عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2011, 09:43 PM   رقم المشاركة : 2
الثلايا
مشرف القسم الإسلامي






 

الحالة
الثلايا غير متواجد حالياً

 
الثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميع

شكراً: 2,314
تم شكره 3,815 مرة في 992 مشاركة

 
افتراضي رد: فقه التعامل مع الأخطاء على ضوء منهج السلف



التمهيد


أولاً: تعريف الخطأ لغة واصطلاحاً :

جاء في لسان العرب : الخَطَأ والخطاء : ضد الصواب ، وخَطَّأه تخطِئَةً وتَخْطِيئاً : نسبة إلى الخطأ ، وقال له : أخْطَأت ، والخَطَأ ما لم يتعمد ، والخِطْء : ما تعمد .

وقال الأموي : المُخْطِئُ من أراد الصواب فصار إلى غيره ، والخاطئ من تعمد لما لا ينبغي .

وفي النهاية والمصباح : يقال خِطَئ في دينه خِطْأ إذا أثم فيه ، والخِطء : الذنب والإثم ، وأخطأ يُخْطِئ إذا سلك سبيل الخطأ عمداً أو سهواً ، ويقال : خَطِئ إذا تعمد ، وأخطأ إذا لم يتعمد ، ويقال لمن أراد شيئاً ففعل غيره أو فعل غير الصواب : أخطأ .

والخطأ في الاصطلاح:

قال الجرجاني : "هو ما ليس للإنسان فيه قصد ، وهو عذر صالح لسقوط حق الله تعالى إذا حصل عن اجتهاد ويصير شبهة في العقوبة حتى لا يؤثم الخاطئ ولا يؤاخذ بحد ولا قصاص ، ولم يجعل عذراً في حق العباد حتى وجب عليه ضمان العدوان ووجب به الدية" .

وقال في التلويح : "هو فعل يصدر من الإنسان بلا قصد إليه عند مباشرة أمر مقصود سواه" .


الألفاظ ذات الصلة :

1- الغلط : جاء في اللسان : الغلط كل شيء يعيا الإنسان عن جهة صوابه من غير تعمد ، وقد غالطه مغالطة ، وغَلط في الأمر يغلط غَلَطاً وأغلطه غيره ، والعرب تقول : غَلِط من منطقة وَغَلِتَ في الحساب غَلَطاً وغلتاً .

والغلط في اصطلاح جمهور الفقهاء يأتي مساوياً للفظ الخطأ ، فقد جاء في حاشية العدوي على الخرشي تعريف الغلط بأنه تصور الشيء على خلاف ما هو عليه .

2- النسيان والسهو و الغفلة والذهول : وهذه الألفاظ متقاربة في المعنى عند الفقهاء والأصوليين ، فقد نقل ابن عابدين عند شرح التحرير اتفاقهم على عدم الفرق بين السهو والنسيان .

وقال ابن نجيم : المعتمد أنهما مترادفان ، وصرح البيجوري بأن السهو مرادف للغفلة . وأما الذهول فمن العلماء من جعله مساوياً للغفلة ، ومنهم من جعله أعم منها ، ومنهم من جعله أخص . وصلة هذه الألفاظ بالخطأ بأنها أسباب تؤدي إليه والخطأ ينتج عنها .




ثانياً: الخطأ صفة ملازمة لبني آدم إلا من عصمه الله


قبل الخوض في ثنايا هذه الرسالة ، لا بد أن تستقر في الأذهان القاعدة السابقة ، ذلك أن الخطأ صفة ملازمة للبشر لا ينجو منه أحد إلا من عصمه الله من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم ، وقد قرر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله : " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " .

ولو نجا من الخطأ أحد لنجا منه الصحابة الكرام رضي الله عنهم الذين هم أفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" .

لذا تقررت هذه القاعدة عند السلف رحمهم الله وأصبحت عندهم قضية مسلمة ، لا تقبل المساومة ، نستيقن ذلك من خلال النقولات المتوافرة عنهم في ذلك ، ومن خلال تعاملهم مع الأخطاء والعثرات .

فهذا الإمام الشافعي يقول : "قد ألفت هذه الكتب ولم آل فهيا ، ولا بد أن يوجد فيها الخطأ ، إن الله تعالى يقول : {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} .

وقال تلميذه المزني : "لو عورض كتاب سعين مرة لوجد فيه خطأ ، أبى الله أن يكون كتابٌ صحيح غير كتابه" .

وقال الإمام أحمد : "ما رأيت أحداً أقل خطأ من يحيى بن سعيد ، ولقد أخطأ في أحاديث ثم قال : "ومن يعرى من الخطأ والتصحيف" .

وقال الإمام الترمذي : "وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان ، والتثبت عند السماع مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم" .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "ليس من شرط أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطأ مغفوراً لهم ، بل ليس من شرطهم ترك الصغائر . مطلقاً ، بل ليس من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه توبة" .

وقال ابن القيم رحمه الله : "وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوماً جهولاً ، ولكن من عدت غلطاته أقرب إلى الصواب ممن عدت إصاباته" .

وقال مهنا لأحمد : "كان غندر يغلط؟ قال : أليس هو من الناس؟!" .

وقال عبد الرحمن بن مهدي : "من يبرئ نفسه من الخطأ فهو مجنون" .

وقال الإمام مالك : "ومن ذا الذي لا يخطئ" .

إذا تقرر ذلك فكيف يتعامل المسلم مع أخطاء الآخرين وعثراتهم؟






ثالثاً: درجات الأخطاء والمخطئين



من المعلوم أن الخطأ ليس بمنزلة واحدة ، فالخطأ إما أن يكون في أمر الدين أو الدنيا ، والخطأ الحاصل في أمر ديني ، إما أن يكون في الأصول أو الفروع ، ولا شك أن الخطأ الواقع في الأصول والعقائد أعظم وقعاً ، وأجدر بالتصحيح والتصويب من الخطأ الحاصل في الفروع ، والخطأ في المسائل الفرعية إما أن يكون في أمر مجمع عليه أو في مسألة اجتهادية ، وإما أن يكون في الكبائر أو الصغائر وبالنسبة للمخطئ لا بد من التفريق:

- بين الخطأ الناتج عن اجتهاد صاحبه وبين خطأ العمد والغفلة والتقصير .

- وبين خطأ ذوي الهيئات الذين لا يعرفون بالذنب ، وخطأ العاصي المسرف على نفسه .

- وبين المجاهر بالخطأ والمستتر به .

- وبين من يتوالى منه حدوث الخطأ وبين من يقع منه على فترات متباعدة .

إلى غير ذلك من الاعتبارات المرعية عند التعامل مع الخطأ والمخطئ ، وهو ما سأحاول إلقاء الضوء عليه في ثنايا هذا البحث ، مستمداً من الله العون فهو حسبي ونعم الوكيل.
يتـــــــــــــــــــــــــــــــــبع >>>>>>>>>>>>

آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-22-2011 في 09:05 PM.

رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ الثلايا على المشاركة المفيدة: