شكراً: 6,547
تم شكره 8,044 مرة في 2,309 مشاركة
|
رد: قصص بوليسية
الفصل الأول
اقتربت عقارب الساعة من الثامنة في الصباح الأول من الإجازة التي حصلت عليها الآنسة فاديت . لقد كانت خائفة جـداً مـنـذ أن رأت تلك الرسالة التي تلقتها من أحد الأشـخـاص الـوقـحـيـن ...
حاولت فاديت ألا تظهر خوفها أمام السيد كيليفون الذي عاد من بيت صديقه جيمس ريموند مرهق جداً . فتنهد عندما دخل وقال : " مرحباً يا فاديت , هل أنت بخير ؟ " كان السؤال مفاجئاً لفاديت
المسكينة ؛ فقد ظنت أن كيليفون يعرف بالأمر الذي حصل اليوم .
أجابته وهي مرتبكة قليلاً : " أ ــ أجل سيدي . هل تريد أن أحضر لك كأس عصير بارد ؟ "
" لا , أنا لا أريد شيئاً سوى النوم . " صعد الدرج ببطء ثم دخل غرفته ورمى بنفسه على السرير الذي اهتز بسرعة . ولم تمض سوى عشر دقائق حتى استغرق في سبات عميق .
في الطـابـق السـفـلـي , كـانـت فـاديت المتحيرة تفكر في الرسالة اللعينة . ترى كيف تمكن ذلك الوغد من وضع الرسالة في غرفة كيليفون دون أن تلحظه أو تسمع صوته ؟ وفي الأساس , لـمــاذا لم يضع الرسالة في غرفتها ؟ هل كان يريد أن يورطها مع السيد كيليفون ليطردها من العمل مثلاً ؟ كل هذه الأسئلة بدأت تدور في ذهنها , ولا زالت تفكر وتفكر . ماذا ستفعل لو علم السيد كيليفون بهذا الأمر ؟
خرجت من البيت متوجهة إلى منزل السيدة ريزيلا , وكانت تضع في جيبها تلك الرسالة والشريط الأسود . لم تـذهــب لبـيت ريزيلا لمقابلة السيدة ريزيلا العجوز , بل مـقـابـلـة خـادمـتـهـم الـسـيـدة فالـنـتـيـنـا . ضربت الجرس الهادئ مرتين وانتظرت أقل من دقيقة إلى أن فتحت الباب فالنتينا .
كانت فالنتينا ذات وجه بشوش مشرق ببشرة صافية بيضاء رائعة . وكانت عيناها كبيرتان رماديتان .
كما كانت رموشها وحواجبها كثيفتان جداً مثل الجمل في الصحراء . وكانت ترتدي مـلابـس بـالـيـة ذات ألـوان فـاتـحـة .
رحبت بفاديت التي كان وجهها شاحباً وقالت : " ماذا حصل يا فاديت ؟ هيا أخبريني , ماذا حصل ؟ " لقد كانت السيدة فالنتينا
فضولية جداً وتحب أن تعرف كل شيء يحصل في القرية .
" فالنتينا , هل بإمكاني أن أتحدث إليك دون أن يسمعنا أحد ؟ "
" آه ’ هذا مؤكد يا عزيزتي . تفضلي . " دخلت فاديت بيت ريزيلا وهي متعبة جداً . كانت عيناها حمراء كالدم ووجهها غريب لا يشبه الوجه المعتاد المشرق أبداً ...
جلست الخادمتان في غرفة الجلوس وأغلقت فالنتينا الباب بهدوء لكي لا تسمعها السيدة ريزيلا .
" هيا يا فاديت , أخبريني , ماذا حصل لكي ؟ "
" أنا لا أشعر بأن ما يحصل حقيقة , أعتقد أنني في رواية بوليسية خيالية . "
" لماذا ! ما الذي حصل ؟ "
" أنظري يا فالنتينا . " أخرجت الورقة من جيبها وسلمتها لفالنتينا . أخذتها صديقتها بسرعة وفتحتها وبدأت تقرأ :
الشريط خاص جداً يا فــاديــت .
لا يجب أن تلمسينه أو تحاولي
الاستماع لما في داخله . إنــــه
خاص وخطر جداً يا صغيرتـي .
لا تحاولي الاستماع إليه أبداً .
سنبقى على اتصال ياعزيزتي .
قالت فالنتينا بصوت مرتفع : " ما هذا ! من الذي أرسل هذه الرسالة يا فاديت ؟ "
أجابتها فاديت بعد أن تنهدت : " إنه رجل وقح لم تعلمه والدته الأدب أبداً . إنه مجرم . "
" من المؤكد أن السيد كيليفون هو من كتب هذه الكلمات يا
فاديت , والمطلوب منك هو الابتعاد عنه بأسرع وقت . "
" ماذا ! هذا شيء مستحيل يا فالنتينا . إن السيد كيليفون يحبني كثيراً ولا يقبل بأن يعتدي أحد علي . "
" أوه يا فاديت , الكثير من قبلك كانوا يثقون بأصدقائهم كثيراً , وفي النهاية ندموا لمنحهم أصدقاءهم هذه الثقة . دائماً ما يخون الأصدقاء بعضهم البعض . "
" أعرف هذا , لكنني لا أصدق أن كيليفون قد يفعل مثل هذه الفعلة ويقوم بخيانتي . أنا لا أصدق ما تقولينه يا فالنتينا . "
" حسناً , لماذا وجدت الورقة على سرير كيليفون ؟ لأنه هو من كتبها . "
" أه , هل ــ هل تعتقدين أن كيليفون سيفعلها ؟ "
" هذا مؤكد يا فاديت . لا تكوني غبية تُخدعين بسهولة . "
" لكن لماذا رفض عرضاً بمائة ألف جنيه ليحصل على خدمتي ."
" المسألة واضحة . لم يرفض إلا ليقتلك بطريقة تمتعه . "
" فالنتينا , لا تقولي مثل هذا الكلام . إن القتل هو آخر ما يفكر به السيد كيليفون . يبدو أنك نسيت عمله . أليس كذلك ؟ "
" لا , لكنني حذرتك , وسترين في النهاية من المخطئ . "
كانت نبرة فالنتينا تعبر عن مدى خوفها على فاديت . لكن فاديت لم تقتنع بعد بأن كلام فالنتينا هو الصحيح ...
نظرت فاديت إلى صديقتها وهي تختنق من القهر . ولو أن أحدهم قام بلمسها لبكت . كان وجهها محمراً وعيناها تدلان على أنها
هزمت في حرب وحكم عليها بالإعدام ...
إنها فعلاً مثل سيدة حُكم عليها بالإعدام . لقد خانها سيدها كيليفون الذي عاشت معه سنيناً طويلة ... يا لها من مسكينة ...
نظر السيد كيليفون إلى ساعة بيته المعلقة على الحائط , ثم تنهد ووقف محولاً نظره إلى باب المنزل .
انطلق إلى الباب وخرج ثم ركب سيارته ال( رولز رويلس ) وانطلق بها إلى الشارع الجنوبي السريع . كان يقود السيارة بسرعة جنونية , وكان من الواضح أنه تأخر عن موعد محدد .
توقف عند بيت مبني من طراز قديم , يتكون من طابقين .
وأخيراً فتح علبة صغيرة في السيارة كان يتكئ عليها أثناء قيادته , وأخذ مشطاً وصفف شعره بطريقة مرتبة جعلته يظهر بشخصية شاب لا يهمه شيء في الدنيا سوى الأكل والشرب والنوم واللعب . خرج من السيارة الفخمة وأغلق الباب خلفه بالمفتاح ثم ضرب جرس البيت الذي توقف عنده .
فتحت الباب سيدة بدت في الأربعين من عمرها .
" مرحباً , هل أنت السيد كيليفون ؟ "
" أجل , هل بإمكاني مقابلة السيد كاتشرز ؟ "
" نعم , تفضل سيدي . " دخل كيليفون البيت وجلس في غرفة الضيوف التي كانت مرتبة بشكل يدل على براعة الشخص الذي رتب كل هذه الأشياء . انتظر في الغرفة بضعة دقائق إلى أن دخل رجل له وجه مربع سمين, وعينان غائرتان دائريتان مضحكتان .
" أهلاً بك يا صديقي . " رحب بصديقه كيليفون وصافحه بيده السمينة .
" تفضل يا سيد كيليفون . "
جلس الاثنان على أريكة وبدأ كيليفون الحديث قائلاً : " حسناً سيدي , هاأنذا أمامك , بماذا تحتاجني ؟ "
" أعتقد أنك سمعت عن ذلك الرجل المتشرد الذي قتل سيدتين كانت تمران من أمامه . أليس كذلك ؟ "
شارَطَه كيليفون وقد بدأ يغضب : " إذا كنت تريدني أن أساعدك في إحدى قضاياك المعقدة سأخرج . "
ضحك كاتشرز بشكل غريب وقال : " من الواضح يا صديقي أن الجرائم أصبحت تسيطر على حياتك . "
" لماذا ؟ هل لديك شيء تريدني فيه غير الجرائم ؟ "
" نعم , شيء رائع كنت تتنمى رؤيته عندما كنت في الثالثة والعشرين من عمرك . عند أول لقاء لنا . "
" أوه , من المؤكد أنني أصبحت أكره ذلك الشيء . لقد أحببته قبل ثمانية عشرة عاماً . "
" هذا مستحيل يا كيليفون . لا زلت تحبه كثيراً . "
" ما هو ذلك الشيء ؟ أخبرني ؟ "
" هل أنت جاهز يا صديقي ؟ "
" هيا يا دامون . إنك تحمسني لرؤية هذا الشيء . "
أدخل دامون كاتشرز يده في حقيبة صغيرة كانت بجانبه على الأريكة وانتزع بقوة شيئاً أسوداً صغيراً .
" تفضل يا صديقي . "
" ما هذا ؟ "
" إنه شيء يخصك يا صديقي . لا تفتحه الآن , عليك أن تفتحه في بيتك , ولكن لا يجب أن يراك أو يسمعك أحد . هل تفهم ما أعني ؟ "
" لا , فسر الأمر يا كاتشرز . "
" إن هذا شريط وصلك من سيد لا أعرفه . طلب مني أن أسلمه إليك وقال لي أنه سيذكرك بشيء تحبه . "
" أخبرك أن هذا شيء كنت أحبه قبل ثمانية عشر عاماً . أليس كذلك ؟ "
" أجل , لكنه سيد له وجه شاحب جداً ويعبر عن الخبث والكراهية في داخله . لكن من المؤكد أنه يعرفك منذ زمن . "
" أجل , هذا أكيد . "
" أعتقد أنك تعرف ما يجب عليك فعله يا سيد كيليفون . "
أجابه كيليفون وقد بدأ يرتجف قليلاً : " أ _ أجل يا صديقي . "
أخذ كيليفون ذلك الشيء الأسود وخرج من غرفة الاستقبال وركب سيارته متوجهاً إلى بيته .
لقد بدأ السيد كيليفون يشعر بأنه في خطر وقد يتعرض للهجوم من أي سيد أو سيدة مجرمة لا يعرفها .
لكن هل سيتمكن من معرفة ما يحصل في هذه القرية الصغيرة ؟
إن بإمكانه فعل هذا , لكن عليه أن يترجم كل ما يحصل له الآن .
ترى , ما هو ذلك الشيء الذي اسـتـلمـه مـن صـديقـه كاتـشـرز ؟
أخذت الآنسة فاديت تدور حول الكرسي الواقع وسط غرفتها .
كانت محتارة جداً , وكانت تتمنى أن تعرف ما الذي يحصل لها , وما الذي سيحصل لو أنها استمعت لذلك الشريط اللعين . هل ستستمع إليه وتظل منتظرة ما سيحصل لها ؟ أو أنها ستكسره وتقذفه في سلة المهملات ؟ إنها إلى الآن لا تعرف ما يجب عليها فعله . كل ما تعرفه هو أنها في خطر وتحتاج للمساعدة . كانت تقول لنفسها " علي أن أبحث عن ملجئٍ يحميني من الخطر الذي لن أخرج منه . السيد كيليفون مجرم . هل يحاول ابتزازي ؟ أم أنه يريد اللعب معي ؟ ماذا علي أن أفعل ؟ يا إلهي . ماذا علي أن أفعل ؟؟ "
آخر تعديل نوما يوم 01-17-2012 في 08:20 AM.
|