين عن طريق الحبل السري . هذه نظرة الفقهاء رحمهم الله تعالى بناء على نظرتهم إلى الدم يأتي في غير وقت الحمل ثم يتوقف أثناء الحمل لا يأتي المرأة . هناك نظرة طبية حديثة كيف يأتي هذا الدم وكيف يتكون ؟ قالوا إن الدورة الشهرية تستغرق في الغالب عند المرأة ثمانية وعشرين يوماً، فيما بعد اليوم الخامس وبداية الدورة وعندما يبدأ الدم بالتوقف أو بالتلاشي تبدأ بأمر الله تعالى تتكون كريات صغيرة في جدار الرحم شئا فشيئا مكونة بطانة لجدار الرحم من أجل أن تستقبل البويضة الملقحة إذا كتاب الله الحمل من أجل أن تعلق بجدار الرحم ثم تبدأ في النزول . فإذا لم يكتب الله تعالى حملاً خلال ما بعد وقت الخصوبة لليوم الحادي عشر تقريبا أو اليوم الرابع أو الخامس عشر تقريباً لمدة أسبوع . بدأت هذه الكرويات الدموية المتكونة في جدار الرحم والتي كونت البطانة الرحمية من أجل استقبال البويضة الملقحة فإن لم يكتب الله لها حملاً انفجرت هذه البويضة، فيخرج بعد انفجارها دم في الرحم ثم ينزل إلى الفرج يخرج. ثم تمر الدورة كل شهر على هذا النوع، حتى يأتي الحمل فالرحم يستقبل البويضة وتعلق بجدار الرحم وتبدأ في النمو ويتوقف حينئذ الدم حتى تحصل الولادة فيما بعد.. على كل حال هو أمر كما جاء في الحديث كتبه الله - تبارك وتعالى - على بنات آدم وينبغي أن تعرف أحكامه وأن تدرس وهو ما يترتب عليه من أحكام . فباب الحيض يحتاج طالب العلم فيه إلى معرفة أنواع النساء، وإذا عرف أنواع النساء بالنسبة للحيض فإنه يمكنه بعد ذلك أن يسأل عن صفة كل نوع، ومتى يُحكم بكون المرأة آخذة حكم هذا النوع أو ذاك، فإذا ضبط أنواع النساء أمكنه بعد ذلك أن يعرف الأحكام المترتبة على كل نوع، والمرأة إما أن تكون مبتدأة وإما أن تكون معتادة، وإما أن تكون مميزة، ثم تخرج عن هذا بنسيان العادة والتحيرّ في أمرها، فإذاً عندنا امرأة مبتدأة وامرأة معتادة وامرأة مميزة . النوع الأول : المرأة المبتدأة فهي التي ابتدأها دم الحيض فنزل معها لأول مرة، فهذا النوع من النساء يصف العلماء بهذا الوصف يُقال امرأة مبتداءة، ولها أحكام خاصة يُحكم بكونها حائضاً وبكونها طاهرة على تفصيل عند العلماء رحمهم الله . النوع الثاني :المرأة المعتادة وهي التي لها عادة معيّنة، ثم يلتبس عليها الأمر فتخرج عن عادتها بالزيادة أو النقص، خاصة إذا حملت أو حـدث لها حادث يختل عندها دم الحيض فحينئذ يُرجع إلى عادتها ولها أحكام خاصة في مسائل الحيض. النوع الثالث المرأة المميّزة، وهي التي ميّزت دم الحيض من دم الأستحاضة، وهذا التمييز له ضوابط عند العلماء رحمهم الله، فلها تمييز في دمها بحيث تستطيع أن تحكم بأنها دخلت في الحيض أو خرجت من الحيض بناءً على تمييزها ومعرفتها . النوع الرابع : امرأة ناسية وهي التي كانت لها عادة ثم نسيت قدر هذه العادة، أو نسيت مكان العادة، تقول أنا أعلم أنني أحيض سبعة أيام ولكنني نسيت هل هي من بداية الشهر أو من وسط الشهر أو من آخر الشهر، فنسيت مكان العادة، أو نسيت المكان والعدد، فنسيت بالكلية فقالت كانت لي عادة لا أدري نسيت عددها ونسيت مكانها فهذه الناسية ولكل نوع من هذه الأنواع ضوابط وأحكام تخصه. النوع الأول : الحيض، وهو هذا الذي عرفناه دم طبيعية يخرج من الرحم يعتاد المرأة في أيام معلومة . النوع الثاني : دم الاستحاضة، وهو دم فساد نزيف بسبب مرض . النوع الثالث : دم النفاس، وهو الدم المصاحب للولادة .
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-09-2011 في 05:47 AM.
|
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-23-2011, 03:05 AM | رقم المشاركة : 3 |
شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
انقضاء حيضة المرأة يعرف بأمرين: 1_هناك علامة اتفق العلماء رحمهم الله على أن المرأة إذا رأتها فهي علامة الطهر وانقضاء حيضها وهي القصة البيضاء، والقصة البيضاء ماء أبيض كالجير يخرج من فرج المرأة عقيب انتهاء الحيض، جعله الله علامة وأمارة لخروج المرأة وانتهاء حيضها، هذا يسمى بالقصة البيضاء والأصل فيه ما روى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "أنها كانت يبعث إليها النساء بالدرجة الخرقة فيها الكرسف -الكرسف هو القطن-، فيه الصفرة والكدرة من دم الحيض، فتقول رضي الله عنها: انتظرن لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء"، يعني لا تعجل الواحدة منكن فتحكم بكونها طاهرة مالم تَّرَ علامة الطهر وهي القصة البيضاء، والقصة البيضاء بالصفات التي ذكرناها الماء الخاص الذي يعرفه النساء يخرج عقيب انتهاء الحيض. 2_العلامة الثانية مختلف فيها وهي الجفوف، والمراد بالجفوف أنها تدخل في الفرج القطنة فتخرج نقية ليس فيها دم، طبعاً لو أن امرأة جرى معها دم الحيض أربعاً وعشرين ساعة ثم انقطع فرأت القصة البيضاء فحينئذ نحكم بكونها حائضا في اليوم والليلة ثم ما بعد ذلك تصوم وتصلي وتفعل فيه فعل الطاهرات لأنها رأت علامة طهرها وقد جاوزت أقل الحيض، إذاً علامة الطهر بالقصة البيضاء ليس فيها إشكال، يبقى علامة الجفوف وهي أن المرأة تأتيك وتقول قد جرى معي دم الحيض يوماً كاملاً في زمانه وفي أمد العادة ثم انقطع يوماً كاملاً، حتى لو أنها أدخلت القطنة لم تَرَ للدم أثراً فحينئذ هذه تسمى بعلامة الجفوف، طبعاً علامة القصة البيضاء والجفوف في الحيض وفي النفاس، يعني يحتاج إليها في الحيض والنفاس حتى يُحكم بكون المرأة انتهت من حيضها ونفاسها ودخلت في حكم الطاهرات، والصحيح في الجفوف أنه مؤثر، وأنها إذا أدخلت الخرقة وخرجت نقية أنها من علامات التي تدل على طهر المرأة. إذا رأت المرأة شيئا من هذا وجب عليها الغسل : فتغسل فرجها غسلاً جيداً بالماء وبشيء مع الماء كالصابون على سبيل المثال، فقد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمل السدر، ففي زماننا يستعمل الصابون أو ما يقوم مقام الصابون (كالشامبوان) ونحو ذلك، فتغسل المرأة فرجها غسلاً جيداً، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة وتؤخر غسل رجليها، وتدلك رأسها دلكاً شديداً حتى يصل الماء إلى أصل رأسها، وإن كان الماء لا يصل إلا بنقض الضفائر في حالة الغسل من المحيض نقضتها؛ حتى تتأكد من وصول الماء إلى أصل رأسها. ثم بعد ذلك تغسل شقها الأيمن، ثم تغسل شقها الأيسر، ثم سائر الجسد، ويستحب لها أن تضع شيئاً من الطيب في مكان الدم الذي كان ينزل، فتطيب فخذيها وحول فرجها بمسك أو غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة التي جاءت تسأله عن غسل المحيض: (خذي فرصة ممسكة -أي قطعة قطن أو قطعة قماش عليها مسك- فتتبعي بها أثر الدم)، ثم بعد ذلك تتنحى المرأة فتغسل رجليها. ما هو أقل الحيض ؟ ولماذا يبحث العلماء فيه ؟ فائدة بحث العلماء في أقل الحيض وكثيره أن المرأة قد يأتيها الدم دفعة واحدة فيجري معها الدم في ساعة أو نصف ساعة ثم ينقطع .. فتسأل هذه المرأة هل هي حائض بمعنى هل يلزمها أن تقضي ذلك اليوم إذا كان ذلك في رمضان ؟ وهكذا لو جرى معها الدم يوما كاملا فلأجل هذا بحث العلماء فيه .. اختلف العلماء في ضبط لأقل الحيض وأكثره على أقوال : 1_ لا حد لأقل الحيض وأكثره .. وهذا مذهب مالك رحمه الله . 2_ أن أقل الحيض يوم وليلة .. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة . 3_ أن أقل الحيض ثلاثة أيام .. وهذا مذهب الحنفية . فعند أصحاب القول الأول لو جرى الدم مع المرأة دم ولو ساعة يلزمها أن تعيد الصوم إذا كانت صائمة في رمضان .. وعند أصحاب القول الثاني لا يلزمها ذلك حتى لو جرى معها الدم في ثمان ساعات .. لماذا ؟ لأنهم يقولون أقل الحيض يوم .. وثمان ساعات لم يكتمل اليوم .. فلو جرى الدم معها دون اليوم فليست بحائض .. وإن جرى الدم معها في اليوم فهي حائض. وعند أصحاب القول الثالث إذا جرى مع المرأة الدم يومين فلا تعتبر حائضا ولا يحكم لها بأنها حائض إلا إذا استمر معها الدم ثلاثة أيام . وهذا الاختلاف ليس عليه دليل لا من كتاب الله ولا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وكما قال ابن رشد قال :" إن هذه المسألة اختلف فيها العلماء فيها بمكان العادة والتجربة " أقوى ما يتمسك به من الأقوال الثلاثة الذكورة : القول الأول أنه ليس للحيض حد أقلي، وأن المرأة إذا رأت الدم في زمن الإمكان يعني إمكان كونها حائضاً فقد حُكم بكونها حائضاً، إذا رأت الدم حتى ولو قطرة ما دام أنها قد رأت الدم و الزمن زمن إمكان الحيض مثلاً أتمت التسع سنين فإننا نحكم بكونها حائضاً، هذا المذهب مذهب المالكية واختاره شيخ الإسلام بن تيمية وطائفة من المحققين.. والظاهرية معهم أيضاً يقولون إنه لا حد لأقل الحيض، فكل امرأة أتمت تسع سنين على القول بأن أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين وجاءها الدم ولو دفعة واحدة حكمنا بكونها قد بلغت وأخذت حكم البالغة طبعاً هذا من حيث الأصل عندهم، كذلك لو أنها من عادتها في بداية كل شهر مثلاً تتحيض ستة أيام، فجاءها في بداية الشهر دم استمر معها ساعة ثم انقطع فإنه يُحكم بكونها حائضا بهذا الدم الذي جرى معها ساعة لأنه في زمن الإمكان.. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يضع حدا لأقله والقاعدة تقول :" يطلق ما أطلق الشرع حتى يرد دليل على التقييد " وليس هنالك دليل يدل على التقييد .. فإذا جرى مع المرأة الدم ولو ساعة فتعتبر حائضا وتأخذ أحكام الحيض .. والله أعلم
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-09-2011 في 09:03 PM.
|
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-23-2011, 03:06 AM | رقم المشاركة : 4 |
شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
ما هو أكثر الحيض : فيه قولان لأهل العلم : 1_ أكثر الحيض عشرة أيام .. وهذا مذهب الحنفية . 2_ أكثر الحيض خمسة عشر يوما .. وهذا مذهب الجمهور . وأكثر الحيض خمسة عشر يوماً، ينبغي أن يعلم طالب العلم أولاً وقبل كل شيء انه لا يستطيع أن يحكم بكون المرأة حائضا مادام أن الدم يمشي معها، دم الحيض محدد ومقدر بزمان وصفات وأحوال معينة ينتهي بانتهائها، فأصبحت المرأة إما حائض وإما طاهر من حيث الأصل، فإذا كانت حائضاً أو طاهراً تحتاج أن تعرف أكثر الحيض، ما هو أقصى عدد بحيث إذا جاوزته تقول إنها قد أصبحت طاهراً؟ متى تكون تحتاج إلى هذه المسألة؟، تحتاج إلى هذه المسألة أن المرأة قد يجري معها دم تسعة أشهر ما ينقطع نزيف معها في رحمها تسعة أشهر، إحدى النساء على عهد النبي e مكثت خمس سنوات والدم يجري معها، فالمرأة إذا كان الدم معها يجري باستمرار لابد وأن تقول أكثر الحيض معتبر عندي بحيث هي حائض في هذه المدة فإذا جاوزت أكثر الحيض فقد تحققنا من أنها قد دخلت في الطهر، فأكثر الحيض يستفاد منه في الحكم بانتقال المرأة من الحيض إلى الطهر وهذا عند استمرار الدم وجريانه، أيضاً في الفصل بين الحيضة الأولى والحيضة الثانية... مثلاً هي جرى معها الحيض وعادتها سبعة أيام، ثم استمر معها الحيض بصفة واحدة لا تستطيع أن تميز فتحكم بأقل الحيض بعادتها التي كانت تحيضها السبعة الأيام، ثم هي تسألك تقول لك أنا مكثت السبعة الأيام التي هي عادتي، وأنت تأمرها كما أمر رسول الله e كل امرأة معتادة أن ترجع إلى عادتها، عادتها سبعة أيام فمكثت السبعة الأيام والدم يجري معها حكمنا بأنها قد طهرت، طبعاً في هذه المسألة وهي مسألة أكثر الحيض تحتاج إليها في المبتدأة إذا ابتدأها دم الحيض.. فلو أنها ابتدأها لأول مرة وجرى معها فليس لها عادة المرأة التي لأول مرة يجري معها دم الحيض لم تعتد الحيض ليس لها عادة، فلو عبر أكثر الحيض قلت أكثر الحيض خمسة عشر يوما، فاستمر معها الدم وحكمنا أنها حائض وأنها أخذت حكم الحوائض، ثم استمر معها الدم ثلاثة أشهر، فطبعاً نحن نحكم بأن الدم إذا جاوز الخمسة عشر الذي هو أقصى مدة الحيض دخلت المرأة في حال الطاهرات وحكمنا بأنها قد طهرت، هذا بناءً على التحديد بأكثر الحيض، فائدته الحكم بانتهاء أمد الحيض بالنسبة للمرأة ودخولها في حكم الطاهرات، طبعاً هذا إذا لم تكن لها عادة ولم تستطع تمييز دمها فإننا نحكم بانتقالها إلى الطهر بمجاوزتها لأكثر الحيض. طيب لو أنّ امرأة لأول مرة جاءها دم الحيض فبعض الأحيان ينقطع الدم دون الخمسة عشر يوما، وبعض الأحيان يستمر فوق الخمسة عشر يوما، ففائدة التحديد بأكثر الحيض أنه إذا انقطع دون الخمسة عشر يوما فإنه حيض، وعلمنا أنه كله حيض لأنه لم يجاوز أكثر الحيض، فهو ما بين الأقل عند التحديد وما بين الأكثر ثم لم يجاوز هذا الأكثر فهي حائض مدة القدر الذي مضى معها سبعة أيام ستة أيام، إذاً نحكم بكونها حائضاً إذا انقطع عنها الدم قبل الوصول إلى أكثر الحيض،.. إذا عرفنا فائدة التحديد بأكثر الحيض اختلف العلماء رحمهم الله ما هو أكثر الحيض؟، من أهل العلم من قال: أكثر الحيض خمسة عشر يوم كما هو مذهب الجمهور المالكية والشافعية والحنابلة في المشهور، وقيل أحد عشر يوماً أكثر الحيض أحد عشر يوماً فإذا جاوز الأحد عشر يوماً فليس بحيض. الحقيقة هذه المسألة فيها أحاديث ضعيفة، لكن نقول الآتي: إذا كان هناك قول بأن أكثر الحيض أحد عشر يوماً، وقول بأن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً، فما هو المحل الذي أجمع العلماء على أن المرأة إذا جاوزته ليست بحائض؟، الخمسة عشر يوماً، لأنهم كلّهم متّفقون على أنه إذا جاوز الخمسة عشر يوماً فليس بحيض، ما جاوز الخمسة عشر يوما بالإجماع ليس بحيض، .. إلا قول شاذ يقول به بعض العلماء، إذاً معنى ذلك أن اليقين عندنا أن ما جاوز الخمسة عشر يوما ليس بحيض، ومادون الخمسة عشر يوماً فيه حديث ضعيف "أقله ثلاثة أيام وأكثره أحد عشر يوماً"، لما لم يصح هذا الحديث بقينا على اليقين لأنه قد جاءها في زمن الإمكان نحكم بكونها حائضاً وأن أكثر الأيام التي تحيضها المرأة هو الخمسة عشر يوماً، وعلى هذا نقول إن الدم إذا جاوز خمسة عشر يوماً فليس بحيض، لأن عندنا يقيناً أنه ليس بحيض، هذا بالنسبة لأكثر الحيض، وعرفنا أقل الحيض وأن الصحيح لا حد لأقله، وعرفنا أن المرأة إذا جاوزت خمسة عشر يوماً فليست بحائض. فائدة هذا الخلاف تظهر في حالة جريان الدم وعدم انقضائه إذا كانت المرأة لا عادة لها ولا تمييز عندها ففقد الأمران معا .. ففي هذه الحالة هي المشكلة .. فقد يجري الدم مع المرأة ثلاثين يوما أو أكثر إلى العام .. ففي هذه الحالة تظهر فائدة أكثر الحيض .. فإذا فقد الأمران نقول للمرأة أن تحسب أمد الحيض وما بعد ذلك فهو دم استحاضة . ومن العلماء من قال ترد ألى الست أو السبع لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه :" تحيض في علم الله ستا أو سبعا " وهو حديث صحيح صححه البخاري رحمه الله .. ما هو أقل الطهر من الحيض ؟ الطهر بين الحيضتين تحتاج إليه مثل ما ذكرنا أن يجري معها دم الحيض وعادتها عشرة أيام ثم جاءتك تسألك وقالت: أنا كنت أحيض عشرة أيام وينتهي حيضي بعد اليوم العاشر أرى الطهر والنقاء وليس عندي أي إشكال، ولكني فوجئت هذا الشهر بأن الدم جاوز العشرة أيام ولم أرَ علامة الطهر، فنحكم كما حكم رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنها حائض في أيام عادتها وهي العشرة أيام وأنها تأخـذ حكم الطاهرات بمجرد انتهاء اليوم العاشر،.. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لتنظر الأيام التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها الذي أصابها"، وقال:"امكثي قدر ما كان تحبسكِ عادتك"ِ، إذاً أمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة بالرجوع إلى عادتها، طيب قالت لك الآن: العشرة الأيام هذه من رمضان اعتبرت نفسي حائضاً ولم أصم فيها ولم أصلّ، ... وحكمت أني في اليوم الحادي عشر قد دخلت في حكم الطاهرات، اليوم مثلاً يوافق ثلاثة وعشرين متى أحكم بدخولي في الحيضة الثانية؟، فهذا السؤال وهو دخول المرأة في الحيضة الثانية عند الاستحاضة تحتاج إلى أن تعطيها أقل الطهر بين الحيضتين، فهذا الحد الأقلي تعتد به ثم تحكم بدخولها في الحيضة الثانية.. أقل الطهر اختلف العلماء رحمهم الله فيه وذلك على قولين: القول الأول إنه ثلاثة عشر يوماً كما هو مذهب الجمهور.. والقول الثاني خمسة عشر يوماً وهو رواية عن الإمام أحمد ومذهب الحنفية، أن أقل الطهر بين الحيضتين هو خمسة عشر يوماً، فكلهم متفقون على أن ما جاوز الخمسة عشر يوماً أنه يُحكم بدخول المرأة فيه بماذا في الحيض، فأصبحت المرأة عكسية الآن فكلهم متفقون على الخمسة عشر أن ما جاوزها يعني الحد الأقلي للطهر خمسة عشر يوماً وأنه لا يجاوز الخمسة عشر يوماً،... والثلاثة عشر يوماً يقول بها الجمهور، وطبعاً الحنابلة اعتمدوا فيها وفي قول الصاحب في قضاء عن شريح رحمه الله قاضي أمير المؤمنين علي رضي الله عنه هو قاضي لعمر وعلي وعثمان تقريباً ثلاثة خلفاء راشدين، شريح رحمه الله جاءته امرأة في قضية حكم بخروجها من عدتها خلال شهر، وهذا مبنى على أن أقل الحيض عنده يوم وليلة ثم أضاف إليها الثلاثة عشر يوماً فحكم بدخولها في الحيضة الثانية بعد اليوم الرابع عشر،... ثم بعد ذلك أضاف إليها الطهر ثلاثة عشر يوماً صارت في اليوم الثامن والعشرين، ثم حاضت الحيضة الثالثة في اليوم التاسع والعشرين، ثم حكم بخروجها بالطهر الذي هو بعد انتهاء اليوم والليلة الكامل الذي هو أقل الحيض، حكم بكونها قد انتهت عدتها لأنها حاضت ثلاث حيضات، يوم وليلة عندها أقل الحيض، ثم حكم بأقل الطهر ثلاثة عشر يوماً، فحكم بدخولها في الحيضة الثانية بناءً على أقل الطهر الذي هو ثلاثة عشر يوماً، فإذا أضفت الثلاثة عشر يوماً إلى يوم الحيض أصبحت في الحيضة الثانية بعد اليوم الرابع عشر، ثم يوم كامل جرى معها الدم فصارت الحيضة الثانية، ثم بعد ذلك ثلاثة عشر يوماً التي هي أقل الطهر فصارت سبعاً وعشرين يوماً، ثم الحيضة الثالثة في اليوم الثامن والعشرين فخرجت من عدة طلاقها. الحقيقة الإجماع منعقد على أن ما جاوز الخمسة عشر يوماً ليس بطهر، لأن أقل الطهر الخمسة عشر يوماً باليقين، واختلفوا فيما بين الثالث عشر يوما والخامس عشر يوما، فمن حيث القوة كنا نرجح مذهب الثلاثة عشر يوماً ولكن النفس تميل إلى ترجيح القول بالخمسة عشر يوماً، وذلك لأن اليقين في هذا معتبر مثل ما اعتبرناه في أكثر الحيض، فاليقين عندهم خمسة عشر يوماً وهو أيضاً رواية عن الإمام أحمد رحمة الله عليه واختارها بعض أصحابه رحمهم الله، بناءً على هذا نقول أقل الطهر خمسة عشر يوماً، والأصل يقتضي أن التحديدات توقيفية، مادام عندنا إجماع وهو يلغي الشك ويدخل الإنسان في أمور العبادة ويخرج من العبادة بيقين وبراءة فأظن أن هذا هو الأشبه والأقوى والأولى بالصواب إن شاء الله تعالى. فإذاً أقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوماً، فهناك فائدة ثانية، لو أن امرأة رأت الحيض عشرة أيام، ثم طهرت عادتها عشرة أيام وطهرت ثلاثة أيام، ما رأت شيئاً رأت علامة الطهر التي هي القصة البيضاء بعد عشرة أيام، خلال الثلاثة الأيام هذه التي بعد العشرة لم تَرَ شيئاً ثم جاءها الدم بعد ذلك، فهل نحكم بأنها دخلت في الحيضة الثانية؟، بالإجماع لا نحكم بدخولها في الحيضة الثانية، فإذاً فائدة هذا التحديد أن هذا الحد الذي هو ثلاثة عشر يوماً طبعاً بالنسبة لثلاثة عشر يوم كلهم يعتبرون أن ما كان أقل بثلاثة عشر يوماً أنه ليس بطهر، ... لكن اعتبرنا فيها الصورة العكسية للمعنى في إسقاط العبادات، وهذا أمر يكون على عكس مسألة الحيض، وعلى هذا فالمرأة لا يحكم بكونها داخلة في الحيضة الثانية مع وجود طهر دون أقل من خمسة عشر يوماً، وهذا مبنى على أن الشهر يكون نصفه حيضاً ونصفه طهراً، بناءً على هذا القول يكون نصف الشهر إلى أكثر الحيض الخمسة عشر يوماً، ثم أقل الطهر الذي هو خمسة عشر يوماً ونحكم بأن المرأة تحيض في الشهر مرة واحدة. ما هو حد أكثر الطهر : لا حد لأكثر الطهر، يعني لو أن امرأة مكثت خمس سنوات ارتفع عنها الحيض، طبعاً يا إخوان أكثر الطهر ليس له حد لأنه ربما ينقطع الحيض عن المرأة ويمكث بالسنوات لا يأتيها، فليس هناك حد لأكثر الطهر وهذا بالإجماع ليس لأكثر الطهر حد، وعلى هذا لو أن المرأة جرى معها دم الحيض عمرها تسع سنوات وجرى معها دم الحيض ثلاث سنوات بصفاته، ثم بعد ثلاث سنوات ارتفع عنها دم الحيض، من النساء من يرتفع عنها دم الحيض ولا تعرف سببه، ... ومنهن من يرتفع عنها دم الحيض وتعرف سببه، وكل واحدة من هاذين النوعين له أحكام تخصه في العِدَد، يعني هناك أحكام فيها قضاء عن عمر e وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم من أصحاب النبي e، في ارتفاع الحيض عن المرأة فبعض الأحيان يكون بسبب مرض، وبعض الأحيان يكون بسبب الحمل، وبعض الأحيان يكون لا يعرف سببه، طبعاً إذا ارتفع عن المرأة وهي في سن اليأس لا إشكال لأنه ظاهر في الانقطاع أنه اليأس، لكن إذا كان قبل سن اليأس عند من يرى التحديد بسن اليأس، فإذا انقطع عنها سنة حكمنا بأنها طاهر في السنة هذه كلها، لو انقطع عنها ثلاث سنوات حكمنا بأنها طاهر خلال الثلاث سنوات كلها، فإذا ليس للطهر حد أكثري ونحكم بأنها طاهر مادام أنه لم ينزل معها الدم أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين، هذه المسألة فائدتها كما ذكرنا متى نحكم ببداية الحيض مع المرأة؟، المرأة قد يكون عمرها سبع سنوات وينزل معها دم، هل هي حائض؟، يكون عمرها ثمان سنوات ينزل معها دم هل نحكم بأنه دم حيض؟، اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على أقوال بيّناها أيضاً في شرح البلوغ والزاد، والذي استقر عليه العمل عند الجمهور أن التسع سنوات هي أقل سن تحيض فيه المرأة، وفيه أثر عن عائشة رضي الله عنها، قالت:"إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة" يعني تهيأت للحيض ولأن تأخذ أحكام المرأة،... وهذا الأثر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يروى مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر وهو ضعيف الإسناد مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومما استأنسوا به في هذا الأثر والنظر، الأثر أن النبي e لما عقد على عائشة وهي بنت ست سنين كما في الصحيح ودخل بها وهي ابنة تسع سنين دل على أن الغالب أن المرأة في التسع سنين تنتقل من طور الصَّبا إلى طور الحلم والبلوغ، يعني تتهيأ للبلوغ ولذلك اختار النبي عليه الصلاة والسلام هذه السن، ... ومكثت ثلاث سنوات هذه ومعلوم أن احتباس الرجل عن المرأة مع أنه كان يحبها رضي الله عنها، وكما ثبت في الحديث الصحيح "لما سأله عمرو بن العاص من أحب النساء إليك؟، قال: عائشة، قال: من الرجال؟، قال: أبوها رضي الله عنهم وأرضاهم"، فالمقصود أن كون النبي e يحتبس عنها ثلاث سنوات ليس له معنى إلا أنها بالتسع سنين قد تهيأت لأن تأخذ حكم المرأة، وأما من جهة النظر فموجود بالتجربة حتى ذكرنا عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال:"أعجل من رأيت في الحيض نساء تهامة رأيت جدة ابنة إحدى وعشرين سنة"،... كما ذكرنا أنها هي تزوجت وعمرها تسع سنوات، ثم حملت فوضعت بعد أن استتم لها الدخول في العاشرة، ثم هذا الذي حملته ووضعته جارية بنت بلغت تسع سنين فأصبحت الأم عمرها تسعة عشر سنة، فتزوجت بنتها وهي في التاسعة عشر، ثم بعد ذلك حملت خلال السنة في العشرين فدخلت في الإحدى والعشرين وهذا من أعجل الحيض، ولذلك قال:"أعجل من رأيت في الحيض نساء تهامة"، وإذا كان تهامة معروفة بالحرارة والبلوغ في المناطق الحارة أعجل من المناطق الباردة، ولذلك قالوا إن هذا من حيث النظر يقوي أن التجربة والعادة لها تأثير، فهو يقول:"أعجل من رأيت" وهذا أعجل ما وجد فالتسع سنين هي التي يمكن أن تكون حداً فاصلاً... ثم اختلفوا هل العبرة ببداية التسع سنين أو بالدخول في تسع سنوات، أو بأكثر السنة التاسعة، أو بتمامها، ثلاث أوجه عند العلماء رحمهم الله على التحديد بتسع سنوات، فائدة هذه المسألة أن امرأة لو سألتك وقالت عندي بنت عمرها ثمان سنوات وشهر، فالعرب تسمي وتصف الرجل والمرأة بالسن وتعطيه حد السن إذا دخل في بدايتها، لأن الداخل في الشيء كالشيء، مثل ما يقولون أنجد إذا دخل نجداً وأتهم إذا دخل تهامة، هو ما دخلها كلها لكن بمجرد الدخول في حدود نجد ودخول تهامة يحكمون بأنه قد أنجد وأتهم، وهذا مبنى على أن العبرة ببداية الشيء وأن الابتداء كالاستتمام والانتهاء، فيقولون إن العرب تسمي من دخل بالشيء وتصفه بهذا، ... فإذا دخلت كان عمرها ثماني سنوات وزادت يوماً واحداً فقد دخلت في التسع سنين، فإذا رأت بعد الدخول في التاسعة دماً فقد تهيأ الحكم بكونها حائضاً، إذاً العبرة عندهم بالدخول في التسع، ومنهم من يرى مجاوزة أكثر السنة يعني فوق ستة أشهر، فإذا سألتك هذه المرأة قالت عندي جارية عمرها ثمان سنوات وشهر، على القول ببداية الدخول يُحكم بكونها قد حاضت لأنها في سن الحيض، وعلى القول بأنه لابد من مجاوزتها لأكثر السنة تقول شهر ليس بأكثر السنة لابد أن تستتم ستة أشهر وتزيد،... وعلى القول بأنه لابد من التمام لا يحكم بكونها تهيأت للحيض إلا إذا نزل معها الدم بعد استتمام التسع وهذا أحوط، لأن اليقين أنها ليست بحائض فنأخذ الأقوى دائماً إذا عُدِم النص اِبحث عن القدر المتفق عليه والمجمع عليه، هذا أصل تضعه معك، أو ما عضد الأصل من دليل النظر اعتباره في الاستثناء قبل الإجماع، وعلى هذا نقول إنه تستتم التسع سنين وهذا هو الأظهر. وأكثر الحيض ستون، إذا بلغت المرأة ستين سنة عندهم فإنه بعد الستين إذا رأت الدّم فليس بحيض، وعلى هذا تصوم وتصلي ويحكمون بأن أكثر الحيض هو ستون سنة، فإذا جاوزت أو بلغت هذا القدر فما رأت من بعد ذلك فهو دم فساد وليس بدم حيض، هذه المسألة فيها مذهبان رأسان، المذهب الأول لأكثر الحيض حد، والمذهب الثاني لا حد لأكثر الحيض، إنما نترك المرأة إذا انقطع عندها الدم فإنها آيسة وأما إذا استمر معها الدم بالغة ما بلغ بصفاته وعلى حاله فهو حيض، فالذين يقولون بالتحديد يستدلون ببعض الآثار عن السلف رحمهم الله وليس في ذلك حديث صحيح عن رسول الله e بالتحديد بالستين، هناك قول بأربعة وخمسين، وهناك أقوال ما بين الأربعة وخمسين والستين، والصحيح المذهب الثاني أنه لا حد لأكثر الحيض، وأنه لم يأتِ دليل في الكتاب والسنة يحدد للمرأة قدراً معينـاً، ولـذلك قالت : { أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً } ، كما قال تعالى : { فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ } ونزل معها الحيض بعد الستين والله على كل شيء قدير، فالتحديد يحتاج إلى دليل وبالنسبة للأدلة لم يصح شيء مرفوع إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام .... ومن هنا يقال إنه ليس هناك حد وهذا مذهب طائفة من العلماء رحمهم الله وهو وجه أيضاً عند الحنابلة واختاره شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وطائفة من المحققين حتى الظاهرية عندهم هذا القول أنه ليس لأكثر الحيض حد، لو صح في ذلك دليل في الكتاب والسنة لعملنا به، ومن هنا نقول بأي دليل إذا كانت المرأة تحيض سبعة أيام وتطهر وبلغت إحدى وستين سنة ودم الحيض جار معها على الصفة التي تألفها، بأي حق نحكم بأنها لا تأخذ حكم الحائض؟، ونأمرها إذا طلقت أن تعتد بالأشهر وتأخذ حكم الآيسات وعندها حيض وعندها دليل وأمارة واضحة لا دليل على إسقاطها، هنا نرجع إلى الأصل ونقول إن الأصل فيها أنها حائض ومادام أنها على صفة الحيض الذي في عمرها كله درجت عليها، ولم يرد في كتاب الله وسنة النبي e تحديد فالبقاء على هذا الأصل أولى بالاعتبار.
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-10-2011 في 12:38 AM.
|
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-23-2011, 03:08 AM | رقم المشاركة : 5 |
شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
المرأة المبتدأة : المبتدأة هي المرأة التي ابتدأها دم الحيض لأول مرة طبعاً متى نحكم بأنها مبتدأة؟ عندنا شرط وهو أن تبلغ أقل سن الحيض، فما كان دون سن الحيض فليس فيه كلام يعني ليس بحيض، فإذا بلغت تسع سنين واستتمَّت ورأت الدم فحينئذ نحكم بأنه دم حيض لكن على التفصيل الذي تقدم معنا، من حد لأقل الحيض حداً يقول تبقى حتى يجاوز أقل الحيض حتى نحكم بكونه حيضاً وأنها آخذة حكم الحائضات، بناءً على مذهب الجمهور الذين هم الحنفية من وجه، والشافعية والحنابلة من وجه، ... إذا ابتدأها دم الحيض يوماً وليلةً عند الشافعية والحنابلة فإذا مضى معها واستمر معها الدم يوماً وليلة سواءً انقطع بعد اليوم والليلة أو استمر فهي حائض ومحكوم بحيضها، لو صارت جناية فقتلت بعد نزول الدم هذا معها يوماً وليلةً حكمنا بأنه يجب القصاص عليها إن كان القتل عمداً، ولو جرى معها عندهم لأقل من اليوم والليلة وانقطع فإنه لا يحكم بكونها حائضاً فلو قتلت أو فعلت حكم بكونها لم تبلغ وأجريت عليها أحكم الصّبا،... إذاً هذا الدم مهم جداً أن نحكم بكونه حيضاً أو ليس بحيض، لأنه إذا حكمنا بكونها حائضاً انتقلت من طور الصّبا إلى طور الحلم وأخذت جميع أحكام المرأة البالغة، وأما إذا قلنا إنه ليس بحيض مضى معها لأقل من اليوم والليلة وهو ليس بحيض فإننا لا نحكم ببلوغها، واضح هذا بالنسبة لمذهب التحديد، وعند الحنفية على نفس الأمر لا نحكم بكونها حائضاً إلا إذا استتمت الثلاثة الأيام، وعلى القول الصحيح أنها إذا بلغت تسع سنين واستتمت وجرى معها الدم ولو دفعة واحدة كما يقولون ولو دفعة واحدة خرج معها دم فهو دم حيض لأنه في زمن الإمكان ولا دليل على الإسقاط، في زمن يمكن أن تحيض فيه المرأة وليس عندنا دليل على إسقاط كونه حيضاً فنقول إنها حائض. طيّب هذه المرأة التي ابتدأها دم الحيض لها صور: الصغيرة إذا جرى معها دم الحيض لأول مرة إما أن يجري معها وينقطع دون أكثر الحيض، يجري معها خمسة أيام، يجري معها سبعة أيام، يجري معها ثمانية أيام أو عشرة أيام دون أكثر الحيض يعني ما بلغت أكثر الحيض هذه صورة... الصورة الثانية أن يجاوز أكثر الحيض، ففي الصورة الأولى لو امرأة سألتك وقالت عندي بنت لأول مرة يصيبها دم الحيض، ومكث معها خمسة أيام طبعاً نحن حكمنا ببلوغها على مذهب الحنابلة بمجرد مضي اليوم والليلة، وهي الآن في شهر رمضان في أول يوم من رمضان نزل معها الدم، فعند الحنابلة إذا استتمت اليوم والليلة فهي بالغة بحيضها، وعلى هذا إذا مضى معها ثمانية أيام، هل نعتبرها حائضاً الثمانية الأيام كلها؟ مع أنها لأول مرة جاءها دم الحيض، أم أننا نردها إلى اليقين وهو اليوم والليلة، وننتظر الثلاثة الأشهر الآتية إذا استمر الدم معها بمعنى واحد وهو الثمانية الأيام حكمنا بكونها انتقلت إلى المعتادة، والمعتادة هي المرأة التي عاودها دم الحيض ثلاثة أشهر على مذهب الجمهور .. وشهرين على مذهب الحنفية بمعنى واحد يعني بعدد واحد دون زيادة أو نقصان، بعض العلماء يقول كما هو في مذهب الحنابلة المتبدأة تمكث يوماً وليلة لأنه عندهم هو اليقين أقل الحيض، بعد اليوم والليلة تحكم بأنها طاهر في الشهر الأول، وتستمر في الصوم تصوم اليوم الثاني والثالث والرابع والخامس إلى التاسع هو انقطع في اليوم العاشر،.. فحينئذ تستمر في صيامها لأنه حكمنا ببلوغها والحيض عندهم اليقين يوم وليلة، فتتحيض اليقين وهو اليوم والليلة بناءً على أن اليوم والليلة هو اليقين وهذا أيضاً موجود في مذهب الشافعية رحمهم الله، فإذا زاد عن اليوم الليلة عندهم هذا مشكوك في أمره أنه حيض فيجب البقاء على الأصل من أنها مكلفة بالصيام، .. وشككنا هل هو استحاضة أو حيض فنبقى على اليقين وهو اليوم والليلة، فالتسعة الأيام هذه تصوم وتصلي فيها ثم الشهر الثاني نفس الحكم ثم الشهر الثالث إن مكثت عشر أيام فمعنى ذلك أننا تحققنا أن عادتها عشرة أيام فترجع إلى قضاء الأيام التي صامتها، لأنه تبين أن حيضها في التسعة الأيام وأنها كانت حائضاً، مادام أنه جاءها الثلاثة الأشهر بمعنى واحد، فيقول نبقى على اليقين حتى نتأكد من انتقالها إلى العادة في الشهر الثالث فنطالبها بقضاء الأيام التي صامتها، لأنه تبين خطأ الظن والقاعدة "لا عبرة بالظن البين خطأه" يعني لا عبرة بالظن الذي تبين خطأه،.. فنحن ألزمناها باليوم والليلة لأنّ اليقين عندهم أن أقل الحيض يوم وليلة، وما زاد على ذلك شك فانتظرنا حتى وجدنا يقيناً ينقلنا إلى كونه حيضاً فحكمنا بالقضاء ..فهذا مذهب. المذهب الثاني وهو الأصح والأقوى أن المرأة المبتدأة إذا جرى معها دم الحيض العشرة الأيام فإنها تحكم بكونها حائضاً في العشرة مادام أنه انقطع دون أكثر الحيض، لأنه إذا انقطع دون أكثر الحيض فقد تحققنا من حيث الأصل أنه حيض، لأن ما دون أكثر الحيض واضح ما عندنا حد لأقل الحيض، وعلى هذا نقول ما دام أنه قد جرى في زمن الإمكان وأن المرأة ممكن أن تبقى أحد عشر يوماً عادة لها فإننا نحكم بكونها حائضاً مادام أنه زمن إمكان الحيض، وعليه فتبقى وتحكم بكونها حائضاً هذه المدة، إذا ذكرنا أنه استمر معها عشرة أيام ثم انقطع ثم الشهر الثاني عشرة أيام ثم انقطع ثم الشهر الثالث عشرة أيام ثم انقطع على مذهب الجمهور حكمنا بكونها معتادة بالشهر الثالث، وأصبحت العشرة عادة لها، وعلى هذا لو جاء الشهر الرابع وجرى الدم معها عشرين يوماً نقول لها امكثي عشرة أيام حيضاً والزائد استحاضة. الخلاصة : فالخلاصة أن من العلماء في المرأة المبتدأة من يقول أعتبر اليقين وهو أقل الحيض، وأحكم بكون المرأة حائضاً في هذا الأقلي، وما زاد شك والأصل أنها مخاطبة بالعبادة فألزمها بالعبادة في هذا الوقت، وهذا موجود في مذهب الحنابلة والشافعية، ومنهم من يقول إذا انقطع الدم دون أكثر الحيض فإننا نحكم بكونه حيضاً بالغاً ما بلغ، فهي حائض مادام أنه في زمن الإمكان وليس عندنا دليل ينقلنا، ما وجه هذا المذهب؟، .. يقولون: ليس عندنا دليل على أقل الحيض، فأصبحت المرأة بمجرد إتمامها تسع سنوات إذا رأت دم الحيض في زمن إمكان الحيض وأنتم تقولون إنها حائض وحكمتم بأنها قد دخلت وأخذت حكم الحيض، فعندي يقين أنها حائض، فأحكم بأنها حائض ما لم تجاوز أكثر الحيض، فمادام أنها لم تجاوز أكثر الحيض فإني أعتبر ما دون الأكثر كله حيض لأنه ما جاوز الأكثر، فأنا أحكم بأنه حيض لأنه في زمن الإمكان وهذا القول هو أولى بالصواب لما ذكرناه، ثم نحكم بانتقالها من كونها مبتدأة إلى كونها معتادة إذا تكرر معها شهرين على الصحيح كما هو مذهب الحنفية رحمهم الله وثلاثة أشهر كما هو مذهب الجمهور، والصحيح مذهب الحنفية لأن العادة من العود، والعود يتحقق بالمرتين بمعنى واحد. إذاً الخلاصة أن المبتدأة تنتقل إلى كونها معتادة أولاً بشرط أن ينقطع الدم دون الخمسة عشر يوماً، وثانياً أن يتكرر بعدد واحد دون زيادة أو نقصان لثلاثة أشهر متتابعة أو شهرين على الصحيح، طيب لو أنها جاءها الشهر الأول خمسة أيام، ثم جاءها الشهر الثاني ستة أيام، ثم جاءها الشهر الثالث خمسة أيام، وجاءها الشهر الرابع ستة أيام فهذه عادة منتقلة، فيثبت أن عادتها خمسة أيام مركبة من تكرار الشهرين شهرٌ بالخمسة وشهرٌ بالستة متعاقبة، كذلك أيضاً قد يحدث التقطع فيكون مثلاً يأتيها التقطع متناسقاً مرتباً، فيأتيها يوماً دم ثم يوماً نقاء، ثم يوماً دم ثم يوماً نقاء، ثم يوماً دم ثم يوماً نقاء إلى عشرة أيام، خمسة أيام دم وخمسة أيام نقاء، ثم الشهر الثاني بنفس الترتيب خمسة أيّام دم وخمسة أيام نقاء، ثم الشهر الثالث بنفس الترتيب حكمنا بأن عادتها على هذا الوجه، لكنها في الأصل خمسة أيام، إذاً العادة تكون مترتبة متناسقة أيام تلوى بعضها وينقطع الدم، وتكون أيّاماً متقطعة يتخللها الطهر فعلى مذهب التلفيق ومذهب التلفيق أنك تعتبر أيام النقاء طهراً وأيام الدم حيضاً ثم تلفق العدد الذي اعتادته، وعلى هذا نحكم بأن المرأة انتقلت من كونها متبدأة إلى كونها معتادة بهذا الأصل. خلاصة المرأة المبتدأة كالآتي: أولاً: إن المرأة إذا ابتدأها دم الحيض لأول مرة في سنٍ هو سن حيضٍ حكمنا بكونها حائضاً، وأعطيناها حكم الحائض أنه يحكم ببلوغها إلى آخره. ثانياً: أنها تمتنع مما تمتنع منه المرأة الحائض ما دام معها دم الحيض، فإن انقطع دون الخمسة العشر يوماً فذلك حيضها فتغتسل بعد رؤية علامة الطهر،.. الحكم الثالث، يصبح إذا انقطع لخمسة أيام ستة أيام تؤمر بالغسل، وهي طاهر بعد ذلك، وحيضها بعدد الأيام التي جاءها. الأمر الرابع فإن تكرر معها هذا العدد ثلاثة أشهر بالإجماع أو شهرين على الصحيح دون زيادة أو نقصان حكمنا بكونه عادة لها، وإذا حكمنا بكونه عادة لها فإن اختل الدم بعد ذلك أُمرت بالرجوع إلى العادة، إذاً ما الدليل على هذا النوع الثاني؟، .. طبعاً الدليل على مسائل المبتدأة تقدم معنا، قلنا أول شيء نحكم بأنها حائض لأن الزمان زمان حيض، ومادام زمان الحيض ونزل معها دم من رحمها في زمان إمكان الحيض فهو حيض وليس عندنا دليل ينفي كونه حيضاً، الزمان زمان حيض والوقت وقت الحيض والمرأة تحيض ومتأهّلة للحيض فالغالب أنها حائض، وما عندنا دليل على اعتبار اليوم والليلة فبقينا على هذا الأصل، .. الأمر الثاني أننا حَيّضناها مدة مادام قد انقطع الدم عنها دون أكثر الحيض لأن الأصل فيها أنها حائض، فإذا حاضت خمسة أيام ما الدليل على أن بقيها على اليوم والليلة ونلغي الأربعة الأيام؟، هذه امرأة حائض في زمان الحيض وإمكان الحيض والنساء يحضن خمسة وستة وسبعة وثمانية إلى أربعة عشر يوماً، فما الدليل على أننا نلغي كونها حائضا؟ً، فوجب البقاء على الأصل من أنها حائض، .. هذا بالنسبة للمرأة المبتدأة، طبعاً التفصيلات بعضهم يقول أردها إلى عادة أجدادها وأمهاتها وبعضهم يقول أردها إلى عادة نساء بلدها، وبعضهم يقول أردها إلى عادة أترابها يعني من في سنها من النساء، كل هذه التفصيلات تخرجنا عن الأصل، الأصل أنها امرأة حائض وأن الحيض جاءها في وقت زمانه وإمكانه فإننا نحكم بكونها حائضاً حتى نجد دليلاً يخرجنا عن هذا الأصل. إذا انقطع الدم لأقل يوم وليلة فليس بحيض : حددوا أقل الحيض كما ذكرنا وعمرها تسع سنوات تامة، فإن نزل معها الدم ولم يستتم أقل الحيض حكموا بكونه دم فساد وعلة، هذه فائدة التحديد عندهم باليوم والليلة، أن ما كان دون اليوم والليلة لا يلتفتون إليه ولا يعتبرونه حيضاً، وكل امرأة جرى معها الدم دون الحد الأقلي وهو اليوم والليلة فليس بحيض، وقلنا إن الصحيح أنه لا حد لأقل الحيض لأنه لم يرد دليل في الكتاب والسنة بهذا التحديد. إذا جاوز الدم اليوم والليلة ولم يعبر أكثره فهو حيض : فإذا جاوز اليوم والليلة..ولم يعبر أكثره الذي هو الخمسة عشر يوماً، لأنه إذا عبر أكثر الحيض دخلت الشبهة في هذا الدم لأنه يصبح فيه شبهة أنه كله استحاضة، ويرجعون إلى اليقين وهو اليوم والليلة، .. فأصبحت عندنا ثلاث صور في المرأة المبتدأة هناك ثلاث صور: على مذهب التحديد.. الصورة الأولى: أن يأتيها الدم ولا يبلغ الحد الأقلي فليس بحيض،.. الصورة الثانية :أن يجاوز الحد الأقلي الذي هو اليوم والليلة ولا يبلغ أكثر الحيض، سبعة أيام أو ستة أيام أو خمسة أيام يعني معك من اليوم والليلة إلى الخمسة عشر يوماً على مذهب الحنابلة والشافعية، فينقطع لعشرة أيام، لأحد عشر يوماً، لأثنى عشر وهكذا،... الصورة الثالثة: أن يستمر فوق أكثر الحيض، فالمرأة لأول مرة جاءها دم الحيض فاستمر معها مثلاً ثلاثة أشهر نزيف فهل هي حائض؟،. قالوا بمجرد مجاوزته لليوم والليلة حيض، ونحن ذكرنا أنه إذا جاوز أقل الحيض عندهم وانقطع لدون الأكثر أنه ماذا؟ حيض طبعاً على تفصيل بعضهم يقول: أردها لليقين اليوم والليلة، وبعضهم يقول: اعتبره حيضاً وقلنا الصحيح أنه حيض، السؤال الآن: لو أنه جاوز أكثر الحيض هي لأول مرة يأتيها دم الحيض ما عندها عادة ولا عندها تمييز، جاءها الحيض لأول مرة واستمر معها شهرين أو ثلاثة أشهر، فالسؤال هل نحكم بكـوها حائضاً الخمسة عشر يوماً؟، هذا وجـه لبعض العلماء وعلى التحديد ينظر إلى أقل الحيض. والله أعلم .
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-10-2011 في 12:53 AM.
|
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-24-2011, 10:21 AM | رقم المشاركة : 6 |
شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
المرأة المعتادة : الحالة الثانية أو النوع الثاني من النساء المرأة المعتادة، إذا انتقلت إلى كونها معتادة نحكم بأنها تحتسب الحيض أيام عادتها، ودليلنا على ذلك السنة الصحيحة عن رسول الله e، وذلك في أحاديث منها حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري وغيره، أن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها لما استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما ذلكِ عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركِ الصلاة قدر الأيام التي كنتِ تحيضين فيها"، فردها إلى ماذا؟، إلى العادة، فثبت بهذا الحديث الصحيح أن العادة محتكم إليها في الحيض. . ثانياً حديث أم حبيبة رضي الله عنها في صحيح مسلم وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"امكثي قدر ما كانت تحبسكِ حيضتكِ ثم اغتسلي"، فردها إلى ما ألفت وأعتادت من أيام حيضها فدل على اعتبار العادة، كذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها في المرأة التي استفتىِ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تجده من دم الاستحاضة فقال عليه الصلاة والسلام:"لتنظر الأيام التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها الذي أصابها، فإذا هي خلفت ذلك فلتغتسل"،.. هذا الحديث رواه أبو داود وأحمد وبن ماجة والنسائي وصححه غير واحد من العلماء وفيه إشكال في رواية سليمان بن يسار رحمه الله، والحديث صححه غير واحد من العلماء وهو دليل على اعتبار العادة، يؤكد ما في الصحيحين من أن المرأة ترجع إلى عادتها، فانظر في الحديث الأول "امكثي قدر ما كانت تحبسكِ حيضتكِ" حديث مسلم، ... وحديث البخاري "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن ترجع يعني فاطمة رضي الله عنها إلى عادتها قبل أن تختل أو يختل عليها الدم"، فالعادة محتكم إليها في الحيض والأدلة على هذا واضحة والعلماء رحمهم الله مجمعون على أن المرأة إذا كانت لها عادة فإن عادتها معتبرة هذا بالنسبة للنوع الثاني من النساء المرأة المعتادة، وفي الحقيقة إذا كان عند المرأة عادة أراحتك في الجواب والفتوى لأنك تردها إلى عادتها، وبهذا عندها علامة واضحة على تمييز حيضها من استحاضتها، ... وتكون عادتها في أول الشهر تارة، وإذا كانت في أول الشهر إما أن تكون في أول أوله أو تكون في آخر أوله، مثلاً عندها النصف الأول من الشهر تكون عادتها في السبعة الأيام الأولى أو السبعة الأيام الثانية من النصف الأول، أو تكون عادتها في النصف الثاني على نفس التفصيل، إما في نصف النصف الثاني الذي هو الربع الأول أو تكون في نصف نصفه الأخير فترجع إلى عادتها، تعرف قدر ما تحيض من الأيام وقدر طهرها أيضاً بين الحيضتين فتحتسب ذلك وتعمل عليه. الاستحاضة : المستحاضة من لم يحكم بأن دمها دم حيض وإنما هو دم فساد، أو دم مرض. وأسباب الاستحاضة كثيرة قد يكون مرض، قد يكون بسبب تناول أدوية معينة أثرت على بدنها قد يكون أسباب أخرى . فهو عبارة عن نزيف، يعني ليس الحيض الطبيعي الذي يتكون على الصفة التي ذكرناها قبل، وإنما هو نزيف داخلي من الرحم أو يعني من المهبل أو من أي مكان في هذا الجهاز بسبب أمر من الأمور الخارجة أو الطارئة أو ما الله أعلم به . من علامات الاستحاضة أن تزيد مدة الدم على المرأة عن مدة الحيض كثيراً . أيضاً أوصاف الدم أوصاف الاستحاضة كما سبق ليست كأوصاف دم الحيض، لا من حيث اللون ولا من حيث الرائحة ولا من حيث الكثافة ولا من حيث أيضاً درجة التجمد أيضاً كما سبق، المستحاضة لا يخلو إما أن تكون مبتدأة أو معتادة . إذا كانت المستحاضة مبتدأة يعني جاءها الدم أول مرة واستمر معها أصبحت مستحاضة، دمها قطعاً ليس دم حيض لأنه مستمر وأوصافه أوصاف الاستحاضة ليست أوصاف دم الحيض، يعني ماذا نحكم عليها، متى نقول لها صلي ومتي نقول لا تصلي ؟ متى نقول لا تصومين، ؟ متى نقول إن أحكام الحيض تترتب على هذا الدم الذي معك ؟ ومتى نقول إن الأحكام لا تترتب عليه، لأنه دم فساد لا يمنع الصلاة ولا يمنع الصيام وإلخ . قالوا إذاكانت المستحاضة مبتدأة فإنها تعمل بالآتي أولاً : تعمل بالتمييز، ما معنى تعمل بالتمييز ؟ تنظر لأوصاف الدم، هل أوصافه أوصاف حيض يعني هل هو أسود داكن ثخين له رائحة أو لا ؟ وإن كان في الوقت الذي يأتي فيه الدم بهذه الصفة أسود أو داكن ثخين كذا فيعتبر حيض وإذا انتقل من هذه الأوصاف إلى وصف يكون أحمر قاني صافي في هذه الحالة نقول هذه استحاضة ويجب عليها الاغتسال عند انقطاع الدم في الأوصاف الأولى ثم تصلي وتصوم إلى آخره، يعني لم يكن لها تمييز، يعني لم تراعي في هذا الدم أوصاف مختلفة قال تجلس غالب الحيض ست أو سبع، ستة أيام من الشهر تجلسها يعني تعتبرها حيض، لا تصوم ولا تصلي فيها، وإذا انتهت تغتسل ثم تواصل تبدأ في الصلاة والصوم، ويعضهم قال لا تنظر إلى عادة نسائها يعني إلى عادة أمها هل خمس أو أربع أو ثلاث أو ست فتعمل به، كذلك أختها وخالتها وعمتها. وإذا كانت معتادة قال العلماء : تجلس عادتها المعلومة إذا كان لها عادة .. أما إذا نسيت العادة تعمل بالتمييز، يعني تنظر في أوصاف الدم، إذا علمت عدد أيام الحيض ولكن نسيت موضع العادة من أين ؟ قالوا تجلس غالب الحيض من أول الشهر . المانع في اللغة هو الحائل بين الشيئين، وأما في الاصطلاح فما يلزم من وجوده العدم أي عدم الحكم، فإذا وجد الحيض امتنع فعل الصلاة، وامتنع الحكم بوجـوبها على المرأة أي الصـلاة، .. هذه الأشياء إجمالاً قبل البيان والتفصيل، وهذه الأشياء منها ما يتعلّق بالأقوال كقراءة القرآن، ومنها ما يتعلّق بالأفعال في العبادات كالصلاة والصوم فعلاً في الصلاة وتركاً في الصوم، ومنها ما يتعلق بالعادات كالجماع ومنها ما يتعلّق بالمعاملات في الأنكحة كسنيّة الطّلاق،.. وهذه الأشياء منها ما دلّ على منعه دليل الكتاب ومنها ما دلّ عليه دليل السنة، ومنها ما اجتمعت دلالة الكتاب والسنة على منعه، ومنها ما أجمع العلماء على منعه على المرأة الحائض كالصّلاة، ومنها ما اختلفوا فيه كقراءة القرآن..
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-10-2011 في 01:02 AM.
|
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-24-2011, 10:22 AM | رقم المشاركة : 7 |
شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
1_فعل الصلاة ووجوبها : فيمنع فعل الصلاة ووجوبها، يمنع فعل الصلاة فلا يجوز للمرأة إذا أصابها الحيض أن تصلّي، والدليل على ذلك حديث أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أنّ النّبي e قال لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها وأرضاها:"إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة"، وفي لفظ "فاتركِ الصلاة"، فقوله عليه الصلاة والسلام "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة" يدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تفعل الصلاة أثناء الحيض، ... ولحديث أمّ المؤمنين عائشة في الصحيحين عنها رضي الله عنها أنّها قالت:"كنا نحيض على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، فدلّ هذا على أنّ المرأة لا تصلّي، وهذا محل إجماع بين العلماء رحمهم الله، أنّ المرأة الحائض لا يجوز لها أن تصلّي الصلاة سواءً كانت فريضة أو كانت نافلة، ولكن تُستثنى من ذلك صلاة واحدة وهي التي يؤمر بقضائها، ... فهنا فعل الصلاة ووجوبها، فتسقط الصلاة فريضة كانت أو نافلة أداءً وقضاء، فلا يجب عليها الفعل أثناء الوقت، ولا يجب عليها قضاء الصلاة بعد خروج الوقت، أما الدليل على سقوط الأداء فقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين:"إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة" هذا نهي عن فعلها في الوقت أداءً، والنهي عن فعلها بعـد الوقت قـالت عائشة رضي الله عنها كمـا في الصحيحين:"فنؤمر بقضاء الصّوم ولا نؤمر بقضاء الصّلاة"، ... فسقطت الصلاة أداءً وقضاءً، وأما الصلاة التي تستثنى قضاءً لا أداءً هي صلاة الطّواف ركعتا الطّواف، إذا كانت المرأة في الطّواف أتمّت طوافها في العمرة مثلاً ثم حاضت قبل أن تصلّي ركعتي الطّواف فطوافها صحيح، ونأمرها بالخروج إلى الصّفا والمروة لإتمام مناسك العمرة، وتسقط عنها الصلاة في حال حيضها، فإذا طهرت من الحيض صّلت، ولذلك يقولون صلاة تقضيها الحائض، يلغزون بها يقولون: ما هي الصلاة التي تقضيها الحائض؟،.. الحائض لا تقضي الصلاة، فيقال هي صلاة ركعتي الطواف إذا أصابها الحيض بعد إتمام طوافها، وهكذا لو طافت طواف الإفاضة وأتمت الطواف ثم حاضت قبل ركعتي الطواف فإنها لا تصلّي وتنتظر حتى تطهر فتصلّي هاتين الرّكعتين. فعل الصلاة، أي يمنع الحيض فعل الصلاة لما ذكرنا ويمنع قضاءها، والإجماع منعقد على ذلك كما حكاه الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري وكذلك الإمام ابن المنذر والإمام ابن قدامة والإمام النووي رحمة الله على الجميع، كلهم حكوا إجماع العلماء على أن المرأة لا تصلي فريضة ولا نافلة،... وهذا الإسقاط من الشرع تخفيف من الله عز وجل وتيسير، هناك بعض السلف وهو قول الحسن البصري رحمه الله ومذهب شاذ عند أهل العلم لا يعول عليه ولا يعمل به، يقول: إن المرأة الحائض إذا حضرتها الصلاة تجلس في مصلاّها وتسبّح وتذكر، وهذا القول لا دليل عليه لا من الكتاب ولا من السنة وليس له أصل شرعي يدل على أنّ المرأة في حال الصّلاة، لأنّ الأمر بالعبادة الخاصة في الوقت الخاص على الهيئة الخاصة يحتاج إلى دليل، ... ولذلك إذا لم يوجد دليل لا يشرع هذا الفعل، وردّه أهل العلم واستنكره طائفة من أهل العلم ولذلك لا يشرع هذا الفعل، والمرأة تسقط عنها الصّلاة كما نصّت على ذلك السّنة الصّحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ويمنع وجوبها، هذا المانع الثاني، قيل إنّ الحائض لا تخاطب بالصّلاة، من أهل العلم من قال إنها تخاطب ويسقط عنها الفعل والقضاء، ومنهم من قال إنها لا تخاطب فلا تجب عليها الصلاة أصلاً، وهذا اختاره المصنف رحمه الله أن الحائض لا تخاطب بالصّلاة ولا تجب عليها الصلاة ولا تفعل الصلاة، وهناك قول ثاني يقول إنها مخاطبة وتعذر ويسقط عنها الفعل أداءً وقضاءً، على القول بأنها تخاطب يلغزون ويقولون: هل تجب الصلاة على أحد ولا تصحّ منه؟، تقول هي الحائض والنفساء إن قيل بتوجه الخطاب إليهما فإنه تجب عليهما ولكن لا تصح منهما، وهناك من أهل العلم من قال إنّ الحائض والنّفساء لا تجب عليهما الصلاة وهو أقوى. 2_ فعل الصّيام : ويمنع الحيض فعل الصّيام، وهذا المانع دل عليه الحديث الصّحيح عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قال:"كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، فقولها "نؤمر بقضاء الصوم" دل على أن المرأة الحائض لا يصح صيامها، وهذا محل إجماع بين العلماء رحمهم الله أن المرأة الحائض لا تصوم، وعلى هذا فلا يصح الصوم منها ولو صامت، فلو أنها صامت وخالفت لا يصح صيامها وتلزم بالقضاء،.. فلا يصحّ الصوم فريضة ولا نافلة ولا واجباً كالنذر، ولا كفارة ولو كانت عليها كفارة صيام شهرين متتابعين فجاءها أيام الحيض فصامتها لم يصح ويجب عليها بعد انتهاء المدة أن تتم العدد من غير أيام الحيض، إذاً المرأة الحائض لا يصح منها فعل الصوم. 3_ الطواف : ويمنع الحيض الطواف بالبيت، وهذا المنع ثبت في الصحيح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، حينما حاضت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فإنها حاضت بسرف وذلك قبل دخوله عليه الصلاة والسلام إلى مكة في حجة الـوداع،... وكـانت معه في فراشه عليه الصلاة والسلام فانسلت قالت:"فانسللت، فقال: ما بك أنُفستِ؟، قالت: نعم، قال: ذاك شيء كتبه الله على بنات آدم، اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"، فنصّ عليه الصلاة والسلام على أن المرأة الحائض لا تطوف بالبيت، مع أنها كانت قد نوت العمرة وهي ملزمة بأن تبدأ بالبيت فتطوف طواف عمرتها الذي هو ركن ومع ذلك منعها منه وأمرها أن تقلب فتصبح قارنة بعد أن كانت متمتعة،... وحولها من نسك إلى نسك آخر، مع أنها كانت ناوية لنسك التّمتّع حيث كانت ناوية للعمرة رضي الله عنها وأرضاها، وهذا يدلّ دلالة واضحة على أنّ المرأة إذا حاضت لا يصحّ منها الطواف لا فريضة ولا نافلة، وعلى هذا فلو أنها طافت للإفاضة قلنا لها يجب عليك أن تعيدي طواف الإفاضة، ... ولو أنها طافت عن عمرة قلنا لها يجب عليك أن تعيدي طوافك للعمرة، لأنه لا يصحّ الطّواف بالبيت من المرأة الحائض، هذا نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنّته الظاهرة الواضحة، ففي الصحيحين من حديث أمّ المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها "وهي صفية رضي الله عنها – أنها حاضت يـوم النحر، فقال صلى الله عليه وسلم: عقرى حلقى أحابستنا هي"،"عقرى" أي عقرها الله،"وحلقى" أي حلقها الله ليس مراده عليه الصلاة والسلام أن يـدعو حقيقة عليها وإنما تصيبها الرحمة لأنه قال:"أيما مسلم دعوت عليه أو سببته ولم يكن كذلك فاجعلها له رحمة"، ... هذه رحمة على أم المؤمنين، فمع هذا شدد فقال:"عقرى حلقى" يعني ستعقرنا وتمنعنا، ثم قال:"أحابستنا هي"، لأنها إذا كانت قد حاضت ولم تكن طافت للإفاضة فمعنى ذلك أنها ستتأخر، وإذا تأخّرت تأخّر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإذا تأخّر النبي صلى الله عليه وسلم تأخّر معه الصحابة،... فقال:"أحابستنا هي"، فانظر إلى تعبيره بالحبس عن جماعته كلهم لم يجد رخصة أن يرخّص لها حتى تطهر، حتى جاء الفرج فقيل:"ألم تكن طافت يوم النحر؟، قالوا نعم، قال: فلا إذاً"، معناه أنها لو لم تكن طافت لحبستنا، فلا رخصة أحوج من مائة ألف مع النبي صلى الله عليه وسلم سيتأخرون بتأخره عليه الصلاة والسلام،... ومع ذلك لم ير عذرا، ودلّ على أن طواف الحائض لا يصح بحال، حكى الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله إجماع أهل العلم رحمهم الله على أنه لا يصح منها الطواف لا نافلة ولا فريضة، وكذلك حكاه غير واحد منهم الإمام النووي رحمه الله في المجموع وابن المنذر في الإشراف وغيرهم من الأئمة، فهذا هو القول الذي عليه المعوّل وعليه فتوى أئمة الإسلام رحمهم الله سلفاً وخلفا، أن الحائض لا تطوف بالبيت وليس هناك أصرح من قوله عليه الصلاة والسلام "عقرى حلقى أحابستنا هي". وهناك من رخّص من الفقهاء فقال: تلبس حفاضة حتى لا تؤذي المسجد ثم تطوف، فنقول ليست العلة أذيّة المسجد إنما العلة عبادة وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنّها آخذة حكم الصلاة، فقال:"الطواف بالبيت صلاة"، وهذا وإن صح موقوفاً عن بن عباس وهناك من يصححه مرفوعاً فإن مثله لا يقال بالرأي، فقال:"الطواف بالبيت صلاة" فنُّزل منزلة الصلاة،... ولذلك يستقبل فيه جهة معينة فيجعلها عن يسـاره ويتطهر له ويعتـد بأجزائه كـالركعات في أشواط الطواف بالبيت ومن هنا قالوا لا يصح الطواف إلا إذا كانت متطهّرة، يعني من الحدث الأكبر وكذلك الحدث الأصغر لان الطواف في حكم الصلاة كما ذكرنا، إذا ثبت هذا فلا بد من أن تكون المرأة متطهّرة من الحدث الأكبر، فلا يصح الطواف بالبيت من الحائض ولا من النفساء 4_ قراءة القرآن : ويمنع قراءة القرآن، أي يمنع الحيض قراءة القرآن، والأصل في ذلك أن عائشة رضي الله عنها نبهت على امتناع الحائض عن القرآن بما ثبت في الصحيح عنها أنها قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكيء في حجري فيقرأ القرآن وأنا حائض"، وهذا يدل على أن المرأة الحائض لا تقرأ القرآن،... إذ لو كانت هي تقرأ القرآن لما كان لقولها "يضع رأسه في حجري أو يتكيء علي ورأسه في حجري فيقرأ القرآن وأنا حائض"، لم يكن له معنى لأنها هي بنفسها تقرأ القرآن، ولكن لما كانت هي ممنوعة دلت على أن الغير لا يمتنع عليه بالمرافقة والمخالطة للحائض والمقاربة. كذلك أيضاً دل عليه حديث علي رضي الله عنه عند الترمذي وابن ماجه وأبي داود وأحمد في مسنده وفيه أنه قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فيأكل معنا ثم يخرج فيأكل معنا، وكان لا يمنعه وربما قال: لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة"،... وهذا الحديث صححه الإمام الترمذي والحافظ عبد الحق والإمام البغوي في شرح السنة, وابن حبان وغيرهم رحمة الله عليهم ومن أهل العلم من ضعف إسناده، لكن محل الشاهد فيه أنه قال:"لا يمنعه ولا يحجزه من القرآن شيء إلا الجنابة"، ويؤكد هذا الحديث الصحيح "أنه لما مر عليه رجل عليه الصلاة والسلام وكان قد بال فسلم عليه فلم يرد عليه السلام حتى ضرب بيديه الحائط، ثم قال: إني كنت على غير طهارة فكرهت أن أذكر الله"، فإذا كان هذا في رد السلام وكره أن يذكر، فهذا من باب التنبيه بالأدنى على ما هو أعلى عليه فإن كان قراءةً للقرآن فإنه أولى بالمنع من غير الطاهر. وبناءاً على ذلك لا تقرأ الحائض القرآن، والذين قالوا بالجواز استدلوا بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتبه إلى قيصر وكسرى عظيم الفرس وقيصر عظيم الروم، كتب عليه الصلاة والسلام إلى قيصر عظيم الروم كما في الحديث الصحيح،"أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم… الآية"،... قالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب بهذه الآية إلى كافر متلبساً بالحدث الأكبر، ومع ذلك لم ير ذلك مانعاً من تلاوته للقرآن، فدل على جواز تلاوة الجنب والحائض والنفساء للقرآن، وهذا ضعيف لأمور:- أولاً: أن الآية كتبت على سبيل الـدعوة ويحتاج الأمر إلى إثباتها قرآناً، ولذلك قال: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء } ، .. الأمر الثاني: أن هناك فرقاً بين الآية والآيتين، والثالث لأن من منع يشترط تمام الآية، وبعضهم يشترط الآيتين وبعضهم يشترط الثلاث الآيات، الأمر الثالث: قالوا إنما الممنوع إذا نواها قرآناً، ولذلك الجنب يركب على دابته ويقول : { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } لأن هذا دعاء الركوب، دعاء السفر في السنة ودعاء الركوب في القرآن، فيشرع عند ركوب الدابة لمطلق القرآن،.. { ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ }، فهذه آية ولكنه يقولها على سبيل الذكر لا على سبيل القرآن، ومن هنا فرق بين كونها للدعوة مراداً معناها وبين كونها للتعبد وقاصداً كونها قرآناً، ولذلك المسلم لو قرأها لا على أنها قرآن وإنما بيان لحكمها وبيان ما تتضمّن، قرأ آية على سبيل الاستشهاد ولا يقصد بها قرآناً فإنه لا يأثم إذا كان جنباً، .. وأما إذا قصدها تلاوة فهذا هو الممنوع والمحظور، وعلى كل حال فالأشبه أنه لا تقرأ المرأة الحائض القرآن، لكن إذا وجدت الضرورة لقراءتها القرآن مثلاً في حال الخوف من السّحر والأذيّة تحتاج المرأة أن تقرأ التعاويذ والآيات الواردة في الأذكار عن النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعوذ، رخّص طائفة من أئمّة السّلف رحمهم الله في ذلك، وأنه لا حرج ولا بأس على المرأة أن تقرأ ذلك، وخاصّة إذا كانت نفساء لأن المدة تطول، فخفّفوا في هذا عند وجود الحاجة والضرورة. 5_ مس المصحف : ويمنع الحيض مسّ المصحف، ومس المصحف المراد بـه أن تحمل المرأة الحائض المصحف، أو تفتّشه أو تقلّب أوراقه فلا يجوز لها لمس المصحف ولا حمل المصحف، واستـدل على ذلك بدليل الكتاب { لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ } ، والصّحيح أنّ هذه الآية حكاية عن الملائكة، لأنّ كفّار قريش اتهّموا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يتلقى القرآن من الشياطين، وكذّب الله دعواهم وبيّن أنه في كتاب مكنون كريم محفوظ، نزل به الرّوح الأمين على قلبه صلوات الله وسلامه عليه ليكون من المنذرين، وبيّن أنه في أم الكتاب عنده سبحانه علي حكيم،.. وبيّن أن هذا الكتاب لا يمسّه إلا المطّهّرون، فمعنى ذلك أن الوحي مصون ومحفوظ من دخول الشياطين فيه، ومن هنا بيّن في قوله : { لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ } المراد بهم الملائكة، وعلى هذا لا يكون في الآية دليل لكن قالوا إنه قد تكون خبراً بمعنى الإنشاء، ويأتي الخبر بمعنى الإنشاء كما قال علي رضي الله عنه:"يمسح المسافر ثلاثة أيام والمقيم يوماً و ليلة" هذا خبر ومعناه ليمسح يعني الإلزام والإنشاء، وعلى هذا مثل قوله: { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ @ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ @ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ @ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ } ، لما قال الله تعالى: { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ @ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ } أخذ منه أهل العلم رحمهم الله أن القرآن يكرّم ولا يوضع على الأرض ولا يمتهن ولا يوطأ بالأقدام ولا يرمى كما يرمى الشيء، وإنما يكرّم { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ @ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ } فينبغي أن ترفع فيرفع ويصان قالوا هذا خبر بمعنى الإنشاء، وكأن الله يعلمنا أدب ملائكته مع كتابه وكلامه سبحانه وتعالى، فكذلك يقول ينبغي أن تكونوا على هذا كما قال صلى الله عليه وسلم:"قرأتها على الجنّ فكانوا أحسن منكم جواباً"، فإذا حكى الحال في حال الكمالات على المكلّف دل على أنه يقصد منها الاتساء والاقتداء وهذا معنى معروف معهود في الشرع. وأما بالنسبة لمس المصحف فمذهب الصحابة رضوان الله عليهم التشديد في مس المصحف فيما هو أخف من ذلك وهو الحدث الأصغر، فأما الدليل على إلزام الطهارة لمس المصحف فحديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتابه:"أن لا يمس القرآن إلا طاهر"، وهذا الكتاب (("أن لا يمس القرآن إلا طاهر")) أصل عند العلماء رحمهم الله في اشتراط الطهارة لمس المصحف، .. والكتاب هذا قال الإمام الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تلقّته الأمة بالقبول، ومّثل له شيخ الإسلام بن تيمية بالنصوص التي تلقّتها الأمة بالقبول فأغنت شهرتها عن طلب إسنادها، وكان الإمام أحمد رحمه الله لما يُسأل عن هذا الحديث يقول:"أرجو أن يكون صحيحا"ً، والعمل عليه عند أهل العلم رحمهم الله، والصحابة رضوان الله عليهم عملوا بهذا، فإن سعد بن أبي وقاص الصحابي الجليل كان معه ابنه وكـان يقرأ القرآن قال:"فتحكّكت فقال: يا بني لعلك لمست –يعني لمست ذكرك أثناء حكه-، قال: نعم، قال: قم فتوضّأ"، ... فمنعه أن يمسّ المصحف بعد انتقاض وضوءه بلمس الذكر، وهذا يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعرفون الأمر بالوضوء لمسّ المصحف، وإذا كان هذا في الحدث الأصغر فمن باب أولى في الحدث الأكبر. وأما قوله عليه الصلاة والسلام "أن لا يمسّ القرآن إلاّ طاهر" اعترض عليه بعض المتأخرين من الشّرّاح، بأن قوله "إلاّ طاهر" يعني مسّ مسلم، لأن عمراً بن حزم كان في نجران وكتب النبي صلى الله عليه وسلم له وهو بأرض أهل الكتاب، وهذا ضعيف لأن هؤلاء العلماء فهموا من قوله عليه الصلاة والسلام "إن المؤمن لا ينجس" أنه طاهر، وفرق بين قوله "إن المؤمن لا ينجس" وبين وصف الطهارة، "إن المؤمن لا ينجس" نفي، صفة التنجيس عن المسلم وهذا لا يستلزم أنه طاهر، ... ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"إني كنت على غير طهارة"، فنفي كون المسلم نجساً لا يستلزم أنه طاهر، لأنه قد يكون متطهّراً وقد يكون غير متطهّر، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"إني كنت على غير طهارة"، وقال كما في الصحيحين من حديث أمّ سلمة رضي الله عنها:"ثم تفضين الماء على جسدكِ فإذا أنتِ قد طهرتِ"، ومعنى ذلك أنه قبل ذلك أنتِ غير طاهر، والله يقول:{ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا }، فدلّ على أن نفي الطهارة لا يستلزم التنجيس، ولذلك هذا الجواب ضعيف والعمل على أن قوله "لا يمس القرآن إلا طاهر" على أن المراد به أن لا يمس المصحف إلا متوضئ، فإذا كان هذا في الحدث الأصغر فمن باب أولى في الحدث الأكبر. فلا يمس إذا كان قرآناً لا تمس القرآن، ولا تقلب صفحاته والمراد بذلك القرآن الكتاب الخاص، أما كتب العلم التي يتناثر القرآن فيها ككتب الفقه تذكر فيها أدلة القرآن فيجوز حملها ومسها لأنها ليست قرآناً، ليست آخـذة حكم القرآن، ولكن لا تقرأ الآيات على سبيل القراءة إلا إذا طهرت المرأة من حيضها. 6_ اللبث في المسجد: ويمنع الحيض اللبث في المسجد هو يمنع الدخول في المسجد ويمنع اللبث، ولكن عند بعض الفقهاء وبعض أئمة الحديث رحمهم الله أنه يجوز للمرأة الحائض المرور بالمسجد ومرور الجنب داخل المسجد، وحملوا عليه قوله تعالى : { وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ }، ، { لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ } ، قوله : { لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ } يعني مواضع الصلاة من باب إطلاق الشيء وإرادة مكانه هذا على أحد الأوجه في تفسير الآية الكريمة، وبناءً على ذلك في قوله : { وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ }قالوا هو العبور داخل المسجد للجنب، وفيه بعض الآثار عن الصّحابة رضوان الله عليهم ولكن الآية فيها تقديم وتأخير والصحيح أنها ليست استثناء للمرور في المسجد، .. وإن كانت للمرور في المسجد فأصح الأوجه أنها في الرجل ينام في المسجد فتصيبه الجنابة، فيخرج لأن هذا من لازم تعظيم المسجد ورفعه وتوقيره، وعلى هذا فإن المرأة لا تدخل المسجد إذا كانت حائضاً، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعائشة:"اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"، فمنعاها من الدخول إلى المسجد ومن الطواف بالبيت،... ولأن عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين قال لها النبي عليه الصلاة والسلام :"ناوليني الخُمرة، فقالت: إني حائض"، وجه الدلالة من الحديث أن عائشة ما كانت لتمتنع من فعل أمر النبي عليه الصلاة والسلام والامتثال لأمره بمناولة الخمرة إلا بعذر شرعي، فقالت:"إني حائض"، ... فلو كانت الحائض غير ممنوعة من دخول المسجد ما كان لقوها"إني حائض" معنى، وقوله "إن حيضتكِ ليست في يدكِ" لأنه قال:"ناوليني"، فدخول الجزء ليس كدخول الكل، فهي ظنت أنها مادامت حائضا لا يجوز حتى أن تدخل يدها، ومنها استنبط العلماء من هذا الحديث عدة مسائل:- المسألة الأولى: أن الحائض لا يجوز لها دخول المسجد لأن عائشة رضي الله عنها اعتذرت عن الدخول بقولها "إني حائض"، وهذا يدل على أن المرأة الحائض في الأصل ممنوعة من دخول المسجد، ... والنبي عليه الصلاة والسلام أقرّها على ذلك، لكن لم يقرّها على أن دخول الجزء كدخول الكل، ولذلك قـال:"إن حيضتكِ ليست في يدكِ، إن حيضتك ليست في يدكِ" بعضهم يقول: يعني لا تملكين رفعها هذا مجاز، لكن حيضتكِ ليست في يدكِ حقيقة، يعني اليد التي تناولين بها الخُمرة دخولها ليس كدخول الكل، والأصل أنه متعلق بالموضع الذي فيه الحيض، ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام:"إن حيضتكِ ليست في يدكِ" على الحقيقة، وترجَّح مذهب من منع من دخولها والترجح في هذا ظاهر، لأن عائشة لا يمكنها أن تمتنع من امتثال أمر النبي إلا لعذر شرعي، ولما قالت:"إني حائض" فهمنا أن النبي عليه الصلاة والسلام بيّن لها أن الأصل في الحائض أن لا تدخل المسجد ولذلك استندت إلى هذا الأصل. ولكن قولـه عليه الصلاة والسلام "إن حيضتكِ ليست في يدكِ" يدل على أن المرأة الحائض يجوز لها أن تناول الشيء في المسجد وأن تخرج الشيء من المسجد دون أن يدخل كلها، وأن دخول الجزء ليس كدخول الكل وفيه مسائل، منها لو قال والله لا أدخل بيتي فأدخل يده لم يحنث، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يجعل دخول اليد الجزء كدخول الكل، ومنها لو قال لها إذا دخلتِ الدار فأنتِ حائض فأدخلت يدها،... أو قال لها إذا دخلتِ الدار فأنت علىَّ كظهر أمّي فظاهر منها فأدخلت يدها كل هذا لا يقع به الظهار ولا الطلاق ولا يحكم في هذه المسائل بما يحكم في دخول الكل، فالشاهد من هذا أن هذا الحديث أصل يدل على أن المرأة الحائض لا تدخل المسجد، وظاهر القرآن في قوله تعالى:{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ }فإن من رفعة المسجد ومما خص الله جلا وعلا بـه بيوته تشريفاً وتكريماً أن لا تدخله المرأة الحائض لعدة حكم منها: أنها إذا كان معها الحيض لا تأمن أن يصيبها النزيف فيتلوث المسجد ودمها نجس كما بيّنّا أن دم الحيض نجس وهذا بإجماع العلماء لقوله عليه الصلاة والسلام "اغسلي عنكِ الدم"، وصان الله المساجد عن هذا.
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-10-2011 في 01:13 AM.
|
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-24-2011, 10:24 AM | رقم المشاركة : 8 |
شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
7_ الوطء : ويمنع الحيض وطأ الرجل لامرأته في فرجها، والأصل في ذلك قوله تعالى: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } ، فجمع الله في هذا المانع وبيان هذه الحرمة بين أسلوبين:- الأسلوب الأول { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ {، والأسلوب الثاني }وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } حينما تقول للشخص اجلس ولا تقم، واقعد ولا تقف، فهذا أبلغ في زجره ومنعه، ولذلك بيّن الله تعالى قال: { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ } أي تجامعوهنّ في المحيض حتى يطهرن وهذا يـدل على حرمة جماع الحائض، وهذا محل إجماع بين العلماء رحمهم الله وفي الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:"اصنعوا كل شيء إلا النكاح"، والمراد بقوله "إلا النكاح" يعني الجماع، وهذا من إطلاق النكاح بمعنى الوطء في الفرج. وهذا الأصل دلت عليه دلالة الكتاب والسنة كما بيّنّاه وانعقد عليه إجماع العلماء، وفيه حكم حتى إن بعض الأطباء الآن يقولون إنه مما ثبت أن الجماع أثناء الحيض يحدث أضراراً على الرجل وأضرارا على المرأة، فسبحان اللطيف الخبير العليم الحكيم وإن كنا نسلم بأمر الله سواءً ظهرت العلة أو لم تظهر، فالله أعلم وأحكم وهو ألطف وأرحم فعلى كلّ حال لا يجوز وطء المرأة في القبل أثناء حيضها. 8_ سنة الطلاق: ويمنع الحيض سنة الطلاق، طبعاً هناك طلاق سني، النساء منهن من توصف بطلاق السنة والبدعة، ومنهن من لا سنة ولا بدعة في طلاقها، الطلاق السني والبدعي بالنسبة للمرأة الحائض، وأما بالنسبة للمرأة التي لا تحيض كالصغيرة والآيسة من الحيض فلا بـدعة ولا سنة في حقها، ولذلك الطلاق السني أن يطلق المرأة في طهر لم يجامعها فيه،.. والأصل في ذلك قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ }، فقوله تعالى : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } أي طلّقوهنّ لقبل عدّتهن، أي عند استقبالهنّ للعدّة، وهذا أن تترك المرأة حتى تحيض فإذا حاضت وطهرت من حيضها وعنده نية للطلاق نقول له طلّق الآن، أما لو جامعها في هذا الطهر ثم طلّقها فإنه ربما تبيّن أنها حامل من هذا الجماع، فيندم وتطول عليها العدّة،.. لأنها تبقى في عدتها حتى تضع حملها فخفف الله ، ولذلك يقول عبد الله بن مسعود وعن علي مثله:"لا يُطلق أحد للسنة فيندم"، يعني ما أحد يتحرّى سنة النبي عليه الصلاة والسلام وهديه في الطّلاق فيصيبه النّدم، ومن هنا لا تطلق المرأة وهي حائض، والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما "أنه طلّق امرأته وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله فغضب، وقال عليه الصلاة والسلام: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلّق وإن شاء أمسك، فتلك العدّة الّتي أمر الله أن تطلق لها النساء"، ... فأجمعوا على أن من طلّق المرأة في حال حيضها أنه مطلق للبدعة مخالف للسنة آثم شرعاً في طلاقه، وعلى هذا فإنه ينبغي أن يتريث حتى تطهر من حيضها ثم إذا طهرت وأراد أن يطلّقها لا يجامعها، فيطلّقها في طهر لم يمسّها فيه وبيّن له قال:"ليطلقها طاهراً أو حاملاً"، فهذه هي السنة في الطلاق، وعلى هـذا يمنع سنة الطلاق. 9_ الاعتداد بالأشهر: ويمنع الحيض الاعتداد بالأشهر، المرأة طبعاً إما أن تكون من ذوات الحيض، مثلاً امرأة عمرها عشر سنوات جاءها الحيض فإذا طلقت تعتد بالطهر،وتعتد بالحيض على القول الثاني أن القرء المراد به الحيض والصحيح الطهر ، إذا كانت حائضا تعتدّ بالطهر من الحيض أو بالحيض على القولين المشهورين،... إن كانت صغيرة لم تحِض أو كبيرة آيسة من الحيض فهذه عدّتها بالأشهر، { وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ }يعني وعدة اللائي لم يحضن ثلاثة أشهر، فجعل الله الاعتداد بالأشهر لنوعين من النساء، النوع الأول الصغيرة، مثال ذلك رجل تزوج امرأة وعمرها مثلاً ثمان سنوات عقد عليها ولم تحض بعد، ... ففي هذه الحالة لو دخل بها ولو بلغت عشر سنوات أو حتى ثلاث عشرة سنة ولم تحض بعد فدخل بها وجامعها ووطئها ثم طلّقها، فلمّا طلّقها هي مدخول بها فإذا كانت مدخولاً بها اعتدّت ثلاثة أشهر، تنزيل للزمان منزلة الحال والوصف، لأن المرأة في كل شهر تحيض، ومن هنا نزل الله كل حيضة منزلة الشهر وهذا يقوي مذهب من قال إن أكثر الحيض خمسة عشر يوم ... على كل حال لها ثلاثة أشهر إذا كانت صغيرة، ولو أنّه طلّق امرأته الكبيرة رجل وامرأة زوجان كبرت زوجته وآيسة من الحيض انقطع عنها الحيض ثم طلّقها، فإذا طلّقها ما تعتدّ بالحيض لأنها لا تحيض ولا يجري معها الدم فلا طهر لها، فهذه يأست من الحيض { وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ }، فحينئذ نقول لها اعتدّي ثلاثة أشهر ثم أنتِ قد حللت للأزواج، فهذه عدة الآيسة وعدة الصغيرة . فلو أن الصغيرة حاضت انتقلت من الاعتداد بالأشهر إلى الاعتداد بالحيض، فأصبح وجود الحيض مانعاً من إتمام عدة الأشهر، ثم هناك وجهان للعلماء: دخل على امرأة وعمرها عشر سنوات ولم تحض فطلّقها، فقلنا لها اعتدّي بالأشهر، فاعتدت شهراً ثم حاضت، نقول في هذه الحالة تسقط عدة الأشهر، فهل تستقبل عدة الحيض تامة إذا قلنا ثلاث حيضات أو ثلاثة أطهار؟، أم أنها تبني فيلزمها حيضتان أو طهران؟، ... وجهان للعلماء رحمهم الله: أما لو أنها مكثت نصف شهر ثم جاءها الحيض نزل معها دم الحيض فحينئذ تنتقل إلى عدة الحيض، وهذا معنى ويمنع الاعتداد بالأشهر ، فإذا جاء الحيض على المرأة التي تعتد بالأشهر وحكمها أن تعتد بالأشهر ألزمناها بعدة الحيض وأسقطنا عدة الأشهر، سواءً كانت من جنس من يعتد بالأشهر ثم طُلقت، أو أنها اعتدت بعض العدة . 10_ يوجب الغسل: ويوجب الحيض، يعني إذا وجد الحيض ماذا يترتب عليه؟، يوجبيثبت، يوجب الغسليعني أن المرأة إذا نزل معها دم الحيض لزمها أن تغتسل، وهذا الأصل عند العلماء رحمهم الله محلّ إجماع لأن النبي عليه الصلاة والسلام "فإذا خلّفت ذلك فلتغتسل"، فدل على أن المرأة إذا حاضت يجب عليها الغسل وهذا محل إجماع. البلوغ يقال بلغ الشيء إذا وصل إليه، وأصل البلوغ عند العلماء رحمهم الله هو الانتقال من طور الصّبا إلى طور الحلم، يقال بلغ الصبي إذا انتقل من طور الصغر إلى طور الكبر، وهي حالة لا تستطيع أن تحدد لها دقيقة أو ثانية أو زماناً معيناً تحكم بكونه انتقل، ولذلك يعبرون بالعلامات والأمارات التي إذا وُجِدت في الغالب حُكم بالبلوغ بها، مثلاً عندنا علامات اُتفق عليها من الحيض كما مر معنا فبمجرد ما ينزل دم الحيض مع المرأة حكمنا ببلوغها وأخذت حكم البالغ وعُملت معاملة المرأة البالغة، كذلك أيضاً الاحتلام وهو نزول المني محل إجماع فإذا أمنى الصبي حكمنا ببلوغه قال عليه الصلاة والسلام:"رُفِع القلم عن ثلاثة وذكر منهم الصبي حتى يحتلم". وهناك علامات مختلف فيها مثل السن، الجمهور على الاعتداد به خمس عشرة سنة كالشافعية والحنابلة لحديث بن عمر وهو الصحيح، وقيل ثمان عشرة سنة وهو استناد لدليل العقل على الغالب، وقيل غير ذلك ولكن أقوى شيء أنها خمس عشرة سنة، والـدليل على اعتبار السن حديث بن عمر رضي الله عنهما "عُرضت على النبي وأنا ابن أربع عشرة سنة يوم أحد فلم يجزني ولم يرني قد بلغت، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فـأجازني"،... فهذه كلها علامات نحكم بكون المرأة أو كون الرجل قد دخل في البلوغ وأنه يعامل معاملة البالغ، هذه العلامة وهي الحيض محل إجماع على أن المرأة لو نزل معها دم الحيض حكم ببلوغها، لكن غالبا ماً ما يكون من بعد تسع سنين، ومن هنا قال الإمام الشافعي رحمه الله:"أعجل من رأيت في الحيض نساء تهامة، وذلك أنني رأيت جدة ابنة إحدى وعشرين سنة" وهي جدة، لأنها طبعاً تزوّجت وعمرها تسع سنوات وحلمت وولدت بنتاً، ثم هذه البنت بعد تسع سنوات صار عمر الأم كم تسع عشرة سنة، فتزوّجت ثم حملت ثم وضعت فدخلت الجدة المباركة في إحدى وعشرين سنة، فقال:"أعجل من رأيت في الحيض نساء تهامة"،.. لأنه في الحر يكون البلوغ أعجل بخلاف المناطق الباردة فإن البلوغ يتأخر، فالشاهد أنه لتسع سنوات تتهيّأ المرأة للحيض، ونحكم ببلوغها إذا كان بعد تسع سنوات نزل معها الدم حكم ببلوغها، لو أنها كانت صغيرة بنت تسع سنوات ولم تظهر عليها علامات البلوغ وقتلت عُملت معاملة الصبي والصغير ولا يقتص منها ولا يجب قتلها قصاصا لأن عمد الصبي خطأ، لكن لو نزل معها دم الحيض وبعد نزول دم الحيض مباشرة قتلت عُملت معاملة البالغ وحُكم بالقصاص عليها لأنها صارت من أهل التكليف، واستحقت العفو واستيفاء القصاص إلى آخره، يعني يحكم بالبلوغ بمجرد نزول دم الحيض من الجارية، فإذا نزل منها دم الحيض حُكم ببلوغها. يوجب الغسل الذي هو غسل الحيض، وكما قدّمنا هذه الأمور التي يوجبها الحيض ويحكم بثبوتها ولزومها على المرأة الحائض، أولاً أن تغتسل والمراد الغسل لجميع بدنها لقوله عليه الصلاة والسلام "لتنظر الأيام التي كانت تحيضهن قبل أن يصيبها الذي أصابها، فإذا هي خلفت ذلك فلتغتسل"، وقـال عليه الصلاة والسلام:"فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم واغتسلي وصلّي"، فأمر عليه الصلاة والسلام المرأة الحائض أن تغتسل بعد انقطاع دمها، فدلّ على أنّ الحيض يوجب الغسل، ولا تغتسل إلا بعد انقطاع الدم ورؤية علامة الطهر. والاعتداد به ويوجب الاعتداد به كما ذكرنا، يوجب الاعتداد بالحيض وسقوط الاعتداد بالأشهر.
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-10-2011 في 01:19 AM.
|
|
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-24-2011, 10:25 AM | رقم المشاركة : 9 |
شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
الأشياء التي تباح إذا انقطع الدم : 1_ فعل الصلاة : المرأة الحائض ينقطع عنها الدم وترى علامة الطهر وتغتسل بعد ذلك، فعندنا طهران طهر لها في حق نفسها من انقطاع الدم ورؤية علامة النقاء، وطهر شرعي تتكلف فعله وذلك بالاغتسال، فهل هذه الممنوعات تتأقت إلى انقطاع الدم وطهرها في حق نفسها، أم لا بد من أن تطهر الطهارة التامة الكاملة فينقطع الدم، وترى علامة الطهر وتغتسل ثم يباح سائر هذه الممنوعات؟، بيّن أن هناك تفصيلاً فمن الممنوعات ما يكون حده إلى انقطاع الدم، ومن الممنوعات ما يشترط لجوازه أن تتطهّر المرأة الطهارة الكاملة، فعندنا عند انقطاع الدم يباح فعل الصوم، المرأة مثلاً لو رأت علامة الطهر قبل أذان الفجر صح صومها، ولذلك لو رأت علامة الطهر قبل أذان الفجر ثم اغتسلت من حيضها بين الأذان والإقامة صحّ صومها، لأنه ما يشترط أن تتطهّر قبل الصّوم، ويصحّ صيام الجنب ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كان يصبح وعليه جنابة ثم يغتسل وما يمنعه ذلك من صوم عليه الصلاة والسلام، وعلى هذا فلا يشترط في صيام المرأة الحائض أنها تغتسل، بل يجوز منها أن تصوم قبل غسلها. 2_ الطلاق : والطلاق يجوز لزوجها أن يطلّقها بعد رؤية علامة الطهر، وهذا هو قول طائفة من أهل العلم رحمهم الله والجمهور على أنه يجوز أن يطلّقها بعد رؤية علامة الطهر، والدليل على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:"مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلّق وإن شاء أمسك، فتلك العدّة الّتي أمر الله أن تطلّق لها النساء"، فجعل نهاية المنع من الطلاق هو طهرها، ولذلك لا علاقة للطلاق بالغسل، ومن هنا لا نوجب عليها غسلاً حتى نحكم بسنية الطلاق، فلو أنهّا جاءته وقالت الآن طهرت من حيضي، فقال أنتِ طالق، نقول طلاق سنة لأنه وقع بعد طهر المرأة، إذاً ما يشترط أن نقول له انتظر حتى تغتسل لأنه ليس من جنس التعبديات التي ينبغي أن تكون لها الطهارة مثل مس المصحف مثل الصلاة مثل الطواف بالبيت ونحو ذلك هذه كلها تشترط لها الطهارة فلابد وأن تغتسل وأما الباقي فلا يجب أن تتطهّر له. أما الجماع فالصحيح مذهب الجمهور أنه لا يجوز له أن يجامع امرأته إلا بعد أن تغتسل، ودلت على هذا الآية الكريمة قال تعالى : { وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } -هذا طهر الحيض- { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } ، فنسب التطهّر الثاني إليهن والوصف الثاني عـارض في قوله : { ) حَتَّى يَطْهُرْنَ } ، فدل قوله : { فَإِذَا تَطَهَّرْن } يعني اغتسلن، وملحظ الجمهور أن الله نسب التّطهّر إلى المرأة، ومن هنا لا يجامع المرأة إلا بعد اغتسالها، لا يحل له أن يجامعها إذا كانت حائضاً حتى تغتسل فـإذا اغتسلت أُبيح له أن يجامعها، وأما الإمام أبو حنفية النعمان رحمه الله برحمته الواسعة فيقول: يجوز له إذا انقطع دمها ورأت علامة الطهر أن يجامعها قبل أن تغتسل لأن الله حرم عليه أن يجامع في الحيض والحيض قد انتهى، والصحيح مذهب الجمهور لظاهر الآية الكريمة. يجوز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج. : ويجوز للزوج أن يستمتع بامرأته الحائض بما دون الفرج، الأصل في ذلك قوله تعالى : { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيض } ، و المحيض اسم مكان كالمقيل، اسم مكان للقيلولة المكان الذي يقيل فيه الإنسان، فدل على أن مكان الحيض وهو القبل لا يجوز للرجل أن يصيب المرأة فيه إذا كانت حائضاً ودل على اختصاص التحريم به، ولأنّ النّبيّ في السنة أكّد هذا المعنى كما في الصحيح من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله :"اصنعوا كلّ شيء إلاّ النكاح"، يعني إلا الوطء في الفرج، وللحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كان النبي يأمر إحدانا فتتزر ثم يباشرها وهي حائض"، فالمراد من ذلك أنها تتحفظ وتحفظ الموضع ثم بعد ذلك يستمتع بما دون الفرج، وعلى هذا فالمحرم هو الوطء في الفرج. وأما بالنسبة لما عدا الفرج من التقبيل والمباشرة واللمس لغير الفرج والاستمتاع به فلا بأس بذلك ولا حرج، لأن الشرع إنما حرم الوطء في الفرج وهو المحظور وما عداه باقٍ على الأصل، قال تعالى : { هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ } ، في الأصل أنه يستمتع بامرأته إلا مكان الحيض فلا يجوز لها أن يطأها فيه، ثم يرد السؤال هل الفخذان وما قاربا الفرج يجوز الاستمتاع به؟، فيه خلاف بين العلماء مشهور بيّنا هذا في شرح البلوغ وفصّلنا فيه فبعض العلماء يمنع لأن النبي أمر بتعاطي الأسباب وقال:"كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه"، فقالوا إنه لا يأمن من هيجان شهوته فيقع في الحرام فيكون المنع منه سداً للذريعة، وقالوا إن النبي أمر عائشة أن تتّزر وباشرها عليه الصلاة والسلام فإذا كانت هذه عائشة وهذا رسول الله عليه الصلاة والسلام وهما أتقى لله فمن باب أولى من عداهم. هذا وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إعداد الأخ : ill ..
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-10-2011 في 01:28 AM.
|
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: |
10-26-2011, 09:05 PM | رقم المشاركة : 10 |
شكراً: 5,696
تم شكره 3,861 مرة في 966 مشاركة
|
رد: الحيض مسائله وأحكامه
اشكرك اختي ابتسامة على الطرح الهااام والقيم
جزيتي خير الجزاء اسأل الله ان يجعله في موازين حسناتك اسعدك الله واثابك الجنة
|
|
3 أعضاء قالوا شكراً لـ الوردة النقية على المشاركة المفيدة: |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|