بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الكريم
وبعد :
السلااام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا جمع يسير للأحاديث التي تحوي معاني وأسرار في تليين القلب
حدثنا عبد بن حميد أخبرنا يزيد بن هارون وسعيد بن عامر عن محمد بن عمرو
عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- "إن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرأوا إن شئتم
{فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور}".
هذا حديث حسن صحيح.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي
فقال :" كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " وكان ابن عمر يقول :
" إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك "
رواه البخاري والترمذي ولفظه قال :"أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي فقال :"
كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك في أصحاب القبور "
وقال لي:" يا ابن عمر إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح
وخذ من صحتك قبل سقمك ومن حياتك قبل موتك فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غدا "
ورواه البيهقي وغيره نحو الترمذي
( سنن ابن ماجة )
حدثنا سفيان حدثني أبي عن أبي يعلى عن الربيع بن خثيم عن عبد الله بن مسعود :
"عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خط خطا مربعا وخطا وسط الخط المربع وخطوطا
إلى جانب الخط الذي وسط الخط المربع وخطا خارجا من الخط المربع فقال :"أتدرون ما هذا ؟
قالوا :"الله ورسوله أعلم" قال:" هذا الإنسان الخط الأوسط وهذه الخطوط إلى جنبه الأعراض
تنهشه أو تنهسه من كل مكان فإن أخطأه هذا أصابه هذا والخط المربع الأجل المحيط والخط الخارج الأمل "
.
تحقيق الألباني :
صحيح
وعن أنس قال : خط النبي صلى الله عليه وسلم خطوطا فقال :
" هذا الأمل وهذا أجله فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب " .
رواه البخاري
قال الله عز وجل :
{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ
وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }
[ آل عمران/185]
هذه الآية الكريمة فيها التزهيد في الدنيا بفنائها وعدم بقائها، وأنها متاع الغرور،
تفتن بزخرفها، وتخدع بغرورها، وتغر بمحاسنها، ثم هي منتقلة، ومنتقل عنها إلى دار القرار،
التي توفى فيها النفوس ما عملت في هذه الدار، من خير وشر.
{ فمن زحزح } أي: أخرج، { عن النار وأدخل الجنة فقد فاز }
أي: حصل له الفوز العظيم
من العذاب الأليم، والوصول إلى جنات النعيم، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ومفهوم الآية، أن من لم يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فإنه لم يفز،
بل قد شقي الشقاء الأبدي، وابتلي بالعذاب السرمدي.
وفي هذه الآية إشارة لطيفة إلى نعيم البرزخ وعذابه، وأن العاملين يجزون فيه بعض
الجزاء مما عملوه، ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه،
يفهم هذا من قوله: { وإنما توفون أجوركم يوم القيامة }
أي: توفية الأعمال التامة، إنما يكون يوم القيامة، وأما ما دون ذلك فيكون في البرزخ،
بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله تعالى: { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } .
{ لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ
الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ }
[ آل عمران/186]
يخبر تعالى ويخاطب المؤمنين أنهم سيبتلون في أموالهم من النفقات الواجبة والمستحبة،
ومن التعريض لإتلافها في سبيل الله، وفي أنفسهم من التكليف بأعباء التكاليف الثقيلة
على كثير من الناس، كالجهاد في سبيل الله، والتعرض فيه للتعب والقتل والأسر والجراح،
وكالأمراض التي تصيبه في نفسه، أو فيمن يحب.
{
ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الذين أشركوا أذى كثيرا }
من الطعن فيكم، وفي دينكم وكتابكم ورسولكم.
وفي إخباره لعباده المؤمنين بذلك، عدة فوائد:
منها: أن حكمته تعالى تقتضي ذلك، ليتميز المؤمن الصادق من غيره.
ومنها: أنه تعالى يقدر عليهم هذه الأمور، لما يريده بهم من الخير ليعلي درجاتهم،
ويكفر من سيئاتهم، وليزداد بذلك إيمانهم، ويتم به إيقانهم، فإنه إذا أخبرهم بذلك
ووقع كما أخبر {
قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما } .
ومنها: أنه أخبرهم بذلك لتتوطن نفوسهم على وقوع ذلك، والصبر عليه إذا وقع؛
لأنهم قد استعدوا لوقوعه، فيهون عليهم حمله، وتخف عليهم مؤنته، ويلجأون إلى الصبر والتقوى،
ولهذا قال: {
وإن تصبروا وتتقوا } أي: إن تصبروا على ما نالكم في أموالكم وأنفسكم،
من الابتلاء والامتحان وعلى أذية الظالمين، وتتقوا الله في ذلك الصبر بأن تنووا به وجه الله والتقرب إليه،
ولم تتعدوا في صبركم الحد الشرعي من الصبر في موضع لا يحل لكم فيه الاحتمال، بل وظيفتكم فيه الانتقام من أعداء الله.
{
فإن ذلك من عزم الأمور } أي: من الأمور التي يعزم عليها، وينافس فيها،
ولا يوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية كما قال تعالى: {
وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم } .
تفسير السعدي رحمه الله
والمراد بالمجاهدة كف النفس عن إرادتها من الشغل بغير العبادة .
وقال ابن بطال: جهاد المرء نفسه هو الجهاد الأكمل، قال الله تعالى
{
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} الآية. ويقع بمنع النفس عن المعاصي،
وبمنعها من الشبهات، وبمنعها من الإكثار من الشهوات المباحة لتتوفر لها في الآخرة.
قلت: ولئلا يعتاد الإكثار فيألفه فيجره إلى الشبهات فلا يأمن أن يقع في الحرام.
ونقل القشيري عن شيخه أبي على الدقاق: من لم يكن في بدايته صاحب مجاهدة لم يجد
من هذا الطريق شمة. وعن أبي عمرو بن بجيد: من كرم عليه دينه هانت عليه نفسه.
قال القشيري: أصل مجاهدة النفس فطمها عن المألوفات وحملها على غير هواها.
وللنفس صفتان:
انهماك في الشهوات، وامتناع عن الطاعات، فالمجاهدة تقع بحسب ذلك.
قال بعض الأئمة:
3341 - ( صحيح ) 4231 حدثنا أبو بشر بكر بن خلف وأبو بكر بن خلاد الباهلي قالا حدثنا يحيى بن سعيد 5269 - [ 2 ] ( صحيح )
جهاد النفس داخل في جهاد العدو، فإن الأعداء ثلاثة:
رأسهم الشيطان، ثم النفس لأنها تدعو إلى اللذات المفضية بصاحبها إلى الوقوع في الحرام
الذي يسخط الرب، والشيطان هو المعين لها على ذلك ويزينه لها. فمن خالف هوى نفسه قمع شيطانه،
فمجاهدته نفسه حملها على اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، وإذا قوى العبد على ذلك
سهل عليه جهاد أعداء الدين، فالأول الجهاد الباطن والثاني الجهاد الظاهر.
وجهاد النفس أربع مراتب: حملها على تعلم أمور الدين، ثم حملها على العمل بذلك،
ثم حملها على تعليم من لا يعلم، ثم الدعاء إلى توحيد الله وقتال من خالف دينه وجحد نعمه.
وأقوى المعين على جهاد النفس جهاد الشيطان بدفع ما يلقى إليه من الشبهة والشك،
ثم تحسين ما نهى عنه من المحرمات، ثم ما يفضي الإكثار منه إلى الوقوع في الشبهات،
وتمام ذلك من المجاهدة أن يكون متيقظا لنفسه في جميع أحواله، فإنه متى غفل عن ذلك
استهواه شيطانه ونفسه إلى الوقوع في المنهيات وبالله التوفيق.
فتح الباري –كتاب الرقاق
قوله: "باب من جاهد نفسه في طاعة الله عز وجل" يعني بيان فضل من جاهد
إن لله تعالى حكمة في إلقاء الغفلة على قلوب عباده أحيانا حتى تقع منهم بعض الذنوب
فإنه لو استمرت لهم اليقظة التي يكونون عليها في حال سماع الذكر لما وقع
منهم ذنب و في إيقاعهم في الذنوب أحيانا فائدتان عظيمتان:
أحدهما :
اعتراف المذنبين بذنوبهم وتقصيرهم في حق مولاهم وتنكيس رؤوس عجبهم
وهذا أحب إلى الله من فعل كثير من الطاعات فإن دوام الطاعات قد توجب لصاحبها
العجب وفي الحديث: "لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك العجب"
قال الحسن: لو أن ابن آدم كلما قال أصاب وكلما عمل أحسن أوشك أن يجن
من العجب قال بعضهم: ذنب أفتقر به أحب إلي من طاعة أدل بها عليه
أنين المذنبين أحب إليه من زجل المسبحين لأن زجل المسبحين
ربما شابه الإفتخار وأنين المذنبين يزينه الإنإتق الله فيما كتبتإتق الله فيما كتبتار والإفتقار.
في حديث: "إن الله لينفع العبد بالذنب يذنبه" قال الحسن:
إن العبد ليعمل الذنب فلا ينساه ولا يزال متخوفا منه حتى يدخل الجنة
المقصود من زلل المؤمن ندمه ومن تفريطه أسفه ومن اعوجاجه تقويمه
ومن تأخره تقديمه ومن زلقه في هوة الهوى أن يُؤخذ بيده فينجى إلى نجوة النجاة كما قيل:
قرة عيني لا بد لي منك وإن ... أوحش بيني وبينك الزلل
قرة عيني أنا الغريق فخذ ... كف غريق عليك يتكل
الفائدة الثانية: حصول المغفرة والعفو من الله لعبده فإن الله يحب أن يعفو ويغفر
ومن أسمائه الغفار والعفو والتواب فلو عصم الخلق فلمن كان العفو والمغفرة؟.
لطائف المعارف –ابن رجب الحنبلي
إلى كم تماطلون بالعمل، و تطمعون في بلوغ الأمل، وتغترّون بفسحة المهل،
ولا تذكرون هجوم الأجل؟ ما ولدتم فللتراب، وما بنيتم للخراب، وما جمعتم فللذهاب،
وما عملتم ففي كتب مدّخر ليوم الحساب.
ولو أننا إذا متنا تركنا .....لكان الموت راحة كل حيّ
ولكنّا إذا متنا بعثنا...... ونسأل بعدها عن كل شيء
بحر الدموع -ابن الجوزي
طوبى لمن بادر عُمره القصير، فعمَّر به دار المصير،
وتهيأ لحساب الناقد البصير قبل فوات القدرة وإعراض النصير.
كان الحسن يقول: عجبت لأقوام أُمروا بالزاد ونودي فيهم بالرحيل، وجلس أولهم
على آخرهم وهم يلعبون وكان يقول: يا بن آدم: (السكين تشحذ والتنور يسجر، والكبش يعتلف)
وقال أبو حازم: إن بضاعة الآخرة كاسدة فاستكثروا منها في أوان إتق الله فيما كتبتإتق الله فيما كتبتادها،
فإِنه لو جاء وقت نفاقها لم تصلوا فيها إِلى قليل ولا كثير، وكان عون بن عبد الله يقول:
ما أُنزل الموت كنه منزلته، ما قد غدا من أجلكم، مستقبل يوم لا يستكمله،
وكم من مؤملٍ لغدٍ لا يُدركُه، إِنَّكم لو رأيتم الأَجَل ومسيره، بغضتم الأَمل وغروره
وكان أبو بكر بن عياش يقول: لو سقط من أَحدهم درهمٌ لظل يومه يقول: إنا لله،ذهب درهمي وهو يذهب عمره، ولا يقول: ذهب عمري، وقد كان لله أقوام يبادرون الأوقات،
ويحفظون الساعات، ويلازمونها بالطاعات فقيل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إنه ما مات حتى سرد الصوم وكانت عائشة رضي الله عنها تسرد، وسرد أبو طلحة
بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، وقال نافع: ما رأيت ابن عمر صائماً
في سفره ولا مفطراً في حضره قال سعيد بن المسيب: ما تركت الصلاة في إتق الله فيما كتبتإتق الله فيما كتبتإتق الله فيما كتبتإتق الله فيما كتبتة منذ أربعين سنة
اعلم أن الراحة لا تنال بالراحة، ومعالي الأُمور لا تنال بالفتور، ومن زرع حصد، ومن جد وجد
المواعظ لابن الجوزي