عرض مشاركة واحدة
قديم 09-27-2012, 03:37 PM   رقم المشاركة : 4
اسير الصمت
مشرفة عالم حواء






 

الحالة
اسير الصمت غير متواجد حالياً

 
اسير الصمت عضوية شعلة المنتدىاسير الصمت عضوية شعلة المنتدىاسير الصمت عضوية شعلة المنتدىاسير الصمت عضوية شعلة المنتدىاسير الصمت عضوية شعلة المنتدىاسير الصمت عضوية شعلة المنتدى

شكراً: 5,645
تم شكره 6,248 مرة في 2,253 مشاركة

 
افتراضي رد: ميت يحكي قصة موته و رحلته في عالم الاموات

الحلقة الثالثة : اللقاء بالملكين وعرض الأعمال :



حملوني لقبري وكانوا يسيرون بي سريعاً وأسمع دعاء البعض واسترجاعهم وبكاءاً كثيراً .. وأنا في حالة ارتباك وخوف مما سيحصل لي لأني تذكرت في هذه اللحظات مظالم وذنوباً اقترفتها وساعات غفلات قضيتها ، وصبوات تجرأت عليها .. الوضع مربك ومرعب وشعرت بانتقاضة من الوجل والخوف ، وحينما وصلت لقبري سمعت أصواتاً وكلماتٍ كثيرة لمن يريد دفني وأذكر من كلماتهم : من هنا ، قربوه للقبر ، تعالوا من هنا ، لو سمحتوا أفسحوا الطريق للجنازة .. ياالله ما كنت أراه وأسمعه في حياتي أسمعه الآن بعد مماتي !!

أدخلوني لقبري بجسدي وروحي وهم لا يشعرون ولا يرون إلا جسدي ويقول من يحملني : بسم الله وعلى ملة رسول الله ..

وبدأ صف الحجر والطين كنت أريد أن أصرخ وأقول أرجوكم لا تتركوني فلا أدري ما الله صانع بي ، وأحياناً يأتيني شعور بالثقة وأن الله لن يضيعني ..

بعدها هلّوا عليّ التراب وبدأ ظلام شديد وأصوات الناس تختفي وتبتعد ولكن أسمع بوضوح أصوات مشيهم وقرع نعالهم وسمعت أناساً يدعون الله لي وكان دعاؤهم أنساً لي وانشراحاً لصدري خاصة أن أحدهم قال بصوت مسموع : اسألوا له الثبات فإنه الآن يُسأل ..

وفجأة بدا القبر يضيق علي ويضيق حتى شعرت أنه يضغط على كل جسمي وارتعبت وكدت أصرخ بأعلى صوتي ثم اتسع كما كان ..

بعد ذلك التفت يميناً وشمالاً ترقباً وخوفاً مما سيأتي وفجأة لاح لي ملكان بصورة مهيبة جداً أجسادهم عظيمة سُود الأجسام زُرق العيون طرفهم يلوح كالبرق ، وأنيابهم تكاد تصل للأرض وبيد أحدهم مطرقة كبيرة لو ضربت بها مدينة لهدمتها !!


قال لي أحدهما مباشرة : اجلس ، فجلست مباشرة ، فقال : من ربك ؟– والذي بيده المطرقة يرقبني بنظرة قوية , فقلت مباشرة : ربي الله ، كنت أرتجف وأنا أجيب ليس عدم ثقة بالإجابة ولكن أرعبتني صورهم وطريقة سؤالهم .. من نبيك ؟ قلت محمد صلى الله عليه وسلم ..


ما دينك ؟ قلت : الإسلام ..

قالا : الآن نجوت من فتنة القبر قلت لهم : هل أنتما منكر ونكير ؟

قالا : نعم ولو لم تجب لضربناك بهذه المطرقة ضربة ستصرخ منها صرخة تسمعك كل الخلائق إلا الثقلان ولو سمعوك لصعقوا من شدة صراخك .. ولهويتَ في الأرض سبعين ذراعاً .

قلت : الحمد لله الذي نجاني من هذا وهذا بفضل الله وحده ..

ثم انصرفا ولم أشأ أن أكثر الكلام معهما فلم أطمئن إلا بانصرافهما ..

بعد انصرافهما مباشرة شعرت بحرارة عجيبة وبدأ جلدي يحتمي خشيت أن تكون فُتحت نافذة من جهنم على جسدي من شدة الحرارة ، ولكني لا أرى أي شئ سوى حرارة أشعر أنها تخرج من جسدي !!

حضر لي بعد ذلك ملكان آخران وقالا : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

قلت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..


قالا : نحن ملائكة أتينا لعرض أعمالك في قبرك وإحصاء الحسنات التي تُهدى لك إلى يوم القيامة.


قلت لهما : والله رأيت منذ مت شيئاً مهيباً ولم أتوقع أنه بهذه الشدة وهذه الكربة .. ولكن هل تأذنان لي بسؤال ؟


قالا : نعم


قلت : هل أنا من أهل الجنة ؟ وبعد كل هذه الأحداث هل هناك خطورة أن يدخلني الله النار ؟


قالا الملكين : أنت مسلم والذي حصل لك لأنك مسلم آمنت بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن دخول الجنة والنار لا يعلمه إلا الله ، ولكن ثق أنك لو شاء الله وأدخلك النار فلن تخلد فيها لأنك موحد !!


بكت عيني وقلت وماذا لو أدخلني الله النار فكم سأمكث فيها !!

قالا : ثق بربك وأعلم أنه كريم .. وسنبدأ الآن بعرض أعمالك عليك منذ بلغت وإلى آخر نفس لك في حادثك ..

وبدؤا بقول استغربته وهو :

سنبدأ بصلاتك لأنها العهد الذي بين المسلم والكافر ولكن لن ترفع لك حسنة واحدة ولن تجازى على أي عمل صالح لأن أعمالك الحسنة الماضية كلها معلقة .

قلت باستغراب : لماذا ؟!! وما هو السبب الذي من أجله تم إيقاف كل أعمال الخير التي عملتها بحياتي وهل هناك علاقة بين ذلك وبين حرارة جسمي التي أشعر بها كأن حمى الأرض جمعت لي ؟!!

قالا : نعم لذلك علاقة وأنت السبب في ذلك بتساهلك في دين عليك لم تقضيه قبل موتك والآن أنت في خطر شديد ؟!!

قلت وأنا أبكي : وكيف ؟ وهل الدين هو الذي جعل جسدي يحتمي بهذه الشدة قبل عرض الأعمال ؟!!

وقُطع سؤال بشئ لاح لي بالأفق نوراً مشرقاً آنس ظلمة قبري وله صوت ومنه تنبعث رائحة زكية لم أشم مثلها في حياتي ولا منذ مماتي ..

وقال الضوء : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

قلت : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. من أنت ؟

قالت : أنا سورة الملك ( تبارك ) أتيت لأنافح وأحاج لك عند الله فأنت قد حفظتني وقد أخبركم رسولكم محمد عليه الصلاة والسلام أنني أطلب من الله أن ينجي كل من يحفظني ..

قلت : مرحبا بك سورة حفظتك منذ صغري وكنت أتلوكِ في صلاتي وفي بيتي وأنا الان في أشد الحاجة لك ..

قالت : نعم ولذا أنا هنا وسأطلب من الله أن يفك كربتك لأنك الآن تساهلت بدَينٍ كان سبباً بتعليق أعمالك وحرارة جسدك !!

قلت : وكيف السبيل للنجاة ؟!!

قالت : بأحد ثلاثة أمور ..

قلت بسرعة : وما هي ؟!!

فقالت سورة الملك : .............

قالت سورة الملك لي : قبل أن أقول لك سُبل النجاة هل كتبت ورقة بها الدين الذين عليك حتى يسددها الورثة عنك ؟


عندما سمعت كلمة ( الورثة ) كانت هذه الكلمة شديدة علي ودمعت عيناي فقد تذكرت أهلي جميعاً أمي وأبي وزوجتي وإخوتي وأبنائي يا ترى ما الذي حصل لهم من بعدي وكيف هم ؟!! ابنتي سارة وإخوانها تذكرت انكسارهم وكيف أصبحوا أيتاماً من بعدي من الذي سيرعاهم ومن الذي سيقوم على مصالحهم ؟!! تذكرت بنيتي الصغيرة عندما قالت : أريد كاكاو ماذا سيقولون لها – عندما تسأل عني - وكيف سيقولون وكيف ستكون نفسيتها من بعدي !!


زوجتي ماذا عملت من بعدي الآن !! سيقال لها أرملة !! كيف ستتحمل عبء أولادي من بعدي !!




تذكرت وتذكرت وتذكرت ودموعي تنهمر ونشيجي يعلو ..


قالت سورة الملك : كأنك تذكرت شئاً ؟!!


قلت : نعم تذكرت أهلي وأبنائي ماذا سيعملون من بعدي .


قالت سورة الملك : لهم الله هو الذي خلقهم ورزقهم وهو الذي يتولى أمرهم .


كانت هذه الكلمات بمثابة الماء البارد على الظاميء فقلت في نفسي : بالفعل لهم الله ولماذا القلق !!


استطردت بالفكر قليلاً ولم يقطع تفكيري إلا زيادة حرارة جسمي فقلت مباشرة لسورة الملك : باالله عليك هل لي أن أعلم كم الدين الذي علي ؟!!


قالت سورة الملك : نعم لقد سألت الملك فأخبرني أنها ألفاً وسبعمائة ريال ، الألف لصاحب لك يقال له : أبا حسن أما السبعمائة فهي متفرقة ..




قلت متعجباً : كيف متفرقة ؟!!


قالت سورة الملك : أنت تساهلت بديون صغيرة منذ بلوغك فتراكمت عليك .


فقلت : لمن ؟!!


فقالت سورة الملك : خمس ريالات لبائع أغذية قد اشتريت منه طعاماً لك ولم يكن معك نقود وعندما طلبها منك قلتَ له : سأردها لك غداً هذا عندما كان عمرك خمس عشرة سنة


والآخر يعمل في مغسلة الملابس غسل ثوبك وقلت له نفس كلامك السابق وتساهلت حتى نسيته والآخر محل كذا ومحل كذا فعددت محلات أتذكرها واحداً تلو الآخر ، ثم قالت : تساهلكم بالديون واستصغاركم لها سبب شقاء الكثير منكم في قبورهم ..


ألم يحذركم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الدين وأخبركم أن الشهيد على جلالة قدره توقف أعماله بسبب الدين ألم تعلم أن أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم على فضله أوقفه الدين ولم نستطع أن نعمل له شيئاً حتى سدد صاحبه الدين !!


قلت برعب : إنا لله و إنا إليه راجعون وكيف الخلاص أرجوك فجسمي سيتقطع ألماً وحرارة .


قالت سورة الملك : بأمور ثلاثة .


قلت بعجل : ما هي ؟!!


قالت : إما أن يسامحك من عليه الدين .


قلت : الكثير منهم نسي كما نسيت ولا يعلمون بموتي بل ربما الكثير منهم لا يعرفني ونسيني ، لكن ما الحل الآخر .


قالت : وإما أن يسدد عنك ورثتك .


قلت : كيف سيعلمون بديني ومشكلتي أني لم أكتب ورقة لحقوق الناس لأن الموت أتاني بغتة ولم أكن أتوقعه أو أحسب له أي حساب !!


قالت سورة الملك : بقي أمر سأحاول لك به ولعله يكون نجاتك وسأخبرك به بعد وقت إن شاء الله والآن سأنصرف ..


قلت : لا أرجوك لا تذهبي فانا أشعر بوحشة شديدة وظلمة ورهبة إضافة لحرارة جسمي التي تزداد ..


قالت سورة الملك : لن أبتعد كثيراً فأنا سأذهب لأجل المُحاجة عنك والبحث عن حل وبإذن الله ستكون نجاتك .. فانصرفت ..


بقيت وحيداً مستوحشاً في ظلمةٍ وهمٍ وغم فأُلهمت دعاء فقلت : ( يا من لا يأنس بشئ أبقاه ، ولا يستوحش من شئ أفناه ، ويا أنيس كل غريب ، ارحم في القبر غربتي ، ويا ثاني كل وحيد ، آنس في القبر وحدتي ) لكني تذكرت أني في دار حساب لا عمل ..


ما هي إلا لحظات حتى سمعت صوتاً أعرفه إنه أبي الحنون وأسمعه يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



قلت مباشرة بشغف : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً بك يا أبي فعلمت أنه لن يسمعني ..



ثم سمعته يقول : اللهم اغفر له اللهم ارحمه اللهم وسع مدخله اللهم آنس وحشته ثم سمعته ينشج ويبكي ويقول اللهم أحله اللهم إني راضٍ عنه فارض عنه وانصرف



لاح لي بالظلام – أثناء دعاء والدي - نورٌ عظيمٌ فإذا هو ملكٌ من ملائكة الرحمة يكتب دعاء والدي ولم يكلمني الملك بكلمة واحدة حتى انصرف والدي فبقي قبري منيراً والتفت لي الملك وقال : إن دعاء والدك سيُرفع للسموات العلى وبإذن العلي القدير سيجيبه الله لأن دعاء الوالد لولده مستجاب ..



ياالله تمنيت أن يطيل أبي الوقوف على قبري ويستمر بالدعاء لي لأن أثر دعائه وجدته في قبري بل وعلى نفسي ..



قلت للملك : هل لي أن أسألك سؤالاً ؟!!


قال : وما هو ؟


قلت : منذ متى وأنا ميت وما هو الوقت الآن ؟!!

قال : أنت ميت من ثلاثة أيام والآن وقت صلاة الظهر ..


تعجبت بشدة وقلت سبحان الله كل هذه الأحداث في هذه المدة القصيرة ؟!


وكل هذه الظلمة التي أجدها في قبري ونحن وقت الظهيرة !!


قال الملك : لازال الطريق أمامك طويلاً أعانك الله عليه ..


لم أتمالك نفسي فبكيت وبكيت بكاء لا أذكر بحياتي أني بكيت مثله ، وقلت في نفسي : سبحان الله كم كنت غافلاً عن مثل هذا ..


انصرف الملك وهو يقول سيستمر النور في قبرك إلى أن يشاء الله بفضل الله ثم دعاء والدك ..


كانت زيارة أبي مؤنسة لي وتمنيت أن يزورني كل أقاربي وتمنيت أن يقف على قبري أصحابي ..


تمنيت أن يسمع والدي صوتي فأقول : يا أبي أرجوك سدد الدين الذي في ذمتي أرجوك تصدق عني أرجوك ادع الله لي .. لكن ما السبيل بأن يسمع صوتي وتذكرت قوله تعالى ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون )


شعرت بحرارة جسمي كأنها تهدأ ولكنها تزداد أحياناً فظننت أن هذا له علاقة بزيارة والدي ولكن الأمر لم يكن كذلك بل لأمر آخر ..


ما هي إلا لحظات حتى لاح لي نور أعرفه إنها سورة الملك قالت : عندي لك بشارتان .


قلت بسرعة : ما هي ؟


قالت الأولى : صاحبك الذي يطلبك الألف ريال تذكر دينك ثم قال : اللهم إني عفوت عنه محتسباً الأجر من الله ولم يطلبها من أهلك


فتهلل وجهي فرحاً ثم قلت : الحمد لله ربما هذا سبب أن الحرارة خفت قليلاً علي ..


وما البشارة الأخرى ؟


قالت : لقد سألت الله لك كثيراً لكن حقوق الآدميين مشكلة ، وقد أُرسل لك ملك موكل بالرؤى والأحلام وهو سيأتي أحد أقاربك في المنام برموز لعلهم يفهمون دينك ..


تفاجأت بهذا الخبر فسكتت متعجبا ..

رد مع اقتباس