الجريمة الغامضة 4
فأنا أعتقد أن أحد أعداء الدكتور (مارك) كان قد تسلل إلى العيادة و قتله وقد أدليت بشكي هذا إلى المحقق (جيمس) .
تكلمت (ميري) في حنق و هي تكاد تبكي :
- لكنه أخذ المقص الذي كان معي و يظن أنني قتلته على الرغم أن المقص لا يحوي على أية آثار للجريمة أو دم الضحية و…قاطعها الدكتور (شارل) :
- ربما أزلت آثار الدم بمنديل أو أي شيء آخر كـ…قاطعته هذه المرة الممرضة (ميري) في غضب شديد و قد احتقن وجهها بالدم :
- ماذا تظن يا أيها الدكتور (شارل)؟هل تعتقد أنني قتلت الدكتور (مارك)؟و لماذا؟
أجابها الدكتور (شارل) :
- اعذريني يا (ميري) فذلك المقص جعلني أظن…قاطعته (ميري) :
- تظن…تظن ماذا؟…أنني القاتلة ، إن القاتل هو المزارع (جيمي) فالآثار الأقدام كلها وحل تشير إلى الحديقة الخلفية للعيادة و التي هي مجرد موقف سيارات الذين يعملون هنا أنت و أنا و الدكتور (جورج) وغيرنا من الأطباء و الممرضات بالإضافة إلى عمال التنظيف ، و طبعاً يستطيع المزارع العجوز (جيمي) الدخول و الخروج كما يحلو له لأن الحارس سيسمح له بذلك فهو يقوم بزرع النباتات و الأزهار في تلك الحديقة الموحلة و لذلك يتجمع الوحل حول قدميه .
وبكل انفعال الدنيا رد عليها الدكتور (شارل) :
- يا إلهي!!!هل أخبرت المحقق بكل هذه المعلومات و الشكوك؟
أجابته :
- لا . و لكنني سأفعل في المرة القادمة .
هتف الدكتور (شارل) :
- رباه . هل تظنين أن هناك مرة قادمة سيأتي فيها ذلك المحقق ليأخذ أقوالنا؟لقد أدلينا بكل ما عندنا .
أجابته (ميري) بصرامة :
- بالتأكيد . و ماذا تظن؟إن القضية لم تنته بعد و مازلنا في البداية .
سرت قشعريرة باردة في أوصال الدكتور (شارل) لسماعه آخر كلمات الممرضة (ميري) ، و كثير من الأسئلة تتبادر في ذهنه
هل حقاً سيعود المحقق لأخذ شهادته ؟
هل سيتم اكتشاف المجرم؟
هل…؟
هل…؟
* * *
((سحقاً ، ماذا يريد منا ذلك الدكتور (جورج) ؟ هل يريد من أن يزيد توترنا بهذا الاجتماع المريب))
نطقت بهذه العبارة الممرضة (ميري) بغضب شديد ، و أجابها الدكتور (شارل) بهز كتفيه مدلياً بأنه لا يعرف شيئاً و لكن قاطعهما سماع صوت فتح الباب الذي عبر منه الدكتور (جورج) و المحقق (جيم هدسن) ، و أشار الدكتور (جورج) إلى المحقق (جيم هدسن) بسبابته و هو يقول :
- أعرفكم بالتحري (جيم هدسن) ، أشهر تحري في المملكة المتحدة ، استدعيته بنفسي ليتولى هذه القضية الشائكة…قضية مقتل والدي الدكتور (مارك) رحمه الله .
سألته الممرضة (ميري) باستهزاء :
- و هل تظن أن هذا التحري سيحقق ما عجز عنه أسلافه؟
علق على كلامها الدكتور (شارل) بقوله :
- أتعشم هذا .
رمقها المحقق (جيم هدسن) بنظرة باردة ثلجية لفترة زمنية وجيزة ، و أخرج غليونه و وضعه في فمه ثم نطق بنفس البرود :
- يا سادة…لا داع لكل هذا التشاؤم فلكل داء دواء كما تقولون أنتم معشر الأطباء ، أما نحن معشر المحققين فنقول لكل لغز حل .
علق الدكتور (شارل) :
- إلا هذا اللغز .
رمقه المحقق (جيم هدسن) بنظرة صارمة ثم استطرد قائلاً :
- كل من أناديه فليتجه إلى الغرفة المجاورة ليدلي بكل ما يعرفه .
و بخطوات بطيئة باردة اتجه المحقق (جيم هدسن) إلى الباب و تمتمت (ميري) بغضب :
- يا لك من مغرور .
و كأنه لم يسمعها تابع خطواته البطيئة إلى الباب و أمسك بمقبض الباب و فتحه ثم هتف :
- الممرضة ( ميري روبن) تعالي إلى الغرفة للإدلاء بشهادتك .
ازدرت (ميري) لعابها و ارتجف جسدها كله عند سماع اسمها و تجمد الدم في عروقها و تصنمت على كرسيها لحظة ، فهي ستواجه للمرة الثانية الأسئلة و الاتهامات ، كما أنها لم تنس ما حدث لها في المرة الماضية كيف تم تفتيشها و كيف تم توجيه أصابع الاتهام إليها ، و لكنها مع ذلك ما لبثت حتى لحقت به .
المحقق (جيم هدسن) : (ميري)!!!أنت أول من شاهد الضحية مقتولة ، فماذا رأيت؟
الممرضة (ميري) : رأيت الدكتور (مارك) ملقياً على الأرض و الدم يسيل من على صدره و وجدت أيضاً أثار أقدام موحلة تتجه مباشرة نحو الباب الخلفي المطل على الحديقة الخلفية الموحلة .
المحقق (جيم هدسن) : و ماذا عن ذلك المقص الذي كان لديك ؟
الممرضة (ميري) : لقد أخذته من غرفة الدكتور (شارل) لأنني كنت محتاجة له و لم يكن لدي مقص و الدكتور (شارل) لديه مجموعة منها فأخذته منه و لو كنت قتلت الدكتور (مارك) به لتلوث بالدم .
المحقق (جيم هدسن) : ربما أزلته آثار الدم بواسطة منديل .
الممرضة (ميري) : لم يكن لدي منديل و هذا ما أثبته المفتش (جيمس) حينما أمر بتفتيشي .
نهض المحقق (جيم هذسن) من على مقعده و قال :
- أكتفي بهذا…استدعي الدكتور (شارل) .
اتجهت (ميري) إلى الباب و خرجت و استدعت الدكتور (شارل) الذي دخل بدوره إلى الغرفة التي يوجد بها المحقق (جيم هدسن) .
تحدث المحقق (جيم هدسن) إلى الدكتور (شارل) قائلاً :
- إن بينك و بين الدكتور (مارك) خلافاً حول العيادة فأنت تريد أن تشتري حصته منها و هو يرفض ذلك . أ ليس كذلك؟
ارتجف الدكتور (شارل) قليلاً و ازدرد لعابه بصعوبة قبل أن يجيب :
- بلى . لكن هذا الخلاف لم يشتد بيننا أبداً لدرجة القتل ، أقسم على ذلك .
المحقق (جيم هدسن) : تأخرت عن المنزل ذلك اليوم عندما قتل الدكتور (مارك) ، فلماذا؟
الدكتور (شارل) : لقد ذهبت إلى مغسلة السيارات لغسل سيارتي .
المحقق (جيم هدسن) : و لكن أنت غير مهتم بنظافة سيارتك كما أنها لم تكن متسخة لدرجة غسلها ،هذا ما يقوله الدكتور (جورج).
الدكتور (شارل) : هذا صحيح ، ولكنني فكرت بغسلها .
وقف المحقق (جيم هدسن) و قال :
- إن كنت قد غسلتها فعلاً فلا بد من وجود أثر غسلها فلم يمض يومان على ذلك . فخذني إليها لأتأكد من ذلك بنفسي .
ذهب المحقق (جيم) و الدكتور (شارل) إلى السيارة التي كانت موجودة في الحديقة الخلفية و لقد كانت مغسولة فعلاً فرجع المحقق (جيم) و قال :
- استدعوا الآن المزارع (جيمي) .
دخل المزارع (جيمي) إلى الغرفة . كان المزارع (جيمي) عجوز ، بطيء الحركة ، ضعيف السمع و البصر .
سأل المحقق (جيم هدسن) :
- حسناً . هل رأيت أحداً في الحديقة الخلفية يدخل العيادة في ذلك اليوم ؟
أجابه المزارع (جيمي) :
- نعم…ماذا؟…لم أسمع .
رفع المحقق (جيم هدسن) صوته هذه المرة :
- هل رأيت أحداً في الحديقة الخلفية يدخل العيادة في ذلك اليوم ؟
أجابه المزارع (جيمي) في هدوء :
- أي يوم؟
صاح المحقق (جيم) غاضباً و لأول مرة في حياته :
- أي يوم؟!!!…يوم مقتل الدكتور (شارل) .
أجابه أخيراً :
- آه…لا…لا أتذكر ذلك…و لا أظن ذلك يا سيدي .
المحقق (جيم هدسن) : هل كان يوجد أحد غيرك في الحديقة الخلفية .
المزارع (جيمي) : كلا . فلا يستطيع أحد الدخول إلى هناك لأن الحارس يمنع الدخول لغير الموظفين إلى هذه الحديقة .
المحقق (جيم هدسن) : لماذا لا تتلوث السيارات بالوحل ؟ علماً بأن تلك الحديقة مليئة بالوحل كما هي حال قدميك الآن!!! .
المزارع (جيمي) : إن للسيارات موقف معد لها و الوحل موجود أمام الباب الخلفي .
المحقق (جيم هدسن) : لماذا لم يتم تعديل المنطقة أمام الباب الخلفي للعيادة ؟
المزارع (جيمي) : لأنه للطوارئ فقط فلا يدخل أحد أو يخرج منه .
المحقق (جيم هدسن) نهض من على كرسيه و هو يتأمل قدمي المزارع (جيمي) و هي مملوءة بالوحل ثم أمره بالانصراف و قد خلّف آثاراً تشبه الآثار الموجودة في ساحة الجريمة ، و قد تم استدعاء الحارس الموجود في الحديقة الخلفية الذي يراقب الدخلين إليها و كذلك تم استدعاء الحارس الثاني الذي يراقب السيارات الخارجة من الحديقة ، و من ثم تم استدعاء الأطباء واحداً تلو الآخر . إلى أن جاء الدكتور (جورج) حيث سأله المحقق (جيم هدسن) :
- هل تمتلك خريطة للعيادة؟
تعجب الدكتور (جورج) لسؤال المحقق (جيم هدسن) و أجاب :
- نعم . نحن نمتلك خريطة كاملة للعيادة هنا .
قال المحقق (جيم هدسن) :
- حسناً ، أريدها الآن .
ذهب الدكتور (جورج) الذي اختفى عدة لحظات ثم عاد و بيده أعطى الخريطة للمحقق (جيم هدسن) الذي أخذ بدوره قلماً و وضع الخريطة أمامه و بقلمه رسم عدة أسهم على الخريطة و درس المسافة بين كل نقطة و ظل على تلك الحالة حوالي نصف ساعة ، و بعد ذلك دخل الغرفة المحقق (جيمس) و الدكتور (شارل) و الممرضة (ميري) و معهم بعض رجال الشرطة ، وقطع صمت الغرفة صوت المحقق (جيمس) و هو يقول :
- مرحباً بك يا (جيم هدسن) لا أظنك وجدت وحدك حلاً لهذه القضية ، إنها صعبة جداً