الموضوع
:
●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الخامس || ~
عرض مشاركة واحدة
06-06-2012, 08:47 PM
رقم المشاركة :
7
Arsalan
عضو نشيط
الحالة
شكراً: 192
تم شكره 741 مرة في 171 مشاركة
رد: ●● الخليفةُ الثانيّ ، عُمَر بن الخَطاب رضيَ الله عنهُ || الجزءُ الخامس || ~
●
●
●
●
.
أ- مواقف بطولية للقعقاع بن عمرو:
أسرع القعقاع بمقدمته حتى قدم بهم على جيش القادسية صبيحة يوم أغواث، وكان أثناء قدومه قد فكر بعمل يرفع به من معنوية المسلمين فقسم جيشه إلى مائة قسم كل قسم مكوَّن من عشرة، وأمرهم بأن يقدموا اتباعاً كلما غاب منهم عشرة عن مدى إدراك البصر سرّحوا خلفهم عشرة، فقدم هو في العشرة الأوائل وصاروا يقدمون تباعاً كلما سرّح القعقاع بصره في الأفق فأبصر طائفة منهم كبَّر فكبر المسلمون، ونشطوا في قتال أعدائهم، وهذه خطة حربية ناجحة لرفع معنوية المقاتلين، فإن وصول ألف لا يعني مدداً كبيراً لجيش يبلغ ثلاثين ألفاً، ولكن هذا الابتكار الذي هدى الله القعقاع إليه قد عوض نقص هذا المدد بما قوّى به عزيمة المسلمين، وقد بشرهم بقدوم الجنود بقوله: يا أيها الناس إني قد جئتكم في قوم والله إن لو كانوا بمكانكم ثم أحسوكم حسدوكم حَظْوتها وحاولوا أن يطيروا بها دونكم، فاصنعوا كما أصنع، فتقدم ثم نادى: من يبارز؟ فقالوا فيه بقول أبي بكر: لا يهزم جيش فيهم مثل هذا، وسكنوا إليه، فخرج إليه ذو الحاجب([187])، فقال له القعقاع: من أنت([188])؟ فقال: أنا بهمن جاذويه. وهنا تذكّر القعقاع مصيبة المسلمين الكبرى يوم الجسر على يد هذا القائد فأخذته حميته الإسلامية فنادى وقال: يا لثارات
أبي عبيد وسُليط وأصحاب الجسر، ولابد أن هذا القائد الفارسي بالرغم مما اشتهر به من الشجاعة قد انخلع قلبه من هذا النداء، فلقد قال أبو بكر رضي الله عنه عن القعقاع: لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل([189])،فكيف سيثبت له رجل واحد مهما كان في الشجاعة وثبات القلب؟ ولذلك لم يمهله القعقاع أن أوقعه أمام جنده قتيلاً فكان لقتله بهذه الصورة أثر كبير في زعزعة الفرس ورفع معنوية المسلمين لأنه كان قائداً لعشرين ألف مقاتل من الفرس. ثم نادى القعقاع مرة أخرى من يبارز؟ فخرج إليه رجلان أحدهم البيرزان والآخر البندوان، فانضم إلى القعقاع الحارث بن ظبيان ابن الحارث أخو بني تميم اللات، فبارز القعقاع بيرزان([190])، فقتله القعقاع وبارز ابن ظبيان بندوان وهو من أبطال الفرس فقتله ابن ظبيان وهكذا قضى القعقاع في أول النهار على قائدين من قادة الفرس الخمسة ولاشك أن ذلك أوقع الفرس في الحيرة والاضطراب وساهم ذلك في تدمير معنويات أفراد الجيش الفارسي، والتحم الفرسان من الفريقين، وجعل القعقاع يقول: يا معشر المسلمين باشروهم بالسيوف فإنه يُحصد بها، فتواصى الناس بها، وأسرعوا إليهم بذلك فاجتلدوا بها حتى المساء، وذكر الرواة أن القعقاع حمل يومئذ ثلاثين حملة، كلما طلعت قطعة حمل حملة، وأصاب فيها وجعل يقول:
أُزعجهم عمداً بها إزعاجاً
أطعن طعناً صائباً ثجّاجاً
وكان آخر من قتل بُزرُ جَمهَرْ الهمذاني وقال في ذلك القعقاع:
حبوته جيَّاشةً بالنفس
في يوم أغواث فَلَيْلُ الفرس
هدّارة مثل شعاع الشمس
أنخس في القوم أشد النخس
●
●
●
●
.
ب- علباء بن جحش العجلي: انتثرت أمعاؤه في المعركة:
وبرز رجل من المجوس أمام صفوف بكر بن وائل فنادى من يبارز؟ فخرج له علباء بن جحش العجلي فنفحه([191])، علباء في صدره وشقَّ رئته ونفحه الآخر فأصابه في بطنه وانتثرت أمعاؤه وسقطا معاً إلى الأرض، أما المجوسي فمات من ساعته، وأما علباء فلم يستطع القيام وحاول أن يعيد أمعاءه إلى مكانها فلم يتأت له ومرّ به رجل من المسلمين فقال له علباء: يا هذا أعني على بطني، فأدخل له أمعاءه فأخذ بصفاقيه ثم زحف نحو صف العجم دون أن يلتفت إلى المسلمين وراءه فأدركه الموت على ثلاثين ذراعاً من مصرعه وهو يقول:
أرجوا بها من ربنا ثواباً
قد كنت ممن أحسن الضراباً
●
●
●
●
.
ج- الأعرف بن الأعلم العُقَيلي:
خرج رجل من أهل فارس ينادي من يبارز؟ فبرز له الأعرف بن الأعلم العُقَيلي فقتله، ثم برز له آخر فقتله، وأحاطت به فوارس منهم فصرعوه، وندر سلاحه عنه فأخذوه، فغبَّر في وجوههم بالتراب حتى رجع إلى أصحابه([192]).
●
●
●
●
.
د- مواقف فدائية لأبناء الخنساء الأربعة:
كان لأبناء الخنساء الأربعة مواقف فدائية في ذلك اليوم فقد اندفعوا إلى القتال بحماس وقال كل واحد منهم شعراً حماسياً يقوِّي به نفسه وإخوانه فقال أولهم:
يا إخوتي إن العجوز الناصحة
مقالةً ذات بيان واضحة
وإنما تلقون عند الصائحة
قد أيقنوا منكم بوقع الجائحة
قد نصحَتْنا إذ دعتنا البارحة
فباكروا الحرب الضَّروس الكالحة
من آل ساسان الكلاب النابحة
وأنتم بين حياة وحياة صالحة
وتقدم فقاتل حتى قتل، فحمل الثاني وهو يقول:
إن العجوز ذات حزم وجلد
قد أمرتنا بالسداد والرّشد
فباكروا الحرب حماة في العدد
أو ميتة تورثكم عز الأبد
والنظر الأوفق والرأي السَّدد
نصيحة منها وبرّاً بالولد
إما لفوز بارد على الكبد
في جنة الفردوس والعيش الرغد
وقاتل حتى استشهد. وحمل الثالث وهو يقول:
والله لا نعصي العجوز حرفاً
نصحاً وبراً صادقاً ولطفاً
حتى تلفوا آل كسرى لفا
إنا نرى التقصير عنكم ضعفاً
قد أمرتنا حدباً وعطفاً
فبادروا الحرب الضروس زحفاً
أو يكشفوكم عن حماكم كشفاً
والقتل فيكم نجدة وزُلفى
وقاتل حتى استشهد، وحمل الرابع وهو يقول:
لست لخنساء ولا للأخْرَمِ
إن لم أرِدْ في الجيش جيش الأعجم
إما لفوز عاجل ومغنم
ولا لعمرو ذي السناء الأقدم
ماض على الهول خضمِّ خضرم
أو لوفاة في السبيل الأكرم
فقاتل حتى استشهد([193]) وبلغ الخنساء خبر بنيها الأربعة فقالت: الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته([194]).
●
●
●
●
.
س- مكيدة قعقاعية بالغة التأثير على الفرس:
في هذا اليوم يوم أغواث قام القعقاع بن عمرو وبنو عمه من تميم بمكيدة قعقاعية بالغة التأثير على الفرس، وذلك أنه لما علم بما فعلته الفيلة في اليوم الأول بخيول المسلمين قام هو وقومه بتوفيق من الله تعالى بتهيئة الإبل لتظهر في مظهر مخيف يُنَصِّر الخيول فألبسوها وحلَّلوها ووضعوا لها البراقع في وجوهها، وحملوا عليها المشاة وأحاطوها بالخيول لحمايتها، وهجموا بها على خيول الفرس، ففعلوا بهم يوم أغواث كما فعلوا بالمسلمين يوم أرماث، فجعلت تلك الإبل لا تصمد لقليل ولا لكثير إلا نفرت بهم خيلهم وركبتهم خيول المسلمين، فلما رأى ذلك الناس استنُّوا بهم، فلقي الفرس من الإبل يوم أغواث أعظم مما لقي المسلمون من الفيلة يوم أرماث([195])، وهكذا نجد أن المسلمين الأوائل يتفوقون على أعدائهم في الابتكار الحربي، فالفرس أنهكوا المسلمين في اليوم الأول بسبب استخدام الفيلة، وما دام المسلمون
لا يملكون الفيلة فليخترعوا مما يملكون من الإبل ما يكيدون به الأعداء فكانت هذه الحيلة الحربية الممتازة التي أخافت خيول الأعداء فنفرت بمن عليها من الفرسان، وهكذا يجب أن يكون المسلمون متفوقين في مجال الإعداد المادي بعد تفوقهم في الإعداد الروحي.
●
●
●
●
.
ش- أبو محجن الثقفي في قلب المعركة:
استمر القتال يوم أغواث إلى منتصف الليل، وسميت تلك الليلة ليلة السواد، ثم وقف القتال بعد أن تحاجز الفريقان وكان لوقف القتال منفعة كبيرة للمسلمين، حيث كانوا ينقلون شهداءهم إلى مقر دفنهم في وادي مُشرِّق، وينقلون الجرحى إلى العُذَيب حيث تقوم النساء بتمريضهم، ولقد شارك في القتال في هذه الليلة لأول مرة أبو محجن الثقفي([196])، وكان أبو محجن قد حُبس وقُيّد، فهو في القصر، فصعد حين أمسى إلى سعد يستعفيه ويستقيله، فزبره وردّه فنزل فأتى سلْمى بنت خَصَفة، فقال: يا سلمى يا بنت آل خَصفة، هل لك إلى خير؟ قالت: وما ذاك؟ قال: تخلِّين عنِّي وتُعيرينني البلقاء، فلله علي إن سلمني الله أن أرجع إليك حتى أضع رجلي في قَيْدي، فقالت، وما أنا وذاك! فرجع يرسف في قيوده ويقول:
كفى حزناً أن تَرْدِىَ الخيلُ بالقنا([197])
إذا قُمتُ عنَّاني الحديدُ وأُغلقت
وقد كنت ذا مال كثير وإخوة
ولله عهدٌ لا أخيسُ بعهده
وأترك مشدوداً عليَّ وثاقيا
مصارع دوني قد تصمُّ المُناديا
فقد تركوني واحداً لا أخاليا
لئن فُرجَتْ ألاَّ أزور الحوانيا
فقالت سَلْمى: إني استخرت الله ورضيت بعهدك، فأطلقته وقالت: أمّا الفَرَس فلا أعيره، ورجعت إلى بيتها، فاقتادها، فأخرجها من باب القصر الذي يلي الخندق فركبها، ثم دبّ عليها، حتى إذا كان بحيال الميمنة كبَّر، ثم حمل على ميسرة القوم يلعب برمحه وسلاحه بين الصّفَّين، فقالوا: بسرجها، وقال سعيد والقاسم عُزْياً، ثم رجع من خلف المسلمين إلى الميسرة فكبَّر وحمل على ميمنة القوم يلعب الصّفَّين برمحه وسلاحه، ثم رجع من خلف المسلمين إلى القلب فندر أمام الناس، فحمل على القوم يلعب بين الصّفين برمحه وسلاحه، وكان يقصف الناس ليلتئذ قصفاً منكراً وتعجب الناس منه وهم لا يعرفونه ولم يروه من النَّهار، فقال بعضهم: أوائل أصحاب هاشم أو هاشم نفسه وجعل سعد يقول وهو مشرف على الناس مُكِبّ من فوق القصر: والله لولا محبس أبي مِحْجَن لقلت: هذا أبو محجن وهذه البلقاء، وتعددت الأقوال فلما انتصف الليل حاجز أهل فارس، وتراجع المسلمون، وأقبل أبو محْجن حتى دخل من حيث خرج، وعاد رجليه في قيديه وقال:
لقد علمت ثقيف غير فخر
وأكثرهم دروعاً سابغات
وأنّا وفدهم في كل يوم
وليلة قادس لم يشعروا بي
فإن أُحبس فذلكم بلائي
بأنا نحن أكرمَهُم سُيُوفاً
وأصبرهم إذا كَرهوا الوُقوفا
فإن عَميُوا فسل بهمُ عَريفاً
ولم أشعر بمخرجي الزُّحُوفا
وإن أترك أذيقُهُهُم الحُتوفا
فقالت له سلمى: يا أبا محْجَن، في أي شيء حبسك هذا الرجل؟ قال: أما والله
ما حبسني بحرام أكلته ولا شربته، ولكني كنت صاحب شراب في الجاهلية، وأنا امرؤ شاعر يدبّ الشعر على لساني، يبعثه على شفتي أحياناً، فيساء لذلك ثنائي، ولذلك حبسني قلت:
إذا متُّ فادْفنِّي إلى أصل كَرْمَةُ
ولا تدفنِّي بالفلاة فإنني
وتُروي بخمر الحُصِّ لَحدي فإنني
تُرَويِّ عظامي بعد موتي عُرُوقها
أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
أسيرُ لها من بعد ما قد أسوقُها
فلما أصبحت سلمى أخبرت سعد بن أبي وقاص عن خبرها وخبر أبي محجن، فدعا به فأطلقه، وقال: أذهب فما أنا مؤاخذك بشيء تقوله حتى تفعله، قال: لا جرم
لا أجيب لساني إلى صفة قبيح أبداً([198]).
.
●
●
●
●
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 06-08-2012 في
03:33 AM
.
3 أعضاء قالوا شكراً لـ Arsalan على المشاركة المفيدة:
::Cinderella::
,
آمو تشان
,
NO00NAa1
Arsalan
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات Arsalan