شكراً: 25
تم شكره 42 مرة في 16 مشاركة
|
رد: مخطوطة ابن أسحاق<<اقوى قصة رعب وتشويق
- لقاء مع الشيخ
بعد أن انتهى لقاء ( يوسف ) و ( أحمد ) مع ( عماد ) أنفصل الاثنان عن بعضيهما على وعد باللقاء والمتابعة في هذا الموضوع ..
وعند اقتراب ( يوسف ) من منزلة سمع أذان العشاء فعاد للمسجد القريب من المنزل لكي يصلي العشاء ثم يعود لمنزلة ..
كانت صلاه العشاء قد انتهت في ذلك المسجد القريب من منزل ( يوسف ) , ونحن الآن نرى ( يوسف ) يتجه بعد الصلاة إلى ( الإمام ) ويجلس بجانبه ..... فنظر له ( الإمام ) ملياً وهو مبتسم , ثم قال :
- << السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... أعتقد أنك ( يوسف ) ؟ أليس كذلك ؟ >>
ابتسم ( يوسف ) لتبسط الشيخ وقال
- << بلى يا شيخ ... كيف حالك ؟؟ >>
- << الحمد لله يا بني .... وكيف حال دراستك وحال الحياة معك , تبدوا مهموماً أو كأن الإعياء قد استبد بك >>
كان إمام المسجد شاباً في أوائل الثلاثينات , حسن الوجه والصوت , يطلق لحيته , طويل القامة ......
وكان ( يوسف ) يرتاح بالاستماع إلى دروسه , وإلى خطبة الجمعة , كان شيخاً شاباً ..... مرحاً إلى أقصى الحدود ... فخالد يشعر وهو يتكلم معه بالهدوء النفسي والاطمئنان ...
لذلك لم يجد ( يوسف ) من يسأله عن أي سؤال يخطر بباله إلا هذا الشيخ ......
- << الحقيقة يا شيخ ( محمد ) لقد أردت أن أسألك سؤال حول مسألة الجن وتسخيرهم ....؟ >>
- << أه ... قضية الجن ..... تفضل يا بني اسأل >>
- << أولاً : هل يمكن تسخير الجن ؟ لأني سمعت الكثيرين يقولون أن الجن موجود فعلاً ولكن لا يسخر .......!!
ثانياً : هل الجن يمكن أن يؤذي الإنسان بالفعل ؟
ثالثاً : هل يمكن لكلمات بسيطة أن تؤثر في الجن أو تسخره ؟ >>
ابتسم الشيخ بهدوء وقال
- << إنك تتحدث الآن في قضية شائكة بالنسبة لكثير من العلماء .. لأنها من الغيبيات , والتي يتجنب الكثيرين الخوض فيها حتى لا يجدفوا .. ولكن قبل أن أحدثك عندي سؤال .. هل أتيت من منزلك أم كنت في موعد في الخارج وأتيت إلى صلاه العشاء قبل أن تمر على المنزل ..؟ >>
نظر ( يوسف ) باندهاش وقال
- << لقد كنت في الخارج بالفعل ولكني لم أذهب للمنزل بعد بل جئت إلى المسجد لألحق صلاة العشاء ...؟ >>
- << جميل جداً .... إذن نكمل الكلام في منزلي ... حتى يمكنني الاستعانة ببعض المراجع .... ولأنني أدعوك على العشاء معي ولا تحاول الرفض لأنك لن تجد مني مخرجاً >>
ابتسم ( يوسف ) بإحراج وهو يقول
- << اعذرني يا شيخ .. سآتي لك في يوم أخر ولكني أشكرك على دعوة العشاء >>
- << اسمع .. ستأتي معي إلى المنزل لنتعشى سوياً .. وستأكل من يدي , لأني لست متزوجاً .. ولا تخف سيعجبك الطعام ولكني أحذرك من الإسهال >>
ضحك ( يوسف ) ثم بدأ في إبداء الأعذار ولكن الشيخ كان مصراً وهو يضحك, وظل يقنعه حتى وافق ...
فذهبا معاً إلى منزل الشيخ .....
* * *
كانت شقة الشيخ تقع على بعد شارعين من المسجد , وكانت فخمة بطريقة تظهر بأنه متيسر الحال ..... فعندما دخل ( يوسف ) إليها تنحنح قبل الدخول , فقال له الشيخ أنه يعيش وحيداً منذ سنين فليدخل ولا يخف ....
كما قلت كانت شقة فاخرة وكانت طريقه اختيار الأثاث تظهر جانباً من البساطة والذوق ..
كانت هناك بعض النباتات المنتشرة بطريقة تريح العين .. إن من أثث هذه الشقة يجب أن يكون ..
- << مهندس ديكور .. هذا هو تخصصي الأساسي >>
كانت تلك العبارة من الشيخ وكأنه قرأ أفكار ( يوسف ) ...
أعد الشيخ عشاءاً يتكون من المكرونة وبعض صدور الدجاج , وبطاطس محمرة , لم يفت بالطبع على ( يوسف ) أن يميز خبرة الشيخ في إعداد الطعام بالرغم من كونه سهلاً للجميع إعداده ... لكنة كان متقناً في الطبخ والتقديم كما يبدوا ... وبعد أن انتهوا من الطعام وغسلوا أيديهم .. وأعد الشيخ كوبين من الشاي الساخن , بدأ الشيخ في الكلام .....
- << موضوع الجن هذا يا بني كما قلت لك من المواضيع الشائكة التي يتجنب الكثيرين التدخل فيها لأنها من الغيبيات , لكننا نمتلك عنهم معلومات كثيرة في ديننا الحنيف , مثل القرآن والسنة النبوية المطهرة والتابعين والخلف الصالح ... فمن ما سبق نقدر على تكوين خلفية عن عالم الجن لا بأس بها ...
ولكن احذر من شيئين ...أولاً : أن تنسب كل فعل إلى الجن والعفاريت ... ثانياً : أن تنفي كل الأفعال عن الجن >>
- << لم أفهم النقطة الأخيرة ؟ >>
- << أقصد أنه عندما يحدث لك أي مرض أو أي شيء غريب أن تنسب ذلك للجن والعفاريت , وتهرع للدجالين والسحرة , أما النوع الثاني من الأشخاص من ينكر وجودهم أصلاً أو ينكر أنهم يقدرون على الإتيان بأفعال في عالم البشر ... اجعل نفسك دائماً في موقف وسط فلا تنفي كل شيء , ولا تنسب كل شيء >>
- << فهمتك يا شيخ ... ولكن ماذا عن الثلاث أسئلة >>
- << أعتقد أن السؤال الأول : هل يمكن تسخير الجان ؟ وإجابته هي شيء بسيط جداً ... أنك إذا ذهبت الآن إلى مدير إحدى الشركات , وظللت تتودد له بالهدايا والكلام الجميل , ثم بعد أيام من هذا التودد والتذلل طلبت منه أحد الأشخاص الذين يعملون في شركته لمساعدتك في بعض أمور متعلقة بمهنتك ... سيعطيك مدير الشركة أحد عماله لكي يساعدك في أعمالك لأنك مجدته وأظهرت قدر من العظمة له ... والآن إذا قصر هذا العامل الذي أعطاه لك المدير في عملة معك ماذا ستفعل ...؟ هل ستعاقبه ؟ أم ستذهب للمدير لتشكوه منه ليعاقبه ..؟ بالطبع العامل لا يخاف منك فهو قادر أن يتركك في أي لحظة ... لكنة خائف من عقاب مديرة الأصلي ... أليس كذلك ...
إن لكل طائفة من الجن سيد ... ولكل مجموعه طوائف عشيرة تجمعها , وهكذا وهكذا .... فإذا أراد الساحر أن يجعل له خداماً من الجن , فإنه يظل يتودد إلى كبار الجن الكافر والفاسق بالكلام الذي يبجله ويعظمه عن ذات الله عز وجل ... وبتقديم القرابين التي يذكر عليها اسم ملك الجن أثناء ذبحها .. والتي توقعك في دائرة الكفر , فيظل التودد هكذا إلى أن يرسل لك هذا الملك أو قائد العشيرة أحد خدامة الذين يعرفون طلباتك ويرسلها لملكة في ثوان ... ويتم عمل معاهدة بينك وبينهم ... وهذه المعاهدة إذا خالف فيها الإنسي أي من شروطها فإن العقاب في الغالب يكون سريعاً جداً ... فمثلاً أن يطلب منك أن تذكر اسم الملك كل ثلاثة أيام الف مرة في الليلة ... وفي مقابل ذلك يجعل لك خادم من الجن يساعدك في شئونك ... وبهذا تكون أنت سخرت خادم أو خادمان يمكن أن يخدماك ...
هذا غير أنه قديماً ما كان المسافرين يستعينون بالملوك الجان لحراسه قوافلهم أثناء رحلاتهم , وكانوا يقسمون على ملوك الجان بحمايتهم
بالطبع ما ذكرتها لك هي طريقة واحدة من طرق كثيرة جداً في تسخير الجان واستدعاءه , إذا أردت ذكرت لك ما أعرفه منها ...؟ >>
- << أشكرك فقد اقتنعت بإمكانية التسخير , وفهمت العلاقة بين الساحر والجن ...
ويا ترى ما هي إجابة السؤال الثاني .... الذي يقول : هل يمكن أن يؤذي الجن الإنسان ؟ >>
ضحك الشيخ وقال
<< أه أنت تتكلم في نقطة هامة جداً جداً ... فالجن يمكن أن يؤذي الإنسان بالفعل عن طريق أكثر من طريقه ... مثل اللبس والمس والتأثير من بعد , والكثير جداً , ولكن الموضوع ليس مفتوحاً كما يعتقد البعض , فعندما مثلاً يصاب أحد الأشخاص بالصرع أو أي مرض نفسي فإنه ينسبه إلى الجن بلا شك , وهذا لا ينفي أن الجن يمكن أن يصيبك بالصرع ولكنة أيضاً لا يعني أن أي حاله من الصرع مثلا هي من فعل الجن ...
فالجن عالم كبير , وله قوانينه التي تحكمه وتمنعه من الاقتراب من البشر ... وأتكلم هنا عن الجن لا الشياطين ... فالجني يعيش حياته ولا يحتاج للإنسان في شيء ... وهو ممنوع من الفساد بين البشر ... هذا غير أنه يجب أن يمتلك الجني مقدرة كبيرة للتأثير في عالم البشر ... ولكن ... للجن قدرات كبيرة جداً لن نفهمها الآن بالطبع ... ولكنها قدرات تحدث تأثيراً في عالم البشر وتأثير كبير إن أردت رأيي ... وسأحكي لك عن قصة ذكرت عن العلامة ( بن القيم الجوزي ) رحمة الله في كتابة المشهور ( العرائس ) :
(- اتفق لبعض طلبه العلم أنه سافر وساح في ارض الله , فبينما هو في برية واسعة بين جبال , إذا اشتدت علية الظهيرة ... فأخذه من العطاش ما أخذه , فصار يلتفت يميناً وشمالاً أن يرى خضرة أو طير فلم يجد شيئاً من ذلك , وإذا هو برجل قد أقبل وسلم علية , وقال له لعلك ظمآن , قال بلى . فأجلسه تحت وهده من الجبل وغاب قليلاً , ثم أتى إليه بخبز ساخن كأنما خرج من تنور , وقثاه خضراء رطبة , وماء بارد , فأكل وشرب حتى ردت روحه , وذهب ما به من ألم العطش والجوع والتعب وحمد الله تعالى , ثم قاما معاً حتى ظهرت لهما مدينة من بعيد , فقال له الرجل قد صار لي عليك حق وذمام ( أي عهد ) , وأنا رجل من الجان ولي إليك حاجة , فقال له يا أخي ما حاجتك , فقال إذا أتيت إلى مكان كذا من هذه المدينة فإنك تجد فيه دجاجاً بينهن ديك أبيض , فاسأل عن صاحبة واشتره منه واذبحه , فهذه حاجتي , فقلت ذاك مما لك علينا من الحق , وأنا أيضاً يا أخي أسألك حاجة , فقال ما هي , قلت له إذا كان الشيطان لا تعمل فيه العزائم , وألح الآدمي فما دواؤه , فقال يأخذ له وتر من جلد اليحمور ( وهو الحمار الوحشي ) فيشد به إبهام المصاب شداً وثيقاً , ويأخذ من دهن السذاب البري ويقطر في أنفه الأيمن أربعا والأيسر ثلاثا , فإن السالك يموت بوقته ولا يعود بعد ذلك , ثم قال : فلما دخلت المدينة أتيت إلى ذلك المكان , فوجدت الديك لامرأة عجوز , فسألتها بيعه فأبت , فرغبتها بالدراهم , فاشتريته أضعاف قيمته , فلما اشتريته إذا بالجني تمثل لي من بعيد , وقال لي بالإشارة اذبحه فذبحته , خرج عند ذلك رجال ونساء يضربونني ويقولون أنك ساحر , فقلت لست بساحر , قالوا انك ذبحت الديك وقد أصيبت شابه عندنا بجني , وهي بنت رجل عظيم ذي شوكه في البلد , ومتى علم بهذا الأمر قتلك , فقلت لهم ائتوني بقطعه جلد اليحمور , فأتوني بها فصنعتها خواتم , وطلبت منهم دهن السذاب البري فأتوني به , فدخلت عليها ولبستها الخواتم فعند ذلك صاح الجني وقال علمتك على نفسي , ثم قطرت في أنفها اليمنى أربعا وفي الشمال ثلاثا , فخر ميتاً من ساعته , وعفا الله عن تلك الشابة ولم يعاودها بعد ذلك الألم )
مما رأيت من الحكاية السابقة هو قدرة الجني على أذية الشخص ... بل وقدرة الرجل على قتل الجني ... ولكن طبعاً قتل الجن ليس كقتل نمله أو صرصور ... بل هو قتل نفس , والموضوع ليس سهلاً , ولن يمر قتل نفر من الجن على عشيرته هكذا مر الكرام فلابد من الانتقام إذا كان من أسياد العشيرة ...
المهم إن الجن له قدرة في التأثير في حياه البشر ... بل وله قدرات أخرى كأن يتشكل في أشكال البشر أو الحيوان أو بعض الجمادات ..
وهو يكتسب بعض خواص الأشياء الذي يتشكل في حيزها مثل لو تشكل في شكل بشر لأمكن قتلة مثل البشر وهكذا ....
- << أنني أفاجأ بكم غريب من المعلومات عن الجن ولكن هل هناك فرق بين الجن والشيطان >>
- << الحقيقة أن الكثيرين يجمعون بين الجن والشيطان والمارد والعفريت والقرين في سلة واحدة ... ولكن الموضوع يحتاج لتفسير ... فلفظة جن تندرج تحتها أنواع من الجن التي لها مسميات في عالمنا , فعندك مثلاً في تعريف لفظة ( الغول ) :
قال ( المنذري ) : الغول بضم الغين المعجمه هو شيطان يأكل الناس , وقيل هو من يتلون من الجن .
وقال ( الجزري ) : الغول أحد الغيلان وهي جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولاً، أي تتلون تلوناً في صور شتى، وتغولهم، أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم .
وفي تعريف لفظة المارد :
( مارد ) .. مرد : أي تمرد ... وتطلق على من تمرد من الجن وخرج عنهم , ويدعى مارداً ... وهو يمتلك القوة ليتدخل في عالم البشر
وفي تعريف لفظه ( الجاثوم ) :
يقول ابن منظور في لسان العرب عن الأَصمعي: والجُثامُ والجاثُومُ: الكابُوس يَجْثِمُ على الإنسان ، وهو الدَّيَثانيُّ. التهذيب: ويقال للذي يقَع على الإنسان وهو نائم جاثُوم وجُثَم وجُثَمة ورازِمٌ ورَكَّاب وجَثَّامة
والجاثوم هو صنف من الجن يتسلط على الإنسان عند النوم ويتحكم في مراكز الحركة في المخ , فيشعر الإنسان بحاله من الشلل ولا يستطيع أن يتكلم أو يصرخ أو يتحرك
أما الشيطان فهو الموكل بضلال البشر أجمعين , وهو من نفس خلقه الجن , لكنة لعيش حياته في الوسوسة والضلال ....
وقد قال ( السيوطي ) في كتابه الرهيب ( لقط المرجان ) :
قال ( بن عبد البر ) : أسماء الجان عندهم على مراتب , فإذا ذكر الجن خالصاً قالوا: ( جني ) ، وإذا أردوا مما يسكن مع الناس قالوا: ( عامر ) ، والجمع ( عمار ) ، وإذا كان مما عرض للصبيان قالوا : ( أرواح ) وإذا خبث وتعرض قالوا : ( شيطان ) وإذا زاد أمره على ذلك وقوى أمره قالوا: ( عفريت )
والجن كالبشر يعيشون ويأكلون وينامون ويتناكحون ويتناسلون , فمنهم المسلم ومنهم النصراني ومنهم اليهودي ومنهم الكافر والعاصي والغافل , ومنهم الغبي والذكي أو الضعيف أو القوي ... وكل ما تتخيله , فهم عالم يعيش كعالمنا له قوانينه التي تحكمه وأعرافه التي تسيطر علية .
ثم هناك الجن المسلم والنصراني واليهودي الذين لا يضرون أحداً سواء من البشر أم من الجن ... وهناك أيضاً المسلم والنصراني واليهودي الفاسدين في الأرض فيضرون البشر والجن ولا يتركون شيئاً , وهم في عالمهم كالمجرمين في عالمنا , مطاردين ومنبوذين ....
وتختلف بالطبع قوة كل نوع من الجن عن النوع الأخر
فعندك مثلاً نوع من الجن يسمى الجن الطيار , وهو الذي يملك جناحان يطير بهم في السماء كالطير , ولكنة أسرع بالطبع من الطير بمراحل كثيرة , فهذا النوع له قدرات لا توجد لنوع أخر ... وهناك مثلا المارد الذي يمتلك قوة كبيرة للتأثير في الجن وفي البشر معاً ... وهناك الشياطين التي تسخر قواها للشر والفساد , ويزيدون قوة كلما زاد الفساد ...
* * *
( مارد ) .. مرد : أي تمرد ... وتطلق على من تمرد من الجن وخرج عنهم , ويدعى مارداً ... وهو يمتلك القوة ليتدخل في عالم البشر * * *
- << مرحباً أيها المارد ... ما رأيك في لقبك الجديد يا ( إبن ذاعات ) ، المارد .... سيكون هذا لقبك منذ الآن بعد أن خالفت الأعراف والقوانين ... >>* * *
كان ( يوسف ) مبهوراً بطريقة شرح الشيخ , وبقدرته على استرجاع المعلومات بسهولة و سردها بطريقة مباشرة , فكان ( يوسف ) يجاهد لمحاولة الاحتفاظ بأكبر قدر من تلك المعلومات في رأسه ...
كان الشيخ انتهى من الكلام لينتظر سؤال ( يوسف ) القادم فقال صديقنا
- << لم أكن أتخيل أن عالم الجن بهذا التعقيد , فأنا كنت أعتقده عالم همجي يضرون بالبشر فقط ولا يفعلون شيئاً غير هذا >>
ابتسم الشيخ وهو يقول
- << يهمل الكثيرين حقيقة يعرفها العلماء جيداً , وهي أن الجن مكلفون بالعبادة كبني أدم , ويحاسبون ويدخلون الجنة أو النار مثلنا , فما يجعلهم يتركون دنياهم وحالهم ولا يفعلوا شيئاً سوى التدخل في عالمنا ... بل الذين يتدخلون في عالمنا هم العصاة المجرمين المنبوذين في عالم الجن , مثل الشياطين مثلاً , أو المردة الكفرة ......
والآن ما هو سؤالك القادم إذن ؟؟؟؟؟ >>
- << أعتقد أني كنت أريد معرفة هل يمكن أن توجد كلمات تؤثر في الجن أو تسخره ؟ >>
- << سؤالك هذا إجابته ستكون متفرعة ولها علاقة كبيرة بعلم الموجات الصوتية وبعض العلوم الأخرى , ولكني سأبسط لك الإجابة كي تفهمها من أول مرة ...
قضية تسخير الجن عن طريق كلمات ذكرتها لك منذ قليل ...
فالكلمات التي يرددها الساحر _ والتي تسمى عزائم _ في أغلب الأحيان تكون شرك بالله عز و وجل وتعظيم لشأن أحد ملوك الجن الكفرة , ولكن هناك طريقة أخرى وهي أن يقسم الساحر على أحد أفراد الجن أن يخدمه بحق ( اسم مارد من مردة الجن ) حيث أن نفر الجن العادي يخاف من هذا المارد أن يسبب له الضرر , وفي بعض الأحيان تكون الكلمات هي طلب من بعض أفراد الجن الحضور لينفذ شيئاً معيناً مقابل كلام معين ... وفي الغالب تكون تلك الكلمات باللغة السيريانية , أو اللاتينية , أو العبرية القديمة , أو أي لغة قديمة , وفي بعض الأحيان يعلم الجن شفرة من الكلمات للساحر حتى يستدعيه بها في أي وقت ....
الشق الثاني من الكلمات التي تؤثر في الجن يكون قراءه أيان من القرآن ... وتلك الآيات التي تتوعد بالعذاب للمضللين وهكذا ... لأن الجن يتأثر بها لأنه يعرف أنة بتدخله في عالم الجن يفعل معصية سيحاسب عليها يوم القيامة ....
ولا تنسى أن الله لم يجعل لعالم الجن القدرة على التأثير في عالم البشر من فراغ ... فالله له الحكمة في ذلك بالتأكيد , فربما كان ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى للجان ليحاسبهم علية يوم القيامة .
- << سبحان الله ... ولكن ماذا يمكن للجن أن يفعله في عالم البشر ؟ >>
- << لا نعرف جذراً حدود قدرتهم , ولكن يمكننا مما روي لنا أن نحدد بعض الأشياء , مثلاً : يمكنه أن يؤثر بطريقة غير مفهومة لنا على مراكز عقلك ... حيث يجعلك تشعر بأحاسيس وترى أشياء ليس لها وجود في الواقع ... وربما تحكم في بعض مراكز الكلام والأعصاب في المخ ... ويمكنه أيضاً أن يتشكل في أشكال البشر , أو أشكال الحيوانات , أو أشكال بعض الجمادات , فيمكنه التأثير في دنيا البشر بتلك الطريقة ...
وبالطبع هناك طرق أخرى كثيرة لا يمكن معرفتها أو تحديدها .
* * *
- << أعتقد أنك بذلك تصف عم ( صبحي ) , ولكن المشكلة أنك لن تجده في سور الأزبكية الآن .... >>
- << ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ >>
- << لن تجده في سور الأزبكية الآن لأنة في مقبرته ..... لقد توفي عم ( صبحي ) منذ ما يقارب السبعة عشر عاماً ....
* * *
عاد ( يوسف ) إلى منزلة بعد أن استأذن من الشيخ في أن يذهب , لقد فهم الكثير جداً عن عالم الجن ...
كانت تلك المعلومات التي رواها له الشيخ تتراص أمامه مرة أخرى , كمية من المعلومات التي بالطبع نسى منها القليل , لكنه يتذكر الكثير أيضاً ....
فتح باب شقته ليرى أخته تجلس في الصالة تشاهد التلفاز
- << لماذا كل هذا التأخير ؟ لماذا لم تتصل لتخبرنا أين كنت ؟ >>
كانت تلك من ( رحاب ) وهي لم تحرك عينيها من أمام التلفاز ...
- << انشلغت كثيرا مع أصدقائي في أمور هامه >>
هنا نظرت له ( رحاب ) وهي تقول
- << ادخل لتبدل ملابسك , وانتظرني دقائق لأعد لك العشاء >>
- << شكراً , لقد أكلت منذ قليل مع صديقي ... أحتاج أن أنام بشدة فلا توقظيني غداً ... >>
- << أليس هناك محاضرات غداً...؟ >>
- << توجد واحدة ولكني لن أحضرها ... فأنا لا أحتاجها >>
دخل ( يوسف ) لغرفة نومه وقد ثقل جفنية , وأحس بخمول لذيذ يجتاح جسده ... ذلك الخدر اللذيذ الذي يصيبك بعد يوم شاق , استبدل ملابسة ثم دخل إلى الفراش وهو يقرأ بعض الأذكار كعادته , وأغلق جفنية مستسلماً للنوم براحه وهدوء بال ....
* * *
ما تلك الرياح التي يشعر بها ( يوسف ) , إن الطقس بارد بالفعل لكنه يذكر أنة قد عاد لمنزلة ....!! إنه يشعر بهواء يدخل بين ضلوعه ويجعله يرتعش من البرد .... ولكنه لا يرى شيئاً , شيئاً فشيئاً بدأ يرى صورة تتكون أمامه ....؟ إنه يرى نفسه يقف في منطقة تحيط بها المرتفعات الرملية من كل الجهات , والظلام يغطي كل شيء .... لقد فهم ( يوسف ) ما يراه الآن ... إنه الآن داخل حلم ...!!
كان ( يوسف ) يعرف أنه يحلم ... فيبدوا أن عقلة كان يعمل جيداً وهو داخل الحلم , ولكنه كان مسلوب الإرادة , فالحلم يسير كما هو ولن يقف على ما يبدوا ....
إنه يرى مجموعه من الجمال تسير ببطء في وسط تلك الرمال , جمال ..!!!
وما الذي أتى بالجمال الآن ....؟
وبجانب الجمال كان يسير ثلاثة أشخاص . وعند أول جمل كان هناك شخص يقوده , وعند أخر جمل كان هناك شخص أيضاً يراقب بقية الجمال حتى لا تحيد عن طريقها ...
لم يكن يتبين في الظلام وجوه الرجال أو ملابسهم ... ولكنه تبين أن بعض الجمال تحمل أشياء مربوطة على ظهرها , والبعض الأخر يحمل شيئاً مربعاً كبيراً يشبه الهودج الذي كان يراه في أفلام عنترة بن شداد ..... كأن ما يراه الآن هي قافلة تسير في الصحراء ...؟
وفجأة توقفت القافلة بين الرمال , وتقدم رجل من الذي كانوا يسيرون بجانب القافلة .... ثم وقف بجانب جبل من الجبال الرملية ونظر إلى السماء ورفع يديه بجانب جسده , ثم قال بصوت عالي :
- أقسم عليكم يا أهل الجبال أن لا تؤذونا ولا تقتربوا منا هذه الليلة ... أعوذ بسيد هذه الوديان من غدر أهل الجان , أعوذ بسيدكم أن يحمينا في مبيت قافلتنا هذه الليلة في واديكم , أعوذ بكم يا أهل وادي الجن , أعوذ بالملك الأحمر , وأعوذ بسمسائيل , وأعوذ بالمخلبي بن ذاعات , وأعوذ بسيد وادي العداه وسيد وادي القرنيم
كان ( يوسف ) يقف من بعيد في الحلم وهو يراقب هذا المشهد , وبمجرد أن سمع الكلمات وفهم أن الرجل يستعيذ بغير الله تأفف وأستغفر الله ....
ثم أعاد الرجل مرة أخرى تلك الجمل بصوت مرتفع عدة مرات , إلى أن جاء صوت من مكان ما من الصحراء جمد ( يوسف ) من الرعب
كان صوتاً رفيعاً جداً , ويتكلم بصوت كأنه الفحيح , وكان الصوت ممطوطاً .... قال الصوت عبارة واحدة , ولكنها كانت مسموعة ....
<< أعذناك , أنت في أمان >>
كان الصوت في الحقيقة يجعل فرائسك ترتعش ... حتى أن ( يوسف ) بدأ يرتعش وقد فهم أن الموضوع له علاقة بالتحدث مع الجان ....
أما الرجل الذي كان يقف في الصحراء يتكلم , فقد عاد لينيخ الجمال مع باقي الأشخاص , ثم بدأ الرجال في بناء خيمتان كبيرتان ... ولكن الغريب أن الرجال وهم يعدون الخيام قد توقفوا فجأة ...! ثم نظروا جميعاً إلى المكان الذي يقف فيه ( يوسف ) ... لقد ركزوا أنظارهم ناحية ( يوسف ) وكأنهم يروه جيداً .....؟ أما المصيبة أن ( يوسف ) قد رأى وجوههم في ضوء القمر .... لم يتبين أشكالهم جيداً , لكنه تبين منهم شيئاً واحداً .....
لقد كانوا ينظرون إلية ويبتسمون ......!!!
.................................................. .....
يتبع
|