الموضوع
:
فقه التعامل مع الأخطاء على ضوء منهج السلف
عرض مشاركة واحدة
11-21-2011, 09:43 PM
رقم المشاركة :
2
الثلايا
مشرف القسم الإسلامي
الحالة
شكراً: 2,316
تم شكره 3,815 مرة في 992 مشاركة
رد: فقه التعامل مع الأخطاء على ضوء منهج السلف
التمهيد
أولاً: تعريف الخطأ لغة واصطلاحاً :
جاء في لسان العرب :
الخَطَأ والخطاء : ضد الصواب ، وخَطَّأه تخطِئَةً وتَخْطِيئاً : نسبة إلى الخطأ ، وقال له : أخْطَأت ، والخَطَأ ما لم يتعمد ، والخِطْء : ما تعمد .
وقال الأموي :
المُخْطِئُ من أراد الصواب فصار إلى غيره ، والخاطئ من تعمد لما لا ينبغي .
وفي النهاية والمصباح :
يقال خِطَئ في دينه خِطْأ إذا أثم فيه ، والخِطء : الذنب والإثم ، وأخطأ يُخْطِئ إذا سلك سبيل الخطأ عمداً أو سهواً ، ويقال : خَطِئ إذا تعمد ، وأخطأ إذا لم يتعمد ، ويقال لمن أراد شيئاً ففعل غيره أو فعل غير الصواب : أخطأ .
والخطأ في الاصطلاح:
قال الجرجاني :
"هو ما ليس للإنسان فيه قصد ، وهو عذر صالح لسقوط حق الله تعالى إذا حصل عن اجتهاد ويصير شبهة في العقوبة حتى لا يؤثم الخاطئ ولا يؤاخذ بحد ولا قصاص ، ولم يجعل عذراً في حق العباد حتى وجب عليه ضمان العدوان ووجب به الدية" .
وقال في التلويح :
"هو فعل يصدر من الإنسان بلا قصد إليه عند مباشرة أمر مقصود سواه" .
الألفاظ ذات الصلة :
1- الغلط : جاء في اللسان :
الغلط كل شيء يعيا الإنسان عن جهة صوابه من غير تعمد ، وقد غالطه مغالطة ، وغَلط في الأمر يغلط غَلَطاً وأغلطه غيره ، والعرب تقول : غَلِط من منطقة وَغَلِتَ في الحساب غَلَطاً وغلتاً .
والغلط في اصطلاح جمهور الفقهاء يأتي مساوياً للفظ الخطأ ، فقد جاء في حاشية العدوي على الخرشي تعريف الغلط بأنه تصور الشيء على خلاف ما هو عليه .
2- النسيان والسهو و الغفلة والذهول :
وهذه الألفاظ متقاربة في المعنى عند الفقهاء والأصوليين ، فقد نقل ابن عابدين عند شرح التحرير اتفاقهم على عدم الفرق بين السهو والنسيان .
وقال ابن نجيم :
المعتمد أنهما مترادفان ، وصرح البيجوري بأن السهو مرادف للغفلة . وأما الذهول فمن العلماء من جعله مساوياً للغفلة ، ومنهم من جعله أعم منها ، ومنهم من جعله أخص . وصلة هذه الألفاظ بالخطأ بأنها أسباب تؤدي إليه والخطأ ينتج عنها .
ثانياً: الخطأ صفة ملازمة لبني آدم إلا من عصمه الله
قبل الخوض في ثنايا هذه الرسالة ، لا بد أن تستقر في الأذهان القاعدة السابقة ، ذلك أن الخطأ صفة ملازمة للبشر لا ينجو منه أحد إلا من عصمه الله من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم ، وقد قرر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله :
" كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " .
ولو نجا من الخطأ أحد لنجا منه الصحابة الكرام رضي الله عنهم الذين هم أفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :
"والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" .
لذا تقررت هذه القاعدة عند السلف رحمهم الله وأصبحت عندهم قضية مسلمة ، لا تقبل المساومة ، نستيقن ذلك من خلال النقولات المتوافرة عنهم في ذلك ، ومن خلال تعاملهم مع الأخطاء والعثرات .
فهذا الإمام الشافعي
يقول
: "قد ألفت هذه الكتب ولم آل فهيا ، ولا بد أن يوجد فيها الخطأ ،
إن الله تعالى يقول :
{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} .
وقال تلميذه المزني
:
"لو عورض كتاب سعين مرة لوجد فيه خطأ ، أبى الله أن يكون كتابٌ صحيح غير كتابه" .
وقال الإمام أحمد :
"ما رأيت أحداً أقل خطأ من يحيى بن سعيد ، ولقد أخطأ في أحاديث ثم قال : "ومن يعرى من الخطأ والتصحيف" .
وقال الإمام الترمذي :
"وإنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان ، والتثبت عند السماع مع أنه لم يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم" .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
:
"ليس من شرط أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطأ مغفوراً لهم ، بل ليس من شرطهم ترك الصغائر . مطلقاً ، بل ليس من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه توبة" .
وقال ابن القيم رحمه الله :
"وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوماً جهولاً ، ولكن من عدت غلطاته أقرب إلى الصواب ممن عدت إصاباته" .
وقال مهنا لأحمد :
"كان غندر يغلط؟ قال : أليس هو من الناس؟!" .
وقال عبد الرحمن بن مهدي :
"من يبرئ نفسه من الخطأ فهو مجنون" .
وقال الإمام مالك
:
"ومن ذا الذي لا يخطئ" .
إذا تقرر ذلك فكيف يتعامل المسلم مع أخطاء الآخرين وعثراتهم؟
ثالثاً: درجات الأخطاء والمخطئين
من المعلوم أن الخطأ ليس بمنزلة واحدة ، فالخطأ إما أن يكون في أمر الدين أو الدنيا ، والخطأ الحاصل في أمر ديني ، إما أن يكون في الأصول أو الفروع ، ولا شك أن الخطأ الواقع في الأصول والعقائد أعظم وقعاً ، وأجدر بالتصحيح والتصويب من الخطأ الحاصل في الفروع ، والخطأ في المسائل الفرعية إما أن يكون في أمر مجمع عليه أو في مسألة اجتهادية ، وإما أن يكون في الكبائر أو الصغائر
وبالنسبة للمخطئ لا بد من التفريق:
- بين الخطأ الناتج عن اجتهاد صاحبه وبين خطأ العمد والغفلة والتقصير .
- وبين خطأ ذوي الهيئات الذين لا يعرفون بالذنب ، وخطأ العاصي المسرف على نفسه .
- وبين المجاهر بالخطأ والمستتر به .
- وبين من يتوالى منه حدوث الخطأ وبين من يقع منه على فترات متباعدة .
إلى غير ذلك من الاعتبارات المرعية عند التعامل مع الخطأ والمخطئ ، وهو ما سأحاول إلقاء الضوء عليه في ثنايا هذا البحث ، مستمداً من الله العون فهو حسبي ونعم الوكيل.
يتـــــــــــــــــــــــــــــــــبع >>>>>>>>>>>>
آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-22-2011 في
09:05 PM
.
3 أعضاء قالوا شكراً لـ الثلايا على المشاركة المفيدة:
اللؤلؤة الوردية
,
البطل الصامت
,
همسات مسلمة
الثلايا
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كل مشاركات الثلايا