06-26-2012, 01:19 PM
|
|
لماذا لم نعد نخاف الله
عندما حدث كسوف للشمس أيام الرسول محمد صلى الله عليه و سلم ،
بدا النبي صلوات الله و سلامه عليه مضطرباً يدخل و يخرج و يستغفر الله تعالى
و يطلب رحمته و يتعوذ من غضبه و عقابه و طلب من أحد الصحابة أن يجمع الناس للصلاة
و سألته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن سبب خوفه و اضطرابه
فقال صلى الله عليه و سلم : خشيت أنها الساعة
و عندما هبت ريح ماطرة ذات مرة شعر نبينا الكريم صلى الله عليه و سلم
بالخوف و عندما سئل عن سبب خوفه فقال : قد استبشر بها قوم قبلكم فقالوا هذا عارض
ممطرنا فقيل لهم : بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم
و استيقظ الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم ذات يوم هلعاً و هو يقول : (( ويل للعرب من شر قد اقترب ))
فسألته أم المؤمنين عائشة : ما هو هذا الشر يا رسول الله
فقال : لقد فتح اليوم قدر هذا ليأجوج و مأجوج و أشار بيده إلى مقدار دائرة صغيرة بين السبابة و الإبهام
من هذه القصص الثلاث يأتي موضوعنا اليوم ..
و السؤال المطروح :
لماذا لم نعد نخاف الله.؟.؟
لماذا يخاف سيد البشر و حبيب الرحمن و نحن لا
لماذا صرنا نشاهد الكسوف و الخسوف و الرياح و الأعاصير
و الزلازل المدمرة و البراكين الثائرة و لا نتعظ و لا نخاف
بينما خاف رسول الله صلى الله عليه و سلم ..؟
إنها مشكلة يجب أن نقف عندها
لماذاا لم نعد نخاف من الله و عقوباته إلا ما رحم ربي .؟
أسباب عدم الخوف من الله تعالى :
أواصل اليوم معكم موضوع ( دعوة إلى الخوف ) و موضوعي اليوم سيتكلم
عن أسباب عدم الخوف من الله تعالى في هذه الأيام حيث بتنا في زمان
يتباهى فيه الظالم بظلمه و المجرم بجريمته و لم يعد أحد يتذكر مراقبة الله تعالى إلا ما رحم ربي
مع أن الخوف من الله تعالى من أسس ديننا القويم المبني أساساً على الترغيب و الترهيب
لماذا أمن الناس إلى هذه الدرجة
لماذا يمكر الكثيرون و يأمنون مكر الله و هو خير الماكرين
قال تعالى :
((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ *97*
أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ *98*
أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ *9ا*))لأعراف
دعونا نحاول أن نعرف الإجابة عن تلك التساؤلات الهامة
كي نعرف كيف يعود إلى قلوبنا ذلك الخوف الذي كان عند الرسول الكريم
و صحبه و لم يعد موجودا اليوم إلا فيما ندر
1- نسيان الآخرة و أهوال القيامة :
عندما شعر النبي الكريم بالخوف من الكسوف و ظن أنه الساعة فقد أراد
أن يرسي في قلوب المسلمين الشعور بالخوف دائماً من قيام الساعة كي
تكون حاضرة في أذهانهم و تدفعهم إلى الخوف من الله تعالى فيستقيم
سلوكهم و تستنير قلوبهم و تصلح أعمالهم
فالمؤمن الحقيقي يفكر بالآخرة باستمرار و يسعى و يعمل لها قبل دنياه
فكلنا راحلون عن هذه
الدنيا الفانية و لن نأخذ معنا سوى أعمالنا و الآخرة
هي الحياة الباقية و دار القرار فإما جنة و إما نار
قال تعالى :
((اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ *17*
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا
وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ))
و كلمة مشفقون هنا بمعنى خائفون فعلى المسلم أن يفكر بالآخرة و ما في يوم القيامة من أهوال
و لو تبحرنا في آيات القرآن الكريم لوجدنا الكثير من الآيات
التي تتكلم عن أهوال القيامة و نار جهنم و تدعو إلى الخشية و التفكر و الخوف من الله تعالى
2- الرضا بالحياة
قال تعالى في سورة يونس : ((إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ *7* أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ *8*))
فمعظم الناس مع الأسف يعملون فقط لأجل دنياهم مما جعلهم
مطمئنين بها و كأنها حياة الخلد فتراه يسرق و يأكل المال الحرام و الربا
و يرتكب كل أنواع المعاصي إرضاءً لرغباته الدنيوية غير آبه بالآخرة و لا بعقوبات الله عز و جل
و صارت طرق النصب في زماننا شطارة و فلهوة و ذكاء
و نسوا لقاء الله تعالى في يوم الحساب حيث لا ظلم و لا مناص
مع أن
الدنيا زائلة و متاعها قليل و الآخرة خير و أبقى قال تعالى (( و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ))
و كما قال علي رضي الله عنه : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداو اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا )
فلا تغتر أخي الحبيب بالدنيا و تنشغل بمتاعها و تذكر أنها دار ممر نحو الحياة الحقيقية الخالدة
3- الاغترار بالشباب و نسيان الموت :
عندما تذكر شاباً بالموت تراه يضحك ساخراً منك و يقول لك ما زلت شاباً و ينسى
أن الموت لا يعرف عمراً و لا قوة فكم من أناس توفاهم الله في ريعان الشباب
و في عز قوتهم و حيويتهم و دون سابق إنذار أو مرض
أصاب الكثيرين منا اليوم الوهن و الذي عرفه رسول الله صلى الله عليه و سلم
لنا بقوله : هو حب
4- الأمان بلا مبرر و النوم على المعاصي دون استغفار و توبة
فمع مغريات الحياة و أمنها الخداع ينسى الكثيرون
أن المعاصي و الذنوب قد تودي إلى المهالك و تستوجب
عقوبات الله تعالى و غضبه و العياذ بالله
قال تعالى : ((ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ *41*))
5- قسوة القلب :
فعندما تكثر الذنوب يظلم القلب و يقسو فلا يشعر بأي خوف من الله تعالى و العياذ بالله
6- إرجاع كل شيء إلى العلم بعيدا عن الدين :
طبعا كلنا مع العلم و قد أمرنا ديننا بالعلم و حثنا عليه لكن مشكلتنا اليوم
أننا نرجع كل ظاهرة كونية إلى العلم فقط و ننسى أن الكون كله
بيد الله تعالى و كل ما جري
حولنا بأمره وحده لا شريك له
صحيح أن الكسوف ظاهرة علمية لكن تخيلوا معي لو استمر ذلك الكسوف
و توقف الزمان عنده أليس الله تعالى بقادر أن يفعل ذلك ؟ و الكون كونه
و الشمس و القمر آيتان من آياته .؟.؟
لماذا خاف رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم من الكسوف
نخاف بل و نتابعه و كأنه لعبة
لماذا لا تخيفنا الزلازل و الأعاصير المدمرة و لا نعتبرها عقوبات أو إنذارات .؟.؟
لماذا نشاهد الأمراض و الأوبئة و السرطانات و لا نتعظ و لا نخاف
و نفسر كل شيء تفسيراً علمياً مجرداً دون أن نربطه بالدين
و بسنن الله الكونية و عقوباته و إنذاراته
قال تعالى : (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور ،
أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير ))
فقد يصيبنا زلزال مدمر لا سمح الله
أو أمطاراً مؤذية أو أن يخسف الله بنا الأرض فلماذا نأمن و لا
7- الجهل بالدين :
فمع الأسف أصاب الأمة جهل رهيب بالدين و بسنن الله الكونية
هناك قانون إلهي لا بد من فهمه يتلخص بقوله تعالى :
(( ليس بأم****م و لا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ))
فلكل ذنب عقوبة فكيف و الذنوب ترتكب بكثرة كل يوم
صدقوني من يفهم هذه القاعدة لا بد أن يخاف و يستقيم
8- طغيان الشهوات :
فالشهوات و الفتن اليوم طغت و زادت و استفحل خطرها
و عندما تطغى الشهوات ينسى الناس الموت و الآخرة
و يتمسكون بدنيا يجرون فيها وراء شهواتهم و رغباتهم دون تفكير
9- الاغترار بالطاعات و الاكتفاء بها
فمعظم الناس يظنون أن الدين عبادات مجردة ، صلاة و صيام
و حج و زكاة فقط دون أخلاق و لا معاملات مع أن الدين المعاملة و أحسن الناس أحسنهم أخلاقا
و عندما يركن المسلم إلى العبادات فقط و يطمئن و المفروض
أن يبقى المسلم متواضعاً و معترفاً بالتقصير مهما فعل فكيف
نأمن و قد خاف عمر النفاق على نفسه عندما كان يسأل حذافة
إن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد ذكر اسمه بين المنافقين
و هاهو عطاء و هو أحد السلف الصالح و المعروف بزهده و عبادته لله و بحسن أخلاقه و تعامله مع الناس
هاهو عطاء ينظر إلى المرآة كل يوم خوفاً من أن يمسخه الله تعالى
إخوتي الكرام هذه ليست دعوة للخوف المثبط للهم و المثير لليأس بل هي دعوة للصحوة و الاستيقاظ
دعوة للنهضة و صدقوني و كما قلت لكم مشكلتنا
لأولى اليوم هي عدم الخوف من الله
فلو خاف الناس الله تعالى لما وجدنا في أمتنا كذبا
و لا غشاً و لا ظلماً و لعادت أمتنا خير الأمم من جديد
تحيــااتـي
|