عرض مشاركة واحدة
قديم 11-21-2011, 09:35 AM   رقم المشاركة : 3
الشيخ بو علي
مشرف سابق
قـــاص مُبدع






 

الحالة
الشيخ بو علي غير متواجد حالياً

 
الشيخ بو علي عضوية لديها صيت بسيطالشيخ بو علي عضوية لديها صيت بسيط

شكراً: 1,057
تم شكره 763 مرة في 259 مشاركة

 
افتراضي رد: ~|| آغاثا كريستي ~> العميل السـري ||~

:: الفصل الثالث ::



تمت علاقات وطيدة بين تومي والماجور بلتشلي ورغب كلاهما في لعب الجولف سويا فذهبا إلى النادي الوحيد القريب .. وكانت النتيجة أن ربح الماجور فقال :
- انه شوط عظيم.. يا ميدوز ,, ولعل سوء الحظ الذي لازمك هذه المرة يتركك في المرة القادمة.. إذ يجب أن نعاود اللعب من وقت إلى آخر .. والآن تعال معي .. لأقدمك لبعض الصحاب من أعضاء هذا النادي .. آه .. هذا هايدوك .. انه سيروقك ولا شك فهو ضابط بحار متقاعد .. وهو يملك ذلك المنزل المطل على قمة .. كما أنه مراقب الغارات الجوية في هذه المنطقة..


كان الكوماندوز هايدوك رجلا ضخما سليم الطوية لفح وجهه جو البحار الذي عاش فيه متنقلا .. فحيا تومي بحماسة وقال :
- وأخيرا وجد بلتشلي من يصاحبه في سان سوسي وسيتخلص من ذلك المستنقع الحريمي الذي كان يغوص فيه .. أليس كذلك يا بلتشلي ؟
- انني كما تعلم لست زير نساء ..
- المسألة أنك لم تجد الصنف الذي يروقك .. هذا كل ما هنالك.. ان ما ترى هناك جماعة من العجائز .. كل همهمت الثرثرة والتريكو ...
- انك لا تنسى مس برينا ..
- آه .. شيلا .. انها فتاة جذابة بلا شك .. بل انها في رأيي نموذج للجمال ..

كانت المشروبات قد أعدت .. وجلسوا جميعا في شرفة النادي .. وأعاد هايدوك سؤاله من جديد ، فأجاب الماجور بلتشلي في عنف ..
- انه ذلك الفتى الالماني .. الذي يزعجني .. فهي تقابله كثيرا ..
- هل تريد أن تقول انها مغرمة به ؟ هذا أمر سيء للغاية .. والواقع أنه شاب جميل المظهر ولكن العلاقة يجب ألا تسيير في هذا الطريق. فنحن لا نرضى عن مثل ذلك يا بلتشلي .. انها ستؤدي إلى التعاون مع الأعداء .. أليس كذلك ؟
- ان شيلا فتاة غريبة في الواقع .. ثم انها تتصرف تصرفات مهمة .
- ان الدم الاسباني يجري في عروقها .. هل تعلم أن اباها نصف اسباني ؟
- لا أدري .. ولو أن الاسم كما أرى يدل على ذلك..
ونظر الكوماندوز في ساعته ثم قال :
- انه وقت اذاعة الأخبار .. فهيا نستمع إلى ما هنالك ..

ولم تقدم المناقشة أكثر من ذلك ، لان بلتشلي وتومي كانا مضطرين للذهاب الى سان سوسي فقد حل موعد الغذاء .. وقد دعا هايدوك تومي في حرارة الى زيارته في منزله الصغير المسمى استراحة المهربين قائلا انه مكان لطيف يطل على البحر وفيه كل ما يسلي كما طلب الى بلتشلي أن يأتي معه .. فاتفق تومي والماجور على ان يذهبا اليه في مساء اليوم التالي ...

ومر العصر في سان سوسي بأمن وسلام ، اذ ذهب المستر كايلي ليستريح مع زوجته الجميلة ، أما مسز بلنكنسوب فقد ذهبت بإرشاد مس منتون لتشتري بعض الحاجات التي قالت انها سترسلها الى ابنائها في الجبهة .. أما المستر ميدوز فقد خرج من سان سوسي في هدوء. وسار في الطريق الممتد حتى نهاية مدينة ليهامتون .. وابتاع علبة سجاير وعددا من مجلة "بنش" .. ولما وصل إلى المرفأ الصغير ، قفز الى أحد القوارب العامة التي تنقل الركاب بين الحين والحين الى سائر المدن الصغيرة المتناثرة على الساحل في تلك المنطقة .. ولم يكن بالقارب سوى بضعة أطفال يصيحون، ورجل مسن جلس في مؤخرة القارب يتسلى بصيد السمك .. فاتجه إليه مستر ميدوز وسأله في أدب :
- هل اصطدت شيئا؟
فهز الرجل رأسه قائلا :
- لا جديد حتى الان . وماذا فعلت أنت؟
- لا شيء حتى الان يا مستر جرانت.. سوى انني اندمجت في الجو .. واعتقد انني وصلت الى معلومات لا بأس بها .. و أظنك تعرف اسماء نزلاء سان سوسي ..
- نعم ..
- لقد وطدت الصداقة بيني وبين الماجور بلتشلي ولعبنا الجولف سويا هذا الصباح .. ويظهر انه يمثل الضابط المتقاعد العادي.. أما كايلي فانه يمثل المريض المخبول وقد قص علي بمحض ارادته انه كان في ألمانيا مدة طويلة قبل الحرب.
- هذه مسألة هامة..
- ثم هناك فون دينيم..
- نعم.. واني لا أوصيك .. ان دينيم هو الشخص الذي يهمني أمره..
- هل تظن انه ( ن ) ؟
- لا .. لا اظن .. ففي رأيي أن ( ن ) لا يرى من الحكمة أن يظهر في المجتمع في ثياب الالمان.. ثم اننا سنعتقل كل رعايا الاعداء، الذين تتراوح سنهم بين السادسة عشرة والستين، وسواء أكان خصومنا قد حسبوا حساب هذا أم لم يحسبوه، فلا بد أن يدركوا جواز حدوثه في أية لحظة.. وبناء على ذلك يستحيل ان يجازفوا بعميد منظمتهم فيتركوه عرضة للاعتقال. ولذلك أرجح ان يكون ( ن ) من رعايا البلاد المحايدة او انجليزيا صميما.. وينطبق نفس الشيء على ( م ) أما فون دينيم فقد يكون في حلقات السلسلة ومن الجائز الا يكون ( ن ) أو ( م ) في سان سوسي وربما يكون فون دينيم هو رسولهما هناك .. وعن طريقه نستطيع أن نصل اليهما وأظن أن هذا أقرب الفروض إلى الصواب..
- أعتقد أنكم تحريتم عن كل نزلاء سان سوسي..
- كلا .. فان هذا مستحيل .. رغم انه يمكنني بلا شك أن أطلب من الادارة القيام به.. ولكني لا أخاطر بذلك يا برسفورد.. خاصة وأنك تعلم أن الادارة نفسها موبوءة .. ولو ذكرت أي همسة عن سان سوسي فسيعلم بها الأعداء في الحال وهذا هو الذي دفعنا الى استخدمك لأنك غريب عن الادارة، فيجب عليك ان تعمل في الظلام دون انتظار مساعدة منا .. ومع ذلك فقد تحرينا عن واحد منهم ..
- ومن هو يا سيدي ؟
- انه كارل فون دينيم نفسه .. اني استطيع بكل بساطة أن أفعل به ما يروقني .. باعتباره من رعايا الأعداء ..
- وماذا كانت النتيجة .. ؟
- ان كل ما يقوله السيد كارل صحيح .. فقد ظهر أن أباه مات في أحد المعتقلات وان اخويه ما زالا سجينين، وماتت أمه في السنة الماضية بتأثير ارهاق عقلي عنيف وقد صرح الفتى حال وصوله برغبته في مساعدة هذه البلاد .. وقد ثبت أن عمله في معمل البحوث الكيميائية لا غبار عليه.. كما أنه استطاع أن يكشف وسائل مفيدة تقي البلاد من شر بعض أنواع الغازات السامة ..
- وعلى ذلك ترى أنه لاشك فيه ؟
- ليس ذلك ضروريا .. ان اصدقاءنا الالمان، اشتهروا بدقتهم في كل تصرفاتهم فان كان فون دينيم قد أرسل كعميل لهم فلا بد انهم قد اتخذوا الحيطة حتى يكون كل ما يعرف عنه مطابق لشخصيته.. وهناك احتمالان : الأول أن تكون عائلة فون دينيم قد اندمجت جميعها في الترتيبات .. والثاني أن يكون هذا الشخص رجلا آخر تقمص شخصية كارل فون دينيم ..
- ربما . ولو أنه في نظري شاب في غاية اللطف ..
- أجل .. انهم يظهرون كذلك دائما .. ولعمري .. ما أغرب عملنا هذا فنحن نحترم خصومنا وهو يحترموننا .. وقد جرت العادة أن تقدر خصمك وتعمل في نفس الوقت جاهدا على هدمه..
- ولكن هناك فئة لا نحترمها ولا نقدرها..
- نعم يا سيدي .. فئة الخونة الذين يقيمون بيننا .. أولئك الذين رضوا أن يبيعوا وطنهم، وواجبنا أن نستأصل شأفتهم ونبيذهم عن أخرهم على أن يتم ذلك بأسرع ما يمكن .. والا فاتنا القطار..
- لن يفوتنا القطار يا سيدي .. بكل تأكيد ..
- ماذا يدفعك الى هذا التأكيد ؟
- أنت يا سيدي .. فقد قلت ان واجبنا ان نستأصلهم بأسرع ما يكن .. فنظر اليه جرانت في اعجاب وتمتم قائلا :
- عظيم .. ولكن ما رأيك في سيدات سان سوسي؟ هل ترى فيهن من يشتبه في أمرها .. ؟
- اني أرى بعض الغرابة في سلوك صاحبة المكان ..
- مسز برينا ؟
- نعم .. أتعلم أي شيء عنها ؟
- سأحاول أن اتحرى عنها رغم ما في ذلك من مخاطرة ..
- نعم .. فهي الوحيدة بين النساء التي تحوم حولها شكوكي.. أما الباقيات .. فهناك أم شابة وعانس كثيرة الكلام .. وامرأة مخبولة وسواسة .. وهناك أيضا امرأة ايرلندية مخيفة المنظر .. وكلهن فيها أرى لا ضرر منهن ..
- وغير هؤلاء ؟
- هناك مسز بلنكنسوب التي وصلت منذ ثلاثة أيام فقط ..
- وماذا عنها ؟
- ان مسز بلنكنسوب .. هي .. زوجتي ..
- ماذا ...!؟
وصاح جرانت وهو يدور حول نفسه متفرسا في تومي بغضب شديد:
- امرأتك يا تومي .. لا تنبس بكلمة واحدة لزوجتك ..!
- نعم يا سيدي ، وقد فعلت .. ولكن اذا أعرتني سمعك قليلا..
وفي ايجاز روى تومي كل ما حدث دون أن يجرؤ على النظر إلى محدثه، ومرت فترى سكون بعد أن أتم القصة، وتبع ذلك ضحكات بل قهقهة المستر جرانت التي استمرت دقائق.. ثم قال :
- اني أحني هامتي لهذه السيدة.. انك لا تجد واحدة في الالف مثلها ..
- انها زوجتي يا سيدي .. و انا فخور بها ..
- سيضحك ايسامتون ملء شدقيه عندما يسمع هذه القصة، فقد تنبأ بها ، وحذرني من تهيئة فرصة لها للعمل تحت امرتي حتى لا تفوز علي.. ولكنني لم أهتم بما قال وكنت أنوي الاتصال بها قريبا لتكليفها لمهمة أخرى... ولكن هذا الحادث رغم انه في صالحنا فانه يرينا الى أي حد يجب أن نكون على حذر .. فقد ظنت يوم زرتك انني اتخذت كل احتياطاتي لأمنع أي مخلوق من الانصات إلى حديثنا.. وأقنعت نفسي أولا بأنك وزوجتك وحدكما في الشقة.. كما انني سمعت ذلك الصوت الحاد في التليفون فلم يساورني فيه أي شك، ورغم كل ذلك فقد خدعت بلعبة الباب المصفوق القديمة.. أجل انها سيدة بارعة..
وسكت لحظة ثم قال:
- بلغها عن لساني أني أعترف لها بالغلبة، وأني أعتبرها معنا في العمل.. ولعمري انها معنا سواء أردنا أم لم نرد.. فبلغها أن الادارة تتشرف باشتراكها معنا في هذه المهمة..
- سأبلغها ذلك يا سيدي..
- ولكن المسألة خطيرة إلى حد كبير فإذا حدث وكشفوا أمرك .. أو أمرها ..
- اني أفهم هذا جيدا يا سيدي.. ولكننا اعتدنا منذ زواجنا أن نشترك في كل شيء ...


رد مع اقتباس