عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2011, 09:49 PM   رقم المشاركة : 6
الثلايا
مشرف القسم الإسلامي






 

الحالة
الثلايا غير متواجد حالياً

 
الثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميع

شكراً: 2,316
تم شكره 3,815 مرة في 992 مشاركة

 
افتراضي رد: فقه التعامل مع الأخطاء على ضوء منهج السلف

المبحث الثاني

إحسان الظن وحمل الكلام على المحمل الحسن ما دام يحتمل ذلك


إن من القواعد المهمة ، والآداب الراقية التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم عندما يتعامل مع أخطاء إخوانه المسلمين حسن الظن بهم ، وحمل أمرهم على السلامة والستر ما لم يأته ما يغلبه ، وذلك قبل الحكم عليهم بالخطأ ،

وذلك لما يلي :

1- أن هذا المنهج هو الذي توافرت على تقريره النصوص الشرعية

قال تعالى : {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} .

وقال تعالى : {لَّوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُواْ هَـذَآ إِفْكٌ مُّبِينٌ} .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" .

وقال : "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ،ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف راحلته" .

وقد حث الصحابة والتابعون الأمة على اتباع هذا المنهج . فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : "ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا شراً ، وأنت تجد لها في الخير محملاً" .


وعن سعيد بن المسيب قال : "كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتيك ما يغلبك ، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً ..." .

وقال أبو قلابة الجرمي : "إذا بلغك عن أخيك شيئاً تكرهه فالتمس له عذراً جهدك ، فإن لم تجد له عذراً فقل : لعل لأخي عذراً لا أعلمه" .


وبسلوك هذا المنهج وصلوا رحمهم الله إلى سلامة الصدر – التي عزَّ وجودها – والتي كانت منقبة عندهم يمدحون من اتصف بها ، ويحمدون الله تعالى على بلوغها .

فهذا زيد بن أسلم يحدثنا عن أبي دجانة رضي الله عنه أنه دخل عليه مرة وهو مريض وكان وجهه يتهلل ، فقيل له : ما لوجهك يتهلل؟ فقال : ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين : كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني ، والأخرى فكان قلبي للمسلمين سليماً" .

وقال إياس بن معاوية : "كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدراً وأقلهم غيبة" .

وقال الفضيل بن عياض : "لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صلاة ولا صيام ، وإنما أدرك بسخاء النفس وسلامة الصدر والنصح للأمة" .

فهل يظن منصف بعد تلك النقول المشرفة أن الدعوة إلى إحسان الظن منهج مخترع لم يسبق إليه؟!!

2- إن هذا المنهج هو الذي سار عليه السلف وامتثلوه في حياتهم العملية راسمين لنا صوراً مشرقة في التعامل مع الآخرين ،

فمن ذلك :

أن الربيع بن سليمان أحد تلاميذ الإمام الشافعي دخل على الشافعي ذات يوم يعوده من مرض ألم به فقال له : "قوَّى الله ضعفك ، فقال الشافعي : لو قوَّى ضعفي لقتلني ، فقال الربيع : والله ما أردت إلا الخير ،فقال الشافعي : أعلم أنك لو شتمتني لم ترد إلا الخير..." .


وهذا أبو إسحاق الشيرازي نزع عمامته ذات مرة وكانت بعشرين ديناراً ، وتوضأ في دجلة ، فجاء لص فأخذها وترك عمامة رديئة بدلها ، فطلع الشيخ فلبسها وما شعر حتى سألوه وهو يدرس فقال : لعل الذي أخذها محتاج .



وقرأ عثمان بن أبي شيبة: جعل السفينة في رحل أخيه فقيل له : إنما هو السقاية فقال : أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم . علق الإمام الذهبي على ذلك بقوله : فكأنه كان صاحب دعابة ، ولعله تاب وأناب .


وهكذا ينبغي أن يكون النظر لأهل الفضل والخير ، وهذا من فقه المقاصد والنيات الذي يجهله كثير من الناس عندما يحكمون على الآخرين بالنظر إلى الخطأ مجرداً عن حال الشخص ونيته ومقصده ، فربما تكون زلة لسان ولا يقصد المعنى الخبيث ، كما بين ذلك ابن القيم رحمه الله حيث يقول : "والكلمة الواحدة يقولها اثنان يريد بها أحدهما أعظم الباطل ، ويريد بها الآخر محض الحق ، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه وما يدعو إليه ويناظر عنه" .


ولهذا لم يحكم بالكفر على الذي أخطأ من شدة الفرح فقال : "اللهم أنت عبدي وأنا ربك" ؛ لأنه لم يقصد تأليه نفسه .


ومن تلك الأمثلة الرائعة أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما حكى مقالة الجنيد "التوحيد إفراد القدم من الحدث" قال شيخ الإسلام : "قلت: هذا الكلام فيه إجمال ، والمحق يحمله محملاً حسناً ، وغير المحق يدخل في أشياء..." ، وأما الجنيد فمقصوده التوحيد الذي يشير إليه المشايخ ، وهو التوحيد في القصد والإرادة ، وما يدخل في ذلك من الإخلاص والتوكل والمحبة ، وهو أن يفرد الحق سبحانه – وهو القديم – بهذا كله فلا يشركه في ذلك محدث" .



فانظر – رحمك الله – إلى هذا العدل والإنصاف الذي سار عليه هؤلاء الأعلام ، وكيف حملوا العبارات المحتملة على المحامل الحسنة ، مع إمكانهم أن يحملوها على المحمل الآخر ، لكن سلامة الصدر وسخاء النفس والنصح للأمة تأبى عليهم ذلك ، فليت من يتصيدون الأخطاء ، ويفرحون بالعثرات ويعاملون العلماء الدعاة بسوء الظن يفقهون هذا المنهج .


ورحم الله القلاعي إذ يقول : "فقد يوحش اللفظ وكله ود ، ويكره الشيء وليس من فعله بد ، هذه العرب تقول : لا أبا لك في الأمر إذا هم ، وقاتله الله ولا يريدون الذم ، وويل أمه للأمر إذا تم ، ومن الدعاء : تربت يمينك ، ولذوي الألباب أن ينظروا في القول إلى قائله ، فإن كان ولياً فهو الولاء وإن خشن ، وإن كان عدواً فهو البلاء وإن حسن" .


يتــــــــــــــــبع>>>>>>>>>>

آخر تعديل همسات مسلمة يوم 12-04-2011 في 06:47 PM.

رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ الثلايا على المشاركة المفيدة: