عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2012, 02:35 PM   رقم المشاركة : 7
طيف عابر
عضو مبتدئ





 

الحالة
طيف عابر غير متواجد حالياً

 
طيف عابر عضوية تخطو طريقها

شكراً: 25
تم شكره 42 مرة في 16 مشاركة

 
افتراضي رد: مخطوطة ابن أسحاق<<اقوى قصة رعب وتشويق


– الجامعة مرة أخرى
كلية الآداب .... يبدوا لمن لم يلتحقوا بالجامعة بعد أن كلية الآداب هي محراب للعلم , مليء بالوجوه العابسة الجادة .... ولكن في كلية الآداب جامعه ( ...... ) ترى شيئاً أخر .... ربما تبدوا المباني من طراز قديم بعض الشيء ولكنك تجد الانفتاح والتحرر , وربما بعض التشدد كذلك .... في النهاية ستجد خليطاً من الفلاحين و العمال و القطاع الخاص إذا أردت رأيي .... وستجد أيضاً كل طائفة معينة يكونون مجموعة صغيرة حيث تجمعهم بعض الصفات المشتركة ....
كان ترى خمسه من الشباب والفتيات تجمعهم بعض الصفات مثل الانفتاح والتحرر والمرح , لتجدهم يكونون مجموعة خاصة تسمي نفسها ( شله ) وهو لفظ شائع بين طلبه الكليات ..... وربما تجد مجموعة من الطلبة المتفوقين وقد اجتمعوا في مجموعة يأكلون ويخرجون ويذاكرون مع بعضهم البعض ....
وربما وجدت مجموعة من الشباب المنحرفة _ ولا خطأ في اللفظ هنا _ الذين لا هم لهم في الحياة سوى التخريب و جعل الحياة لا تطاق بالنسبة للعالم .... وتلك المجموعة الأخيرة لها هواية مشتركة بينهم ... وهي الرسوب المتكرر , والكثير الكثير من المجموعات التي ربما كان بعضها مختلطاً أو فتيان فقط أو فتيات فقط ......
وتراهم يجلسون دائما في تجمعات على المقاعد أو المدرجات أو أي شيء تتخيله ....
وكانت ومازلت كليات الآداب تشتهر بتلك التجمعات التي تراها الآن على الجانين في الممرات التي تصل مباني الكلية ببعضها , أو بين الحشائش في الأجزاء البسيطة الخضراء المزروعة على جانبي الممرات ....
هل تتذكرون أصدقاء ( يوسف ) ... ( محمود إسماعيل ) و ( مصطفى أسامة ) الطالبان بكلية الآداب قسم تاريخ ؟ جيد أنكم مازلتم تذكرون شيئاً مما رويت ....
هما الآن يجلسان في إحدى قاعات المحاضرات بمبنى الكلية , وكان إحدى الأساتذة الكبار يلقي محاضره ما عن شيء يبدوا هام له , لأنة كان مندمج في الشرح .... أما بالنسبة للطلاب فكانت على وجوههم نظرة ناعسة .... وبعضهم قد نام منذ زمن بعيد لا يدري من الدنيا شيئاً .... كان بعض الطلاب يستفيدون من الوقت الذي يشرح فيه الدكتور بأشياء أخرى , قراءة الجريدة مثلاً , أو التحدث بصوت هامس جداً عن أهم حوادث البلاد الأخيرة ....
وربما تجد طالب هنا أو هناك يدون في كشكول محاضراته شيئاً ما قاله الدكتور أو ملاحظة هامة عن المادة , ولكنهم غالباً ما يملون من كثرة الكتابة فيتركوها لأصحابها ويذهبون لممارسة أعمال أخرى كالتي حكينا عنها في السطور السابقة .....
ولكن يبدوا أن ( محمود ) و ( مصطفى ) لم يملا بعد .... فما زالا يتابعان الدكتور بشغف , ويدونون وراءه الملاحظات وأهم ما يقوله .... حتى جاءت اللحظة التي أحس فيها الطلاب بأن الدكتور سينهي محاضرته , فتبدأ وجوه الطلاب العابسة في الابتسام , والوجوه الناعسة في الإفاقة من نعاسها .... ويعلوا الصوت في قاعة المحاضرات بين الطلاب وقد أحسوا بالفرحة الغامرة لانتهاء المحاضرة ..
وقف الدكتور من على مكتبة وألقى السلام , ثم اتجه إلى الباب هارباً من المذبحة الطلابية التي ستحدث حالاً أثناء اندفاع الطلاب على باب القاعة الصغير , الذي لا يسع أكثر من أثنين من الطلاب على الأكثر ... ولكننا نرى ( محمود ) و ( مصطفى ) وهما يندفعان بين الطلاب بخفة ليصلوا إلى الدكتور قبل أن يختفي من أمام أعينهم .... لقد خرج بالفعل من القاعة , ولكنهم مازالوا يهرولون للحاق به حتى وصلوا إلية ......
- << د . يسري .... د . يسري >>
- << أيوة ....؟ >>
- << الحقيقة أننا نملك بضعه أسئلة نرجوا الإجابة عليها إذا سمح وقتك الآن >>
- << بالطبع وقتي يسمح , ولكن هيا بنا إلى مكتبي قبل أن تفرمنا أقدام الطلاب أثناء خروجهم من البوابة >>
بالفعل ذهب الدكتور والطالبان يتبعانه , حتى وصلا إلى قسم التاريخ ومكاتب أساتذته ..... فدخل الدكتور إحدى المكاتب التي يشترك بها حوالي ثلاثة أساتذة أخرين في القسم , وجلس على إحداها ثم دعا الطالبان للجلوس على مقعدين أمام المكتب .....
- << هل هناك شيء في محاضره اليوم تريدان مناقشته بشيء من التوسع ؟ >>
فرد ( مصطفى )
- << لا يا دكتور ..... المحاضرة اليوم كانت جميلة لا تحتاج لتوضيح ... ولكننا نريد أن نسألك سؤالاً تاريخياً لا يتعلق بمنهجنا >>
- << ما هو ؟ >>
- << لقد قرأنا أثناء تصفحنا شبكة الانترنت على إحدى المنتديات عن شخصية رحاله ... اسمه ... ( أحمد بن إسحاق البغدادي ) >>
يبدوا أن الاسم لم يكن له أي تأثير على الدكتور حين سمعه .... فأكمل ( مصطفى ) قائلاً
<< قرأنا أن هذا الشخص قد أتى لمصر ومر بمدينة غريبة رأى فيها أشياء غريبة تحدث , كأنه رأى شخص مات منذ سنين يحدثه ويحكي له عن أسرار عن تلك البلدة ..... وأن بن إسحاق قد ألف كتابين أحدهما يسمى ( كنز الرحلة ) على ما أعتقد , ولكن الناس قد أحرقوا كتبه ..... ولم ينج منها غير حكاية واحدة من كتابة ( كنز الرحلة ) .... حكاية قد دونها أحد تلاميذه و الذي نقلها من الكتاب قبل حرقة .... ولكن المخطوطة التي دونت بها الحكاية لم يراها العلماء حتى الآن .....
الحقيقة أننا نريد بشدة أن نعلم هل تلك القصة حقيقية أم لا , وهل هناك مخطوطة في الحقيقة أم لا >>
- << هذه المعلومات لم أسمع بها من قبل ...!! ولكن , مرا علي غداً في هذا المكتب الساعة الواحدة ظهراً , لأعطيكم الجواب على أسئلتكم >>
- << الحقيقة أننا عاجزين عن شكرك ونأسف لسؤالنا هذا الذي سيأخذ من وقتك الثمين الكثير >>
ضحك الدكتور قليلاً ثم قال
- << لا تتأسف يا بني .... فربما أنا الذي أشكركما على أنكما ستضيفان لي معرفة أخرى على ما أعرفه .... فأنا متشوق للبحث عن معلومات تاريخية عن هذا الرجل >>
شكراه مره أخرى ثم انصرفا من مكتبة .....
وهما يسيران في خارج القسم قال ( محمود )
- << ولكن لما وقع اختيارك على ( د . يسري ) بالذات , ولم تختار أي من أساتذة القسم الآخرين لسؤالهم ....؟ >>
- << أولاً : لأن تخصص ( د . يسري ) هو التاريخ الإسلامي .... ثانياً : لأنه الأكبر سناً وأكثر خبرة في قسم التاريخ في مجال التاريخ الإسلامي .... والحكاية التي رواها لنا ( يوسف ) تصنف تحت مسمى التاريخ الإسلامي لو كانت لها أسس أو جذور واقعية .... >>
- << جميل ..... لقد قمنا بما هو مطلوب منا ... والآن هل نبلغ ( يوسف ) أم ننتظر إلى أن نعرف رأي الدكتور في موضوع المخطوطة ....؟ >>
- << من رأيي أن ننتظر حتى نعرف غداً رأي الدكتور , ثم نذهب لـ ( يوسف ) أو نتصل به لنخبره بالنتيجة , وليخبرنا هو أيضاً بنتيجة بحثه في سور الأزبكية عن الرجل الذي باعة المخطوطة ... >>
- << أنا أشعر بالجوع الشديد .... ماذا عنك ؟ >>
- << أنا أيضاً , إذن هيا بنا إلى الكافيتريا لنأكل شيئاً >>


* * *

كانت علامات الذهول ترتسم بوضوح على وجه ( حبيبة ) وهي تستمع إلى ( يوسف ) , وهو يروي لها قصته مع المخطوطة منذ أن اشتراها إلى أن علم أن بأن العجوز الذي باع له المخطوطة قد مات منذ سنين طويلة ..... كانت ( حبيبة ) تصدق ( يوسف ) في كل كلمة يقولها .... هي لا تعرف لما تصدقه دائماً .....!! لكنها تحبه حقاً وتشعر بالأمان معه دائماً , ربما منذ التقت عيناهما أول مرة قبل أن تعرفه , وهي تشعر براحه وهي بجانبه .... تشعر بدفء وجودة بجانبه .... ربما لحظات أحست بأنهم قد تسرعوا بالارتباط ببعضهم البعض , لكنه إذا بعد عنها أحست كأنها طفلة صغيرة قد تركتها ماما وحيدة .... ربما أرادت أن تبكي وتضرب الأرض بقدميها كالأطفال عندما يغيب عنها .... لكنها تتمالك نفسها ....
بالرغم من أنه لا يوجد شيء يميز ( يوسف ) في مظهرة أو في طباعه , إلا أنها تشعر بقوة رهيبة عندما يكون بجانبها , ضعيفة في البعد عنة قوية في القرب منه .......
كانت قديماً تسخر من زميلاتها عندما يحكون لها عن حبهم وعن سهر الليل , والهيام وعد النجوم ... ولكنها كانت تضحك بحكمة ورزانة وتقول
<< أنكن تخلقن هذه الأحاسيس والمشاعر لأنفسكم ..... فالحب الأول هو خرافة ..... انتظرن حتى يأتي لكم العريس المناسب ثم يأتي الحب بعد الزواج .... >>
هي الآن تضحك من نفسها على كلامها القديم , لأنها قد غيرت رأيها تماماً بعد أن أحبت ( يوسف ) ...... ولكن ما الذي جذبها في ( يوسف ) .....؟
هي لا تعرف ... ولكنها تعتقد أنها أحبته لأنه لم يكن يميل لاستعراض مهاراته كلما رأته .... فكل الفتيان التي كانت تتعرف إليهم كانوا يميلون لتغيير طبعاهم أمامها , حتى تعجب بهم .... ويبدأ هذا في إلقاء النكات , وهذا في الرومانسية , وهذا في سرد حكاياته مع الأشرار .....
إلا ( يوسف ) , فقد كان على طبيعته معها ولا يتكلف شيئاً .... ولا يظهر عكس ما يبطن .... ولكن إعجابه بها كان يفضحه من نظرات عينية .....
تلك العينان التي تشعان ذكاء رهيب ... ربما تعتقد أن عينية عيني ذئب .... فيهما خبث الدنيا ..... ولكنها تعرف أن لون عينية وتكوين حاجبيه هو ما يعطون عنه هذا الانطباع الأول , ولكنها بعد ذلك أحست أن تلك العينين هي ما تعطيانها الأمان والدفء .....
إن ( حبيبة ) تعرف جيداً بعد ( يوسف ) عن الشجار أو العنف ..
ولكنها تتذكر يوم أن كانا يسيران باتجاه المترو بجانب بعضهما , ثم تعرض لهما شابان بالكلام البذيء .... لقد كانت تحث ( يوسف ) على السير وأن لا يستمع لهما .... وكانت تتوقع أن يبتعد ( يوسف ) ويكملان مسيرتهما .... ولكن الشابان أكملا تحرشهما بالسباب .... فرأت ( يوسف ) وهو يلتفت ببطء لهما , وحدقتا عينية تضيق ببطء , وحاجباه يقتربان من بعضهما ..... ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة غريبة تكاد تقسم أنها ابتسامة ذئب _ لو كان الذئب يبتسم _ يرى فريستان سيأكلهم بعد قليل .....
وفجأة رأت ( يوسف ) تحول من شيء وديع إلى إعصار ....!! هي لم تدري ما حدث من سرعته , ولكنها رأت بعد دقيقه واحدة الشابان , أحدهما مغمى علية على الأرض , والأخر يمسكه ( يوسف ) ويكيل له لكمات سريعة إلى أنفه التي تحطمت تماماً , والشاب قد انهار وهو يحاول التنفس من فمه والاعتذار ......
والشيء المضحك أنها رأت ( يوسف ) بكامل ملابسة ولم يصبه شيء , أما الاثنان الآخران فقد تقطعت ملابسها وسالت الدماء من أجزاء جسديهما , وقد كسر أنف أولهم , وكسرت يد الشاب الثاني الذي أغمى علية .....
إن الناس قد خلصت الشاب الأخير من ( يوسف ) بأعجوبة حتى أنهم رفعوه من الأرض لكي يبعدوه عنة ..... بعد ذلك أكمل معها السير وكأن شيء لم يحدث , في نفسها قد ارتعدت منه قليلاً .... هل هذا الشاب الهادئ يخفي تحت جلدة وحش همجي ؟
في داخلها كانت فرحة الدنيا تملأها .... هي كانت تريد حبيباً عادياً .... ولكنها وجدت حبيبها يمكن له أن يقتل عشرة إذا أقتضى الأمر لكي يدافع عنها .....
بالطبع قد حكت تلك القصة لكل صديقاتها وزملائها بافتخار وكأنها هي التي ضربت الشابين لا ( يوسف ) ..... إنها تشعر بالغبطة والسرور لأن الجميع يعرف أن هذا الوحش يحبها هي .... لم تكن بالطبع تحبه لأنة يجيد ضرب الناس , ولكنها ازدادت فرحاً لأنها عرفت كم يمكن أن يضحي من أجلها ..... وارتعدت فرائسها قليلاً وهي تتخيل إن هي أغضبته في يوم من الأيام بعد زواجهما ..... ربما لن يكتفي بكسر ضلع واحد لها .... ربما فعل لها مثلما فعل للشابين الذين تعرضوا لها ...!!!


نعود مرة أخرى للحكاية التي كان يرويها ( يوسف ) لـ ( حبيبة ) , والتي بمجرد الانتهاء منها نظر لها ليرى تأثير القصة عليها ؟
- << هل تريد رأيي ؟ >>
- << بالتأكيد >>
- << وهل تعدني أنك ستعمل به >>
- << أعدك أنني سأعمل به ..... إن اقتنعت به >>
- << إذن تخلص من تلك المخطوطة , ولتنهي ذلك الموضوع , فلن تستفيد منه شيئاً >>
نظر ( يوسف ) إلى الأرض وهو يفكر جدياً في التخلص من المخطوطة .... أو على أقل تقدير أن يعطيها لشخص أخر يمكنه أن يتحمل مسؤوليتها .....
ربما آن الأوان أن يتخلص منها .....
............................................

يتبع

رد مع اقتباس