هذه أقوال مجموعة وكلمات نيرة، هي أجوبة لمن قيل له:
كيف أصبحت؟ لها دلالات ومعاني غزيرة، في الزهد والورع والتقوى نحن
بأمس الحاجة لها في دنيا الفتن والشهوات وانكباب الناس على الملذات.
عن دهثم العجلي، قَالَ: لقيت يزيد الرقاشي،
فقلت له: كيف أصبحت رحمك اللَّه؟
قَالَ: كيف يصبح من تعتد عليه أنفاسه،
ويحصى لانقضاء أجله، لا يدري عَلَى خير يقدم،
أم عَلَى شر؟ قَالَ: ثم ذرفت عيناه.
قال المروزي: دخلت يوما عَلَى أَحْمَد،
فقلت: كيف أصبحت؟
فقال: كيف أصبح من ربه يطالبه بأداء الفرض، ونبيه
يطالبه بأداء السنة، والملكان
يطالبانه بتصحيح العمل، ونفسه تطالبه
بهواها، وإبليس يطالبه بالفحشاء،
وملك الموت يطالبه بقبض روحه،
وعياله يطالبونه بنفقتهم؟
عن عارم بن الفضل، قال : قلت لزهير البابي:
كيف أصبحت يا أبا عبد الرحمن؟
قال: أصبحت بعدك في مسير إلى الآخرة،
منتقلا عن الدنيا بشدتها ورخائها
عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الضُّرَيْسِ عُمَارَةَ بْنَ حَرْبٍ،
يُقَالُ لَهُ:
كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا أَبَا الضُّرَيْسِ؟
فَيَقُولُ: إِنْ نَجَوْتُ مِنَ النَّارِ فَأَنَا بِخَيْرٍ.
قال رجل لميمون بن مهران: كيف أصبحت؟
قال أصبحت مستوحشا كم من خلق كريم وفعل جميل
قد درس تحت التراب.
قيل لمالك بن دينار كيف أصبحت؟
قال: أصبحت في عمر ينقص وذنوب تزيد.
قيل لحكيم كيف أصبحت؟
قال: أصبحت آكل رزق ربي وأطيع عدوه إبليس
قيل لحامد اللفاف كيف أصبحت؟
قال: أصبحت أشتهي عافية يوم إلى الليل
فقيل له: ألست في عافية في كل الأيام؟
فقال: العافية يوم لا أعصي الله تعالى فيه
وقيل لرجل وهو يجود بنفسه: ما حالك؟
فقال: وما حال من يريد سفرا بعيدا بلا زاد،
ويدخل قبرا موحشا بلا مؤنس،
وينطلق إلى ملك عدل بلا حجة !!
وفى الختام فلينظر كل واحد منا إلى حاله
ويسأل نفسه كيف أصبحتِ؟
إن كان هؤلاء الزهاد والصالحين هذا جوابهم!!
فكيف يكون جوابنا نحن المقصرين
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟