– السجين
يبدوا أن المشاهد الغريبة سنراها كثيراً في هذه القصة ...! ولكن دعني أصف لكم المشهد ....
نحن الآن في منطقة جبلية وعرة , ولو أردنا أن نكشف المنطقة أكثر ... فسنقول بأن هناك شلال من المياه ولا تسألني كيف أتى هذا الشلال ؟ فأنا أصف لك فقط ... المنطقة يغلفها الظلام إلا من ضوء القمر الذي يبعث على الرعب أكثر منه يبعث على الرومانسية ، ولكن حتى الآن لا يوجد شيء غريب بالمشهد يستحق وصفة ....!! ولكن انتظر .... هل ترى ما أراه ؟ بجانب الشلال في داخل الصخور هناك فتحة تشبه فتحة كهف من التي نراها في السينما , وأعلى الفتحة منقوش على الصخور كلمات بلغة غريبة لا أعرفها , ولكن يبدوا أن بها مربعات وخطوط منفصلة عن بعضها ؟؟؟
رباه ...ما هذا الذي أراه ..!! لو كان شخص حي بهذا المكان ورأى ذلك لمات رعباً ....
إن هناك طنيناً يزداد ببطء يكاد يفجر رأسك من الألم ، الطنين يزداد أكثر وأكثر .... وفجأة ، حدثت فرقعه صغيرة على فتحة الكهف التي رأيناها منذ لحظة .... وظهر لحظتها ثلاثة رجال أمام فتحة الكهف ... رجال ...!! لا ليسوا رجال ... فعلى قدر علمي لا يوجد رجال طوال القامة بهذه الطريقة ، ولون جلودهم أحمر ..... هذا ما تراه من ظهورهم فقط فأنا لا أرى وجوههم الآن ..... ولكن يبدوا أن أحدهم هو القائد لأن الاثنين الآخرين يتبعونه في خشوع وهو يدخل إلى الكهف .. ولكن هناك شيء غريب ؟؟ بمجرد دخول الثلاثة رجال من فتحه الكهف تألقت الكلمات المنقوشة أعلى الكهف ...!!
لا أعرف هل أنا دقيق الملاحظة أم أن ضوء القمر لا يريني الموجودات جيداً ؟ أعتقد أنني رأيت لهؤلاء الثلاثة ذيول تخرج من تحت ملابسهم .......!!
* * *
الآن نحن داخل الكهف .... دعني أصف لك ما أرى بالتفصيل وبلا مناقشة ...
الكهف تضيئه من الداخل أضواء حمراء و بيضاء لا تعرف أين هو مصدرها ؟ لكنها إضاءة قوية جداً .... وفي أخر الكهف هناك .... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
في أخر الكهف هناك شيء ما يجلس على الأرض مكبل بالسلاسل من كلا يديه , والسلاسل نفسها منقوش عليها نقش غريب , ربما كان مشابهها للنقش الذي بخارج الكهف ...
له خلقه مريعة تجبرك على عدم النظر إلية , حتى لا يدب الرعب إلى قلبك ..... فوصف شكله هو مهمة عسيرة ..... ولكنك ترى ضخامة جسده وطوله الذي يفوق بالتأكيد طول البشريين ، جلدة بالكامل يميل إلى اللون الأحمر ...
أما عن وجهه فهو وجهه طولي ... لا ليس طولي كالذي نعرفه , بل هو طولي بالكامل أي أن وجهه طويل جدا يصل إلى الأربعين سنتيمتر .... و الوجه نفسه مضغوط من الجانبين لدرجة غريبة ، له عينان مشقوقتان بالطول لا تتبين لونهما , ربما لأنك لن تطيق النظر فيهما ....
أما عن فمه فهو أغرب شيء بوجهه .... ففتحه فمه تصل إلى أذنيه من الجانبين .... فلو ابتسم يصل جانب فمه أذناه الذين يشبهون أذن الحصان ولكنهم أصغر قليلاً ..... ما هذا الذي على رأسه ؟ هناك شعر على رأسه ولكنه ليس طويلاً ... المشكلة ليست في الشعر ... بل أنة هناك في رأسه قرنان صغيران طول الواحد يقارب الثلاثة سنتيمترات...!!
وهذا الشيء مربوط بالسلاسل إلى جدار الكهف من كلا يديه في وضع النسر المحلق , ولكن ليديه حرية للحركة بعض الشيء وهذا هو ما يجعله يهز السلاسل و يحاول الخروج وقد بان على وجهه الغضب من تقييده بهذا الشكل
وأمامه كان هناك ما يشبه القصعة أو طبق للطعام , ولكنة مقلوب والطعام الذي لا نعرف ما كنهه مبعثر في جوانب الكهف .... كان في حالة هياج رهيبة يزأر ويعوي وكأنة ذئب ، ويحرك يديه في جميع الاتجاهات محاولاً فك القيود ....ولكن لا فائدة
وهنا دوت الفرقعة التي كنا سمعناها عندما كنا نتأمل المشهد من خارج الكهف قبل أن ندخل لداخلة لنصف المشهد من الداخل ...
وبعد انتهاء صوت الفرقعة دخل الكهف من فتحته الثلاثة رجال الذين لم نكن نرى ملامحهم من الخارج ... ولكن الإضاءة جيدة هنا , فيمكنني أن أحدد ملامحهم جيداً ... رباه ...!! إن هذا الشيء المكبل بالقيود لهو ملك جمال بالنسبة للقادمين ... ولكن أكثرهم رعباً هو الذي يخطو ويقودهم والاثنين الآخرين يتبعونه بهدوء .... إن هذا الرجل المطاع له خلقه مرعبة بكل المقاييس .... فهو أسوأ من المكبل بالسلاسل في الشكل مع اختلاف أن وجهه كان اسود لامعاً وبه قرون أيضاً في أعلى رأسه ...... وكان يمتلك ذيلاً يقف منصباً وكأن صاحبة متحفز لشيء ما ....
كان المشهد رهيباً بحق ، فبمجرد دخول الثلاثة رجال هدأ المكبل بالقيود , وظل ساكناً ينظر بعينية للقادم ...
أما الرجل المطاع والذي يقود الاثنين الذين يتبعانه فقد وقف في هدوء يرمق المكبل بالسلاسل بعينين ناريتين .... ظل الاثنين يرمقان بعضيهما لفترة طالت .. وكانت بداية الكلام للرجل الذي دخل الكهف منذ قليل
- << مرحباً أيها المارد ... ما رأيك في لقبك الجديد يا ( ابن ذاعات ) ، المارد .... سيكون هذا لقبك منذ الآن بعد أن خالفت الأعراف والقوانين ... >>
- << أنا لست مارداً ، لماذا تقيدونني بلا ذنب وتطلقون علي لقب مارد >>
- << بعد أن تمردت على قوانين قبائل الجن المسلمين ، وبحثت عن مجد شخصي لك بين البشر ، وتحكمت في الجيوش التي تحت يدك لتجعلها في خدمتك لأغراضك الشخصية ... لقد كتبت نهايتك بنفسك يا صاحبي >>
بان الغضب على المقيد بالسلاسل وهو يقول
- << أنا ( المخلبي بن ذاعات ) أبرع قائد من قواد ممالك الجن ، انتصرت لكم في الكثير من المعارك ضد الممالك الأخرى ، وصارت قبائل الجن تخشانا بفضلي .... وبعد هذا تحكمون علي بالسجن >>
ارتفع صوت الرجل الواقف بغضب وهو يقول
- << اسمعني ..... لقد كنت تتحكم في جيوش جراره من أفراد الجن لخدمة مصالح عشائرنا .... ولكنك استخدمتهم في أذية البشر وفي التحكم في مصائرهم ..... لقد أخرقت أحد أعرافنا كجن مسلمين لا نتصل بالبشر ولا نضرهم .... وأنت تعرف عقاب من يخالف ذلك ويحاول الأضرار بالبشر .... الموت >>
قالها وجلد وجهه يتكرمش ويذبل وعينية تبرز للخارج
- << لقد خدمت قبائلنا في حروب كثيرة , وانتصرت في جميعها بلا استثناء .... فهل هذا يكون مصيري >>
بدأ الشخص يتحرك ناحية المكبل بالسلاسل وهو يقول
<< تحير المجلس في أمرك .... بعد أن كنت خادمنا المطيع الذي نبجله ، أصبحت سفاحاً وخطراً مقيماً على البشر .... وكان يجب قتلك ككل المتمردين .... ولكنني اقترحت عليهم وفاء لخدماتك لنا , ولأنك كنت من أعظم قوادنا الحربيين .... أن تقيد في السلاسل إلى أن تموت .... وحكمنا على أفراد الجن التي ساعدتك في إيذاء البشر من داخل جيشك بالنفي في بقاع الأرض , والتشتت والتفرقة فلن يقدر أحدهم على معرفة مكانك ليحررك >>
وهنا قد وصل الرجل إلى المكبل بالسلاسل فانحنى قائلاً
<< لا تفكر بالهروب يا ( مخلبي ) .... فسأترك معك حارسان من أقوى أفراد عشائرنا ليقدما لك الطعام والشراب , ولحراستك أيضاً من أن تهرب ..... هذا غير أن جيوشك الخائنة التي ساعدتك في المذابح البشرية التي ارتكبتها لا تعرف مكانك , ولن تعرفه لأنهم مشتتين في الجبال والمحيطات بلا هدف >>
ثار المكبل بالقيود وهو يحاول التملص من السلاسل بلا فائدة وهو يطلق عواء من بين شفتيه _ إن كان يمتلك شفتين _ يصم الأذن .... ولكن كل محاولاته كانت فاشلة .....
ولكن لحظة ؟
ما دخل ذلك المشهد بقصتنا الآن ......!
يبدوا أنني بدأت أخرف في الأيام الأخيرة ....
فلنعد لقصتنا مرة أخرى ....
.....................................
يتبع