الحمد لله حمداً يليق بجلاله وعظمته يا رب لك الحمد كما ينبغى
لجلال وجهك وعظيم سلطانك حمداً طيباً مباركاً
ثم الصلاة والسلام على خير الأنام حبيب قلوبنا وبلسم
همومنا نبينا وشفيعنا محمد.صلى الله عليه وسلم.
أمـــــــ بعد ـــــــا؛
حياكم الله وبياكم إخوتى وأخواتى أعضاء وزوار مونمس
ولله فيما أودع القلوب من أسراره شئون...وشجون!
ما أكثر ما تختلط المتعة والحزن فى حياة البشر ،
فلا المتعة تطول ولا الحزن يخلد لأنها...
طبيعة الحياة أن تكون كأساً متمازجة من الاثنين غالباً
أو دائماً فى كل الأحوال.
قال الشاعر الألمانى جوتة"
قلب الإنسان كبير جداً لا يملأه شئ...وهش جداً لا يكسره أخف شئ"
حقاً...قلوبنا هشة جداً ولكنها لا تنكسر سواء كان الشئ الذى
يحاول كسرها أخف شئ أو أشد شئ رغم أننا كلنا صغار أمام
مشاكلنا وآلامنا وأمام الوحدة وافتقاد التقدير والعطف والاطمئنان
صغار جداً...أمام الخوف من المجهول ومن المرض ومن فقدان
الرفيق والنصير ومن الموت ومن تساقط أوراق العمر وتهاوى
الأحبة واحدً تلو الآخر وأمام عشرات وإن لم يكن مئات
المخاوف والهواجس.
هذا حال كل واحد منا سواء كان قوى أو ضعيف غنى أو فقير
يكون صغير جداً وفى أضعف حالاته عندما يمر بتلك المخاوف
والأزمات الاختلاف الوحيد بين كل شخص منا وبين الآخر
فى مواجهة مشاكله ومخاوفه هو......
الشخص الذى يضع يده على كتفنا ويربت عليها ليرينا هذه
المشاكل فى حجمها الحقيقى دون تهويل ولا تهوين
إنه الشخص الذى يمنحنا العطف والقوة للمواصلة حتى لو كنا
لا نحتل موضع القلب فى جسده أو يحتل موضع القلب فى أجسادنا
ومن هنا نتعلم ألا نحسن الظن بقوة الآخرين وألا نقسو عليهم
وألا نتمادى فى إيلامهم وأن نتلمس الطريق للتخفيف عنهم إذا استطعنا...
لأنهم مهما بدا لنا من إدعائهم للقوة فإنهم لا يستحقون منا إلا العطف
...العطف هو ما يحتاجه الإنسان دائماً من اقرب الناس إليه حتى
لو لم يدرك أنه بحاجة لهذا العطف ،والذين يدعون القوة ويقولون
إنهم لا يحتاجون إلى العطف من أحد وأنهم بقوتهم سيحققون
كل ما يتمنونه دون الحاجة إلى أحد وأنهم يكرهون الإشفاق من أحد...
تأكد يقيناً أنهم أحق الناس بالعطف والإشفاق فقط علينا
ألا نجعل عطفنا وإشفاقنا مظهرية دون نية فعلية للتخفيف عنهم
حتى لا نستثير كوامن النقص فى النفس البشرية وحتى
لا نشعرهم أننا نمُن عليهم بهذا العطف الذى هو حقهم علين
اما فيما عدا ذلك...فالكل بحاجة إلى عطفك وأنت فى حاجة
إلى عطف من حولك وأقرب الناس إليك لأنك إنسان
ولأنك ضعيف مهما كانت لك من أسباب القوة والقدرة والتفوق.
نعم...كلنا نحتاج إلى عطف الآخرين وإشفاقهم وإلى ربتة الحنان
منهم على أكتافنا ..ولمسة التأييد على أيدينا..خصوصاً فى
لحظات الضعف التى لا تخلو منها حياة كل البشر...حتى الأنبياء منهم
تأملوا معى حاجة الرسول.صلى الله عليه وسلم. إلى من يهدئ
روعه حين نزل عليه الوحى لأول مرة فعاد إلى بيته مضطرباً يقول"زملونى...زملونى"
فكانت الزوجة المُحبة بكلماتها بلسم له وسكن لروحه الشريفة
.صلى الله عليه وسلم. ورضى الله عن أمنا خديجة وأرضاها
بل تأملوا معى حين استشعرت السيدة عائشة .رضى الله عنها وأرضاها.
الغيرة من السيدة خديجة.رضى الله عنها وأرضاها.
فتفوهت ببعض كلمات فى حقها أمام الرسول.صلى الله عليه وسلم.
بأن الله قد أبدلك خيراً منها فيقول بأبى هو وأمى:
"والله ما أبدلنى خيراً منها،فقد آمنت بى حين كفر الناس وصدقتنى
إذ كذبنى الناس وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس ورزقنى
منها الولد دون غيرها"
ما أروعك حبيب قلوبنا وما أحن قلبك الذى لا ينبض إلا بالمحبة والمودة
فكم هى رائعة وجميلة كلمة"وواستنى"هذه!
وما المواساة إلا العطف والتأييد والبذل لشريك الحياة وهو
ما يحتاجه كل إنسان فمن لم يجدها عند شريكة حياته لم
تطرق سعادة القلب وراحة البال أبواب حياته ومن لم تجدها عند
شريك حياتها لم يهنأ بالها ولم يطيب لها العيش
وختاماً إخوتى وأخواتى...
كلنا هذا الرجل وكلنا هذه المرأة نحتاج للعطف والتأييد ممن حولنا
ومن أقرب الناس إلينا وعلينا أن نقبله فى لحظات ضعفنا
لأن هذه الجرعات الحانية والهمسات المطمئنة هى التى تزيل ضعفنا
وتنير لنا جنبات لا نراها وسط ضوضاء المشاكل وظلام المخاوف ،
علينا ألا ندعى القوة أمام أشخاص بإمكانهم جبر قلوبنا الكسيرة
بكلمات رطبة لينة وتذكروا أنه دوام الحال من المحال
فهؤلاء الأشخاص الذين كانوا بلسماً لجراحك وجبراً لضعفك
ستأتى عليهم أيام وتتبدل الأدوار ويكونوا هم من ينتظرون
منك العطف والتأييد فلا تخذلهم وهكذا تدور عجلة الحياة
ويبقى بالقلب أسرار من شئون وشجون لا يعلمها إلا الله عز وجل.
أسأل الله.عز وجل.أن يرزقنا وإياكم سعادة الدنيا والآخرة ومحبة خلقه
ويرزقنا قوة القلب مع لينه ورقته فيطيب لنا العيش فى هذه الحياة
حلوها ومرها والتى قد نشكو منها ونتصور أننا مرغمون عليها
ونتمنى أن نغيرها ونصبح كالبحار الشارد ننتقل من ميناء إلى ميناء
بلا حدود...ولا قيود...ولاسدود،ونتصور أننا لو أعدنا الزمن فى
بعض المواقف سنتصرف تصرف مختلف تماماً ولكن لو أننا ملكنا
الأمر لاخترنا حياتنا بكل ما فيها من شكوى وسعادة الفرق الوحيد
أننا سنكون قد أدركنا الحكمة من تصرفاتنا لان أمر المؤمن كله خير..
دمتم فى حفظ الرحمن ودامت سعادة قلوبكم
وطاب عيشكم وهنأ بالكم بكل ما يسركم دنيا وآخرة.
تحياتى إليكم:
همسات مسلمة
التعديل الأخير تم بواسطة همسات مسلمة ; 03-06-2013 الساعة 06:37 AM