عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2011, 09:47 PM   رقم المشاركة : 4
الثلايا
مشرف القسم الإسلامي






 

الحالة
الثلايا غير متواجد حالياً

 
الثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميع

شكراً: 2,314
تم شكره 3,815 مرة في 992 مشاركة

 
Llahmuh رد: فقه التعامل مع الأخطاء على ضوء منهج السلف

2- العلم بحال الناقل

إن من القواعد المعتبرة قبل قبول الخبر من ناقله البحث عن حاله من حيث العدالة والضبط وعدمها ، فإن توفرا قبل ، وإن اختل رُدَّ على قائله ، ولذلك قال الخطيب البغدادي رحمه الله : "إن أهل العلم أجمعوا على أن الخبر لا يجب قبوله إلا من العاقل الصادق المأمون على ما يخبر به" .



لذا ينبغي التثبت من اجتماع الأمرين في الناقل قبل قبول خبره وهما :



1- العدالة : امتثالاً لقوله تعالى : {ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواْ} ، وقوله تعالى : {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَآءِ} . والكافر والفاسق ليسا من أهل الرضى في هذا الشأن ، وقد شدَّد الأئمة رحمهم الله في العدالة ، من حيث شروطها ، وضوابطها وقوادحها ، حتى أن من اطلع على ذلك داخله الشك في عدم وجود العدل المقبول عندهم في هذه الأعصار . فلم يكتفوا باشتراط الإسلام والعقل ، والتمييز في الناقل بل زادوا على ذلك أن يجتنب الكبائر وألا يصر على الصغائر ، وأن يبتعد عن خوارم المروءة ،والمقصود بها ألا يقع الإنسان عامداً في أمر يستنكف عنه أمثاله وأقرانه .



2- الضبط : وهو الشرط الثاني في الراوي ليكون ثق في خبره ، والمقصود بالضبط أن يكون الناقل متيقظاً غير مغفل ، حافظاً إن حدث من حفظه ، ضابطاً لكتابه إن حدث من كتابه ، وإذا شارك الرواة المتقنين لم يخالفهم .

فقد يكون الرجل عدلاً مأموناً في دينه لكنه غير ضابط ، إما لسوء حفظ ، أو كثرة وهم ، أو غفلة أو نسيان أو نحو ذلك .



وتأمل هذه النقولات عن السلف ليظهر لك هذا الأمر جلياً وتستيقن في قرارة نفسك أنه فقه قديم:



قال ربيعة بن عبد الرحمن : "إن من إخواننا من نرجو بركة دعائه ، ولو شهد عندنا بشهادة ما قبلناها" ، فليست العدالة وحدها كافية لقبول الخبر ، إذا كان الناقل ينسى ما يسمعه ، أو يحدث به على غير الوجه الذي صدر كما قال الأول :

أقول له سعداً فيسمعها بكراً *** ويحفظها زيداً ويكتبها عمرا



وقال أبو الزناد : "أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم شيء من الحديث يقال : ليسوا من أهله" .



أما إمام دار الهجرة فإنه يبين هذه المسألة غاية البيان فيقول : "لا يؤخذ العلم من أربعة ويؤخذ عمن سواهم ، لا يؤخذ من رجل صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه ، ولا من سفيه معلن بالسفه وإن كان من أروى الناس ، ولا من رجل يكذب في أحاديث الناس وإن كنت لا تتهمه على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة ولا يعرف ما يحدث" .



وثمة أمور نص أئمتنا أنه لا يقبل فيها جرح الجارح ، ويقاس على ذلك ناقل الخطأ ، فمن ذلك :



أ‌- أن يكون الناقل مجروحاً في نفسه : قال الحافظ ابن حبان : "من المحال أن يجرح العدل بكلام المجروح" .

فهو في نفسه متهم ، فكيف يتحامل على الأخيار الذين هم أوثق منه؟!

وإليك هذه الأمثلة عن أئمتنا لتتضح القضية ، وترسخ القاعدة :

في ترجمة عمرو بن سليم الزرقي ، نقل الحافظ ابن حجر أن ابن خراش ضعفه .

قال الحافظ : "ابن خراش مذكور بالرفض والبدعة فلا يلتفت إليه".



وردَّ أيضاً تضعيف ابن قانع لمبشر بن إسماعيل الحلبي بأن ابن قانع ليس بمعتمد . وفي ميزان الاعتدال في ترجمة السري بن يحيى ، وهو ثقة وثقه أحمد ، وأبو حاتم ، وأبو زرعة وجمع . قال الذهبي : قال أبو الفتح الأزدي : حديثه منكر ، فآذى أبو الفتح نفسه ، وقد وقف أبو عمر ابن عبد البر على قوله فغضب ، وكتب بإزائه : السري بن يحيى أوثق من مؤلف الكتاب مائة مرة ، يعني الأزدي .



ومن ذلك أن الحافظ ابن حجر في ترجمة أحمد بن شبيب – بعد ما نقل عن الأزدي قوله فيه : "غير مرضي" – قال : "لم يلتفت أحد إلى هذا القول ، بل الأزدي غير مرضي" .



وذكر الإمام ابن مفلح في الآداب الشرعية أن أبا قتادة عبد الله بن واقد تكلم في بعض الثقات فتعقبه ابن مفلح بقوله : "أبو قتادة ضعيف متروك ...، ومن هذا حاله لا يحل له أن يتكلم في الجرح والتعديل لا سيما بغير إنصاف فيمن عظمه الأئمة وأثنوا عليه واتفقوا عليه ...إلخ .



وحدث أحمد بن علي الأبار فقال : "رأيت بالأهواز رجلاً خف شاربه ، وأظنه اشترى كتباً وتعبأ للفتيا ، فذكروا أصحاب الحديث فقال : ليسوا بشيء ، وليس يسوون شيئاً ، فقلت له : أنت لا تحسن تصلي . قال : أنا؟ قلت : نعم ، قلت : أيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحت للصلاة ورفعت يديك؟ فسكت ، فقلت : وأيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضعت يديك على ركبتيك؟ فسكت ، فقلت : أيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجدت ، فسكت ، فقلت : مالك لا تتكلم ، ألم أقل إنك لا تحسن تصلي ، أنت إنما قيل لك تصلي الغداة ركعتين ، والظهر أربعاً فالزم ذا خير لك من أن تذكر أصحاب الحديث ، فلست بشيءٍ ولا تحسن شيئاً" .



فهل يقبل عاقل منصف بعد ذلك قدح مجروح العدالة في أهل العلم والفضل؟! لا أظن ذلك سيما إذا صاحبه سوء قصد وفساد طوية وغلبة هوى .



ب- الاحتراز من قبول قدح القرين في قرينه المعاصر له:
فالمعاصرة توجب المنافرة في الجملة ، والأقران المتعاصرون يقع بينهم من الحسد والغيرة ما يحول دون العدل والإنصاف في الغالب ، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما : " لا تقبلوا أقوال الفقهاء بعضهم على بعض ، فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة" .



وقال مالك بن دينار : "يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض فلهم أشد تحاسداً من التيوس" .



وهذه القضية واضحة لكل منصف متجرد عن الهوى ، والواقع يشهد لها ، وكتب التراجم تحمل بين طياتها جملاً من هذا الضرب ، ولهذا لم يعتد الأئمة بكثير من كلام الأقران بعضهم في بعض .


قال الإمام الذهبي في ترجمة عفان الصفار : "كلام النظير والأقران ينبغي أن يتأمل ويتأني فيه" .



ويقول أيضاً : "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة ، أو لمذهب أو لحسد ، وما ينجو منه إلا من عصم الله ، وما علمت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين ، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس ، اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا" .



ويقول الحافظ ابن حجر : "إن كلام الأقران غير معتبر في حق بعضهم بعضاً إذا كان غير مفسر" ، وهذه القاعدة من قواعد العدل والإنصاف التي امتثلها علماؤنا في النواحي التطبيقية تنبيهاً لمن يأتي بعدهم .



قال الحافظ الذهبي في ترجمة محمد بن إسحاق المعروف بابن منده الأصبهاني : "أقذع الحافظ أبو نعيم في جرحه لما بينهما من الوحشة ، ونال منه واتهمه فلم يلتفت إليه لما بينهما من العظائم نسأل الله العفو ، فلقد نال ابن منده من أبي نعيم وأسرف أيضاً" .



وقال في ترجمة أبي الزناد عبد الله بن ذكوان : "لا يسمع قول ربيعة فيه ، فإنه كان بينهما عداوة ظاهرة" .



قال السبكي رحمه الله : "... وإياك ثم إياك أن تصغي إلى ما اتفق بين أبي حنيفة والثوري ، أو بين مالك وابن أبي ذئب ، أو بين أحمد بن صالح والنسائي ، أو بين أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وهلم جرا إلى زمن العز بن عبد السلام والتقي ابن الصلاح ، فإنك إن شغلت بذلك خفت عليك الهلاك ، فإن القوم أئمة أعلام ولكل منهم محامل ، وربما لم نفهم بعضها ، فليس لنا إلا الترضي عنهم والسكوت عما جرى بينهم" .




ولعل من القرائن التي يعرف بها أن كلام القرين في قرينه هو من باب الحسد والتحامل لا من باب العدل والإنصاف ما يلي:



- الغضب الشديد ساعة صدور كلام العالم في آخر :


قال ابن عبد البر : "وقد كان بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلة العلماء عند الغضب كلام هو أكثر من هذا ، ولكن أهل العلم والميزان لا يلتفتون إلى ذلك ؛ لأنهم بشر يغضبون ويرضون ، والقول في الرضا غير القول في الغضب ، ولقد أحسن القائل : لا يعرف الحلم إلا ساعة الغضب" .




- وجود المنافسة في البلد أو التخصص العلمي :


عليه يحمل طعن ابن أبي ذئب على الإمام مالك فإنهما جميعاً كانا عالمي المدينة في زمانهما" .



- الاختلاف المذهبي :


وهذا واقع بين العلماء ، فقد يكون اختلاف المذهب سبباً في الطعن ، قال ابن عدي في كلامه على أبي بشر الدولابي : "هو متهم فيما يقوله في نعيم بن حماد لصلابته في أهل الرأي" .



- وجود الإحن والشحناء والمخاصمات :


قال الإمام الذهبي : "لسنا ندعي في أئمة الجرح والتعديل العصمة من الغلط النادر ، ولا من الكلام بنفس حاد فيمن بينه وبينه شحناء وإحنة ، وقد علم أن كثيراً من كلام الأقران بعضهم في بعض مهدر لا عبرة به ، لا سيما إذا وثق الرجل جماعة ، يلوح على قولهم الإنصاف" .



فقد ظهر مما سبق أن الواجب على المسلم أن يتأنى ويتبصر عند سماع تخطئة أو رد من عالم على آخر ، أو من أحد طلبة العلم على أخيه ، ولا يتعجل في قبول ما يصدر من ذلك ، وينبغي له أن يسمع وجهة الطرفين ، فربما يكون الآخر قد فقئت عيناه جميعاً ، فإذا ظهر له أن للحسد نصيباً فيما صدر ، وأن القضية من قبيل كلام الأقران المتعاصرين بعضهم في بعض فليتوقف عند ذلك ، ويعامل كل طرف بما هو أهله دون النظر لما يثار وينقل ، وليمتثل قوله تعالى : {وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} .



على أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها ، فقد يكون كلام القرين في قرينه من أوثق ما يقبل ، وذلك إذا خلا عن تعصب وحسد ، واقترن بالبينة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار ، ولم يكن ثمة تحامل وأيد ذلك العقلاء المنصفون ، فعند ذلك يقدم كلام القرين على غيره ؛ لأنه شاهد الواقعة وعاصرها .



قال الإمام الشافعي : "وأما الرجل من أهل الفقه يسأل عن الرجل من أهل الحديث فيقول : كفُّوا عن حديثه ، لأنه يغلط أو يحدث بما لا يسمع ، وليست بينه وبين الرجل عداوة فليس هذا من الأذى الذي يكون به القائل لهذا فيه مجروحاً عنه لو شهد بهذا عليه ، إلا أ، يعرف بعداوة له فترد بهذه العداوة لا بهذا القول" .

يتـــــــــــــــــــــــــــــــــــبع>>>>>>>>>>

آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-28-2011 في 07:07 AM.

رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ الثلايا على المشاركة المفيدة: