الموضوع: قصص بوليسية
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-17-2012, 08:22 AM   رقم المشاركة : 14
نومـا
مراقبة عامة






 

الحالة
نومـا غير متواجد حالياً

 
نومـا عضوية شعلة المنتدىنومـا عضوية شعلة المنتدىنومـا عضوية شعلة المنتدىنومـا عضوية شعلة المنتدىنومـا عضوية شعلة المنتدىنومـا عضوية شعلة المنتدىنومـا عضوية شعلة المنتدى

شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة

 
افتراضي رد: قصص بوليسية

الفصل الثالث

الشك

دخلت السيدة بـلـسـنـجـتـون غـرفة الطعام ونادت على ابنتها فريدا لتتناول الإفطار , لكنها لم تجدها في الغرفة , فطلبت من خادمتـهم الآنسة فلورنسا أن تنادي ابنتها لتناول الطعام . فانحنت فلورنـسـا احتراماً ونفذت الأمر بسرعة .



كانت السيدة بـلـسـنـجـتـون كـبيرة في الـسـن , وتـعاني من مرض السرطان , كما أنها مقعدة ولا تتمكن من العمل أبداً . ومن الغريب أنها تتمنى أن تقوم بكل أعمال المنزل ولو ليوم وحد , لكن عندمـا أصيبت بالشلل وأصبحت مقعدة , طلبت خـادمـة فـأرسـلـت رسـالة تطلب فيها خادمة , وبالفعل حضرت الـخادمـة ,و لسوء الحظ أنها لا تعمل بالشكل الصحيح ؛ فإنها لا تجيد تنظيف الأثاث المنزلي ولا تجيد طبخ المأكولات البحرية التي تعشـقـها السـيدة بـلـسـنـجـتـون وابنتها الصغيرة فريدا ...

دخـلـت فـريدا غرفة الطـعـام وقبـلت أمـها ثـم سحبت أحد الكراسي المريحة وجلست عليه . ساد صمت مطبق لثوانٍ ثـم قـالت فريدا :
" أمي , هل أنت بخير اليوم ؟ "
أجابتها والدتها بعد أن حكت رأسها الأبيض : " نـعـم , أشعر أنني أفضل من السابق بكثير . "
" الحمد لله . أمي , ألا زلت تتناولين تلك الحبوب البيضاء بعد كـل إفطار وغداء وعشاء ؟ "
ابتسمت بلسنجتون وقالت : " أوه يا صغيرتي , هذه الـحـبـوب لن تبتعد عني أبداً . سأظل أتناولها إلى أن أفارق الحياة . "
" آه , إن هذه الحبوب بلا فائدة , سأرميها في سلة المهملات . "
لقد كانت فريدا في الثالثة عشرة من عمرها , ولم تكن تعلم أن الحبوب مفيدة جداً لوالدتها , وأنه لولا الله ثم هذه الحبوب لما عاشت والدتها إلى هذه اللحظة .

دخل السيد يوركن البيت وأخذ ينادي الخادمة فـلـورنـسـا بـغضب .
وعندما ذهبت إليه ساعدته فـي خـلـع معطفه ثم وضعته على يدها الـيـسـرى و أخـذتـه لتغسله مع عدد كبير من الملابس الأخرى ...

إن السـيـد يـوركـن سـيـد فـي الثالثة والثلاثين من عمره , له وجه مـلـيـح لــيــس أبــيــضــاً ولا أسـوداً , وإن مـا يـمـيـزه دائـمـاً هـو أنـــفــه المعـقـوف الكبير الذي امتلأ بالنمش . كما أن وجهه مليء بالحبوب الحمراء غريبة الشكل التي تجعله بشعاً إلى درجـة غـيـر محتملة . ودائماً ما يعاني من هذه الحبوب المزعجة إلى حد كبير.

إن السيد يوركن يمتلك خبرة عالية في كـتـابـة الروايات البوليسية الـتـي دائـمـاً مـا تـكـون جـاذبـة للـقـراء متحمسين , والذين يـزداد عددهم عند ظهور أي رواية أو مسرحية جـديـدة لهذا الكاتب الذي يـبـدع ويـمتـع , وفـي نـفـس الـوقـت يـغـضب القراء الذين يكادون يـفـقـدون عـقـولهم عند معرفة الحقيقة . حيث أنه يضع كل ما هو مـمتع وجـذاب , وفـي النـهـايـة تظهر الحقيقة التي تعجب منها كل مـن قـرأهـا . إنـه عـالـم قـصـص الـجـرائـم الـغامضة والتحريات .
فـمـثـلاً روايـتـه العـظـيمة التي نشرت وطبعت وترجمت إلى إحدى عـشـر لـغـة مـخـتـلـفة , الرواية التي هزت عالم قصص الجرائم , رواية ( مـفـاجـأة الـجـريـمة ) , هذه الرواية التي من خلالها ظهر الـكـاتـب الـجـديـد في عالم القصص البوليسية , إنها بالفعل رواية تـحـكـي لـنا قـصـة رائعة بـها العديد من الألغاز والأحداث المـمتعة والـمـشوقـة والجاذبة , كـما أن لها حبكة مـمـيـزة ودقـيـقـة جــداً.

دخل السيد يوركن غرفته التي استأجرها في هذا البيت الذي لا يختلف عن بيت كيليفون إلا في بعض الزينة والديكور . ثم أخذ يدخن سيجارة وبعدها رمى بنفسه على السرير لينام إلى الظهر .


***

بدأت الآنسة فاديت في عملها اليومي كعادتها بتنظيف حجرة السيد كيليفون الذي خرج لتوه من البيت متوجهاً إلى الحديقة التي يعشقها منذ عدة سنين . ثم أخذت فاديت ترتب وتنظف الغرفة المجاورة لغرفة السيد كيليفون . وأخيراً ذهبت إلى دورة مياه السيد كيليفون لتنظفها . لكن الغريب أنها عندما بدأت تنظف الزجاجة الواقعة أعلى المغسلة , وجدت شيئاً لم يسبق لها أن رأته أبداً . ففي العادة تجد معجون أسنان وفرشاة صغيرة ومشط وعلبة معطر للفم . أما هذه المرة فقد كانت هناك علبة حبوب بيضاء صغيرة . أخذتها وقرأت ما كتب عليها : ( للصداع ) .
تعجبت قليلاً وبدأت تفكر : " هل هذه للسيد كيليفون ؟ أم أنها لأحد ضيوفه ؟ ربما كانت للسيد جيمس ريموند ؟ لكن من يدري سوى مالكها ؟ " لم تفعل بالعلبة شيء , وإنما تابعت التنظيف إلى أن انتهت . توجهت إلى السلم الخلفي ونزلت إلى الطابق السفلي لتجد حطام جهاز صغير في غرفة الاستقبال , فاقتربت من الحطام وبدأت تجمعه وهي تزداد حيرة , ترى ما هذا الشيء ؟
تابعت جمع القطع الصغيرة , وأخيراً وجدت الشيء الذي لم يخطر ببالها أبداً , لقد وجدت شريطاً أسوداً صغيراً . فبدأت تفكر مرة أخرى : " آه , هل هذه رسالة أخرى من المجرم اللعين ؟ ماذا سأفعل ؟ يجب أن أهرب من هذا البيت , يبدو أن السيد كيليفون يدبر لي مكيدة قاتلة , لن أبقى في هذا البيت بعد اليوم . "
أخذت فاديت الشريط ووضعته داخل كمها ثم وألقت بحطام الشريط في سلة المهملات . وبعد كل هذا خرجت من البيت متوجهة إلى بيت السيد ريزيلا , وكالعادة لتقابل الآنسة فالنتينا .
ضربت الجرس وانتظرت بضع ثوان لتفتح فالنتينا باب البيت .
" أهلاً بك يا فاديت , ماذا حصل لك ؟ تبدين خائفة ؟ "
" لا , سأخبرك في الداخل . إنه شيء غريب . "
" حسناً , تفضلي بسرعة . "
دخلت الخادمتان إلى البيت وبدأت فالنتينا الحديث في غرفة الاستقبال : " حسناً , لا أحد يسمعنا الآن , ماذا حصل ؟ "
بدأت الدموع تتساقط من أعين فاديت المسكينة , فجففتها بمنديلها وقالت : " لا زلت في خطر كبير جداً . أنا لا أعرف ماذ علي أن أفعل . لو أنني هربت , إلى أين سأذهب ؟ علي أن أجد مكاناً يحميني من ذلك الوغد . "
" هل بإمكاني مساعدتك يا فاديت ؟ "
" فالنتينا , أنتي الشخص الوحيد الذي أبوح له بجميع أسراري .
ولو قمت بإخبار السيد كيليفون بهذه القصة , سيقتلني بأبشع الطرق التي يفكر فيها الآن . أنا لا أحتمل هذا . سأنتحر . "
قالت فالنتينا في محاولة للتهدئة : " لا تقلقي يا فاديت , أنا واثقة بأنكي ستجدين حلاً لهذه المشكلة . "
" أنظري يا فلنتينا , لقد وجدت هذا الشريط في غرفة الاستقبال اليوم , وكان حوله حطام مسجل صغير يشبه مسجلي . وهذا يعني أن كيليفون يريد أن يتحكم في حياتي بهذه الأشرطة . "
أخذت فالنتينا الشريط وقالت بعد أن وقفت : " لحظة يا فاديت , سأعود بعد دقيقة . " خرجت من الغرفة مسرعة وعادت بعد لحظات وفي يدها مسجل أصفر كبير , بدا أنه من طراز قديم جداً .
" الآن يا فاديت , سنسمع ما سيقوله كيليفون الحقير . "
" لكن يا فالنتينا , أخشى أن يعرف بأنكي سمعتي هذا الشريط فيقوم بقتلك , كما سيفعل بي قريباً إن لم أهرب . "
" لا , أنا لا أخشى ذلك الوغد يا فاديت . حتى لو أنني علمت أنه علم أنني سمعت هذا الشريط , مباشرة سأكتب اسمه في وصيتي وأوضح أنه القاتل . أنا أعرف كيف أتصرف مع مثل هذا المجرم .
أوه يا فاديت , لا تحاولي إضاعة الوقت , سنستمع إلى ما يقوله ذلك الوغد في هذا الشريط . "
" حسناً , هيا . "
بدأ الشريط يتكلم :

من الواضح أنك لم تـتـعرف
علي يا صديقي كيلــيفــون .
لكنك تعرفـني جـيـداً , ولــن
يـمـضـي الكـثـير من الوقـت
كـي تـعـرفـني . أنت تعرفني
وتـحـبـنـي كثـيراً يا صديقي .
لكنني لا أحبـك أبداً . لا أحبك
ولـن أحـبـك أبـداً . لقد ندمـت
عـلـى إضـاعـتـي وقـتاً طويلاً
وثـمـيـنـاً مـع رجـل مـجـنـون
مـثـلـك . وسـنـبــقــى عــلــى
اتصال يا سـيـدي الـعزيـز ...

نظرت فاديت إلى فالنتينا بعد أن اتسعت عيناها وارتفع حاجباها .
ثم قالت بصوت به نبرة حادة : " ما ــ ما هذا يا فالنتينا ؟ "
هزت الأخرى رأسها ولم تجبها على هذا السؤال الذي كان يحير الفتاتين . لكن فاديت تابعت الحديث وقالت : " هل هذا يعني أن السيد كيليفون أيضاً في ورطة مثلي ؟ "
أجابتها فالنتينا : " ربما كان كذلك . لكنني لا زلت أشك بالأمر . "
صرخت فاديت : " تشكين بماذا أيتها الغبية ؟ "
جاء صوت من خارج الغرفة يقول : " فالنتينا , هل أنت بخير يا عزيزتي ؟ " كان السؤال بمناسبة الصرخات التي توالت قبل بضعة ثوان .
" لا يا سيدة ريزلا .فقط سقطت فاديت فصرخت بصوت مرتفع ."
" حسناً , إذا احتجتني لمساعدة أخبريني فوراً . "
ابتسمت فالنتينا وقالت لصديقتها : " يا للسيدة ريزلا , إنها طيبة جداً . أليس كذلك ؟ "
أجابتها فاديت بغضب : " أجل , لكن هذا لا يهمنا الآن . ماذا علينا أن نفعل الآن ؟ "
" وما شأني أنا وأنتي بهذا ؟ السيد كيليفون في ورطة , ونحن لا شأن لنا بذلك . "
" يا لكي من غبية , هل نسيتي أنني أنا أيضاً متورطة مع ذلك المجرم الحقير ؟ "
" آه , هذا صحيح , لكنني لا أعرف ماذا علي أن أفعل . "
" فالنتينا , لقد أخبرتني قبل أن تتحدثي للسيدة ريزلا أنكي لا زلتي تشكين بأمر الأشرطة . أليس كذلك ؟ "
" بلى , أخبرتك بهذا . "
" حسناً , بماذا تشكين ؟ "
" آه , ماذا لو كان السيد كيليفون هو المجرم , ولكي يجعل نفسه بعيداً عن الشبهة سجل هذا الشريط , وتظاهر بأنه أيضاً متورط ؟
ألا يمكن أن يكون هذا صحيحاً يا فاديت ؟ "
" ولكن , لا أعتقد أن السيد كيليفون قد يفكر في مثل هذا الأمر ."
" أوه يا فاديت , يبدو أنك ستتعبينني كثيراً . من الواضح أنكي لم تخالطي المجرمين من قبل . "
" هذا ليس صحيحاً . لقد قابلت قضايا عديدة مع السيد كيليفون , وأخذت خبرة بسيطة في علم الجرائم على يد السيد كيليفون .
لقد حدثني كثيراً عن خطط المجرمين المتمرسين . "
" لكنه ذكي جداً , أما أنت فعلى العكس تماماً . لقد حدثك عن المجرمين كثيراً , ولكن من المستحيل أنه حدثك عن شخصيته الحقيقية . أليس كذلك ؟ أنا أعلم أنه لم يخبرك يوماً بشيء عن نفسه . ولا تحاولي أن تقنعيني بأنه حدثك عن نفسه . "
" أنت محقة يا فالنتينا , لم يسبق للسيد كيليفون أن حدثني عن نفسه أبداً . ربما حدثني عن أشياء بسيطة جداً , حتى أنني لا أتذكرها الآن . "
" والآن يا فاديت , عليك أن تدبري مكيدة له . "
اتسعت عيني فاديت وقالت : " ماذا ! هل أصابك الجنون يا فالنتينا . لن أفكر يوماً في قتل أي شخص حتى لو كان عدواً . "
" وماذا سيفيدك خوفك لو أنه قام بقتلك ؟ هل ستقولين ليتني قمت بقتله من قبل ؟ أم أنكي ستكتبين في وصيتك أنه سيقتلك ؟ "
" فالنتينا , أنا لا أريد أن أعيش مع السيد كيليفون ولو ليوم واحد فقط . ولكن أخبريني , ماذا علي أن أفعل ؟ "
" أنتي تفكرين في الهروب . إلى أين ستذهبين ؟ "
" لا أعرف , أريد أن أبتعد عن كيليفون مسافة مليون ميل . لا أريد أن أرى وجهه أو أسمع عنه أي خبر . "
" حسناً , سأبحث لك عن حل , وسأعود بعد يومين إن شاء الله . لا تقلقي , ساعود بالخبر السار إن شاء الله . "
" شكراً لك يا فالنتينا , لن أنسى هذا الجميل أبداً . "
" إلى اللقاء يا فاديت . لن أتأخر . "

رد مع اقتباس