الفصل الثاني : تصارع المجهول ..
اشتعلي يا قناديل الصبر في قلبها
نوري الطريق
أزيلي ذلك الألم..
أخبريها أنها يوما تلاقي ربها
بلا حساب أجرها ستلقاه
بلا ندم...
افرشي بالإيمان دروبها
بالحب
بالأمل..
ارسمي بها بسمة على شفاهها
افتحي عينا أغمضها اليأس ..
اشتعلي يا قناديل الصبر في قلبها
نوري الطريق
أزيلي ذلك الألم..
يوم الخميس 4 / 1 / 1427 هـ :
الساعة 10 مساء :
عند حلول الكارثة :
قعدت تتخبط لمدة ما تعرف مداها وعقلها يصرخ ~ بعدي العباية واسبحي انتي تعرفين تسبحين , اسبحي , اسبحي , اسبحي ~ ومن وسط فوضى المشاعر و اختناق أنفاسها بسبب صعودها للسطح وغوصها بشكل متتالي سمعت صوت عمار يصرخ من بعيد : خليك على ظهرك , أزهاااااااااااااااار , اسبحي على ظهرك ..
كان عمار يسبح بصعوبة بسبب هيجان الأمواج رغم إنه لابس سترة وماسك الثانية , قامت أزهار تكحكح لمن بدأ عقلها يتغلب على خوفها ويذكرها إنها تسترخي و جسمها طبيعي بيطفو , ما قدرت تسترخي بسبب الكحكحه والصدااااع اللي يفتك براسها من أثر دخول الموية المفاجئ لخشمها وبسبب الملوحة اللي أخذت تحرقه وتحرق معاه حلقها وجوفها لكنها قدرت تسبح خفيف , كانت كل مارفعت راسها بتشوفهم تجيها موجه تصدم وجهها وتغرقها , شهقت وهي تسبح بصعوبة عشان تعطي الأمواج ظهرها , كانت الموجة ترتفع إلى فوقها وتغمرها فجأة ببرودة قشعرت بدنها , الموية بدأت تدخل أذانيها بسبب طرحتها الملفوفة على راسها انتفضت لمن حست بمسار الموية الباردة جوة إذنها الدافية , دقها واحد فلفت بسرعة وطالعت علها تشوف أخوها , و انصدمت لمن شافت جسم طافي على بطنه لشخص مجهول , صرخت برعب وهي تسبح مبتعدة عن الجسم , لكنها تجمدت لمن شافت جسم ثاني شكله لطفل ما يتجاوز 8 سنين قدامها , سبحت يمين ويسار و حست بقلبها ينعصر لمن شافت الأجسام الطافية اللي بدأت تخرج من العدم حولينها , صرخت بطول صوتها : عمااااااااااار , عمـــــــر , مااااااااااااااامااااااااااااااااااااااا ..
مسكتها يدين قوية من أكتافها وبلا مقدمات بدأت تغوص , حاولت تفلت من هذا الشي المتشبث وهي تحس روحها بتطلع من الخنقة , انقطاع النفس وخوفها من إن العباية تلف حولينها مرة ثانية خلاها تقاتله بشراسة وهي قاعدة تسبح للسطح , رفعت راسها وشهقت بقوة وهي تسحب نفس لكن قبل ما تكمل نفسها غاصت مرة ثانية بسبب يدين الشخص نفسه , عرفت إنه واحد غرقان و مو لاقي غيرها يتشبث فيه , قاومت تحت الموية وتلوت إلين قدرت ترجع للسطح مرة ثانية , وبسرعة بعدت عن المتشبث اللي انصدمت لمن لقيته رجال عجوز , كان يضرب الموية بيدين نحيلة يائسة وهو يصارخ و يرجع يغوص , حست بجمود , كان الموج يرفعها ويخفضها ويضرب فيها لكنها كانت متصنمة وعيونها متسعة على آخرها وهي تطالع في العجوز اللي حلاوة الروح ما خلته يغرق ويموت بسرعة , كان يغوص ويطلع و يغوص ويطلع , كان من المستحيل عليها إنها تساعده لأنه حيغرقها معاه حست بقلبها ينعصر عصر وهي عاجزة عن تقديم شي له , ولمن شافت مقاومته تضعف ومعدل صعوده لسطح البحر يتناقص غمضت عيونها بقوة والأمواج تضربها ببرودة ماحستها من كثر ماهي متألمة للعجوز , ولمن سمعت صراخه ومحاولته المستميته سبحت بسرعة نحو اللا مكان وهي تحاول تلقى عمار اللي اختفى صوته , كان الشي الوحيد المضيء في هذا الليل هو هيكل السفينه المشتعل اللي بدأت تغوص بشكل مرعب , وسط الظلام ما كانت عارفة المكان اللي هي تسبح فيه و لا هي متذكرة فين عمار , كان ودها تصارخ عشان تسكت أصوات الناس اللي ينوحون واللي يستنجدون واللي ينادون بأسماء , كانت تحس أصواتهم تدوي في أذانيها وتفقدها الشجاعة اللي تحاول تتمسك بأطرافها , غمرتها موجة عاليه وغطستها , حست الموية تغلفها وتحجزها بعيد عن المناظر والأصوات , سبحت عاموديا وهي ماسكة أنفاسها , ولمن خرجت للسطح رجعت الضوضاء تضج في راسها وهي تشهق طلب للهوا , مسحت وجهها وهي تلف يمين ويسار علها تشوف أخوها , صرخت بفرح عميق لمن لمحت عمر على بعد مترين تقريبا منها : عمر , عمر , أنا هنا , عمر ..
و انصدمت لمن شافته يغطس جوة البحر قبل ما يرجع للسطح مره ثانيه وهو يصرخ : أمي لااااااا , يارب أتوسل إليك , أمي , أمي , أمييييييييييي ..
ورجع يغطس مرة ثانية , حست أزهار بالأصوات كلها تتلاشى وما بقي إلا صوتها يصرخ جوتها ~ مستحيل , أكيد هذا كابوس , أنا متأكده إنه كابوس , أمي غرقت , أمي غرقت , أمي ماااااااتت ~
سبحت بكل قوتها وهي تصرخ : مااااااااماااااااااااا , ماااااااااااامااااااااااااا ..
لمن طلع عمر وهو يشهق بقوة من قل النفس صرخت وهي تقاوم الموج : ماما فين ؟؟
لف عمر عليها و انعكس وهج النار وأضواء السفينه اللي وراها على وجهه وشافت نظرته غريييييبة و قطرات تسيل على خدوده , ما عرفت هل هلي دموع ولا قطرات من البحر , فتحت فمها بتتكلم لكن غطستها موجة ثانية و هذي المرة يدين أخوها رفعتها بقوة , كحت بقوة وهي تمسح وجهها وسألت بسرعة : عمور ماما فين ؟؟ الله يخليك لا تقول غرقت ..
قال عمر بصوت مخنوق واضح فيه البكى : أزهار , الغريق شهيد إن شاء الله ..
كانت أجسامهم ترتفع وتنخفض مع كل موجة , الصدمة شلت أطرافها للحظة , طرفت بعيونها اللي حرقها الملح وقالت وهي تمسح عيونها : لا حول ولا قوة إلا بالله , لا حول ولا قوة إلا بالله ..
وسبحت على ورى تبغى تبعد عنه لمن استوعبت كل شي وهي تصرخ : لااااااا , تكفى عمر لاتقولها , مستحيل اللي يصير , إنته تكذب عليه ..
هذه المره قال بصوت جهوري : الغريق شهيد , إنا لله وإنا إليه راجعون ..
صرخت بعدم تصديق : لاااااااااااااااااااااااا , لااااااااااااا ..
ضمها بقوة وهو يصرخ : قولي إنا لله وإنا إليه راجعون , أزهار إن لله ما أعطى ولله ما أخذ , فين إيمانك ؟؟...
تشبثت فيه بقوة وهي تصرخ : ياااااااااااااااااااا رب , اللهم لا اعتراض ماااااااااااماااااااااااااااا آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ماااااااااااااااااااااامااااااااااااااااا..
كانت صرخاتها تختلط بآلاف الصرخات اللي شقت عنان السماء المظلمة ..
****************************
وبعد هذا بأيام يوم الأربعاء 10 / 1 / 1427 هـ
في مركز الشرطة في تبوك :
: بشرنا الله يبشرك بالخير ..
الضابط وهو يطالع في علي أبو عصام وولده عصام اللي نقلوا أزهار للمستشفى لأن سيارات الإسعاف ماكفت عدد اللي لقيوهم في جزيرة النعمان : والله كان ودي بس زي ما تعرف هذي الأمور تاخذ وقت , من بعد مالقينا جثمان أخوها والجوازات اللي معاه , دورنا على أحد يعرفهم أو أي أحد له صلة لو بسيطة لكن مالقينا , نشرنا في كل الجرايد عن الحادث والاسم وماجونا إلا أصحاب أخوانها المتوفين اللي اعتبرناهم شهود و إن شاء الله يطلع لنا أحد من معارفها , كل اللي عندي الآن مبدئي لقيناه من السجلات المدنية ومن بعض الشهود , التحريات اللي سويناها تقول إن البنت (( أزهار عبد الله محمد الـ... )) عمرها 25 سنة متخرجة من الكلية , يتيمة تقريبا من سنين , أبوها وأمها زي مايبدو لنا مالهم أهل يعني مقطوعين من شجرة , اللي في الحادث معاها هم أمها و أخوانها الثلاثة , واحد أكبر منها ( عمار ) 30 سنة يشتغل في الاتصالات و اثنين أصغر منها (عمر) 22 سنة زي ما وصلنا من معلومات دوبه أول ترم معيد في الجامعة وواحد أصغر منها (عمير) 19 سنة ثانوية عامة ..
دق الباب واحد من الجنود وأعلن إن الطبيب الجنائي وصل , أمره إنه يدخله , جاهم الطبيب ووقف صامت شوية بعدين جلس وقال : الفحوص اللي أجريناها على الجثث تدل على إنه الأم اللي لقينا جثتها طافيه مع بقية الجثث , غرقت بسبب تيبس في عضلات رجولها وظهرها وأصغر الأولاد الذي أظنه اسمه عمير مات محروق داخل السفينة أو إنه مفقود لأنه جثمانه مالقيناه ..
وسحب نفس وقال : وشكله أخوها عمر لقي نفس المصير لأنه مو من ضمن الناجين ولا من ضمن الجثث الطافية ..
غمض أحمد عيونه بقووووة وهو يستغفر و يدعي وربت جاسم على كتفه وهو يقول : كمل يا دكتور ..
قلب الضابط الأوراق والصور المرفقه بالملف اللي قدامه وكمل الدكتور : الفحص الطبي اللي أجريناه على الأخ الكبير عمار دلنا إنه توفى بسبب نزيف شديد سببته عضات سمك القرش .....
غطى أحمد وجهه وهو يستغفر بضيق , سكت الطبيب شوية وكمل لمن طلب منه الضابط يكمل : و البنت حاليا فاقدة للذاكرة حنستناها إلين تتعافى و نسلمها بعد كذا للدار إذا ما جا أحد من معارفها ..
خرج علي من عند الضابط وهو يضرب كفينه ببعض وهو يقول بحسرة : لا حول ولا قوة إلا بالله , الله يصبرها , لاحول ولا قوة إلا بالله ..
رص عصام يد أبوه المتأثر وقال بهدوء : ولا يهمك يا أبوية , أنا بأتصل على هاني صاحبي اللي يشتغل في الإتصالات وبأطلب منه يعطيني لسته بأرقام كل من له اللقب نفسه وبأتصل عليهم وأسألهم إن كانوا يعرفون عبد الله محمد الـ ... , لا تشيل هم ..
: والله تسوي خير ياولدي في المسكينة ...
*****************************
جدة , الوقت الحالي :
يوم الأربعاء قبل صلاة العشاء في المستشفى :
قلب الطبيب النفسي (( مطلق )) ملف أزهار وقال وهو يتكي على مكتبه : إنت عارف يا أبو جاسم إننا بعد ما فاقت أزهار وهي ما هي متذكرة شي سوينا تصوير للأوعية الدماغية وأجرينا أشعة مقطعية على المخ وكمان أشعة كهربائية على الدماغ حتى اختبار القوة النفسية والعقلية أجريناه وبعد التشخيص طلع اللي تعاني منه أزهار شي يسمى (( فقدان الذاكرة النفس جيني )) وضحاياه عادة يفقدون فجأة كل الذكريات عن حياتهم السابقة ، بما فيها إحساسهم بهويتهم الشخصية . وطبعا هذا الفقدان الكلي للذاكرة جاها بعد تعرضها للضغط الشديد والصدمة العصبية لكن لازم تعرفون إنه نادراً ما يكون دائم , يعني ممكن اليوم تتذكر أو ممكن بعد أسبوع أو حتى شهور , لكنها لابد تتذكر . وخذ في بالك إنه ذكريات 25 سنة مستحيل تروح , لكن عقلها حاليا مسوي عليها غطى , وممكن للحظات ينقشع شوية من الغطى أو أكثر بسبب ذكريات مشابهة أو لحظات عاطفية متنوعة ولمن ينقشع هذا الغطى وتخرج بعض الذكريات المرتبطة بالموقف العقل اللي أهمل هذي الذكريات يصيبه توتر ويحاول يغلقه مرة ثانية وهذا اللي يسبب لها خوف كبير وغثيان ويعالجه بالإغماء أو الصراخ أو أي حالة خارجة عن المألوف ..
طالع أبو جاسم في جاسم بتوتر فسأل جاسم : طيب هذا ما فيه ضرر عليها ..
طالع الطبيب المختص بحالة أزهار وقال : من هذي الحالات البسيطة لا , لكن الخوف لو انقشع الغطى وما استطاع العقل إنه يتدارك الموقف وظلت الذكريات تندفع لها ..
سأل أبو جاسم بخوف : اش ممكن يصير يعني ؟؟
طاااااااالع فيهم الطبيب وقال : الله يستر , ما أحد داري اش ممكن يصير ؟؟ احتمال كبير ما تتحمل اللي حتعرفه و...... الله يستر , لكن أتمنى لو أشوفها في أقرب فرصة , تراها بدأت تتهرب من جلساتها لها فترة ماجات ..
خرجوا من المستشفى وأبوه يقول بصوت كسير : يا ربي استر , يا ربي ما أبغى أخسرها , والله إنها ضعيفة وبنت حلال , ياليتك تشوفها وهي تجري لأمك تدهن لها رجولها صبح وليل وتكبسها وكيف تسوي لي القهوة من بعد الفجر قبل ما أروح العمل وما تخليني أخرج إلا وأنا متقهوي ومروق , أنا وأمك كنا مفتقدين هالشي , أخواتك ما يقصرون لكنهم الله يهديهم لاهين في دراستهم وما يحسون إن الآباء لا كبروا يبغون أحد يراعيهم و يدلعهم , أمك لو يصير لأزهار شي بتلحقها من كثر ماهي متعلقة فيها , ويومي وهي تترحم على الأم اللي عقبتها , و انت تعرف إنه أمك عاشت يتيمة مالها أهل فعشان كذه حنيتها ومحبتها زايدة لأزهار..
قال جاسم وهو رافع حواجبه ويفتح باب السيارة لأبوه باحترام : أووووووف لها الدرجة أزهار غالية عليكم , تراني بديت أكرهها ..
ضحك أبوه وقال وهو يدخل السيارة : بتسوي سوات أختك البندري وبنت عمك عهود , يوووووووه لو تشوفهم حاطين دوبهم دوب الضعيفة ..
قال بتريقة : من يومهم الثنتين مسوين إرهاب في العايلة ..
وبعدين قال : أبوية ..
قال أحمد بضحكه : عارف اش بتكلمني فيه , حسان .
قال جاسم بجدية : أبوية والله الرجال مل , طيح العمامه عند رجولي في المطار قدام الله وخلقه عشان أكلمك في الملكه ..
تنهد أبوه وقال : الشور شور البنت بعد أمك ..
****************************
على سفرة العشا :
الأم : اللي تشوفه يا أبو جاسم ..
الأب بفرحة : على بركة الله , أكلم مريم بكره وأتفق معاها ..
عقدت العنود يدينها قدام صدرها وقالت : ياسلاااااااااااااام , أنا ماني موافقة , لسه ما خلصت إمتحاناتي تصدعون راسي بملكة و ما أدري اش شكله , خلاص أنا آخر سنة ليش ما تصبرون ..
طالع الكل فيها بصمت قطعته أزهار وهي تقول : هي إنتي إشارة المرور ماخذة مقلب في نفسك ..
مسك جاسم ضحكته وهو يطالع في وجه العنود المنقلب وأزهار تكمل : لا يكون على بالك إنتي العروس , إذا الهنووووووووووف موافقة ما اعترضت تعترضين حضرتك ليه , بعدين من زود المذاكرة اللي عندك يا دكتورة , زين اللي بنخليك تحضرين الملكة أصلا , ياللقااااااااافة ..
: أزهارو إحفظي لسانك يالدب و انتي تخاطبيني ..
شهقت أزهار وقالت : آآآآآآآآآنا مرت الشربتلي تخاطبيني بهاللهجة ..
انشرق جاسم بالشاهي ولف عليها وهو يطالعها بدهشة , وقالت العنود بتريقة : هااااااااهااااااااو كثري منها هذي زين إذا كان يعرف إنه في وحده خبلة في السعودية وبالذات في جدة اسمها ورود ..
طالعت فيها وهي تقول بدلع : أزهااااااااااار والنعم ..
: والتراب ..
ضربتها الهنوف على فخذها وهي تقول : احترمي ألفاظك قدام أمك وأبوك وأخوك الكبير ..
حكت العنود فخذها وقالت : قولي , لا قولي إنك ضاربتني مقهورة ليش أقلهم أجلواااااااآآآآآآآآآي ..
قرصتها الهنوف ووجهها محمر من كثر الخجل من أهلها اللي طالعوا فيهم وهم يبتسمون , قالت أزهار : إلا زيديها زيديها ..
وقامت من السفرة وشردت لمن شافت العنود تقوم بتلحق وراها , طالعت فيهم البندري وقالت بقرف : يا مخص حركات البزران على الكبار , هبالة ..
************************
عائلة (( أحمد علي الـ..... )) :
أحمد : الأب متقاعد من العسكرية ويشتغل في شركة خاصة ..
هدى : الأم ربة منزل حاصلة على ثانوية عامة .
جاسم : 29 سنة نقيب في القاعدة الجوية ..
الجوهرة : 28 سنة , معلمة رياضيات متزوجة ولد جيرانهم ولها بنت اسمها ريناد يعيشون في الباحة ..
عبد الرزاق : 26 سنة له 3 سنوات مبتعث إلى فرنسا عن طريق الشركة اللي يشتغل فيها وهو في سنته الأخيره ..
الهنوف : 25 سنة متخرجة من قسم اقتصاد منزلي غير موظفة ..
العنود : 24 سنة آخر سنة جامعية لها في قسم كيمياء ..
البندري : 20 سنة أول سنة تخصص قسم حاسب آلي بعد السنة العامة ...
أزهار : 25 سنة متخرجة من قسم رعاية وطفولة غير موظفة ..
****************************
دقت الباب كذا مرة لكن ما أحد رد عليها , فتحت الباب وهي تقول : جسوووووووووم تراني دخلت ..
وراحت لحد سريره وقامت تهزه وهي تقول بحنان : جاسم , جاسم , جسوم حبيبي قوم الفجر أذن يا دوب تقوم تتوضأ وتصلي السنة , جاسم ..
فتح جاسم عيونه بضيق وهو وده يكفخ المزعج اللي يقومه , وأول ما شاف وجه أزهار المنحني عليه , فز من سدحته وقام بسرعة وهو يقول بعصبية : اش دخلك غرفتي ؟؟
طااااااااالعت فيه بحيرة بعدين قالت وهي تبتسم : دقيت الباب ما سمعتني عشان كذه دخلت , أذن الفجر له ربع ساعة , خفت تقوم الصلاة و انت ما صليت السنة ..
كلامها كان غريب عليه , ما يتذكر متى آخر مرة صلى فيها الركعة الثانية من بدايتها مع الجماعة خلي عاد يقوم عشان سنة الفجر , طاااااااالع فيها بحيرة , جلست على طرف سريره وقالت وهي تكبس رجله من فوق اللحاف : يلا قوم بلا كسل ..
سحب رجله باستنكار وقال بعصبية : أقوووووول ضفي وجهك وأخرجي من غرفتي بسرعة ..
قامت على طول وخرجت من الغرفة بصمت وهي مصعوقة من طريقته , عمره ما كان كذه , اش صار له ؟؟ كان طول عمره يقعد منسدح ومتململ إلين تكبسه وتزن على راسه وبعدها يقوم , جلست على كنبة الصالة السفليه وتكومت على نفسها وهي تحس بغصة غريبة تخنقها ...
دفن جاسم وجهه في المخده وهو مغمض عيونه بكل قوته ~ وجعععععععع ليه قلبي يضرب كذا , كله منها الزفت , قال تصحيني للصلاة قال ~ عدل سدحته وتلحف ببطانيته وهو يتأفف , جلس عشر دقايق تقريبا وبعدها رمى البطانية بيأس وقام توضأ وصلى , وبعد ما انتهى خرج من غرفته ونزل يبغى يدور على شي يشربه : أففففففف , مصحيتني من عز نومي , خبلة والله ..
وقف في نص الممر لمن سمع صوت , وحس بخوف لمن ميز صوت بكى غريب , مشي إلين وصل للصالة الداخلية و اتصنم لمن شافها متكورة على نفسها وتبكي من قلب , بلا شعور تقدم منها بسرعة وهو يقول : أزهار , اش فيك ؟؟
رفعت راسها ورمته بنظرة معاتبة طعنته طعنه ماتوقعها , نظرتها كانت معبره , ورجعت دفنت وجهها بين ذراعينها وهي تقول بصوت مخنوق : ولاشي ..
وقف في مكانه ~ اش لك دخل فيها ؟؟ خليها تولي , ناقص إزعاج إنت ~ , ولمن جا بيخرج و يطنشها قالت له : ما كنت كذا قبل ما تروح الرياض ..
لف عليها بتساؤل وكملت هي : طول عمرك تحب أصحيك للفجر وعمرك ما صرخت عليه وطردتني من غرفتك زي اليوم ولا ........
وسكتت طوييييييييل بعدين قالت بصوت مخنوق : ولا يمكن إنت فعلا كنت كذا من زمان ما تحب أحد يصيحيك , أنا ماني متذكره شي , كل شي عندي مبهم , ما أدري ليش حسيت إنك ما تمانع إني أصحيك وإني دايما أكبسك و....... ماأدري ..
عرف إنها قاعدة تخلط بين الذكريات وعلى طول جات صورة عمار في باله , ما تذكر إلا وجهه المنتفخ و ذراعه المفقوده والقطع العرضي الكبير اللي قاسم ظهره بالنص , حس بشي باااااااارد يعصر قلبه , تقدم منها وجلس على نفس الكنبه وهمس : آسف كنت تعبان مره وما حسيت باللي أسويه ..
طالعت فيه وبعدين ابتسمت , حس قلبه يرجف من ابتسامتها , ابتسم وقال : رضيتي ست أزهار ..
مسحت دموعها وقالت بفرح : الله لا يحرمني منك جسومي ..
قام على طول واعتذر منها وراح للمطبخ وهي تلاحقه وتثرثر وما فكته إلا لمن نزل أبوه وراحوا مع بعض للمسجد , ولمن رجعوا من الصلاة لقيوها حايسة بين العنود والبندري تقوم فيهم قبل الإشراق و الهنوف وأمهم يضحكون على إصرارها على قومتهم لصلاة الفجر ...
*************************
(( هي صامتة ثائرة كبركان خامد ))
يوم الخميس 23 / 2 / 1427 هـ :
بعد صلاة الظهر في أطهر مدينة على ظهر الأرض :
تأملت الكعبة المتشحة بالسواد وقرأت عيونها الخطوط الذهبية اللي تطرزها بالكتابات بشغف , طولها هيبتها كل شي فيها كان يخلي قلبها يخفق وسط صدرها بروحانية ..
: خاله مسااااااااااااااااااعل ..
غطت مشاعل وجهها ولفت على ولد أختها حسن وقالت بهمس : كم مرة قلتلك لاتناديني باسمي ..
وقرصته في إذنه بقوة خلته يصرخ وهو يقول : توووووووووووووبه ..
: مشاعلو تراك ذبحتي ولدي بالضرب ..
تمنت لو إن الأرض تنشق وتبلعها من كثر الفشلة لمن سمعت صوت زوج أختها حنان , قال حسن بفرحة وهو يجري لأبوه ويمشي معاه وهو ماسك يده : والله قرصتني في إذني بقوة , وضربتني على بطني بوكس ورفستني برجلها ..
حطت مشاعل يدها على راسها وقالت بهمس لأختها اللي تضحك : الله أكبر على الكذب والتأليف وقدام الكعبة كمااااااااااان , هي ترى لو استمر إلين يكبر كذا بيدخل النار من أوسع أبوابها ..
دقتها أختها وهي تقول : استغفري , على كيفك تحطين في النار ..
استغفرت مشاعل ورمت الكعبة بنظرة أخيرة مودعة وهي تقول بداخلها ~ ياربي لا تحرمني من الحرم والراحة اللي أحسها فيه يارب ~ وحست بدموعها تغرق غطاها وهي تصرخ جوتها ~ يارب استجب دعائي , يارب استجب دعائي ~ ..
مشيت للفندق بصمت وهي تحس بالضيق والقلق كله يرجع يهاجمها بشكل أكبر من السابق , دخلت غرفة الفندق وسمعت أمها تقول لأخوها بضيق : قلت لكم اسألوا الشيخ يعني اسألوا الشيخ ..
وسمعت بندر يقول : أمي الله يهديك قلت لك الشيخ قال ما عليها عدة , البنت بكر ما دخل عليها زوجها عشان تعتد بعد الطلاق ..
: طيب قلتله إنها جلست معاه أسبوع ..
تنهد بندر وقال : إيوه وقال عادي لا عليها عدة ولا شي مادام ما دخل عليها , بعدين إحنا مو مسافرين بها برى المملكة , كلها يومين والحمد لله قضيناها وراجعين جدة خلاص ..
: أنا خفت إنه علينا ذنب ولا شي ..
غمضت مشاعل عيونها بقوووووووة وهي تتنفس بعمق وبعدها رسمت ابتسامة على وجهها وقالت بمرح : السلام عليكم , يلا جاهزين للرجعة ..
كانت تتكلم مع أمها وأخوها و جوتها صوت يصرخ ~ مو لازم تضحكين عشانهم , بيني ألمك , بيني حزنك , يحق لك انتي لك أسبوع مطلقة من الإنسان اللي حبيتيه , صيحي , صرخي , سوي شي ~
لكنها ظلت مبتسمة وهي ترتب الشنطة وتلم الأشياء من الغرفة وتساعد أخواتها وأخوانها , وأول ما ركبوا السيارة وانطلقوا لجدة , تكلمت كم كلمة مجاملة لأخواتها ورجعت تطالع من قزاز السيارة ودموعها متجمدة في عيونها , كان المفروض إنها في الطايف دحين تتمشى معاه زي ما اتفقوا , وبعدها يروحون للمدينة كم يوم ويمكن أبها كمان كان حيكون لها نصيب في شهر عسلها , لكنها بدل من هذا كله متحاشرة مع أهلها في سيارتهم الصغيرة راجعين لجدة للمدينة اللي ولدت فيها وكبرت فيها , للمدينة اللي عاصرت طفولتها وشبابها , أفراحها وأتراحها , كانت صرخات تضج بداخلها لكنها ما قدرت تتجاوز شفايفها واكتفت بتفتيت قلبها من جوة ..
ما حست إلا وهي قدام بيتهم وغصة مريرة في حلقها , ساعدت في شيل الأشياء وشافت أمها وهي تسلم على زوج أختها وتشكره على اللي سواه معاهم , سحبت أقدامها سحب للبيت ولهت نفسها في تنظيف البيت وتجنبت قد ما تقدر مواجهة أمها , تجنبت لوقت طويل إنه عينها تجي في عين أحد من أهلها , دخلت غرفتها المشتركة مع أختينها (( هاله و أحلام )) وطالعت في أرجاءها وتذكرت غرفة نومها الوااااااسعة الحلوة في بيت زوجها اللي كان من المفروض يكون بيتها الآن , هزت راسها وصرخت بداخلها : مو معقول يا مشاعل بتقعدين تتذكرين هذا كله كل مادخلتي ..
وقامت تنظف بهمة , ركعت جنب سرير هاله المهملة وقامت تصلح فراشها , تصنمت لمن شافت تحت السرير وحده من الهدايا اللي تعبوا وهم يلفونها واللي وزعوها على الناس وقت زفتها اللي مازال صوت الدقاقة يرن في أذانيها إلا الآن , جلست على ركبها وسحبتها وجلست تتأملها و تتأمل المكتوب على البطاقة المعلقة فيها ..
(( بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير ناصر ومشاعل ))
حطت الهدية في حضنها ورصت عليها وهي تتذكر النكت اللي كانوا يقولونها وهم يلفونها والضحكة والسعادة اللي ماليتهم , سندت راسها على حافة السرير و ماقدرت تمنع دموعها اللي نزلت زي الشلال , همست بصوت غارق بالألم و الحنين : أزهار وينك ؟؟ ما دريتي اش صار فيني ؟؟
و تعالت بعدها صرخاتها الداخليه ~ أزهااااااااااار والله محتاجة لكلامك لحضنك لصوتك لقوة إيمانك , أزهااااااااااااااااااااااااااااار , ناصر طلقني , طلقني وجوازه بعد 25 يوم , والله حرام يتزوج بعد شهر من طلاقنا والله حراااااااااااااام , ياااااااااااااااااااااااارب ارحمني من اللي أنا فيه , يااااااااااااااارب ~ ...
مسحت هاله دموعها وصكت الباب بشويييييييييش عشان ما تنتبه لها مشاعل الغارقة في عالم ثاني ....
*****************************
عائلة (( محمد عبد الله الـ.....)):
محمد : الأب متوفى من 3 سنوات ..
سعاد : الأم ربة منزل أمية ..
عبد الله : 29 سنة متزوج من بنت عمه وعنده بنتين ..
حنان : 28 سنه متزوجة واحد مو من العائلة وعندها ولد وبنتين ..
مشاعل : 26 سنة مطلقة تشتغل مدرسة في مدرسة أهلية ..
بندر : 24 سنة معاه شهادة ثانوي ويشتغل محاسب في مكتبة جرير ..
هاله : 22 سنة متخرجة من الثانوي وقاعدة في البيت ..
معاذ : 20 سنة يدرس تمريض في كلية متخصصة ..
أحلام : 15 سنة في المتوسط ..
********************************