إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أما بعدُ:
وضع العلماء المحدثون قواعد و أسُس علمية في مصطلح الحديث
ليس فيها تعقيد و لا غموض , لبسط المسائل الحديثية , و هي مُستخرجة مِن
الآثار المحفوظة , و مِن السنن المنقولة مِن أقوال النبي – صلى الله عليه
و سلم – و أفعاله و أحواله , و لولا عناية أهل الحديث بهذه القواعد , لقال من شاء ما شاء .
فالواجب على طالب العلم الذي خصّه الله
بهذه الرتبة , و أنار له هذا السبيل أنْ يتتبع آثار العلماء , و التفقه
بها , و النظر في معانيها , و الحرص على ضبطها و تهذيبها
قال مالك بن أنس – رحمه الله- :" لا يُؤخذ العلم مِنْ أربعة , و يُؤخذ مِمَنْ سوى ذلك :
لا يُؤخذ مِن (سفيه) مُعَلن بالسّفه و
إنْ كان أروى الناس , و لا يؤخذ عن ( كذّاب ) يكذب في أحاديث الناس إذا
جُرب ذلك عليه و إنْ كان لا يُتهم أنْ يكذب على رسول الله – صلى الله عليه
و سلم - , و لا مِن (صاحب هوى) يدعو الناس إلى هواه , و لا مِن ( شيخ له
فضل و عبادة إذا كان لا يعرف الحديث "
( الضعفاء الكبير 1/13)
"إذا صدر الجرح مِن تعصب أو عداوة أو
منافرة فهو جرح مردود , و كذا جرح الأقران بعضهم في بعض إذا كان بغير حجة
و برهان و كان مبنياً على التعصب و المنافرة و الحسد فهو مردود , و إلا
فهو مقبول "
( قواعد في علوم الحديث ص 197 )
قال الإمام على بن المديني – رحمه الله - :" أبو نُعيم ( الفضل بن دُكين ) و عفان بن مسلم صدوقان , لا أقبل كلامهما في الرجال , هؤلاء لا يَدَعون أحداً إلا وقعوا فيه
( تهذيب الكمال 20/168)
روى أبو نعيم بإسناده عن ابن مهدي
قال : فتنة الحديث أشد مِن فتنة المال , و فتنة الولد لا تشبه فتنته فتنة
, كم مِن رجل يُظن به الخير قد حمله فتنة الحديث على الكذب , يَنظر إلى
مَنْ حدّث مِن الصالحين مِن غير إتقان و حفظ , فإنما حمله على ذلك حب
الحديث و التشبه بالحفاظ فوقع في الكذب على النبي
– صلى الله عليه و سلم – و هو لا يعلم , و لو تورّع و اتقى الله لكف عَن ذلك فسلم "
( شرح العلل لابن رجب الحنبلي ص 86 , 87 )
قال الإمام يحيى بن معين – رحمه الله – في حديث عبد الله بن لهيعة :" حديثه في عمره واحد و هو ضعيف , و أُنكر أنْ تكون كتبه احترقت , و قال لا يُحتج به "
( شرح العلل لابن رجب الحنبلي ص 104 )
قال الشيخ الألباني – رحمه الله-
:" ألحق الإمام أحمد ( قتيبة بن سعيد المصري ) إلى العبادلة الأربعة الذين
إذا روى أحدهم عن ابن لهيعة فروايته صحيحة " و هم عبد الله بن المبارك , و
عبد الله بن وهب ,
و عبد الله بن يزيد , و عبد الله بن مَسلمة القعنبي "
( السلسة الصحيحة 2517 )
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله
- :" إذا اختلف المحدِّثون في جملة مِن الحديث أمدرجةٌ هي أم مِن أصل
الحديث ؟ فالأصل أنها مِن أصل الحديث,فلا يُقبل الإدراج إلا بدليل يمكن
أنْ يُجمع به بين الأصل و الإدراج "
( شرح الأربعين النووية ص 108 )
"إذا قال أبو داود عن الحديث ( صالح ) فيعني صالح للاستشهاد به , لا للاحتجاج "
( مقالات الألباني ص 59 )
قال العقيلي – رحمه الله - :"
إذ ليس كل حديث اُحتج براويته في الصحيح يكون صحيحاً إذ لا يلزم مِنْ كون
راويه محتجاً به في الصحيح أن يكون كل حديث وجدناه له يكون صحيحاً على شرط
صاحب ذلك الصحيح , لاحتمال فقد شرط من شروط ذلك الحافظ "
( الضعفاء الكبير 1/58 )
قال مالك بن دينار – رحمه الله - :" يُؤخذ بقول العلماء و القرّاء في كلّ شيء إلا قول بعضهم في بعض "
( جلاء العينين ص 66)
قال علي بن المديني – رحمه الله - :"التفقه في معاني الحديث نصف العلم , ومعرفة الرجال نصف العلم "
( الضعفاء الكبير 1/67)
قال القاسم بن محمد – رحمه الله - :" إنّ الله – عزّ و جلّ- أعاننا على الكذابين بالنسيان "
( الضعفاء الكبير 1/11)
قال ابن ليلى – رحمه الله - :" إذا كنت كذاباً فكُن حافظاً "
( الضعفاء الكبير 1/10 )
قال ابن عبد البَر – رحمه الله
- :" وجود خطأ ما لدى العالم لا يعني خروجه مِن أهل الحديث , و لا يُبرر
إخراجه عنهم , لأنَّ كونه مِن أهل الحديث لا يعني عصمته مِن الوقوع في
الخطأ و الزلل , و قد اختلف أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فخطّأ
بعضهم بعضاً ,ونظر بعضُهم في أقاويل بعض ,وتعقبها " ( جامع بيان العلم و
فضله 2/84)
قال سفيان بن عيينة – رحمه الله - :" يا أصحاب الحديث تعلموا فقه الحديث لا يقهركم أصحاب الرأي "
( الانتصار لأهل الحديث ص 106 )
قال الشيخ الألباني – رحمه الله
- :" إنّ الحديث الضعيف إنما يفيد الظن المرجوح , و لا يجوز العمل به
اتفاقاً , فمَنْ أخرج مِن ذلك العمل بالحديث الضعيف في الفضائل لابد أنْ
يأتي بدليل , و هيهات "
( تمام المنة ص 34 , 35 )