الصلاة والسلام على خير الأنام نبينا وحبيب قلوبنا محمد.صلى الله عليه وسلم.
وعلى آله وصحبه الكرام ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين
أمــــــ بعد ــــــــــا؛
طبتم إخوتى وأخواتى أعضاء وزوار مونمس وطاب ممشاكم
وتبوأتم من الجنة مقعداً ،يسر فريق"أسود الدعوة" لتفريغ المحاضرات
والدروس أن يقدم لكم الحلقة الثانية مفرغة من برنامج :أيام عمر
لفضيلة الشيخ/حسن الحسينى
قف يا زمن .. اسمع يا دهر .. سجل يا تاريخ .. هذا عمر ...
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين أما بعد ،
أسلمَ قبلَ عمر كثيرون ، منهم الأقوياء ومنهم المستضعفون لكن أحداُ لم يقف موقف عمر فإنه حين أسلم طلب من النبي عليه الصلاة والسلام أن يُظهر المسلمون دينهم و أن يؤدوا شعائرهم علانية ، وما كان برسول الله صلى الله عليه وسلم من خوف ولكنه يأتمرُ بأمر ربه وكان يشفق على أتباعه وما كان بالمؤمنين من خوفٍ أيضاً ، لكنه الضعف ومتطلبات المرحلة .
كان إسلام عمر الفاروق بسبب دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسلام احد الرجلين أو أحب الرجلين إلى الله عز وجل حين دعا النبي عليه الصلاة والسلام فقال : " اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك ، بأبي جهل بن هشام أو عمر بن الخطاب " ، قال وكان أحبهما إليه عمر وقد ساق الله تعالى الأسباب لإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ... فكيف أسلم عمر ؟
قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه : " ما زلنا أعزةً منذُ أسلمَ عُمر و لقد رأيتنا وما نستطيعُ أن نطوفَ بالبيتِ ونصلي حتى أسلم عمر ، فلما أسلم قاتلهم حتى تركونا فصلينا و طفنا ".
نحن نقف أمام رجل القوة طبيعته ، والوضوح عنوانه منذ نعومة أظفاره ، قد تساوت سريرته وعلانيته غير أنه لما اسلم تفجرت لديه ينابيع العبقريةِ والنبوغ ، ذلك هو ما نقوله عن أبي حفص رضي الله عنه بلا تكلف ولا تعصب ولكن بصدق وتجرد فكل نواحي عمر مشرقه فسيحة متفتحة جميلة لا يزيدها مر الأيام إلا روعة فتزدادُ من الجلالِ جلالا ، و من الإشراقِ ضياءَ و من السمو والنُبلِ جزالةً و رواءه ، فهو شخصيةٌ يقتفي أثرها العقلاء ومثلٌ طاهر ينشده و يطلبه الفضلاء
وقد ورد في سبب إسلام الفاروق رضي الله عنه الكثير من الروايات وبالنظر إلى أسانيدها من الناحية الحديثية فأكثرها لا يصح ، ولكن من خلال الروايات التي ذكرت في كتب السيرة والتاريخ فإننا نجد الآتي :
كانت قريش قد اجتمعت فتشاورت في أمر النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا : أي رجلٍ يقتل محمدا ؟
فقال عمر بن الخطاب : أنا لها .
فقالوا : أنت لها يا عمر ، فخرج في الهاجرة في يوم شديد الحر متوشحاً سيفهُ يريد قتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و رهطٍ من أصحابه ،
وقد ذكروا له انه اجتمعوا في دار الأرقم في أسفل الصفا - تخيلوا - خرج عمر كما يقول بعض الكُتّاب ليرتكب أعظم جريمة في تاريخ البشرية ؛ ليقتل سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام فلقيه رجل - نُعيم ابن عبد الله النحام -
فقال له : يا عمر أين تريد ؟
قال عمر : أريد هذا الصابئ الذي فرّق أمر قريش ، وسفّه أحلامها ، وعاب دينها ، وسبَّ آلهتها ؛ فأقتله
قال له نُعيم : لبئس الممشى مشيت يا عمر ولقد والله غرتك نفسك و أردت هلَكَت بني عَدّي – قبيلته - ، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا ؟!!
فتحاورا حتى تعالت أصواتهما ، فقال عمر : إني لأظُنك قد صبوت ولو أعلم ذلك لبدأت بكَ .
فقال له نُعيم : فإني أُخبركَ أن أهلك وأهل ختنكَ قد أسلموا و تركوك وما أنت عليه من ضلالتك ، فلما سمع عمر مقالته قال : من ؟!
من من أهلي قد أسلم ؟
قال نُعيم : أختك فاطمة وختنك سعيد بن زيد ، لما سمع عمر أن أخته وزوجها قد أسلما إحتمله الغضب وذهب إلى بيتهما ، فلما قرع الباب قيل له من هذا ؟
قال عمر : عمر .
وكانوا يقرءون كتاب في أيديهم ، وعندهما خباب ابن الأرت فلما سمعوا حِس عُمر قاموا مغادرين فاختبأو ونسوا تلك الصحيفة التي فيها القرآن على حالها ، فلما دخل عمر ورأته أخته فاطمة عرفت الشر في وجه عمر فخبأت الصحيفة تحت فخذها قال عمر : ما هذا الصوت الخفي الذي سمعته عندكم ؟
وكانوا يقرأون سورة طه ، فقال :حديث تحدثناه بيننا .
قال عمر : فلعلكما قد صبوتما ؟
فقال له سعيد زوج أخته فاطمة : أرأيت يا عمر إن كان الحق في غير دينك ، فغضب عمر ووثب على خِتنه سعيد وبطش به ووطأه ، ثم جلس على صدره فجاءت أخته فاطمة فدفعته عن زوجها ؛ فنفحها عمر نفحة بيديه فأدمى وجهها بدأ دمها يسيل
فقالت فاطمة وهي غضبى : يا عدو الله أتضربني على أن أوحد الله ؟
قال عمر : نعم .
قالت : إفعل ما كنت فاعله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لقد أسلمنا على رغم أنفك ياعمر لقد أسلمنا على رغم أنفك ياعمر
فلما سمعها عمر ،تحرك شيئاً في قلبه ندم عمر وشعر بالحرج والخجل حين رأى الدم وهو يسيل من رأس ختنه سعيد وأخته فاطمة بعد أن ضربهما ،
فقال عمر :أعطوني هذه الصحيفة التي عندكم فقرأها
فقالت أخته فاطمة: لا أفعل
قال عمر :ويحكِ قد وقع في قلبي ماقلتي فاعطنيها أنظر إليها
قالت :إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ
فخرج عمر ليغتسل ورجع إلى أخته والماء يتصبب من على جسده ،فدفعت إليه تلك الصحيفة يقرأ
طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَى (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)
فعظمت في صدره تلك الأيآت وإذ بالإيمانِ يدب في قلب عمر فقال عمر : من هذا فرًت قريش.
ينبغي لمن يقولُ هذا أن لا يعبد معه غيره دلوني على محمد ،
فلما عرفوا منه الصدق قالوا: هو في أسفل الصفا فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد وتوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب فلما سمعوا صوته وجلو ولم يجترئ أحد منه أن يفتح له الباب لما قد علموا من شدته على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فلما رأى حمزة رضي الله عنه وجل القوم وخوفهم قال: مالكم ؟؟
قالوا : عمر بن الخطاب
قال :عمر بن الخطاب إفتحوا له فإن يرد الله به خيرا يسلم وإن يرد به غير ذلك يكون قتله علينا هينا .
ففتحوا فدخل عمر وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماجاء بك يا بن الخطاب والله ما أرى أن تنتهي حتى يُنزل الله بك قارعة.
فقال له عمر: يارسول الله جئتك أؤمن بالله ورسوله وبما جئت به من عند الله فكبًر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر الصحابة معه،
نعم... لقد تغير عمر ودخل الإيمان في قلبه وامتلئ قلبه بلا إله الا الله ،
أسلم عمر في السنة السادسة من النبوة وهو إبن ستٌ وعشرين سنة فكان تمام الأربعين بعد تسعة وثلاثين من رجال ونساءٍ أسلموا قبله وكان حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبقه بإسلامه بثلاثة أيامٍ رضي الله عنه ، وتحققت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يعز الله الإسلام بأحد العمرين وأحب الرجلين إليه جل وعلا وكان الفاروق هو أحب الرجلين إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم حتى يقول حافظ إبراهيم شاعر النيل :
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها *** بفضل ربك حصنا من أعاديها
وقد حرص عمر على إظهار إسلامه وراح يخبر عتاولة الشرك بذلك فكان يوم إسلامه حدثاً مثيراً في تاريخ الإسلام ومنعطفا فارق بين مرحلتين من مراحل مسيرته الظافرة فما كانت تسميته بالفاروق من فراغ ، جعل الله الحق على لسان عمر وعلى قلبه وهو الفاروق فرق الله به بين الحق والباطل ،
نعم... كان عمر شديداً على المسلمين في جاهليته إلا أن فترته كانت مهيأة للخير وكان إستعداده الطيب وسعة أفقه وفطرته السليمة
وما جبل عليه من الشهامة وكريم الأخلاق عوامل تُهيئ عمر لقبول الإسلام .
وبعد أيها الأحباب لنا أن نتساءل مالذي دفع عمر ليسلم هل أسلم خوفا
من أحد؟ هل أسلم بالقوة ؟ هل أسلم طمعاً في مصلحة ؟
كلا ...بل أسلم بعد أن قرأ القرآن فوقع في قلبه وأثر في نفسه وعلم أنه ليس بكلام بشر ؛ بل كلام الله تعالى فخضع لبلاغته وحكمته وروعته ، رق قلبه للقرآن رغم شدته وقسوته وتعصبه ، وأدرك عظمة مايسمع فلم يكابر ولم يعاند كان إسلامه فتحاً هكذا قال المسلمون مازلنا أعزةً منذ أسلم عمر أعلن إسلامه على الملأ وكانت هجرته على الملأ وكان صدعه بالحق على الملأ كان عمر رجلاً في إسلامه، كان عمر
رجلاً في هجرته ، كان عمر رجلاً في مواقفه كلها ، كان تلميذاً من تلاميذ محمدٍ صلى الله عليه وسلم
نستودكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
حرصاً منا على أن تكون استفادتكم من الحلقات كاملة إن شاء الله
وضعنا لكم رابط تحميل الحلقة الثانية "فيديو"
ما كان من توفيق فى عملنا هذا فهو من من الله وحده
وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمنا ومن الشيطان
...نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بهذا العمل ،لا تنسونا من دعوة
بظهر الغيب وأيضاً ننتظر من بينكم أسود يتلهفون للدعوة
من خلال تفريغ الحلقات معنا ،ننتظركم لتنضموا إلينا ونتشارك
الأجر معاً فيكون كل حرف نكتبه فى ميزان حسناتنا بإذن الله تعالى
...وفقكم الله ودمتم فى حفظ الرحمن
فريق أسود الدعوة
التقسيم الصوتى للحلقة: أسير الصمت
تفريغ الحلقة: الوردة النقية * شذى الحور
مراجعة تفريغ الحلقة: همسات مسلمة
تصميم وتنسيق: شذى الحور