عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2011, 09:51 PM   رقم المشاركة : 8
الثلايا
مشرف القسم الإسلامي






 

الحالة
الثلايا غير متواجد حالياً

 
الثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميع

شكراً: 2,314
تم شكره 3,815 مرة في 992 مشاركة

 
افتراضي رد: فقه التعامل مع الأخطاء على ضوء منهج السلف

المبحث الثاني

الآداب الشرعية ، والحكم النبوية التي ينبغي مراعاتها وامتثالها عند النصح والتوجيه من الطرفين :


1- الحكمة في معالجة الخطأ حتى لا يؤدي إلى خطأ أكبر منه ، أو يعالج الخطأ بخطأ آخر .

قال تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .


وقال الحافظ ابن رجب : "وأما بيان خطأ من أخطأ من العلماء قبله ، إذا تأدب في الخطاب ، وأحسن في الرد والجواب فلا حرج عليه ولا لوم يتوجه إليه" .


فإن من قواعد الشريعة تحمل أدنى المفسدتين لدرء أعلاهما ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات وأكبر الأصنام ولا يغيرها ، وسكت عن المنافقين ولم يقتلهم مع ثبوت كفرهم ، وصبر على أذاهم لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه .

قال ابن القيم رحمه الله : "إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله ، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره ، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله...".

إلى أن قال : "فإذا رأيت أهل الفجر والفسوق يلعبون بالشطرنج كان إنكارك عليهم من عدم الفقه والبصيرة ، إلا إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحب إلى الله ورسوله كرمي النشاب وسباق الخيل ونحو ذلك ...


وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله روحه ونور ضريحه- يقول : "مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر ، فأنكر عليهم من كان معي فأنكرت عليه ، وقلت له : إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسبي الذرية وأخذ الأموال فدعهم" .


ومن هنا يظهر لك خطأ من يتصدى لإنكار المنكر وتصحيح الأخطاء دون مراعاة هذا الفقه ، ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً .




2- مقارنة النفس بالغير عند صدور الخطأ:

والأصل في هذه القاعدة قوله تعالى : {لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ} .


فقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن بعض الأنصار أن امرأة أبي أيوب قالت له حين قال أهل الإفك ما قالوا : ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة؟ قال : بلى وذلك الكذب ، أكنت أنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت : لا والله ، قال : فعائشة والله خير منك وأطيب ، إنا هذا كذب وإفك باطل .


قال القرطبي رحمه الله : "المعنى أنه كان ينبغي أن يقيس فضلاء المؤمنين والمؤمنات الأمر على أنفسهم ، فإن كان ذلك يبعد فيهم فذلك في عائشة وصفوان أبعد" .


وقال الإمام الطبري رحمه الله : "وقال بأنفسهم ؛ لأن أهل الإسلام كلهم بمنزلة نفس واحدة ؛ لأنهم أهل ملة واحدة" .


وقال النحاس : "معنى بأنفسهم بإخوانهم ، فأوجب الله على المسلمين إذا سمعوا رجلاً يقذف أحداً ويذكره بقبيح لا يعرفونه به أن ينكروا عليه ويكذبوه " .


ويذكر الإمام القرطبي عند هذه الآية لطيفة نفسية تكتب بماء الذهب حيث يقول : "ولأجل هذا قال العلماء : إن الآية أصل في أن درجة الإيمان التي حازها الإنسان ، ومنزلة الصلاح التي حلها المؤمن ، ولُبْسة العفاف التي يستتر بها المسلم لا يزيلها عنه خبر محتمل وإن شاع ، إذا كان أصله فاسداً أو مجهولاً"اهـ .


لذا فإن الواجب على المسلم إذا سمع إشاعة أو خطأ منسوباً لأخيه أن يقيس الأمر على نفسه ، وهذا من باب حسن الظن بالمسلم ، فإذا كان يزكي نفسه ويظن أنها تترفع عن الوقوع في الخطأ فإن حسن الظن بأخيه يلزمه أن يكون الأمر تجاهه كذلك ، وإلا فقد يقع المسلم من حيث لا يشعر في آفة العجب بالنفس والاحتقار للغير ، وهذه من الآفات العظام التي حذر منها أطباء القلوب ، وتوافرت النصوص الشرعية في التنفير منها .


قال ابن القيم رحمه الله : "إن شهود العبد ذنوبه وخطاياه ، موجب له أن لا يرى لنفسه على أحد فضلاً ولا له على أحد حقاً ، فإنه يشهد عيوب نفسه وذنوبه فلا يظن أنه خير من مسلم يؤمن بالله ورسوله ويحرم ما حرم الله ورسوله" .


وقال أبو وهب المروزي : "سألت ابن المبارك : ما الكبر؟ قال : أن تزدري الناس ، فسألته عن العجب ؟ قال : أن ترى أن عند شيئاً ليس عند غيرك ، لا أعلم في المصلين شيئاً شراً من العجب" .


ومن درر ما كتبه ابن حزم رحمه الله تعالى قوله : "من امتُحن بالعُجْب فليفكر في عيوبه! فإن أعجب بفضائله ، فليفتش ما فيه من الأخلاق الدنيئة! فإن خفِيَت عليه عيوبه جُملةً حتى يظن أنه لا عيب فيه ، فليعلم أن مصيبته إلى الأبد ، وأنه أتم الناس نقصاً وأعظمهم عيوباً وأضعفهم تمييزاً!

وأول ذلك أنه ضعيف العقل جاهلٌ ولا عيب أشد من هذين ؛ لأن العاقل هو من ميز عيوب نفسه ؛ فغالبها وسعى في قمعها .

والأحمق هو الذي يَجهل عيوب نفسه : إما لقلة علمه وتمييزه ، وضعف فكْرته ، وإما لأنه يقدِّرُ أن عيوبه خصالٌ ، وهذا أشدُّ عيبٍ في الأرض ؛ وفي الناس كثير يَفْخرون بالزنا واللياطة والسرقة والظلم ، فيُعْجَبُ بتأتّي هذه النحوس له ، وبقوَّته على هذه المخازي!!" .

وقال أيضاً: "واعلمْ يقيناً أنه لا يَسْلم إنسيٌّ مِنْ نقص ، حاشا الأنبياء –صلوات الله عليهم-. فمن خفيتْ عليه عيوب نفسه فقد سقط ، وصار من السُّخف والضعة والرذالة والخسة وضعف التمييز والعقل وقلة الفهم ، بحيث لا يتخلف عنه متخلف من الأرذال ، وبحيث ليس تحته منزلة من الدناءة ، فليتدارك نفسه بالبحث عن عيوبه ، والاشتغال بذلك عن الإعجاب بها وعن عيوب غيره التي لا تضره لا في الدنيا ولا في الآخرة .

وما أدري لسماع عيوب الناس خصلة إلا الاتعاظ بما يسمع المرء منها ، فيجتنبها ويسعى في إزالة ما فيه منها بحول الله تعالى وقوته .

وأما النطق بعيوب الناس فعيب كبير ، لا يسوغ أصلاً ، والواجب اجتنابه ، إلا في نصيحة من يتوقع عليه الأذى بمداخلة المعيب ، أو على سبيل تبكيت المعجَب فقط في وجهه لا خلْف ظهره ، ثم يقول للمعجَبِ : ارجع إلى نفسك ، فإذا ميزت عيوبها فقد داويت عجبك ، ولا تُمَثِّل بين نفسك وبين من هو أكثر عيوباً منها فتستسهل الرذائل وتكون مقلداً لأهل الشر ، وقد ذُمَّ تقليد أهل الخير ، فكيف تقليد أهل الشر؟! ولكن مثّل بين نفسك وبين من هو أفضل منك ، فحينئذ يتلفُ عُجْبك ، وتفيق من هذا الداء القبيح الذي يُولّد عليك الاستخفاف بالناس – وفيهم ، بلا شك ، من هو خير منك – فإذا استخففت بهم بغير حق استخفوا بك بحق ؛ لأن الله تعالى يقول : {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} ، فتُولّد على نفسك أن تكون أهلاً للاستخفاف بك ، بل على الحقيقة ، مع مقتِ الله – عز وجل – وطمس ما فيك من فضيلة..." .




3- الرجوع عن الخطأ إذا ظهر الحق والصواب :

سبقت الإشارة إلى أن الخطأ صفة ملازمة للبشر ، فإذا استيقن المسلم ذلك وجب عليه أن يرجع عن الخطأ إذا ظهر له الحق ، وهذا من كمال الورع والصدق ، فالرجل الصادق لا يقف عاجزاً ضعيفاً أمام نفسه حينما يتبين له الخطأ ، ولا يتصور أن ذلك قد ينقص قدره أو يضعف وزنه ، بل يسارع جاداً إلى الأخذ بزمام الحق ، ويعض عليه النواجذ ، وهذا يحتاج إلى تلاشٍ لحظوظ النفس وتقديس الذات .

والسلف الصالح يرسمون لنا منهجاً واضحاً مشرقاً في هذه القضية فهذا عمر بن الخطاب يكتب إلى أبي موسى الأشعري – رضي الله عنهما - : "ولا يمنعنَّك قضاءٌ قضيت فيه اليوم فراجعت فيك رأيك ، فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحقَّ ، فإن الحق قديم لا يبطله شيء ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل" .


وقال الإمام الشوكاني – رحمه الله تعالى : "من آفات التعصب الماحقة لبركة العلم: أن يكون طالب العلم قد قال بقول في مسألة ، كما يصدر ممَّن يفتي ، أو يصنِّف ، أو يناظر غيره ، ويشتهر ذلك القول عنه ، فإنه قد يصعب عليه الرجوع عنه إلى ما يخالفه ، وإن علم أنه الحق وتبيَّن له فساد ما قاله .ولا سبب لهذا الاستصعاب إلا تأثير الدنيا على الدين ، فإنه قد يسوِّل له الشيطان أو النفس الأمارة أن ذلك ينقصه ،ويحط من رتبته ، ويخدش في تحقيقه ، ويغض من رئاسته ،وهذا تخيل مختل ، وتسويل باطل ، فإن الرجوع إلى الحق يوجب له من الجلالة والنبالة وحسن الثناء ما لا يكون في تصميمه على الباطل ، بل ليس في التصميم على الباطل إلا محض النقص له والإزراء عليه بالاستصغار لشأنه .

فإن منهج الحق واضح المنار يفهمه أهل العلم ، ويعرفون براهينه ، ولا سيما عند المناظرة ، فإذا زاغ عنه زائغ تعصباً لقول قد قاله أو رأي رآه ، فإنه لا محالة يكون عند من يطلع على ذلك من أهل العلم لأحد الرجلين : إما متعصب مجادل مكابر ، إن كان له من الفهم والعلم ما يدرك به الحق ويتميَّز به الصواب . أو جاهل فاسد الفهم باطل التصور ، إن لم يكن له من العلم ما يتوصل به إلى معرفة بطلان ما صمَّم عليه وجادل عنه . وكلا هذين المطعنين فيه غاية الشين" .


وقال الزمخشري : "إياك والمكابرة والمغالطة وأنهاك عن الأغاليط وأربأ بك عن التخاليط" .

والهوى قد يعمي الإنسان فلا يقبل الحق الواضح الأبلج ، لذا حذر أئمتنا رحمهم الله تعالى من هذا المسلك .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "والواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وطاعة رسوله ، يدور على ذلك ويتبعه أين وجده ، ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة ، فلا ينتصر لشخص انتصاراً مطلقاً عاماً إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا طائفة انتصاراً مطلقاً عاماً إلا للصحابة –رضي الله عنهم أجمعين-، فإن الهدى يدور مع الرسول حيث دار ، ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا ، فإذا أجمعوا لم يُجمعوا على خطأ قط ، بخلاف أصحاب عالم من العلماء ، فإنهم قد يُجمعون على خطأ ، بل كل قول قالوه ولم يقله غيرهم من الأمة لا يكون إلا خطأ ، فإنالدين الذي بعث الله به رسوله ليس مُسلَّماً إلى عالم واحد وأصحابه ، ولو كان كذلك لكان ذلك الشخص نظيراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شبيه بقول الرافضة في الإمام المعصوم" .


ولعل من الأمثلة التي يستشهد بها في هذا الباب لتكون نبراساً للباحثين عن الهدى ما حدث في أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قضى في امرأة ماتت وتركت زوجاً وأماً وإخوة أشقاء أنه لا شيء للإخوة الأشقاء وأن الإخوة لأم لهم الثلث ، فاحتج عليه الإخوة الأشقاء وقالوا : إن إخواننا من الأم ورثوا بأمهم وهي هي أمنا . وهب أن أبانا كان حماراً أو حجراً ملقى في اليم أي كأنه لم يكن . فما كان من عمر إلا أن شرك بينهم . فقيل له : إنك قضيت في أول عام بخلاف هذا . فقال : ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي .

ومن الأمثلة التي يحسن ذكرها في هذا المقام : أن الإمام إسحاق بن راهويه ناظر الإمام الشافعي ، والإمام أحمد بن حنبل حاضر – رحمهم الله أجمعين – في جلود الميتة إذا دبغت . فقال الشافعي : دباغها طهورها . فقال إسحاق : ما الدليل؟ فقال الشافعي : حديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن ميمونة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بشاة ميتة فقال : "هلا انتفعتم بجلدها؟".


فقال إسحاق : حديث ابن عكيم ، كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر : "لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" أشبه أن يكون ناسخاً لحديث ميمونة ؛ لأنه قبل موته بشهر .


فقال الشافعي : هذا كتاب وهذا سماع .

فقال إسحاق : إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وكان حجة عليهم عند الله ، فسكت الشافعي .

فلما سمع ذلك أحمد بن حنبل ذهب إلى حديث ابن عكيم وأفتى به ، ورجع إسحاق إلى حديث الشافعي فأفتى بحديث ميمونة .

وروى التنوخي – رحمه الله تعالى – قال : "كان ابن الأنباري النحوي يُملي من حفظه ، وما أملى من دفتر قط . حكى الدارقطني : أنه حضره يُصحِّف في اسم ، قال : فأعظمت له أن يُحمل عنه وهم ، وهبتُه ، فعرَّفت مستمليه ، فلمَّا حضرت الجمعة الأخرى ، قال الأنباري : إنا صحفنا الاسم الفلاني ، ونبهنا عليه ذلك الشاب على الصواب" .


وهذا أبو يوسف سأل مالك بن أنس عن مقدار الصاع ومسألة الأحباس – الوقف – وصدقة الخضروات ، فأخبر مالك رضي الله عنه ما دلت عليه السنة في ذلك ، فقال أبو يوسف : رجعت لقولك يا أبا عبد الله ، ولو رأى صاحبي- يعني أبا حنيفة – ما رأيت لرجع كما رجعت .


ومن الأساليب النبوية الثابتة عن المعصوم
_ صلى الله عليه وسلم _ في هذا الباب :

تذكير المخطئ بفضل من أخطأ عليه ليندم ويعتذر ولا يعود للفعل مرة أخرى .

يدل على ذلك ما رواه البخاري رحمه الله في كتاب التفسير من صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
كانت بين أبي بكر وعمر محاورة فأغضب أبو بكر عمر ، فانصرف عنه عمر مُغضباً ، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له ، فلم يفعل ، حتى أغلق بابه في وجهه ، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو الدرداء : ونحن عنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أما صاحبكم هذا فقد غامر" (أي : دخل في خصومة) قال : وندم عمر على ما كان منه ، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقص على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر ، قال أبو الدرداء : وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول : والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هل أنتم تاركون لي صاحبي؟ هل أنتم تاركون لي صاحبي؟ إن قلت : يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً فقلتم : كدبت . وقال أبو بكر صدقت" .


وروى البخاري القصة أيضاً في كتاب المناقب من صحيحه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذاً بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال صلى الله عليه وسلم : "أما صاحبكم فقد غامر" ، فسلم وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعتُ إليه ، ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي ، فأقبلت إليك . فقال : "يغفر الله لك يا أبا بكر" ثلاثاً ، ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثمَّ أبو بكر؟ فقالوا : لا ، فأتى إل النبي صلى الله عليه وسلم . فسلم ، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يَتَمَعَّر حتى أشفق أبو بكر ، فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم ، مرتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي" فما أوذي بعدها .

وفي موقف أبي بكر رضي الله عنه درس عظيم في مراجعة المرء نفسه .

ومن الأساليب النبوية أيضاً:

مطالبة المخطئ بالتحلل ممن أخطأ عليه .

يدل على ذلك ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كانت العرب تخدم بعضها بعضاً في الأسفار ، وكان مع أبي بكر وعمر رجل يخدمهما ، فناما ، فاستيقظا ، ولم يهيئ لهما طعاماً ، فقال أحدهما لصاحبه : إن هذا لنؤوم ، فأيقظاه ، فقالا ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل له إن أبا بكر وعمر يُقرئانك السلام وهما يستأدمانك (أي يطلبان الإدام للطعام) فقال : أقرئهما السلام وأخبرهما أنها قد ائتدما! ففزعا فجاءا إلى النبي فقالا : يا رسول الله بعثنا إليك نستأدمك فقلت : قد ائتدما ، فبأي شيء ائتدمنا؟ قال : "بلحم أخيكما ، والذي نفسي بيده لأرى لحمه بين أنيابكما" ، يعني لحم الذي استغاباه ، قالا : فاستغفر لنا ، قال : "هو فليستغفر لكما" .

يتبــــــــــــــــــــــع>>>>>>>>>>

آخر تعديل همسات مسلمة يوم 12-09-2011 في 10:57 PM.

رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ الثلايا على المشاركة المفيدة: