عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-15-2013, 01:07 AM
أبو زياد أبو زياد غير متواجد حالياً
عضوية ذهبية
 
شكراً: 0
تم شكره 1,021 مرة في 235 مشاركة

أبو زياد عضوية جيدة فعلاًأبو زياد عضوية جيدة فعلاًأبو زياد عضوية جيدة فعلاًأبو زياد عضوية جيدة فعلاًأبو زياد عضوية جيدة فعلاً








افتراضي الصديق وأسرى بدر

 
بسم الله الرحـمن الـرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الصديق وأسرى بدر



ولما استشاره رسول الله في أمر الأسرى في موقعة بدر،
ماذا كان يرى في أولئك الذين عذبوهم وأخذوا أموالهم، وطردوهم من ديارهم،
وحرصوا على حربهم، وكادوا يقتلونهم في بدر لولا أن الله مَنَّ على
المؤمنين بالنصر

لو نظرنا إلى أبي بكر لوجدناه وكأنه يتحدث عن أصحابه لا يتحدث عن الأسرى،
لقد قال: يا رسول الله، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان،
وإني أرى أن تأخذ فيهم الفدية، فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار،
وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدًا

أما عمر بن الخطاب، فقد كان جوابه مختلفًا، قال رسول الله : "مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟", فيرد عمر بن الخطاب فيقول: ولنتأمل كلام عمر بن الخطاب
وهو ملهم، ومحدث ومسدد الرأي، وفيه شدة واضحة على الكفر وأهله،
وهي شدة محمودة في زمان الحرب. بل إنَّ رأيه هو ذلك الرأي
الذي يريده الله ووافق فيه عمر ما أراد الله :

يقول عمر: والله ما أرى ما رأى أبو بكر الصديق، ولكن أرى أن تمكنني
من فلان -أحد أقرباء سيدنا عمر بن الخطاب- فأضرب عنقه،
وتمكن عليًّا من عقيل بن أبي طالب، فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه، فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين،
وهؤلاء أئمتهم وقادتهم. فيقول عمر بن الخطاب:
فهوى رسول الله ما قال أبو بكر الصديق، ولم يهو ما قلت، وأخذ منهم الفداء.

نلاحظ التقارب الشديد في الطباع بين الرسول وبين أبي بكر،
وإن كان الصواب في الموقف كان مع عمر.

يقول عمر: فلما كان الغد غدوت إلى النبي وأبي بكر وهما يبكيان،
فقلت: يا رسول الله، أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاءً بكيت،
وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما.

لله درك يا ابن الخطاب، عملاق آخر صنعه الإسلام، رقة متناهية مختفية
خلف الشدة الظاهرة، وقلب يذوب ذوبانًا في حب رسول الله
وتواضع جم وأدب عظيم،

فقال رسول الله : "لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ،
فَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابَهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ".

ولماذا العذاب؟ وكأن بعض الصحابة أرادوا الدنيا بهذا الرأي، وينزل قول الله:
{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا
وَاللهُ يُرِيدُ الآَخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ
فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 67-68].
الكتاب الذي سبق هو قوله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4].

ويلخص هذا كله رسول الله بتعليق جامع بعد قضية أسرى بدر، واختلاف
العملاقين الكبيرين في الرأي فيقول : "إِنَّ مَثَلَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ إِبْرَاهِيمَ قال:
{فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36].
وَمَثَلُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَثَلُ عِيسَى قَالَ:
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ}
[المائدة: 118].
وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا عُمَرُ مَثَلُ نُوحٍ قَالَ:
{رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّارًا}
[نوح: 26]،
وَمَثَلُكَ مِثَلُ مُوسَى قَالَ:
{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى
يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ} [يونس: 88]".

ولا أحد يُخَطِّئ إبراهيم عليه الصلاة والسلام وعيسى عليه السلام في رحمتهما
مع المذنبين، ولا أحد يخطئ نوح وموسى عليهما السلام في شدتهما في الحق.

إذن هذه المواقف وكثير غيرها توضح مدى الطبيعة الرقيقة الحانية التي
جُبِل عليها أبو بكر الصديق .هذه الرقة الشديدة والنفس الخاشعة،
والطباع اللينة أورثت في قلب الصديق تواضعًا عظيمًا فاق كل تواضع.
تعالوا نرقبه بإمعان وهو يودع جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما،
موقف عجيب، أسامة بن زيد دون الثامنة عشر من عمره،
وهو جندي من جنود أبي بكر الصديق ، وأبو بكر الصديق هو زعيم الدولة الأول،
خليفة المسلمين يتجاوز في العمر الستين سنة، ومع ذلك يودع بنفسه
جيش أسامة، وهو ماش على قدميه، وأسامة بن زيد يركب جواده،
ولك أن تتخيل الموقف، أسامة على الجواد، وأبو بكر يسير بجواره على الأرض،
قال أسامة: يا خليفة رسول الله، إما أن تركب وإما أن أنزل.

فقال: والله لستَ بنازل، ولستُ براكب،
وما عليَّ أن أُغَبّر قدمي في سبيل الله ساعة.

يـا الله، يا لها من تربية راقية تربية على منهج النبوة، يربي نفسه على التواضع، ويربي أسامة بن زيد على الثقة بالنفس، ويربي الجنود على الطاعة
لهذا الأمير الصغير، ثم هو يربي كل المؤمنين على حسن التوجه وعلى
إخلاص النية ووضوح الرؤية، ثم هو يريد عمر بن الخطاب معه في المدينة،
وعمر بن الخطاب في جيش أسامة، ومع أن أبا بكر الصديق هو القائد الأعلى
لكل الخلافة إلا إنه يستأذن أسامة بن زيد قائلاً: إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل.
أسامة بن زيد 18 سنة، أي من عمر شاب في الثانوية العامة اليوم, وهو لا
يتصنع التواضع، ولكن هذا جزء لا يتجزأ من شخصيته وعن أصحابه،
وصلِّ اللهم وبارك على الذي علم هؤلاء مكارم الأخلاق، وفضائل الأعمال



فــــى أمـــان الله وحفظه

-:مواضيع أخرى تفيدك:-

Share


التعديل الأخير تم بواسطة همسات مسلمة ; 03-15-2013 الساعة 03:47 AM
رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ أبو زياد على المشاركة المفيدة: