السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أحببت أن أطرح موضوع عن تفسير آيات القرآن الكريم للإستفادة منها
و تدبر معانيها و العمل بما جاء فيها و أسأل الله الأجر و الثواب
وقد اخترت أول سورة أبدأ بها هي سورة الإخلاص
فهذه السورة نقراها و نرددها كثيرا فهل نعرف فضلها و سبب نزولها و معاني آياتها
فأول ما أسأل به
هل تعرف معنى كلمة الصمد ؟
انظم معنا لمعرفة معاني هذه السورة فان أعجبكم موضوعي لا تنسوا اتحافنا بالردود حتى تستمر و نرتقي معا و نبحر في دلالات و معاني آيات القرآن الكريم
السورة تصف الله سبحانه و تعالى بأحادية الذات و رجوع ما سواه إليه في جميع حوائجه الوجودية من دون أن يشاركه شيء لا في ذاته و لا في صفاته و لا في أفعاله، و هو التوحيد القرآني الذي يختص به القرآن الكريم و يبني عليه جميع المعارف الإسلامية
و السورة تحتمل المكية و المدنية، و الظاهر من بعض ما ورد في سبب نزولها أنها مكية
ذكر في سبب نزول هذه السورة
أن المشركين أو اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلّم: صف لنا ربك؟ فأنزل الله هذه السورة
لما قالت اليهود نحن نعبد عزيراً ابن الله، وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح بن الله، وقالت المجوس: نحن نعبد الشمس والقمر، وقالت المشركون: نحن نعبد الأوثان، أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هذه السورة
يقول الحق تبارك و تعالى {قل هو الله أحد} يعني هو الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير
ولا نديد ولا شبيه ولا عديل، ولا يطلق هذا اللفظ على أحد
في الإثبات إلا على الله عز وجل لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله
قوله تعالى:
«الله الصمد»
الأصل في معنى الصمد القصد أو القصد مع الاعتماد يقال: صمده يصمده صمدا
من باب نصر أي قصده أو قصده معتمدا عليه، و قد فسروا الصمد - و هو صفة - بمعاني متعددة
مرجع أكثرها إلى أنه السيد المصمود إليه أي المقصود في الحوائج، و إذا أطلق في الآية و لم يقيد بقيد فهو المقصود في الحوائج على الإطلاق.
و إذا كان الله تعالى هو الموجد لكل ذي وجود مما سواه يحتاج إليه فيقصده كل ما صدق عليه أنه شيء غيره،
في ذاته و صفاته و آثاره: فهو الصمد في كل حاجة في الوجود لا يقصد شيئا إلا و هو الذي ينتهي إليه قصده و ينجح به طلبته و يقضي به حاجته.
و من هنا يظهر وجه دخول اللام في الصمد و أنه لإفادة الحصر فهو تعالى وحده الصمد على الإطلاق، و هذا بخلاف أحد في قوله «الله أحد» فإن أحدا بما يفيده من معنى الوحدة الخاصة لا يطلق في الإثبات على غيره تعالى فلا حاجة فيه إلى عهد أو حصر.
و أما إظهار اسم الجلالة ثانيا حيث قيل: «الله الصمد» و لم يقل: هو الصمد، و لم يقل: الله أحد صمد فالظاهر أن ذلك للإشارة إلى كون كل من الجملتين وحدها كافية في تعريفه تعالى حيث إن المقام مقام تعريفه تعالى بصفة تختص به فقيل: الله أحد الله الصمد إشارة إلى أن المعرفة به حاصلة سواء قيل كذا أو قيل كذا.
و الآيتان مع ذلك تصفانه تعالى بصفة الذات و صفة الفعل جميعا فقوله: «الله أحد» يصفه بالأحدية التي هي عين الذات، و قوله: «الله الصمد» يصفه بانتهاء كل شيء إليه و هو من صفات الفعل.
قوله تعالى:«لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد»
الآيتان الكريمتان تنفيان عنه تعالى أن يلد شيئا بتجزيه في نفسه فينفصل عنه شيء سنخه
بأي معنى أريد من الانفصال و الاشتقاق كما يقول به النصارى في المسيح (عليه السلام) إنه ابن الله
و كما يقول الوثنية في بعض آلهتهم أنهم أبناء الله سبحانه.
و تنفيان عنه أن يكون متولدا من شيء آخر و مشتقا منه بأي معنى أريد من الاشتقاق كما يقول الوثنية
ففي آلهتهم من هو إله أبو إله و من هو آلهة أم إله و من هو إله ابن إله.
و تنفيان أن يكون له كفؤ يعدله في ذاته أو في فعله و هو الإيجاد و التدبير و لم يقل أحد من المليين و غيرهم بالكفؤ الذاتي بأن يقول بتعدد واجب الوجود عز اسمه، و أما الكفؤ في فعله و هو التدبير فقد قيل به كآلهة الوثنية من البشر كفرعون و نمرود من المدعين للألوهية و ملاك الكفاءة عندهم استقلال من يرون ألوهيته في تدبير ما فوض إليه تدبيره كما أنه تعالى مستقل في تدبير من يدبره و هم الأرباب و الآلهة و هو رب الأرباب و إله الآلهة.
و في معنى كفاءة هذا النوع من الإله ما يفرض من استقلال الفعل في شيء من الممكنات فإنه كفاءة مرجعها استغناؤه عنه تعالى و هو محتاج من كل جهة و الآية تنفيها.
و هذه الصفات الثلاث المنفية و إن أمكن تفريع نفيها على صفة أحديته تعالى بوجه لكن الأسبق إلى الذهن تفرعها على صفة صمديته.
أما كونه لم يلد فإن الولادة التي هي نوع من التجزي و التبعض بأي معنى فسرت لا تخلو من تركيب فيمن يلد،
و حاجة المركب إلى أجزائه ضرورية و الله سبحانه صمد ينتهي إليه كل محتاج في حاجته و لا حاجة له، و أما كونه لم يولد فإن تولد شيء من شيء لا يتم إلا مع حاجة من المتولد إلى ما ولد منه في وجوده و هو سبحانه صمد لا حاجة له،
و أما أنه لا كفؤ له فلأن الكفؤ سواء فرض كفوا له في ذاته أو في فعله لا تتحقق كفاءته إلا مع استقلاله
و استغنائه عنه تعالى فيما فيه الكفاءة و الله سبحانه صمد على الإطلاق يحتاج إليه كل من سواه من كل جهة مفروضة.
فقد تبين أن ما في الآيتين من النفي متفرع على صمديته تعالى و مآل ما ذكر من صمديته تعالى
و ما يتفرع عليه إلى إثبات توحده تعالى في ذاته و صفاته و أفعاله بمعنى أنه واحد لا يناظره شيء و لا يشبهه فذاته تعالى بذاته و لذاته من غير استناد إلى غيره و احتياج إلى من سواه و كذا صفاته و أفعاله،
و ذوات من سواه و صفاتهم و أفعالهم بإفاضة منه على ما يليق بساحة كبريائه و عظمته فمحصل السورة وصفه تعالى بأنه أحد واحد.
و مما قيل في الآية إن المراد بالكفؤ الزوجة فإن زوجة الرجل كفؤه فيكون في معنى قوله
« تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا »
و هذه السورة لها فضل عظيم إنها تعدل ثلث القرآن لكنها تعدله و لا تقوم مقامه
فهي تعدل ثلث القرآن لكن لا تقوم مقام ثلث القرآن. بدليل أن الإنسان لو كررها في الصلاة الفريضة ثلاث مرات لم تكفه عن الفاتحة، مع أنه إذا قرأها ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن كله، لكنها لا تجزىء عنه، ولا تستغرب أن يكون الشيء معادلاً للشيء ولا يجزىء عنه. فها هو النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن من قال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فكأنما أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل، أو من ولد إسماعيل، ومع ذلك لو كان عليه رقبة كفارة، وقال هذا الذكر، لم يكفه عن الكفارة فلا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون قائماً مقامه في الإجزاء.
هذه السورة كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بها فيالركعة الثانية في سنة الفجر
، وفي سنة المغرب، وفي ركعتي الطواف،
وكذلك يقرأ بها في الوتر،
لأنها مبنية على الإخلاص التام لله، ولهذا تسمى سورة الإخلاص.
إذا أعجبكم الموضوع فاتحفونا بالردود ودمتم في حفظ الله
التعديل الأخير تم بواسطة الثلايا ; 01-13-2012 الساعة 05:16 PM