تيت تيت دن تيت تيت دن تيت دن تيت تيت دن تيت تيت دن دن دن تيت دن دن دن تيت ..... يبدوا أنني لا أعزف على البيانو .... ولا العبارة السابقة جزء من تعويذة
ولكنة صوت موبايل ( يوسف ) عندما يضبطه على المنبه لكي يستيقظ .... وإن أردت الحقيقة فإن صوته مزعج فهو يزعج ( يوسف ) من النوم دائماً .....
مد هذا الأخير يده يتحسس المكتب وهو مغمض العينين باحثا بيده عن الموبايل ليغلقه كي يكمل نومه ... ولكنه تذكر أنة دائماً يترك الموبايل بعيداً عن متناول يده وهو نائم على سريرة .... وذلك مقلب يفعله في نفسه كل صباح , حيث أنة عندما يزعجه المنبه وهو نائم فإنه يغلقه ليكمل نومه ..... ويتأخر في الغالب عن مدرسته .... فتعلم ( يوسف ) أن يضع المنبه أو الموبايل بعيداً عن متناول يده وهو نائم لكي لا يغلقه ويتأخر ....
تيت تيت دن تيت تيت دن تيت دن تيت تيت دن تيت تيت دن دن دن تيت دن دن دن تيت دن دن دن تيت تيت تيت
ظل الموبايل يطلق تلك النغمة المزعجة و( يوسف ) يتأفف .... فأطلق سبة بذيئة وبدأ يفتح عينية ..... ويفكر وصوت الموبايل المزعج يتردد
لما يذهب اليوم للكلية .... لم لا ينام قرير العينين , فلا توجد محاضرات اليوم .... إذن لينام ....
وفجأة تذكر موعده مع ( حبيبة ) ثم موعدة مع ( أحمد ) فنهض كالمجنون وهو يزيح الأغطية عنة , و يتجه ناحية الموبايل ليغلقه ..... ثم دخل إلى دورة المياه لأداء الطقوس اليومية المعتادة التي تنتهي دائماً بخروجه إلى الصالة , ثم أداء صلاه الصبح بغرفته ...
كان من بالمنزل قد استيقظوا جميعاً من نومهم .... ستسألني من هم الذين بالمنزل ؟ سؤال غريب يا أخي بالطبع والدته و أخته .....
وأين والدة .....؟ إنه في إحدى الدول الأوربية يعمل هناك منذ عشر سنوات , ويعود كل عامان ليظل شهرين في مصر ثم يرحل ..... لذلك كانت أحوال ( يوسف ) المادية متيسرة , أما أمه فقد كانت تعمل في إحدى الأشغال الحكومية تلك التي لا تفهم ما هو دورهم في الحياة ... على شاكلة الهيئة العامة للتعبئة والإنشاءات التنفيذية , إن تلك المؤسسات الحكومية منتشرة في مصر كثيراً .... والعاملون بها كثيرين أيضاً ...باختصار كانت والدة ( يوسف ) تعمل في إحدى تلك المصالح لشغل وقتها , لكي لا تموت من الملل وهي تجلس في بيتها طوال النهار ......
أما أخته فكانت طالبة في المرحلة الثانوية , ويبدوا أنها من الطلاب الذين اتخذوا من التفوق منهجاً لهم .... كما يطلق عليها أصدقاءها ( الدحيحة ) , وهي لفظة عامية تعني أن هذا الشخص يهلك نفسه في المذاكرة ...
نأتي مرة أخرى لـ ( يوسف ) وهو يصلي صلاه الصبح , إنه يجبر نفسه على التركيز في الصلاة ..... ربما شرد ذهنه لحظة أو غفل ولكنة يرجع مرة أخرى ..... ولكنة في وسط صلاته تذكر الحلم الذي حلم به الليلة السابقة ..... استعاذ بالله من همزات الشياطين , حيث أنة تعلم أن تلك من همزات الشيطان في الصلاة .....
بعد انتهاء الصلاة نظر إلى الساعة ليجدها السابعة إلا الربع تقريباً ..... سيجلس ينتظر ( حبيبة ) أن ترن على موبايلة حتى يعلم أنها ستكون موجودة في الكلية بعد ساعتان .... ستأتي الرنة في خلال نصف ساعة , لأن هذا هو موعدها دائماً ... بعدها إذا لم يجد الرنة فذلك سيعني أنها لن تأتي اليوم , وسيكون علية أن ينتظر حتى ميعاد ( أحمد ) الذي أتفق معه علية أمس
وهنا تذكر مرة أخرى الحلم المزعج الذي راوده أمس ..... يا له من حلم ...! ( يوسف ) من النوع الذي لا يتذكر أحلامه ... هو يقول دائماً أنة لا يحلم , ولكن هذا خطأ شائع , فبمجرد نومك تبدأ أحلامك , ولكن بعض الأشخاص لا يتذكرون أحلامهم فيعتقدون أنهم لا يحلمون .... و( يوسف ) من هذه الفئة ..... أي الذين لا يتذكرون أحلامهم , وإذا تذكروها كانت أحلاماً من شاكلة القطط التي تطير مبتسمة .... أو يحلم بأنة يضرب شخص يكرهه ....... أو أحلام المنبه ( أي التي يدخل فيها مؤثر خارجي كطرقات باب إلى الشخص النائم فيبني له العقل حلماً ) .... ولكنة لم يحلم بهذا النوع من الأحلام قط , أو إذا أردنا الدقة هو لم يحلم بهذا النوع من الكوابيس من قبل .... كابوس ثلاثي الأبعاد , بل كابوس مليء بالأحاسيس السمعية والبصرية والجسدية ...... لقد رأى عرش أو كرسي كبير مطعم بالذهب في الحلم ....! فهل يعني هذا أنة سيمسك حكم البلاد .... ضحك للفكرة في نفسه ..
ثم ماذا عن سماعه للكلمات وهي تردد ... ؟ , تلك الكلمات هي ببساطة إحدى كلمات المخطوطة .....ولكن المشكلة أنة لم يحفظها ..... فكيف يأتي بها عقله داخل الحلم ويدمجها بهذا المشهد , هو كان سيقبل الفكرة لو كان يحفظ الكلمات جيداً .... ولكنه لم يقرأها إلا مره واحدة , بل لم يتبينها حتى ولم يدقق لها ولا لمعناها , فكيف يحفظها ...
أما هؤلاء الأربعة الذين ظهروا فربما يكون عقلة قد ربط بينهم وبين الأربعة فقراء في المخطوطة ..... نعم هذا هو الشيء الوحيد المقنع في هذا الموضوع ... لقد قرأ المخطوطة ثم تأثر بالأربعة فقراء , وتكفل عقلة بتخيل أشكالهم وإدماجهم في الحلم ...... ولكن لماذا تخيل أجسادهم وهي تسيح ..؟ لا يمكن أن يكون عقلة فعل ذلك من تلقاء نفسه ..... لأن عقلة لو كان تأثر بالأربعة فقراء الذين قرأ عنهم في المخطوطة , فذلك يعني أن عقلة سيجعله يتخيل أن ثلاثة فقط أجسادهم ستسيح .... لأن الرابع قد هرب حسب نص المخطوطة ..... هناك ثغرة في ذلك الحلم لا يفهمها ..... هو يعرف أن هناك الكثير من الجهلاء الذين ينسبون أي شيء إلى العقل , ويبحثون لها عن اسماً كبيراً غير مفهوم ..... ولكنهم جهلاء ليس لجهلهم التعليمي , ربما يكونوا على درجة عالية من الثقافة , ولكنهم على درجة كبيرة من الجهل , لأنهم عندما تعترضهم ظاهرة غريبة يطلقون عليها اسماً قوياً يرعب من يسمعه ..... وإما أن يطلقوا عليها خرافة .... وهم بذلك يشبهون الجهلاء الأميين .... فهؤلاء من ناحية ينسبون أي شيء غير مفهوم إلى العفاريت وأمنا الغولة , وهؤلاء من الناحية الأخرى ينسبون كل شيء غير مفهوم إلى العلم أو يطلقون عليها خرافة , والفريقين في الغالب خطأ .... بالطبع تلك أراء ( يوسف ) وليست آراءنا ... ولنعود الآن إلى ( يوسف ) كي لا يقاضوني ....
كان ما يحير ( يوسف ) فعلاً مسألة العرق الغزير والسخونة الشديدة التي اعترت جسده عند استيقاظه من الحلم ..... هو كان في الحلم يحترق ويسيح مثلهم .... ولكن كيف يخرج هذا الإحساس إلى الواقع الفعلي ....!! ثم لماذا يسيح هو أيضاً مثلهم ؟ إن الموضوع به حلقة مفقودة يعجز عقلة عن الوصول إليها أو استنتاجاتها ......
ربما لو سئل شـ.......
" عيون القلب ...... سهرانة مابتنامش , لا أنا صاحية ولا نايمة مابااقدرش ........ يبات الليل ... يبات سهران على رمشي ..... وأنا رمشي ما داق النوم وهو عيونة تشبع نوم "
فزع ( يوسف ) من تردد تلك الأغنية وهو يفكر في الكابوس , وبعد لحظة تذكر أن تلك النغمة المخصصة لـ ( حبيبة ) , فإذا اتصلت به سمع تلك الأغنية ......
يالا الرومانسية .... إذن فستكون ( حبيبة ) في الكلية بعد ساعتان من الآن كما اتفقا أمس .... جيد , ليذهب ( يوسف ) إلى ارتداء ملابسة , ولكن كما تعود ( يوسف ) أن يفعل كل يوم ذهب ليفعل ..... يفعل ماذا ؟ ذهب ليبحث عن أي شيء في الثلاجة يؤكل فليس عنده وقت للإفطار ..... وجد قطعه شيكولاتة يبدوا أن أخته قد نسيتها في الثلاجة , ستنتحر بالتأكيد عندما تعلم باختفائها .....
.........................................
يتبع