مقالات
من الغريب ان ينتظر شخصا قضي خمسة عشر سنة من عمره في الفضاء التلفزيوني العمومي بفارغ الصبر مؤسسات تحرير وسائل الإعلام السمعي البصري وذالك في مجال محدد كان ينبغي ان يظل دائما بمنئي عن الرقيب السياسي وخطوطه الحمراء إنه الإعلام الرياضي التلفزيوني حيث التخصص مرتبط بمواضيع فنية لايجوز التلاعب في عقول الجماهير والمشاهدين فيها ليس فقط لأنها بعيدة عن التجاذبات السياسية ولكن ليست من صالح الرياضة نفسها التي لايمكن إصلاحها بعيدا عن النقد المنطلق من ماتفرزه الملاعب ذاتها لذالك ظل الإعلام الرياضي حتي في اشد الدول انغلاقا وديكتاتورية فضاء رحبا لممارسة هامش الحرية المتاح , ولكن الغريب انه في بلادنا التي ظلت متقدمة في مجال الحريات الصحفية الأساسية علي كثير من الدول من اشد البلاد التي عاني فيها الإعلام الرياضي التلفزيوني من الانغلاق التام وخدمة مصالح الفاسدين في الرياضة.
وقد كلفني هذا التجاوز الكبير في مجال غير معهود لهذا الكبت الطرد النهائي لثلاثة مرات من عملي التلفزيوني والطرد المؤقت لتسعة مرات فالمدراء التسعة الذين تعاقبوا علي إدارة التلفزة باستثناء المدير الحالي الذي ليس بالإمكان حاليا الحكم عليه قبل إنقضاء المدة الزمنية الكافية مارسو ضغوطا وانغلاقا علي المجال الرياضي التلفزيوني ليس إتباعا لسياسة أي نظام بقدر ما هي خدمة شخصية لمتنفذين في المجال الرياضي أو تقديرات شخصية خاطئة فمثلا سنة 1997كنت انقل علي الهواء مباراة منتخبنا مع جامبيا وخسر فريقنا ومع سوء الأداء فلم يكن امامي كما هو حال أي معلق إلا نقد الأداء الفني الضعيف امامي ولكنني فوجئت قبل نهاية المباراة بدقائق بقطع صوتي من طرف احد المسئولين الفنيين في التلفزة الموريتانية المعروفين دائما بالسيطرة علي مدراء التلفزة المتعاقبين بفضل نظرية المؤامرة التي يزرعونها لضمان بقائهم ومازال موجودا يزاول مهنته بنجاح حتي الوقت الحالي ثم يخاطبني انت في تلفزة الدولة عليك بالدخول علي المدير العام حالا هذا الأخير وجدته في قمة الغضب وخاطبني قائلا أنت لاتستنذر هل تريديني ان ارميك في الشارع فقلت له ما السبب ليس بإستطاعتي تحويل هزيمة فريقنا لإنتصار بل من الممكن ذالك بدلا من هذا النقد عليك ان تبرر الهزيمة حتي تحولها لانتصار وتهديْ الشعب ولاتحرضه علي الدولة بهذا المنطق الأبتر الغريب . ذهب معظم المدراء كلا حسب تقديره الشخصي حارمين مشاهدينا من معرفة الحقيقة عن رياضتنا الوطنية مرة واحدة وليس من السر بان مكالمة هاتفية من أي مسئول رسمي أو مسئول عن إتحادية رياضية لأي مدير عام من هؤلاء تكفي لان يفصل التقرير والروبرتاج حسب مقاسهم بل واكثر من ذالك هم من يقومون بكتابة وقراءة التقارير من خلال أبواقهم الخاصة في سنة 2000 وبعد فضيحة سيدني الشهيرة قام المدير العام بطردي وحين سأله بعضهم عن السبب قال أخاف ان يتطرق للفضيحة وذالك من باب الوقاية خير من العلاج منطق ابتر معوج ظل جاثما علي صدور مشاهدي الرياضة في التلفزة الموريتانية حتي في البرامج الحوارية المفتوحة التي خصصتها التلفزة في مراحل معينة وتمتعت بروح الصراحة والديمقراطية تم إسناد البرامج لمن لاعلاقة لهم بالرياضة حتي يتم التطرق للموضوع وفق أهوائهم وكانت مرة مع الوزيرة الحالية كانت مدة البرنامج ثلاثة ساعات خصصت منها عشر دقائق للرياضة وكانت المرة الوحيدة التي فتح فيها الإعلام الرياضي التلفزيوني صدره لهموم الرياضيين في سنة 2011حين أتاح لي الزميل سيدي ولد النمين تقديم برنامج في الميزان لأنه يريد من هو علي إطلاع علي حقائق الرياضة فكانت حلقة تاريخية ووحيدة حفظها الجميع ثم رجع القطار لسكته القديمة؟ لذلك سيكون من السهولة علي القنوات الجديدة ان تأخذ زمام المبادرة وتنجح نجاحا كبيرا لأنه لن يكون هناك فرض لرؤية إداريين فاسدين ولن يتم مراقبة النشرات الرياضية بشكل دقيق ومذل ليس لنقص كفاءة أصحابها ولكن حتي لاتبث مواد لاتعجب القائمين علي الرياضة الوطنية ومن الغريب ان تجد آراء مختلفة في بعض التقارير التي تبثها التلفزة الوطنية ولكن في التقارير الرياضية لاتسمع سوي رأيا واحدا هو الإشادة والتبجيل وهناك بعض الاتحاديات الرياضية التي أصبحت تتوفر علي وحدة إنتاج بها وتبث مباشرة علي شاشة التلفزة من خلالها دون العودة لتحرير التلفزة حيث أصبحت حكم وخصم نفسها وفي هذا المجال لابد من الدعوة لفتح برنامج إتحادية كرة القدم الذي تريد بثه علي التلفزة حسب نظرتها لأنه ليس من المنطقي منع كرة القدم في حين يتم منح هذا الأمر للإتحادية الاخري لمجرد صراع النفوذ . عبر مسيرتي الإعلامية حضرت عشرات المسرحيات التي تقدم علي أنها انشطة رياضية مهمة ورائعة في التلفزة وحين رئيت ذالك احتفظت بالأرشيف الخاص حتي يأتي اليوم الذي تتحرر فيه التلفزة من سطوة أباطرة مفسدي الرياضة ولكن بالمقابل لابد لهذه الفضائيات من إسناد الأمر لأصحابه القادرين للوصول للحقيقة بفضل معرفتهم الدقيقة بشؤون رياضتنا الوطنية وليسو شبابا متحمسين قد يقعون لأول مرة في مغالطات يدفع ثمنها غاليا مشاهدو تلك القنوات فحتي وحين تم تعييني رئيس للمصلحة الرياضية بالتلفزة ورئيس تحرير النشرة الرياضية لم أمارس صلاحياتي مطلقا فهي من صلاحيات بعض الصحفيين الذين لايفرقون بين الخبر السياسي والرياضي ويضعون الجميع في نفس الزاوية همهم الاول والاخير هو تبليغ الخبر العاجل لصاحب الحظوة الجديدة عسي ان يزيد ذالك من منافعهم المادية وعند قدوم كل مدير جديد أقدم رسالة شاملة تتضمن العراقيل والحلول حتي أصبحت اكتفي بتغيير التاريخ عند وصول المدير الجديد تجاوب معي احدهم لكنه سرعان ما تراجع تحت وطأة الطريق نفسها فكان خبر إنسحاب المرابطبن الشهير هو نهاية ذالك التجاوب والعديد من المدراء اشعر بالراحة لأنهم يلقون برسالتي القديمة الجديدة في سلة المهملات فلا ابني آمال كاذبة عليهم من البداية. التقرير والخبر الرياضي التلفزيوني من أفضل الأنواع الصحفية التي كان يمكن ابتعادها عن أي مغالطة فالصور امامك بعض المرات قد لاتحتاج لتعليق لذالك تتساوي الاسرة الرياضية كلها في الحقوق والواجبات امامها لان المقياس هو الصور التي تحكي ماتقوم به ليس من المنطقي أبدا ان تنظم ماراثون بميزانية كبيرة ثم يأتي المشاركون حتي بدون اقمصة موحدة وجوائز هزيلة وتكون التصريحات كلها معبرة بهذه الحقيقة ثم تبث تقريرا يتحدث عن التنظيم المحكم والجوائز الكبيرة والتصريحات الإيجابية ولكن المهنية لو اتيحت لي مثلا مرة واحدة تقول بان أقدم التقرير بجوانبه الحقيقية مراحل السباق وغياب الوسائل وأسبابها مع وجود الإمكانيات المالية الكافية وتصريحات المنظمين والمشاركين وبهذا يعرف المشاهدون الحقيقة ويأخذ المنظمون إحتياطاتهم في المرة القادمة لأنهم يعرفون بان هناك رقيب عليهم ولن يكفيهم إتصال هاتفي بالمدير العام للتلفزة أو شرب الشاي معه في مكتبه من اجل القيام بماهو معهود وما مكنهم دائما من التحايل علي حقوق الرياضيين تحت ذريعة ذالك الصحفي معارض أو غير واضح أو لديه مصالح مع بعض الاتحاديات دون الاخري وهي أساليب ناجحة لهؤلاء دائما مع المدراء المتعاقبين علي التلفزة أوقفت جميع الفرص المتاحة لحرية التعبير في التقارير الرياضية التلفزيونية وحرمت مشاهديها دائما من نكهة الحقيقة. وأصبح الأمل متجها نحو القنوات الجديدة لتستطيع التحرر مما لم نتحرر منه حتي الآن وأقدم اعتذاري لكل المشاهدين لأنني لم استطع يوما ان أقوم بالعمل الذي ينتظرونه منا ولكن عزائي هو بأنني لم أتوقف يوما عن المحاولة مهما كلفتني ومازال المشوار طويلا إن شاء الله لفعل ذالك فمن سار علي الدرب وصل ولو متأخرا فالوصول متأخرا خيرا من ان لاتصل ابدا.
د. محمد ولد الحسن