الموضوع
:
التدريس بالملكات نحو تأسيس نموذج تربوي أصيل في التعليم
عرض مشاركة واحدة
04-22-2013, 09:48 PM
رقم المشاركة :
2
عزيز الريصالح
عضو مبتدئ
الحالة
شكراً: 1
تم شكره 60 مرة في 30 مشاركة
رد: التدريس بالملكات نحو تأسيس نموذج تربوي أصيل في التعليم
بسم الله الرحمن الرحي
م
3- مكونات النموذج وخصائصه
يتميز مقترحنا بالعديد من الخصائص العامة التي سنستعرضها في العناوين رفقته ولكنها تبقى مبادئ وتوجهات عامة ،
تحتاج بطبيعة الحال ، إلى برامج تطبيقية لأجرأتها و وتجارب توفر ظروف تفعيلها داخل الأقسام والمدارس،
برامج نحن بصدد الاجتهاد في وضعها وتفصيل مقتضياتها وسنعمل على عرضها ،في دراسات لاحقة
أولا
:
توظيف الملكات
:
يوظف النموذج مفهوم الملكات ومفاهيم أخرى مرتبطة ...بمعناها التراثي الأصيل،
مع العمل على تطويرها وجعلها أكثر غنى وأكثر استجابة لمتطلبات العصر.وهذه الملكات يمكن أن تشكل منطلقا لمعايير
تنظيم المنهاج الدراسي بمعناه الواسع، بل يمكن أن تتحول هي نفسها إلى معايير تنظم التعليم برمته وترفع من جودته .
ثانيا:
تأصيل النشاط التربوي
:
إن ما يبرر اقتراحنا لمدخل الملكات ، هو العمل والاجتهاد لتأصيل النشاط التربوي
و إيجاد بدائل مستمدة من تراثنا التربوي و السعي في نفس الآن ، لإغناء النماذج والمقاربات الحالية والمستجدة
على الساحة التربوية – التعليمية ، بهدف عقلنة التدريس وجعله أكثر فاعلية واندماجا ،
و تطويره من خلال تربية غنية ومبدعة ، دون التضحية، باسم العولمة ، بخصوصيتنا واستقلالنا.
ثالثا
:
الاستجابة للحاجيات الحقيقية للمتعلمين
:
إننا ننطلق في هذا النموذج ، من انتقاد التوجهات التي تريد
أن تجعل من بعض المقاربات في التعليم وباسم التجديد ، أداة لتطويع البشر وترويضهم وبرمجتهم وفق أنماط غربية وغريبة،
ضدا عن مصالحهم وعن احتياجاتهم الحقيقية؛ والعمل على رفض المناهج التي تسعى إلى خلق أنماط من التفكير والأداء محددة
سلفاً وبكيفية آلية، والتضييق من قدرات المتعلمين الإبداعية، عوض أن نيسر لهم سبل الاختيار بما يتوافق مع خصوصياتهم و طموحاتهم ويمكنهم من التثقيف الذاتي والتطوير الشخصي .
رابعا
:
رفض
الصياغات الإجرائية- السلوكية
للنشاط التعليمي
:
كما ننتقد الاكتفاء بالصياغات الإجرائية- السلوكية
و الوضعياتية ، سواء للأهداف أو للكفايات أو للمعايير ... وكما هو سائد في بعض الأنظمة التعليمية ،
التي تكتفي باستيراد هذه المقاربة أو تلك ، والتوقف عند المؤشرات الجزئية ، والتي كثيرا ما تؤدي،فضلا عن السقوط
في التبعية، إلى الآلية والنزعة نحو التفتيت .
إن التحديد الإجرائي-السلوكي للأهداف على سبيل المثال، كثيرا ما يمنع المدرسين من الاستفادة من الفرص التعليمية
غير المتوقعة التي تحدث داخل الأقسام ، فيستبعدون مبادرات التلاميذ بل ومبادرات المدرسين أنفسهم والتي
تفرضها المواقف التعليمية المستجدة ولا تتناولها الأهداف أو الكفايات أو المعايير ، المحددة سلفا و بعبارات سلوكية جامدة.
خامسا
:
التخطيط الاستراتيجي واعتماد نظرة استشرافية للمستقبل
:
يتعلق الأمر هنا بإيماننا بأن تسليط الأضواء
في نموذج التدريس بالملكات ، على الاحتياجات الحقيقية للتلاميذ وأسرهم كما أسلفنا ، يتطلب تحديد الأولويات
والاختيارات الملائمة برؤية استباقية واعية، قصد مساعدة صانعي القرارات التربوية وواضعي تشريعات تطبيقها وأساليب إنزالها ،
للتوجه نحو الأهداف بعيدة المدى، مع إطْلاعهم على التدابير الواجب اتخاذها في الحين، قصد الوصول إليها.
إن من أبرز الأزمات التي تعاني منها العديد من الأنظمة التربوية ،ومن ضمنها نظامنا، العجز عن تحديد الغايات النهائية
للنشاط التربوي في أطار فلسفة واضحة المعالم وفي إطار استشراف المستقبل .
إن استشراف المستقبل عموما ومستقبل النشاط التربوي على وجه الخصوص، يعني استخلاص عبرة من الماضي و اعتماد
سيناريوهات مختلفة معدة سلفا، لجميع الحالات الطارئة المحتملة بالانطلاق من المسلمات والافتراضات المتفق عليها
من مختلف اتجاهات البحث العلمي والفكري والعقائدي والتكنولوجي؛ وتعيين الإمكانيات والقدرات اللازمة لإنجاز
أي مسار مستقبلي.
كما نعني بالاستشراف في هذا المجال ، دراسة الوجهة المستقبلية للمتغيرات ومكونات المنظومة ومتابعة
مسار تطور
الملكات الأساسية
الضرورية للانخراط في المهن وفي التنمية عموما والتي يجب عدم إغفالها لأنها تنبئ بالمستقبل.
شريطة أن يكون استشراف المستقبل مبنيا على تخطيط استراتيجي علمي ،
ينطلق من حيثيات ومعطيات واقعية وتوقعات معقولة. وفي هذا الصدد يؤكد عالم المستقبليات المغربي
المهدي المنجرة
،
على أهمية المنهج العلمي في دراسة المستقبل، فيقول: "لا يكمن دور الاستشراف في إصدار التنبؤات اعتباطياً؛
بل يتجلى هدفه في تحديد الاتجاهات، وتخيُّل مستقبلٍ مرغوبٍ فيه، واقتراح استراتيجيات تحويله إلى مستقبل ممكن".
سادسا
: اعتماد النظرة الشمولية للمنهاج
:
إننا نروم في هذه المقاربة ، الانطلاق من النظرة الشمولية للمنهاج
و نقترح أن تستهدف المنهاج التربوي في مكوناته الأساسية: الأهداف التربوية والتي تستحضر مختلف عناصر الوظيفة التربوية ،
سواء المعرفية منها أو الجسمية (الحسية – الحركية و المهارية ) أو الروحية –الأخلاقية (الوجدانية). كما تستهدف
الاختيارات المعرفية والعلمية (المضامين) ، وكذا الطرق والأساليب والتقنيات والكتب المدرسية و أنظمة التقويم ،
وخصوصيات الفئات المستهدفة وأساليب المتدخلين من مدرسين ومرشدين وإداريين (القيادة التربوية)
و تنظيم الحياة المدرسية (التنظيمات البيداغوجية وتوزيع الزمن المدرسي و الأنشطة الموازية ...).
سابعا :اعتماد المنهاج المندمج :
من المكونات الأساسية في نموذج التدريس بالملكات، اعتماد مبدأ الاندماج بمعناه الحقيقي كما نتبناه في
"المنهاج المندمج" والذي نعتبره السياق الطبيعي لتطبيق هذه البيداغوجيا الأصيلة ،
يسعى المنهاج المندمج للمؤسسة (م 3) كما نتصوره ، إلى التكامل لكن ليس بمعناه الضيق والمنحرف الذي يختزله
في الاندماج على مستوى الموارد المعرفية التي يكتسبها التلميذ ويجندها لمواجهة وضعيات .
بل بمعناه العميق والشامل
والذي يتمثل في المبادئ الثلاثة التالية:
1- “
الاندماج العمودي بين المراحل والشعب
”: إعادة النظر في هيكلة التعليم (الابتدائي –الإعدادي - الثانوي - العالي)
مع رؤية مندمجة لتطور مختلف أسلاك التعليم بالعلاقة مع التكوين المهني، كجزء من المنظومة التعليمية.
بموازاة مع تطوير التعليم العتيق والأصيل و إيجاد جسور التواصل بينه وبين الأنظمة الأخرى في التعليم العام والخصوصي.
كما تساير المقاربة التربوية المندمجة ، الرغبة في الحد من الازدواجية الفاصلة بين مناهج القسم العلمي والتقني ( الفني)
ومناهج القسم الأدبى وذلك بتزويد الطالب بخلفية متينة فى اللغة والرياضيات والعلوم الطبيعية والإنسانية
والتكوين الثقافي العام، بشكل متوازن.
2- ”
الاندماج الأفقي
” (التناسق والتكامل المعرفي)
: توزيع السنة الدراسية على الدورات (الفصول)
و مراجعة تنظيم الدراسة في مختلف الشعب والتخصصات و تنظيم المواد الدراسية ووحدات التخصص بالنظر في إمكانية
إحداث مواد جديدة ومد الجسور بين المواد المعروفة تقليديا بتطبيق مبدأ التكامل ،
مع مراعاة خصوصيات المواد الدراسية والتخصصات على حدة.
و أن يتم تحقيق التكامل بين المواد الدراسية والبناء المتدرج لمفاهيمها وفق آخر ما توصل إليه العلم في ميادين النمو العقلي
والنفسي للمتعلم (مثل توظيف نظرية الذكاءات المتعددة).
كما يشمل هذا المبدأ الاندماج بين النظري والعملي في إطار واحد ، ومنه ضرورة عناية التربية بالربط بين الفكر والعمل
وإلغاء الثنائية التي نلاحظها في المدرسة الحالية السائدة في بلداننا. إذ يشترط في المدرسة المندمجة الأصيلة ،
تحقيق الحد الأدنى من التكامل بين جميع الأنشطة التربوية داخل القسم وخارجه ،
وبين موضوعات الدراسة النظرية والدراسة العملية ، مما يساعد في بناء إنسان سوى ذي شخصية متوازنة ،
يفكر بعقله ويجرب بيديه.
3-”
الاندماج المنهاجي
curriculaireمع متطلبات المجتمعات المحلية ”
: مراعاة العلاقة التفاعلية بين ما تقدمه المدرسة
من برامج ومحتويات وما يسعى المجتمـع إلى تحقيقه من أهداف وغايات وملكات، باعتبار المدرسة محركا أساسيا للتقدم الاجتماعي
وعاملا رئيسا من عوامل التنمية. مع الحرص على مراعاة المنهاج الدراسي لخصوصيات المناطق والجهات في أفق العمل
بالجهوية الموسعة.
وهكذا يسير الاندماج المقصود في المنهاج الذي نتبناه والذي يأتي نموذج التدريس بالملكات كتتويج له،
يسير في اتجاه متصاعد بدءا من المستوى المحلي ثم الجهوي فالوطني (أي على مستوى المجتمع ككل)،
لنصل في النهاية لتحقيق الاندماج على المستوى الإقليمي (العربي – الإسلامي).
إننا نقترح أن تتميز المقاربة والمنهاج التربوي عموما ،بالسماح للعاملين في قطاع التعليم، بقدر من المرونة
في صياغة الملكات المستهدفة واختيار المضامين التعليمية الملائمة ، بحيث نمكن المناطق والمؤسسات والجهات التي يشتغلون بها ،
من قدر من الحرية لتعديل ومواءمة المقررات الدراسية، مع الاحتياجات والخصوصيات الجهوية ،
مع احتفاظها بالأسس المشتركة في المنهاج العام. وإقامة مشاريع الشراكة التربوية ، حيث تترك للمؤسسات المبادرة
في عقد اتفاقيات التعاون مع القطاع الخاص وفعاليات المجتمع المحلي،وتعديل مناهجها الدراسية بشكل مندمج ،
بما يساير خصوصياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويلبي في نفس الآن ، الاحتياجات الحقيقية للتلاميذ ومتطلبات أسرهم ،
دون الإخلال بالمنهاج العام وبالسياسة العامة للدولة.
عزيز الريصالح
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات عزيز الريصالح