السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤال يراود العديد دائماً....كيف أغتسل غسلاً شرعياً صحيحاً؟!!
كما ورد عن النبى-صلى الله عليه وسلم- فى السنة المطهرة
الغُسل الشرعى
الغـسل معناه هو تعميم البدن بالماء ،
وهو مشروع ، لقول الله تعالى :
{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَّرُوا}.
[المائدة: 6]
وقوله تعالى :
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيض قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحيض وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ
حَتَّى يَطْهُرْنَ فإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }
البقره :222
موجبات الغُسل ...أركان الغُسْل
وله مباحث منها ما يأتي :
موجباته :
يجب الغُسل لأمور خمسة :
الأول
خروج المني بشهوة في النوم أو اليقظه من ذكر أو أنثى
وهو قول عامة الفقهاء ،
لحديث أبي سعيد قال قال رسول الله:
"الماء من الماء " (1)
رواه مسلم ،
وعن أم سلمه:أن أم سليم قالت:قلت يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق ،
فهل على المرأه غسل إذا احتلمت ؟ قال:" نعم ،إذا رأت الماء "،
رواه الشيخان وغيرهما .
وهنا صور كثيراً ما تقع ، أحببنا أن ننبه عليها للحاجة إليها:
(أ) إذا خرج المني من غير شهوة ، بل لمرض أو برد فلا يجب الغسل .
ففي حديث علي:أن رسول الله ، قال له:
" فإذا فضخت الماء (2) فاغتسل "
رواه أبو داود ،
قال مجاهد:"بينا نحن - أصحاب ابن عباس - حلق في المسجد:
(طاوس ،وسعيد بن جبير،وعكرمه -وابن عباس قائم يصلي )،إذ وقف علينا رجل فقال:هل من مفت ؟
فقلنا:سل ،
فقال:إني كلما بلت (أى تبولت)تبعه الماء الدافق ،
قلنا:الذي يكون منه الولد ؟
قال:نعم ،
قلنا:عليك الغسل ،
قال:فولى الرجل وهو يرجع ،
قال:وعجل ابن عباس في صلاته ،ثم قال لعكرمه علي بالرجل ،
وأقبل علينا فقال:أرأيتم ما أفتيتم به هذا الرجل ،عن كتاب الله ؟
قلنا:لا ،
قال:فعن رسول الله ؟
قلنا:لا ،
قال:فعن
أصحاب رسول الله ؟
قلنا:لا،
قال:فعمّه ؟
قلنا:عن رأينا ،
قال:فلذلك قال
رسول الله:
" فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد " ،
قال
مجاهد:وجاء الرجل فأقبل عليه
ابن عباس فقال:أرأيت إذا كان ذلك منك ،
أتجد شهوة في قلبك ؟
قال الرجل:لا ،
قال:فهل تجد خدراً في جسدك ؟
قال الرجل:لا ،
قال:إنما هذه أبردة ،يجزيك منها الوضوء .)
(ب) إذا احتلم ولم يجد منياً فلا غسل عليه ،
قال
ابن المنذر:
أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم ،
وفي حديث
أم سليم المتقدم:
فهل على المرأة غسل إذا احتلمت ؟
قال:" نعم ، إذا رأت الماء "
ما يدل على أنها إذا لم تره فلا غسل عليها لكن إذا خرج بعد الاستيقاظ
وجب عليها الغسل .
(ج) إذا انتبه من النوم فوجد بللاً ولم يذكر احتلاماً ،
فإن تيقن أنه مني فعليه الغسل ،لأن الظاهر أن خروجه كان لاحتلام نسيه ،
ف
إن شك ولم يعلم هل هو مني أو غيره ،فعليه الغسل احتياطاً .
وقال
مجاهد و
قتاده:
لا غسل عليه حتى يوقن بالماء الدافق ،
لأن اليقين بقاء الطهاره ، فلا يزول بالشك .
(د) أحس بانتقال المني عند الشهوة ، فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل عليه ،
لما تقدم من أن النبي ،علق الاغتسال على رؤية الماء فلا يثبت الحكم بدونه ،
لكن إن مشى فخرج المني فعليه الغسل .
(هـ) رأى في ثوبه منياً ،لا يعلم وقت حصوله ،وكان قد صلّى ،
يلزمه إعادة الصلاة من آخر نومة له ،
إلا أن يرى ما يدل على أنه قبلها ،فيعيد من أدنى نومة يحتمل أنه منها .
الثاني
التقاء الختانين:
أي تغييب الحشفة في الفرج وإن لم يحصل إنزال ،
لقول الله تعالى:
{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبَاً فَاطَّهَّرُوا}
[المائدة: 6]
قال الشافعي:كلام العرب أن الجنابة تطلق بالحقيقه على الجماع ،
وإن لم يكن فيه إنزال ،
قال:فإن كل من خوطب بأن فلاناً أجنب عن فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل .
قال:ولم يختلف أحد أن الزنى الذي يجب به الجلد هو الجماع ،ولو لم يكن منه انزال ،
ولحديث أبي هريره:أن رسول الله قال:
" إذا جلس بين شعبها الأربع (3) ثم جهدها فقد وجب الغسل ،أنزل أم لم ينزل "
رواه أحمد ومسلم ،
وعن سعيد ابن المسيب:أن أبا موسى الأشعري قال لعائشه:
إني أريد أم أسألك عن شيء وأنا أستحي منك ،فقالت:سل ولا تستحي فإنما أنا أمك ،فسألها عن الرجل يغشى ولا ينزل ،فقالت عن النبي ،إذا اصاب الختان
فقد وجب الغسل "
رواه أحمد ومالك بألفاظ مختلفه .
ولابد من الإيلاج بالفعل ،
أما مجرد المس من غير إيلاج فلا غسل على واحد منهما إجماعاً .
الثالث
انقطاع الحيض أو النفاس
لقوله تعالى:
{وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللهُ}
البقره :222
ولقول رسول الله لفاطمه بنت أبي جحش:
" دَعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ،ثم اغتسلي وصلي "
متفق عليه ،
وهذا وإن كان وارداً في الحيض ،إلاّ أن النفاس كالحيض بإجماع الصحابه ،
فإن ولدت ولم تر الدم فقيل عليها الغسل ،وقيل لا غسل عليها ،
ولم يرد نص في ذلك .
الرابع
المــوت:إذا مات المسلم وجب تغسيله اجماعاً
الخامس
الكافر إذا أسلم:إذا أسلم الكافر يجب عليه الغسل ،
لحديث أبي هريره:أن ثمامة الحنفي أُسِرْ ،وكان النبي يغدو إليه فيقول:
" ما عندك يا ثمامة ؟ " فيقول:إن تقتل تقتل ذا دم ،وإن تمنن تمنن شاكر،
وإن تُرِدِ المال نعطك منه ماشئت ،وكان أصحاب الرسول يحبون الفداء
ويقولون:ما نصنع بقتل هذا ؟ فمر عليه رسول الله فأسلم ،فحله وبعث به إلى
حائط (4) أبي طلحه وأمره أن يغتسل ،فاغتسل وصلى ركعتين ،فقال النبي:
" لقد حسن إسلام أخيكم "
رواه أحمد وأصله عند الشيخين .
(1) الماء من الماء:أي الاغتسال من الإنزال ،فالماء المطهر والثاني المني .
(2) الفضخ:خروج المنيّ بشدة .
(3) الشعب الأربع:يداها ورجلاها . و الجهد:كنايه عن معالجة الإيلاج .
(4) الحائط:البستان .
أركان الغسل
لاتتم حقيقة الغسل المشروع إلاّ بأمرين:
1- النية
إذ هي المميزه للعبادة عن العادة ،وليست النية إلاّ عملاً قلبياً محضاً ،وأما ما درج
عليه كثير من الناس واعتادوه من التلفظ بها فهو محدث غير مشروع ، ينبغي هجره والإعراض عنه .
2 - غسل جميع الأعضاء
لقول تعالى:
{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} أي اغتسلوا
وقوله:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ
وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}
أي يغتسلن.
والدليل ان المراد بالتطهر الغسل ،ماجاء صريحاً في قول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصلاَّةَ وأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُون
وَلاَ جُنُبَاً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}
[النساء:43]
وحقيقة الاغتسال ،غسل جميع الأعضاء.
سُنَنُ الإغتسال
يسن للمغتسل مراعاة فعل الرسول ،في غسله فيبدأ:
1- بغسل يديه ثلاثاً.
2- ثم يغسل فرجه.
3- ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً كالوضوء للصلاة ،وله تأخيرغسل رجليه إلى أن يتم
غُسله ،إذا كان يغتسل في طست ونحوه.
4- ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً مع تخليل الشعر،ليصل الماء إلى أصوله.
5- ثم يفيض الماء على سائر البدن بادئاً بالشق الأيمن ثم الأيسر مع تعاهد الإبطين وداخل الأذنين والسره وأصابع الرجلين ودلك مايمكن دلكه من البدن.
وأصل ذلك كله ما جاء عن عائشه:
" أن النبي ،كان اذا اغتسل من الجنابه يبدأ فيغسل يديه ،ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ،ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر ،حتى اذا رأى انه قد استبرأ(1)حفن على رأسه ثلاث حثيات ،ثم أفاض على سائر جسده "
رواه البخاري ومسلم .
وفي روايةٍ لهما:
"ثم يخلل بيديه شعره ،حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات"
ولهما أيضاً عنها قالت:
"كان رسول الله إذا اغتسل من الجنابه دعا بشيء نحو الحلاب(2)فأخذ بكفه
فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر،ثم أخذ بكفيه فقلبهما على رأسه ".
وعن ميمونة قالت:وضعت للنبي ماء يغتسل به ،فأفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثاً ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ،ثم دلك يده بالأرض ثم مضمض واستنشق ،ثم غسل وجهه ويديه ،ثم غسل رأسه ثلاثاً ،ثم أفرغ على جسده ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه .قالت:فأتيته بخرقه فلم يردها(3)وجعل ينفض الماء بيده "
رواه الجماعه
غُسل المرأه
غسل المرأه كغُسل الرجل ،إلاّ ان المرأه لايجب عليها أن تنقض ضفيرتها ،
ان وصل الماء الى اصل شعرها ،
لحديث أم سلمه ،ان امراة قالت:يارسول الله ،اني امرأة اشد ضفر رأسي ،أفأنقضه للجنابه ؟ قال:" إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماءٍ ثم تفيضي على سائر جسدك ، فإذا أنت قد طهرت "
رواه أحمد ومسلم والترمذي وقال:حسن صحيح
وعن عبيد بن عمير قال:
" بلغ عائشه أن عبد الله بن عمر يأمر النساء اذا اغتسلن ان ينقضن رؤوسهن ،
فقالت:يا عجبا لابن عمر ،يأمر النساء اذا اغتسلن بنقض رؤوسهن ،أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن ؟ لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله من اناء واحد وما أزيد على أن
افرغ على رأسي ثلاث إفراغات "
رواه أحمد ومسلم .
ويستحب للمرأه اذا اغتسلت من حيض أو نفاس ،أن تأخذ قطعة من قطن ونحوه ،وتضيف إليها مسكاً أو طيباً ثم تتبع بها أثر الدم ،لتطيب المحل وتدفع عنه رائحة
الدم الكريهه.
فعن عائشه أن اسماء بنت زيد سألت النبي عن غسل المحيض قال:
" تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور(4)ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى يبلغ شؤون رأسها ،ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فِرصة ممسكة فتطهر بها " قالت أسماء:وكيف تطهر بها ؟ قال:" سبحان الله ! تطهري بها ". فقالت عائشه:كأنها تخفى ذلك .تتبعي أثر الدم ،وسألته عن غسل الجنابه فقال:" تأخذي ماءك فتطهرين فتحسنين الطهور أو أبلغي الطهور،ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى يبلغ شؤون رأسها ثم تفيض عليها الماء ".فقالت عائشه:" نِعم النساء نساء الأنصار ،لم يمنعهن الحياء أن يتفقّهن في الدين "
رواه الجماعه إلاّ الترمذي .
(1) استبرأ:أي وصل الماء إلى البشره.
(2) الحلاب:الماء.
(3) لم يرده بضم الياء وكسر الراء:من الإراده ،لا من الرد
كما جاء في رواية البخاري ،ثم أتيته بالمنديل فرده .
(4) تطهر فتحسن الطهور:أي تتوضأ فتحسن الوضوء.
شؤوون رأسها:أي أصول شعر الرأس.
فِرصة ممسكة بكسر فسكون:أي قطعة قطن أو صوفة مطيبه بالمسك.
تخفى ذلك:تسر به إليها.
منقول من كتاب فِقْهُ السُّنَّةْ
للمؤلف السيد سابق
أسأل الله التوفيق لى ولكم والهداية فى كل أمر والعزيمة فى الرشد