شكراً: 5,645
تم شكره 6,248 مرة في 2,253 مشاركة
|
رد: روايه جميله جدا
بدأت الأيام تمر بسرعة بعد ماقررت أزهار في أعماق قلبها إنها تعيش يومها وتتطلع لمستقبلها , خاصة إنها وجدت إنه أسئلتها الكثيرة اللي تطرحها على عائلتها تبقى بلا جواب أو يجاب عليها بطريقة مبهمة وعذرهم الوحيد إنه أوامر الدكتور مطلق الحازمة كانت ومازالت تنص على هالشي ..
: اليوم لمن جلسوا يتذكرون رحلتهم لحديقة الحيوان اللي رمى فيها القرد قارورة موية صحة على راس العنود , وجلس كل واحد يوصف ردة فعله سألتهم أنا اش سويت سكتوا كلهم ..
طااالع فيها مطلق للحظة بعدين سأل : وبعدين ؟؟
زفرت وهي تطالع في شبح أبوها الجالس على مقعد بعيد نوعا ما عنهم وقالت : ولا شي قالت العنود إني ما كنت معاهم كنت مع أمي في البيت ولمن سألتها ليش راحوا من دوني واش السبب اللي ماخلاني أروح قالت ماكنت في عقلك ذاك الوقت ..
ابتسم لردود العنود المبهمة وقال بلهجة اللي يقرر واقع وهو يكتب ملاحظاته كعادته : وانتي حسيتي وقتها إنك منبوذة وغريبة عنهم وغصب عنك بدأتي تحاولين تجبرين عقلك على التذكر ..
كان عارف إن العلاج الأنسب لفاقدي الذاكرة هو تذكيرهم بكل الأشياء والأماكن والأشخاص اللي يحبها ومساعدتهم على القيام بالنشاطات اللي كان متعود عليها , لكن شخص مجهول زي أزهار اش ممكن يذكرونها به ؟؟ صعب التعامل معاها عشان كذا أصر مطلق إنه محد يجاوبها على أي سؤال مهو متأكد مليون في المية من صحته زي اسمها اللي قالت لهم أم أحمد إنه اسم مرة خالها اللي هي جدة أزهار ..
اتضايقت من ابتسامته ومن معرفته لدواخلها بالرغم إنه من المفروض إنها ترتاح إنه في أحد فاهم شعورها فسألت بضيق : دكتور أنا كيف فقدت الذاكرة ؟؟ ما أحد راضي يجاوبني حتى انت , يمكن لو قلتلي أتذكر شي بسيط , أنا تعبت من الظلام اللي عايشته ..
حدق في عيونها وقال فجأة وبسرعة مباغته : غرقتي ..
الكلمة صفعتها بقوة لأنها ما توقعته يجاوبها , وبعد ما تمالكت نفسها قالت بهمس : غرقت ؟؟ فين وكيف ؟؟
قال بهدوء وهو يوجهها بعيد عن الأسئلة بطريقته : لمن قلتلك غرقتي انصدمتي ليه ؟؟
فكرت شوية بعدين قالت : ما أدري ليه كنت معتقدة إنه بسبب طيحة ولا حادث أهم شي إنه ضربة على الراس ..
ابتسم وقال : لمعلوماتك فقدان الذاكرة مو مرتبط بالصدمات الجسدية بس , بالصدمات النفسية كمان , ضغوط العمل , الخوف الشديد , عوامل كثيرة تؤدي له ..
فتحت فمها بتسأله ليش قالها لكنه سبقها وقال وهو يصك الدفتر : عارف إنك بتدورين عليها في الكتب , في الأنترنت , لازم يجيك فضول انتي منتي صغيرة تكتفين بكلام الطبيب , عشان كذا أنا قلتلك , بعدين ماشاء الله عليك نفسيتك كل مالها تتحسن وهذا شيئ مطمن عشان كذا أعطيتك جواب ..
ماحبت تقوله إنها دورت في الأنترنت لكن الموضوع كان متشعب ومعقد ودوخ لها راسها وما أعطاها إجابات شافية لأسئلتها , قامت من كرسيها وطالعت في ظهر مطلق اللي قاعد يتكلم مع أبوها , كانت عارفة إنها أسوأ مرضاه , وإنه يتعب معاها كثير , فهي أصرت تقعد ببرقعها أثناء الجلسة و مارضيت تجلس معاه من دون أبوها , عدلت طرحتها ونقابها ووقفت بصمت ورى أبوها اللي صافح الدكتور, ولمن قال : نشوفك على خير بعد أسبوعين يا أزهار..
فكرت إنها استحت وماقدرت تقول له على ملابسها اللي ماتعرف ليه تكرهها وتحسها مهي مناسبة لذوقها , هذا الشي مو طبيعي أكيد , قررت إنها تقوله هذا الشي في الجلسة الجاية لو قدرت , قالت بهمس وهي مقدرة محاولاته المستميته لمساعدتها و لكسب ثقتها : شكرا يا دكتور ..
ابتسم وقال : على إيه ؟؟ واجبي , يلا بالتوفيق ..
سألته : طيب الحبوب ؟؟
قال : نفسي أعرف ليش تكرهينها , خففنا لك الجرعة لحبة في المساء , داومي عليها إلين أطلب منك بنفسي إنك تسيبينها , صدقيني يا أزهار مالها أي مضار بإذن الله ..
*********************
: أزهار يلا الله يخليك ..
طالعت أزهار في عبايتها المعلقة وأخيرا لبستها غصب عنها , ركبت سيارة
أبوها الجيب , البندري حلفت ماترجع ورى في آخر مقعد وهي تقول : نقص علي أرجع ورى , خلوا أزهار ترجع ورى ..
ضربتها العنود بطرف يدها وهي تقول : أزهار اكبر منك يالوقحة , خلاص أنا أرجع ورى ..
وقبل ماتصك المقعد ركبت أزهار ورى لأنها ماتبغاها تقعد لوحدها , وطول الطريق وهي تطالع في الشوارع بمشاعر مختلطة , ولمن وصلوا للمول قالت أزهار : هذا عزيز مول اللي صدعتي راسي تبغين تتسوقين فيه ؟؟
نزلت البندري وهي تقول بسخرية : ما أظنها قيد جات هنا ..
قالت الهنوف بهمس : لا تسمعك ..
قالت العنود بغيض : والله لو إني مني ورى كان بالجزمة على فمك ..
انتبهت أزهار وسألت : اش فيه ؟؟
و سكتت لمن أمها قالت : عنود اش هالكلام ؟؟ شوفوا لو ماسكتي انتي واياها ترى أرجع البيت دحين ..
نزلوا بصمت تخترقه همهمة العنود اللي باين إنها قاعدة تسب من قلبها , ضحكت أزهار وقالت بهمس : عنودي انتي ليه زي البس والفار مع البندري ..
قالت : لأنها غبية وعبيطة ومتكبرة وماتدخللي من زور ..
طالعت أزهار في البندري اللي لابسة عباية عليها رسمة فراشة بالكريستال في ظهرها أكبر من الفراشات اللي في الأكمام والطرحة , البنت هذي إلى الآن مافهمتها , كلامها جاف وبارد مع الكل مو بس معاها لكن نظراتها لها دايما متعالية , أحيانا تحس كإنه في عداء خفي بينهم , من خروجها من المستشفى ما حاولت البندري تسلم عليها أو تسألها عن حالها وهذا شي غريب بين الأخوات , بس يمكن كان في خلاف بينهم قبل الحادث ونسيته مع كل الأشياء اللي نسيتها , انتبهت من شرودها لمن لمست يد الهنوف كتفها وهي تسألها : أزهار اش فيك ؟؟
ابتسمت أزهار وقالت وهي تتأملها : ولا شي ..
عبايتها على الكتف عادية سادة بدون أي شي ملفت وطرحتها طويلة نوعا ما تدل على شخصيتها الهادية , كانت الهنوف انسانة منعزلة نوعا ما حالها حال نفسها , حتى في غرفتهم المشتركة راسها في مجلاتها أو كتبها , ماتتكلم كثير لكنها تشارك بكلامها الموزون لمن يطلب أحد شورها , عموما تعتبرها أزهار الأخت الكبيرة الحنونة كاتمة الأسرار ...
: أزهااااااااار..
لفت أزهار يمين ويسار وهي تدعي إنه ما التفت أحد عليهم بسبب صوت العنود العالي , مشيت لها وقرصتها وهي تقول : أولا لاتناديني باسمي وثانيا رخي صوتك يالمتخلفة في سوق احنا مو في البيت ..
حكت العنود مكان القرصة وقالت : طيب كنتي رايحة وأنا أبغى أوريك لبس عجبني ..
قالت بهمس وهي تشوف شابين يبتسمون لهم : طالعي اش سويتي ؟؟ راسمين لنا ابتسامة معجون الأسنان ..
كتمت العنود ضحكتها وهي تقول : بقي اللمعة اللي تطلع في طرف الأسنان في الدعاية ..
دفتها للمحل وهي تقول : فايقة , امشي بطني مغصتني منهم ..
: ياخوافة ..
دخلوا للمحل واشترت العنود اللبس اللي دخل مزاجها رغم اعتراضات أزهار اللي شافته مو مفهوم راسه من رجله , ولمن خرجوا لقيوا الشابين قاعدين متكين على الجدار اللي جنب المحل , قالت أزهار : الله يقطع شرك لصقتيهم فينا ..
طنشتهم العنود وهي تمشي للمحل الثاني , حست أزهار نفسها تحت رحمة عيونهم الليزرية اللي صلختها من عبايتها وعرتها , ولمن دخلوا المحل وقفت أزهار قدام المراية في المحل وتأملت شكلها , العباية خلتها رزه وأعطتها منظر أحلى مية مرة من منظرها لو مشيت بملابسها , واللثمة حلت عيونها رغم إنها مهي مكحلة , ويدينها بانت أبيض وأنعم بسبب الكلفة , حست بضيييييييييق يخنقها , دحين لايمكن تلوم الشابين الواقفين ينتظرونهم برى , الجيعان إذا شاف أكل لابد يمشي وراه , كان ودها ترجع البيت في غمضة عين , غصة مريرة تجمعت أعلى حنجرتها وخنقت أنفاسها , ولمن نادتها العنود بعفوية وهي ناسية كعادتها إنها في سوق تمالكت نفسها وزحزحت رجولها من مكانها , كانت تمشي ورى العنود زي الشبح , ماقدرت تشوف لا ملابس ولا شي حتى الأكل اللي طلبوه من المطعم ما مدت يدها له , والكل حس بالتعب اللي هي فيه فرجعوا بعد الأكل وسط احتجاجات البندري اللي ماخلصت أشياءها على قولتها ..
من وصلت البيت طنشت مناداة العنود اللي تبغاها تشوف الملابس بعد ما تقيسها وفصخت العباية ورمتها في الدولاب وانسدحت على سريرها وهي تصرخ بداخلها ~ ليه أحس نفسي غريبة على ذاتي المجهولة , ليه ملابسي أحسها ماتناسبني ؟؟ البناطيل , البديهات حتى التنانير أكرهها , ياااااااااااااااااارب افرجها , ياااااااااااااااااارب ساعدني ~ ..
ولمن جابت لها الهنوف دواها , بلعت الحبة ورجعت انسدحت وهي شاكرة لهنوف عدم سؤالها عن ضيقها ..
*********************
ابتسم ناصر وقال : شعولة ..
لفت مشاعل وجهها له وهي تقول : هلا ..
تقدم منها وهو يقول بحنان : اش رايك نخرج نتمشى شوية نغير جو ؟؟..
مسكت دموعها وحاولت تتجاهل المشاعر الغريبة اللي بداخلها وهي تقول بهدوء : فكرة حلوة ..
ولمن قامت ولبست عبايتها قال بفرح : أستناك في السيارة ..
جلست تستغفر وتدعي ربها يبعد عنها الضيق والتعب مو عشانها عشان ناصر اللي دوبه اللي فاق من بعد التطليع والسخونة اللي جاته , نزلت وهي تحس مشاعرها تتزايد بشكل فضيع ولمن وصلت للسيارة وفتحت الباب ماعاد قدرت تقاوم , قالت بصوت مخنوق : ناصر سامحني ..
وصكت الباب وطلعت على طول , وقفت عند باب الشقة وهي تصرخ بداخلها ~ ليه يامشاعل ؟؟ هذا ناصر , هذا زوجك واللي كنتي تموتين في الأرض اللي يمشي عليها , , ناااااااااااااصر ~ حست بيده على كتفها تهديها قبل ما يفتح الباب ويدخلها , أول ما دخلت وشافت ملامح الألم والحزن على عيونه قالت بهمس : ناصر طلقني ..
لف عليها بصدمة وهو يقول : نــــــعـــــــم ....
قالت ببرود : طلقني , حياتنا لو استمرت كذا بنكره بعض ..
هز راسه وقال وهو مهو مصدق الكلام اللي تقوله : مشاعل أكيد انتي تمزحين ..
ولمن شافها جامدة وماقالت شي يأكد له صدق كلامه قال : مستحيل , أنا أحبك ومستعد أسوي أي شي بس ما نتطلق ..
كلمة أحبك انحفرت في قلبها وفجرت الدموع من عيونها وهي تنهار على الأرض وهي تقول : إذا كنت تحبني صدق طلقني , أنا ماني قادرة أعيش في هالوضع , تخيل شعوري كل يوم وأنا ماني مستحملة وجودك في نفس الغرفة اللي أنا فيها , يجيني ضيق وغثيان وكتمة وحتى لمن أضغط على نفسي يجيني شي يقبض روحي , تخيل تعيش مع الإنسان اللي تحبه وفي نفس الوقت ماتبغاه يلمسك ولا يقرب منك ولا تبغى تسمع صوته , أنا عايشة في جحييييييم , إذا كنت تحبني طلقنييييييي ...
صوت نحيبها وكلامها اللي يشرح معاناتها خلى الدموع تنزل غصب من عيونه , نزل وضمها وهو يبكي من بكاها , كان يبكي حبهم وأحلامهم اللي بنوها ست شهور , كان يبكي ألم وحزن على حالهم اللي صارت وأكثر على حال حبيبة قلبه اللي بين يدينه قريبة منه يحبها وتحبه لكن قلبها يصرخ ألم وجوفها يحترق وجع , بعدته عنها وقامت وراحت للغرفة وصكت الباب , اتصلت على أخوها عبدالله وطلبت منه من بين دموعها إنه يجي ياخذها دحين من بيتها , وبعد ما صكت السماعة راحت واستندت على الباب , ولمن سمعت صوت بكى الإنسان اللي ملك عليها قلبها , طاحت على الأرض وهي تبكي وتصرخ بداخلها ~ ياااااااااااااااااارب , يارب هون علي فراقه , يارب هون عليه فراقي , يارب اسعده ويسير له الخير , ياااااااارب احفظه ووفقه , ناصر , والله أحبك ~ ما تدري كم مر من الوقت قبل ما تسمع صوت جرس الباب , وسمعت دخول أخوها وناصر يترجاه : عبد الله , الله يخليك اقنعها , أنا لا يمكن أطلقها ..
وسمعت أخوها وهو يقول : خليها ترتاح شوية في البيت عندنا وإن شاء الله خير ..
لبست عبايتها اللي طاحت على الأرض وقت دخولها ولفت طرحتها وخرجت وهي مهي شايلة إلا شنطتها الصغيرة , لفت وجهها عشان ما تشوف ناصر اللي قال : بيننا اتصال يامشاعل ..
ماردت عليه خرجت مع أخوها وهي تحس براحة داخليه من بعده سببت لها ألم مبرح ماعمرها حست به حتى في وفاة أبوها , أبوها اللي ما عاش هاللحظة الأليمة ~ أبويه حمد لله اللي ماشفت حبيبة قلبك وهي تتعذب , الحمد لله اللي مت وانت ماشفتني حية وميته في نفس الوقت , استغفر الله العظييييييييييم , أزهار وينك ؟؟ وينك عشان تقولين لي اش أسوي ؟؟ اش الحل ؟؟ أزهار لا يكون متي وأنا ماأدري ؟؟ أزهااااااااار~
***********************
(( هي ليست ضعيفة تدعي القوة ...... بل هي قوية بما يكفي ))
الساعة الواحدة صباح يوم الجمعة 5 / 1 / 1427 هـ :
أثناء غرق السفينة :
~ انت اللي قتلت أمك , انت اللي قتلت أمك , لو مسكتها زين , لو حاولت أكثر كان ما غرقت , استغفر الله العظيم , عمر لو تفتح عمل الشيطان , انسى وخلك قوي عشان أزهار ~ طالع عمر في ساعته الفسفورية اللي ضد الموية واللي وضحت له إنه لهم ساعتين يسبحون وبعدين طالع في وجه أخته اللي سكتت أخيرا وهو مهو عارف الموية اللي على وجهها هي من بحر ولا من الدموع , كانت برودة الموية تنخر عظمه نخر ويدينه ورجوله اللي يحركها باستمرار يحسها تنتفض من التعب والصدمة , قال وهو يمسك يد أزهار : زهورتي بردانه ..
كان ودها تنكر وتقول له لا عشان مايخاف لكن شفايفها كانت ترتجف غصب عنها , غمضت عيونها وسدت أذانيها تبغى الصراخ اللي حولها يختفي , كان عويل الناس وصراخهم يطحن قلبها طحن وهي تفكر بعامر وعمير اللي مهم عارفين هم فين , حيين ولا ميتيين , كانت العباية طافية على سطح الموية, قال عمر وهو يرفعها عنها : فصخيها لو غرقتي بتختنقين ..
كانت ثقيييييلة بسبب الموية , لمها وحطها على أكتافها ولفها بها نص لفه عشان تدفى وقال : أزهار تقدرين تسبحين إلين قارب النجاة اللي هناك..
هزت راسها وقالت وهي تحاول تخترق حجب الظلام وتشوف القارب اللي يقول عليه : ما أبغى القارب , طالع الناس كيف تتقاتل عليه ..
فعلا كان يشوف ناس تسبح للقارب بجنون وتتمسك فيه واللي في القارب يمنعونهم منه بسبب الزحمة وعشان ماينقلب القارب , وفجأة انقلب القارب وسط صراخ راكبيه , شهقت أزهار وهي تقول : عمر انقلب القارب ..
سحبها وهو يسبح مبتعد عن القارب خوف يمسك أحد ما يعرف السباحة فيهم ويغرقهم , طالع يمين ويسار وصرخ بصوت جهوري : عمااااااااااااااااار , عمــــــــير , عماااااااااااااااااااااااااااااااااار ..
كان صوته رغم علوه يتلاشى وسط الصرخات الثانية , بلع البحر آخر بقايا السفينة اللي كانت شامخة قبل كم ساعة , صوت ارتطام آخر الأجساد المتساقطة بسطح البحر امتزج بصوت تحطم بقايا الأشياء اللي على سطح السفينة المختلط بأنين حديدها الصدء , وحين اختفى آخر معالم السفينة زادت حدة الأمواج وجات قوة جذب غريبة من تحت أقدامهم , ما فاقت من صدمة المنظر إلا وهي داخل البحر ويد عمر ترص يدها بقووووووووة وهو يحاول يسحبها للسطح , ولمن رفعها يادوب شهقت ورجعت غرقت كان من المستحيل عليها تسبح وسط هذا الموج و الجذب كله , رفعت نفسها بالقوة وصرخت لمن حست نفسها بتسحب عمر معاها للقاع : عمر سيبني ..
: لااااااااااااا ..
صرخ بها وهو يسحبها له بكل قوته , كانت تضرب يدينها في الموية بلا تركيز من الخوف وهي تشاهق من الخنقة , بالقوة سند ظهرها على صدره و لف ذراعه على رقبتها ورصها بشويش وهو يلهث ويقول بحزم : خلاص وقفي , لا تتحركين أنا ماسكك ..
جمد جسمها من سمعت كلمته ترن في أذنها وسابت جسمها يطفو بدون ما تحرك عضلة , كانت الموية تضرب في وجهها وتخنقها أحيانا وأحيانا تحس نفسها بتغوص لكنها ما قدرت تتحرك , استسلمت ليدين أخوها وهي تحس بتعب وإرهاق ماله حدود , سبح عمر وحاول إنه يكون مع الموجه عشان ماتغرقه هو وأزهار وهو ينادي على أخوانه عل وعسى واحد فيهم يسمعه , ولمن شاف ميت لابس سترة نجاة طافي على بعد مترين قدامه قال بصوت مقطع : أزهار تقدريت تسبحين شوية ..
هزت راسها من دون ما تتكلم وسبحت بعيد عنه شوية , جدف بيدينه بقوة ومسك الرجال ولفه على ظهره وانصدم لمن تذكر إنه هذا واحد من الصعايدة اللي ساعدوه و أمه , ارتجفت شفايفه وقاوم دموعه وهو يفك السترة وهو يقول : سامحني , يارب سامحني , يارب انت أعلم بحالي ..
كان الموقف ما يتحمل وجود المشاعر , يا ياخذ السترة من هذا الإنسان اللي توفاه الله أو تغرق أزهار من الأمواج , أزهار نفسها كانت تبغى ترحم أخوها من اللي هو فيه وتقوله لا تاخذ السترة لكن عضلاتها اللي تئن سكتتها ووضحت لها إنه ممكن تخونها وما تتحرك بعد كم ساعة , وإلين تجي السفن اللي بتساعدهم محد يدري كم من الوقت بيمر , فك السترة وسحبها وبدأ جسم الصعيدي يغووووص , مسكه عمر بيده وهو مو قادر يسيبه , رمى السترة لأزهار وقال بصوت متماسك مناقض لقلبه المنهار : إلبسيها بسرعة ..
لبستها بصمت وهي تحس ببرودة داخلية تحتل قلبها اللي تسارعت دقاته من قوة انفعالاتها , رفع جسم الصعيدي لسطح الموية وظل ماسكه إلين طفى , هنا تحرك مبتعد عنه وهو يترحم عليه ويدعيله , كانت أزهار تحس وضعها أحسن بكثييييير السترة رافعتها فوق مستوى الموية بشوية ومعطيتها مجال تتنفس براحة من دون ما تضرب الأمواج وجهها كل شوية ..
: إلحقونيييييييييييييييي , ولدي بيغرق , نورة , إلحقونيييييييييييييييييي ..
كان صراخ الرجال الهستيري يقطع القلب وهو يسبح بسرعة , التفتت يمين ويسار إلين شافت من وسط الظلام شبح حرمه تجاهد في السباحة وهي شايلة شي , سبح عمر لها بعد ماقال : الحرمه شايلة نونو لا تتحركين من مكانك ..
صرخت بخوف : عمـــــر لاااااااااا , لا تسيبني لوحدي ..
راقبت المشهد من مكانها وهي تدعي إنه ربي يرحمهم , الحرمة ناولت ولدها للرجال اللي سبق زوجها وعمر واختفت , ابتلعها البحر زي ما ابتلع المئات قبلها , صوت بكى البيبي خرق قلبها وزاد وجعه لمن شافت أبوه يسحبه من الرجال ويضمه وهو يصرخ بهستريا وهو يتلفت ويحاول يغطس ناسي إنه ولده معاه : نـــــورة , نـــــورة ...
اختلطت صرخاته بصرخاتها وهي تنادي عمر اللي غطس ورى الحرمة عشان مايغطس الرجال ويذبح نفسه وطفله ..
مرت دقيقة , دقيقتين و صارت عشرة وعمر ما طلع من جوة البحر, تعلقت عيونها بالرضيع اللي يصيح وهو يحرك يدينه فوق كتف أبوه اللي يصرخ باسم زوجته وهو يجاهد يبقي راس الرضيع فوق السطح , كان يغطس ويرجع ويغطس ويرجع , صرخت بكل قوتها وبشكل هستيري : لااااااااااااااااااااااااااا عـــمـــــــــــر لاااااااااااااااااااااااااااااااااااا , لاتسيبني لوحدي الله يخليــــــك , عـــمــــــــــر, مالي غيرك ياعــمــــــر آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه , آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ..
صرخت وصرخت وصرخت إلين ظلمت الدنيا حولينها ....
********************
|