بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده محمد وعلى آله وصحبه وبعد
1. نداء
إلى كل مسلم و مسلمة تتوق نفسه إلى أن يكون
صالحاً في نفسه
مصلحاً لغيره
ونافعاً لأمته
إلى النفوس الأبية التي تأبى أن تعيش على هامش الحياة .
إلى كل من يحمل هم أمته وإعادة مجدها . وسؤددها
سنسابق الزمن قبل أن نتفاجأ بقدوم الإجازة فننشغل بمطالبها عن مثل هذه الوصايا التي نحتاجها فيها .
حديثي هذا اليوم تعمدت تقديمه لأترك مساحة للتفكير والتخطيط قبل مجئ الإجازة
أولاً :
الوقت هو الحياة ، وقيمة الإنسان في استثماره لوقته ، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله : إضاعة الوقت أشد من الموت ، لأن الموت يقطعك عن الدنيا وأهلها ، وإضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة ..
وأشد الناس غبناً يوم القيامة أشدهم تضييعاً لوقته في الدنيا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ "
ومن عظيم شـأن الوقت والزمان ، أن الله أقسم به في كتابه بل ، وأقسم بجميع أجزائه ، فلئن كان الوقت فجرأ وضحى وعصراً ؛ فلقد أقسم الله بالفجر ، وأقسم بالضحى ، وأقسم بالعصر .
يقول تعالى " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر "
والعصر هو الزمان فماهي العلاقة بين العصر والخسر ؟
العلاقة بينهما عكسية فمن استثمر العصر سلم من الخسر ومن ضيع العصر وقع في الخسر ثم ختمت السورة بالاستثمار الحقيقي للعصر وذلك بالإيمان بالله والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر .
ومن تأمل سير الناجحين والمبدعين والمصلحين الذين تركوا آثاراً بعد رحيلهم ، يجد أن القاسم المشترك بينهم هو استثمار هذا الوقت ، واغتنام الزمان فيما يعود عليهم وعلى أمتهم بالخير والفائدة .
فلولا عناية العلماء بأوقاتهم ما حفظت الأحكام ولاجمعت السنة ، ولادونت الدواوين ، فبهم حفظ الله هذا الدين ، وباستغلال أوقاتهم خدموا دينهم وأمتهم وأوطانهم .
واليوم وفي هذا العصر الذي تقاربت فيه الثقافات وسهلت فيه العلوم والآلات ، نجد أن أمتنا التي قادت الأمم وبنيت على أكتافها الحضارات ، أصبحت عنايتها بالأوقات مهملة ، وأمسى الكثير من الناس إلا من رحم الله يعيش على هامش الحياة ، بعيداً عن عوامل البناء ومقومات التغيير والعطاء .
يخرج من عمله أو متجره أو مدرسته ويعود إلى بيته ليأكل وينام ثم يقلب الشاشات ، ويسامر الأصحاب في الاستراحات ثم يعود إلى بيته وهكذا تقتل الهمم وتنزف الطاقات
لم تضف له الحياة ثقافة يتعلمها أو مهارة يكتسبها ، وليس له أي مشاركات تطوعية تعود على أمته ووطنه بالنفع والفائدة .
ونشأت أجيالُ تعادي العلم ، والمعرفة ، وتنتهز الفرص لتتخلص من المشاريع الجادة ، فتحيى على اللهو واللعب ، وتنافس عليه ، وإذا جاءت الإجازات فالهموم محصورة ، مابين لهوا وسفر ولعب وأنسٍ ونومٍ وطرب . .. أبهذا تبنى الحضارات ؟ وتعود الريادة وتصنع الإنجازات ؟
و هاهي الإجازة على الأبواب .. يترقبها الجميع ، فهل سنجعل منها مصدرأ لبناء ثقافتنا وزيادة مهاراتنا ومعارفنا . ، أم ستستهلكنا ليالي السهر وأجهزة اللعب .
لقد أئتمنكم الله على أنفسكم وعلى أبنائكم وكل راع مسؤول أمام الله عن رعيته كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم
وحاجة أبنائكم إليكم في الإجازة أشد من حاجتهم إليكم قبل الإجازة
أتدرون لماذا ؟
1. لأنهم قبل الإجازة لديهم مايشغلهم من مدرسة يقضون فيها ربع يومهم وربما انشغلوا بالاستعداد لها بعد عودتهم أما الإجازة فهم متفرغون تماماً من هذا كله .
2. ولأن الإجازة تكثر فيها الملهيات والمشغلات التافهة ويكثر احتكاكهم بالآخرين ، وطبيعة المجتمع تساهم في مساعدة الشباب على السهر ووسائل الإعلام تلعب دورأ كبيراً في القضاء على بقايا القيم بما تعرضه من تبرج وسفور وتغييب عن الدين .
و مما يؤسف عليه أن ثقافة بعض الآباء وتصورهم عن الإجازة خاطئة وجارفة
فبعض الآباء يرى أنه إذا اصطحب أبناءه إلى دولة أجنبية أو دولة عربية وأنفق عليهم في الملاهي بسخاء ، وزار بهم دور السينماء يرى أنه الأب المثالي المتحضر المخلص لأسرته والمحقق لهم عوامل النهضة والاستقرار والتقدم ، وأنه بهذا قد أجزل لهم المثوية وكافأهم على جدهم واجتهادهم طوال العام .
وما علم المسكين أنه ممن يخربون بيوتهم بأيديهم بما جنى عليهم من تمكين لرؤية ومخالطة مجتمعات لايضبطها دين ولا قيم .
- لنجعل من الإجازة مصدراً لبناء أسرنا والارتقاء بقيمهم وأخلاقهم ومعارفهم
ومازالت ولله الحمد والمنة في مجتمعاتنا أسر تهتم بذلك وتحرص عليه ، وكثير من الآباء يشغلهم وضع أبنائهم في الإجازة ويهتمون لها أشد الاهتمام .
وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة " وحتى نضئ للحريصين على أنفسهم وأسرهم الطريق للاستغلال الأمثل للإجازات ، وبعد قراءة وإطلاع ، ومشاركة في دورات تهتم بالتخطيط الأمثل للحياة عموماً ، وللإجازات خصوصاً ، فسأجمل لكم المجالات الثمانية التي ينبغي أن تبنى عليها أهدافنا في الحياة عموماً ، وفي الإجازة خصوصاً
وقبل ذلك نسأل أنفسنا السؤال التالي :
2. لماذا هذه الدورة ؟
لأن كثرة طرق الحياة وتشعب دروبها تحول بيننا وبين تحقيق أهدافنا
فحياتنا في مد وجزر تتجاذبنا وتتنازعنا مطالب كثيرة فلا يدري الواحد منا هل يلبي حاجاته المادية أو رغباته العلمية أو ظروفه الاجتماعية أو شهواته الخفية ..
فليس أمامنا إلا أن نخطط لأهدافنا ونرسم لتحقيق طموحنا
3. لماذا نخطط ؟
- نخطط ..لأن أي بناء في الدنيا يفتقر إلى تخطيط سليم . وأفضل بناء هو بناء الإنسان الذي به يكون بناء الأمم فحاجته إلى التخطيط أولى.
- نخطط ..لأن المشغلات كثيرة و الصوارف متعددة .
- نخطط.. لأن وضوح الرؤية لا تتهيأ إلا لمن يخطط .
- نخطط..لأن متعة الحياة ولذة الإنجاز لا تنال إلا حينما نسير على وفق خططنا ونتذوق طعم انجازاتنا .
- نخطط .. لكي نستثمر إمكاناتنا في تحقيق أهدافنا وأمنياتنا.
- نخطط..لكي ننشر ثقافة التخطيط .
- نخطط.. لأن الذي لايخطط حتماً سيخلط ويتخبط.
4. لماذا الإجازة ؟
- لأنها الفرصة التي يفوتها الكثير منا .
- لخلوها من تكاليف الدراسة والوظيفة في أغلب الأحوال.
- لكثرة البرامج المتنوعة المقدمة فيها .
- لوجود من يعينك على تحقيق أهدافك فيها .
- لأن ملايين الطاقات من شباب وفتيات تهدر فيها وتستنزف في ثناياها .
5. ما المراد بالتخطيط ؟
كثرت تعريفات التخطيط فسبكت لكم بعض الكلمات التي توضح معناه بيسر وسهولة
- التخطيط هو : استثمار الإمكانات لتحقيق الأهداف ورصد الإنجازات
فالذي يريد أن يستفيد من إجازته في تحقيق أهدافه فإنه سيرسم خططاً توصله نحو الهدف المنشود
ومن خلال سبر وتقسيم يمكن أن نجمل المجالات التي ينبغي أن تبنى عليها أهدافنا في الحياة عموماً وفي الإجازة خصوصاً في المجالات الثمانية