بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الحي القيوم الباقي وغيره لا يدوم رفع السماء وزينها
بالنجوم وامسك الأرض بجبال في الختوم صور بقدرته هذهِ الجسوم ثم أماتها ومحا الرسوم
ثم ينفخ في الصور فإذا الميت يقوم , ففريقٌ إلى دار النعيم وفريقٌ إلى نار السموم الحمد لله
القوي المتين القاهر الظاهر الملك الحق المبين لا يخفى على سمعه خفُّي الأنين ولا يغرب
عن بصره حركات الجنين ذل لكبريائه جبابرة السلاطين وقضى القضاء بحكمته وهو احكم
الحاكمين احمده حمد الشاكرين وأساله معونة الصابرين واشهد أن لا اله إلا الله وحده لاشريك
له في الأولين والآخرين, واشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى على العالمين..~
اهلا وسهلا بكم اخوتي اعضاء مونمس..~
ان شاءالله هاانا اكمل سلسلة من قصص القرآن الكريم عسى ان ينتفع بها
ولي ولكم الأجر بإذن الله..~ واليوم قصتي هي قوم ثمــود..~[ مدائن صــالح]..~
وبسم الله..نبدأ..~
جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء
سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين قال الملأ
الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه
قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون)
جاء قوم ثمود بعد قوم عاد وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمودكانت ثمود قبيلة تعبد
الأصنام هي الأخرى فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال صالح لقومه:
(يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير
كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا
قيمة وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده وأحدثت دعوته هزة كبيرة بينهم .. وكان
صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة
إليهم.. وقال قوم صالح له:
(قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا
معجزة صالح عليه السلام..~
ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه كانوا
يشكون في دعوته واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم
وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة كانوا
يستخدمون الصخر في البناء وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء جاءوا بعد
قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروهاقال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوة
((وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ
عَذَابٌ قَرِيبٌ ))
والآية هي المعجزة ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها
الناقة ولدت من غير الطريق المعروف للولادة ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه
الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم وقيل إنها كانت
معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا
يبقى شيء للناس كانت هذه الناقة معجزة وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ)
أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله وأصدر الله أمره
إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها أمرهم أن يتركوها تأكل في
أرض الله وألا يمسوها بسوء وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب
قريب في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل كانت ناقة مباركة
كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية وإنما
هي آية من الله وعاشت الناقة بين قوم صالح آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد
والكفر وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه
والإيمان به وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات
من عنده كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب وهو يدعوهم إلى عبادة الله
وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة دليلا على صدقه وبينة على دعوته
وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله وكل الأرض أرض الله وهو يحذرهم أن
يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء
من بعد قوم عاد وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة لكن قومه
تجاوزوا كلماته وتركوه واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح يسألونهم سؤال استخفاف وزراية
( أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ)قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح:
( إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ)
فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)
هكذا باحتقار واستعلاء وغضب تآمر الملأ على الناقة..~
وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة تركزت عليها الكراهية وبدأت المؤامرة
تنسج خيوطها ضد الناقة كره الكافرون هذه الآية العظيمة ودبروا في أنفسهم أمرا
وفي إحدى الليالي انعقدت جلسة لكبار القوم وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص
الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم فهم من
يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده أخذ
رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل
الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان يعمدون
إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى
عليه ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون أن يصلوا لهذه
المرحلة وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته
لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة وهددنا بالعذاب القريب فقال أحدهم سريعا
قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة ووقع الاختيار
على تسعة من جبابرة القوم وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض الويل لمن يعترضهم
هؤلاء هم المجرمون القتلة اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ وفي الليلة المحددة وبينما
كانت الناقة المباركة تنام في سلام انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم
وسهامهم لارتكاب الجريمةهجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعةامتدت الأيدي الآثمة
القاتلة إليها وعقروها وسالت دمائها..~
علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟
قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟قال صالح لقومه:
( تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ)
بعدها غادر صالح قومه تركهم ومضى انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام
ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون وفي فجر اليوم
الرابع انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء
حي هي صرخة واحدة لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا
جميعا صعقة واحدة هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث أما الذين آمنوا بسيدنا صالح فكانوا
قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا..~{وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً
لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}