رد: ......
حكمها :
فرض عين لا تسقط عن المُحارِب المصافّ للعــدو ، رغــم الخوف الشديد . ولم تَسْقُـط
عـن المريض وهو على فراش المرض ، ولم تَسْقُط عن المسافر رغْم المشقّة ،
إلا أنه خُفِّفَ عن الحائض والنفساء .
فالمصافّ للعدو قال الله فيه : (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ
مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ
يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) [النساء:102] .
والمريض لقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)[ التغابن:16] .ولقوله صلى الله
عليه وسلم : صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب .
رواه البخاري .
ولا تسقط عن النائم ، فيجب عليه القيامُ لأداء الصلاة ، أما مَن غَلَبَه النوم فتجبُ عليه
الصلاة إذا قام ، ولا تسقط عن الناسي ، فمتى ذَكَرَها صلاّها ، لقوله صلى الله عليه
وسلم : من نسي صلاة ، فليصلها إذا ذكرها . رواه مسلم .ولقوله صلى الله عليه
وسلم : من نام عن صلاة أو نسيها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها .
عقوبةُ تارِكها :
ترك الصلاة كفرٌ وردّةٌ عن دين الإسلام ، فقد قاتَلَ أبو بكر رضي الله عنه مَن مَنَعَ
الزكاة ، وإن كان مُقِرّاً بوجوبها ، فلما عَـزَمَ على ذلك قـال له عمر رضي الله عنه :
كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس
حتى يقولوا : لا إله إلا الله ؛ فمن قال : لا إله إلا الله ، فقد عَصَمَ مِنِّي ماله ونفسه
إلا بحقه ، وحسابه على الله ؟ فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ،
فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه ، فقال عمر : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله
عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق . رواه البخاري ومسلم .
وقد جعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصلاةَ حدّاً فاصلاً بين الإسلام والكفر ،
فقال صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة . رواه
مسلم .وهي العلامة التي يُعرف بها المسلم مِن غيرِه ، فقال صلى الله عليه
وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر . رواه أحمد وغيره .فعلّق
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الْحُكم بالكفر على مجرّد التـرك ، فَمَنْ تَرَكَ الصلاة
بغير عذر حتى يخرج وقتها ويدخل وقت الأخرى فقد كَفَر .
وقد جَعَلَ الله إقامةَ الصلاةِ علامةً على قبولِ توبة المشركين ، فقال :(فَاقْتُلُوا
الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا
وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التوبة:5] .
وقال سبحانه :(فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ
الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [التوبة:11]
وقد اتّفق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على أن تَرْكَ الصلاة كُفْرٌ .
كما قال شقيق بن عبد الله : ما كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يَرَون شيئاً
من الأعمال تَركه كفرٌ غير الصلاة . رواه الترمذي وابن أبي شيبة .وصحّ عن عمر
رضي الله عنه أنه قال على المنبر : لا إسلام لمن لم يُصَلِّ . وكان ذلك بمرأى من
الصحابة ولم يُنكروا عليه ولم يُخالِفوه .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : من تَرَكَ الصلاة فلا دِين له وقال أبو الدرداء رضي
الله عنه : لا إيمان لمن لا صلاة له ، ولا صلاة لمن لا وضوء له . وقال أيوب
السختياني : تركُ الصلاةِ كفرٌ لا يُختلف فيه .
وفي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا تشرك بالله شيئا وإن
قطعت أو حرقت ولا تـتـركن الصلاة المكتوبة متعمدا ، ومن تركها متعمدا برئت منه
الذمة ، ولا تشربن الخمر فإنـها مفتاحُ كل شر .
قال إسماعيل بن سعيد : سألت أحمد بن حنبل عن من ترك الصلاة متعمــداً . قال : لا
يَكفر أحدٌ بذنبٍ إلا تارك الصلاة عمدا ، فإن تَرَكَ صلاةً إلى أن يدخل وقت صلاةٍ أخرى
يستتاب ثلاثا .وقال أبو أيوب سليمان بن داود الهاشمى : يُستتاب إذا تـركها متعمـداً
حتى يذهـب وقتها فإن تاب وإلا قُتِل ، وبه قال أبو خيثمة .
وقال وكيع بن الجراح عن أبيه في الرجل يحضره وقت صلاة ، فيُقال له : صَلِّ ؛ فلا
يُصلِّى ؟ قال : يُؤمر بالصلاة ، ويُستتاب ثلاث صلوات ؛ فإن صلى وإلا قُتل .يعني يُقتل
ردّةً – عياذاً بالله – ومَنْ استحقّ أن يُقتلَ ردّةً سواءً قُتِلَ أو لم يُقتل فلا يجوز تزويجه
أو قبوله زوجاً ، كما لا يجوز التّرحم عليه ، ولا دفنه في مقابر المسلمين ، ولا يَرِثُ
ولا يُورث ؛ لأنه مات على غير مِلّةِ الإسلام ، فليس ترك الصلاة بالأمر الهيِّن .
وقال محمد بن نصر المروزي :سمعت إسحاق يقول : قد صح عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن تارك الصلاة كافر ، وكذلك كان رأى أهل العلم من لدن النبي
صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا : أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يَذهب
وقتُها كافر .
وقال أيضا : أفلا ترى أن تارك الصلاة ليس من أهل ملة الإسلام الذين يُرجى لهم
الخروج من النار ، ودخول الجنة بشفاعة الشافعين ، كما قال صلى الله عليه وسلم
في حديث الشفاعة الذي رواه أبو هريرة وأبو سعيد جميعا - رضى الله عنهما - أنـهم
يَخرجون من النار يُعرفون بآثار السجود ، فقد بين لك أن المستحقين للخروج من النار
بالشفاعة هم المصلون ، أو لا ترى أن الله تعالى مَيّزَ بين أهل الإيمان وأهل النفاق
بالسجود ، فقال تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ)
وقال الله تعالى :(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) أفلا تراه جَعَل علامةَ ما بين ملة
الكفر والإسلام وبين أهل النفاق والإيمان في الدنيا والآخرةِ الصلاة . اهـ
وتركُ الصلاةِ سبب لعذاب الله وسَخَطِه ودخولِ النار ، قال الله جل جلاله حاكياً تخاصم
أهلِ النار :(مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ
الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا
الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ)وتوعّد الله المُضيّعين لصلواتهم ، فقال
الله جل جلاله : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) [ الماعون:4-
واعلم أنه لا حـظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، كما قال أميرُ المؤمنين عمرُ بن
الخطاب رضي الله عنه .فقد روى الإمام مالك في الموطأ أن المسوَر بن مخرمة
دخل على عمر بن الخطاب من الليلة التي طُعِنَ فيها فأيقظ عمرَ لصلاة الصبح ،
فقال عمر : نعم . ولا حظّ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى عمر وجرحه يثعب
دما .
فما عُذرُ مَنْ يَتْركَ الصلاة وهو أنشطُ ما يكون ؟ وعمرُ يُصلّي وجُرحه يثعبُ دماً ، حتى
إنه سُقيَ اللبنُ فخرج من جُرحـه .
ولولا أهمية الصلاة لما كانت وصية رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عند حلول ونُزول
السَّكرات ، ولَما أكّد عليها ، فكان آخرُ كلامه صلى الله عليه وسلم : الصلاةَ الصلاة ،
وما ملكت أيمانكم . رواه أحمد
وبعض النساء تؤخِّر الصلاة حتى يخرج وقتها ، وإذا كان هذا بغير عذرٍ شرعي فإنـها
تُـردّ على صاحبتها ، لقوله تبارك وتعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا
مَوْقُوتًا) [النساء:103] .روى البخاري عن أمِّ سلَمة قالت : استيقظ النبي صلى الله
عليه وسلم من الليل وهو يقول : لا إله إلا الله ماذا أُنزِل الليلة من الفتنة ! ماذا أُنـزِل
من الخزائن ! من يُوقِظ صواحب الحجرات ؟ كم من كاسية في الدنيا عَارِية يوم القيامة .
إذا كان هذا في النوم عن صلاة الليل ، فكيف بمَنْ تؤخّر الصلاة حتى يخرج وقتها
؟وبعض النساء تؤخّر الاغتسال بعد الطُّهر يوم أو يومين وأحياناً ثلاثة ، فتجلس هذه
الأيام لا تُصلي وهي قد طهُرت ، فما عذرها أمام الله ؟
والواجب عليها المبادرة إلى الاغتسال بعد الطهر ثم تصلي الصلاة التي عليها ، ولو
كان الأمر في شيء يتعلّق بالمرأة كَحَقٍّ من حقوقها لما رَضِيَتْ بتأخيره أو نقصه أو
بخسه ، فهي لا ترضى أن يُخصم عليها شيء من راتبها إذا كانت مُعلّمة ، ولا يُنقص
شيء مِنْ درجاتها إن كانت طالبة ، ولا يُقصّر في شيء من حقوقها إن كانت زوجة ،
بينما هي تٌقصِّر في حقّ ربِّها ، وفي فريضة من أعظم الفرائض ، بل هي أعظم
الفرائض بعد الشهادتين .
فاحرصي أُخيّة على أداء الصلوات في أوقاتها من غير نُقصان ، ولا عَجَلَة . واحرص
على التـزام أوامر الله ، فليس لك خيارٌ فأنت أمةُ الله وفي قبضته ، (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) [الأحزاب:36] .
وفقكِ الله لطاعته ومرضاته ، وجنَّبَكِ أسباب سخطِه وغضبه مَقْتِه .
وتذكّر أن من ترك الصلاة فقد ترك دين ربِّه ، وقد اتفق العلماء على أن تارك الفرائض
كافر ، ولو أقرّ بها ، إذ الإقرار الصادق يقتضي العمل ، فإنك لو أُخبِرت بوجود عدوٍّ أو
ضرر في مكان لما ذهبت إليه ، إلا إن كنت لم تُصدّق القائل ، فإن كنت صدّقت خبرَ
اللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم وجوب الصلاة ووجود النار لمن تركها ، إذا صدّقت
بذلك وجبَ عليكِ الفِرار من النار والهروب منها ، وطلب جنةٍ عرضها السماوات والأرض .
والله تعالى أعلم .
منقول
آخر تعديل ابتسامة يوم 04-30-2012 في 11:53 AM.
|