عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2011, 05:47 PM   رقم المشاركة : 2
آفـــــــآاق
عضو متألق






 

الحالة
آفـــــــآاق غير متواجد حالياً

 
آفـــــــآاق عضوية مشهورة نوعاً ماآفـــــــآاق عضوية مشهورة نوعاً ماآفـــــــآاق عضوية مشهورة نوعاً ما

شكراً: 1,423
تم شكره 1,449 مرة في 415 مشاركة

 
افتراضي رد: قصة ليتني كنت أعلم /1

والرواء حتى اهتزت وربت وأنبتت نباتاً حسناً ، هذه الأشجار أتراها تفهم بأنني راحلة أو تراها سوف تذكر احتضاني لها أيام زمان حينما كانت لي معها أيام ؟ آه ليتها تعلم وليتها تفهم ، ثم هذه المقاعد التي كانت تحتضن رأسي تارة وتسند ساعدي أخرى أتراها تحس بأنني راحلة عنها عما قريب ، أم تراها سوف تستبدل بي غيري وتمهد الجلوس لسواي ومنضدتي هذه التي كتبت فوقها بالدموع مرة وبالبسمات مرات أتراها تعلم بأنني راحلة ؟ وهل تفتقد رنة قلمي فوقها وموضع أوراقي داخل جرارها ، آه ليت كل ما حولي يعلم بأنني راحلة... ثم ( ليتني كنت أعلم ) بأنني راحلة إذن لما عشت الحرص على الدنيا ولما استشعرت الفخر والغرور ، نعم ليتني كنتُ أعلم بأنني ضيفة في هذه الدنيا أذن لما خدعتني بخداعها ولما غرتني بزخرفتها. ( ليتني كنت أعلم ) إذن لعرفت أن الرحيل عن حياة بسيطة هو أسهل من الرحيل عن حياة منعمة مترفة ، لو لم أكن أعيش هذا الترف لكانت النقلة من هذه الحياة إلى تلك الحياة أسهل بالنسبة إليّ ، إن أهلي الآن في الاحتفال... هذه الاحتفالات التي كثيراً ما كنت أنتظرها في المناسبات وأعد من أجلها الفساتين وأفتش بسببها عن أحدث التسريحات هل أغنت عني شيئاً من طربها وسرورها ؟ وهنا تهاوت أنفال على مقعد إلى جوارها وكأنها توصلت إلى حقيقة كانت تجهلها وقالت :


ماذا آخذ معي ؟ وهل آخذ معي شيئاً
سوى الأكفان والأعمال ؟ ولكن ما هي الأعمال التي سوف تصحبني خلال هذه الرحلة البعيدة ؟ لا شيء ! نعم لا شيء !
وسرح بها الفكر بعيداً إلى نصائح صديقتها سرّاء عندما كانت تحبب إليها طاعة الله قائلة :
( فَتَزَوَّدوا إنَّ خّيْرَ الزَّادِ التَّقْوى ) إنها حينئذ لم تكن تشعر بأهمية الزاد ، أما الآن فهي في حاجة إلى زاد ، في حاجة إلى عمل صالح تقدمه بين يديها أمام الله ، بماذا تجيب يوم الحساب ؟ كيف سوف تطلب الرحمة من ربها وقد عصته في أبسط الاشياء ؟ كيف سوف تأمل العفو من خالقها وهي لم تستجب لأمره خلال مسيرتها في الحياة ؟ ليتها كانت قد قرأت القرآن بدل الساقط من الروايات . ليتها كانت قد تعرفت على دينها عن طريق الكتب بدلاً عن طريق التعرف على مسارح هوليود عن طريق المجلات ... واستمرت أنفال تقول ليتني ليتني ما أسخطت فلانة ولا اعتديت على فلانة ، ليتني ما كذبت على أحد وما اغتبت أحداً ، ليتني ما اسكتبرت على فقير ولا استعليت على مسكين ، ليتني أعيش من جديد لكي أصحح أخطائي وأعمل ما يرضي ربي ، لقد عبدت أهوائي ورغباتي وتجاهلت عبادة ربي ، ليتني أعيش إلى فترة عسى أن أكفر عن سيآتي . وخطرت ببالها آية سمعت جدها يقرؤها يوماً :
( حَتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعونِ * لعلي أعملُ صالحاً فيما تركتُ كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) وكأنها تناجي ربها بذلك... كلا أنها ليست كلمة عابرة أعني ما أقول يا رب ... وهنا وخلال مناجاتها لرب الرحمة انبجست الدموع من عينيها بحرقة وغزارة وأسندت رأسها إلى يدها وأخذت تبكي. نعم تبكي ولكنه بكاء ندم وليس بكاء ألم ، وصممت أن لو أمتد بها العمر فسوف لن تعصي الله طرفة عين ، ورن جرس الهاتف فقامت إليه متثاقلة ورفعت السماعة لتقول ( نعم ) وكان صوتها متهدجاً قد غيرته الدموع فجاءها صوت يقول :
هل أن الآنسة أنفال موجودة ؟
فعرفت أنفال الصوت ، أنه صوت الطبيب ! قالت :
نعم إنها أنا يا دكتور. فاندفع يقول في فرحة صادقة : تهنيك السلامة يا بنتاه ، إنه اشتباه ، أنك صحيحة سالمة والحمد لله...
وأذهلتها الكلمات فلم تعد تعرف بماذا تجيب ورددت وكأنها في حلم قائلة :
سالمة وكيف ؟ لعلك تهزأ بي يا دكتور ؟ قال : معاذ الله أن أكون هازئاً ولكنه
اعتذار وصلني الآن من المشرف على التحليل يشرح فيه أنه وقع في خطأ إذ سجل اسمك أمام اسم مريضة أخرى ، وها هي نتيجة تحليلك سالمة من كل ما يضير فاحمدي الله على سلامتك يا بنتاه ...
فرددت أنفال معه كلمات الحمد قائلة :
الحمد لله . وشكراً لك يا دكتور.
ثم أغلقت السكة وهي تحس بأنها تحيا من جديد وتذكرت ما عاهدت الله عليه وعرفت أنها إن نجت من موت معلوم الوقت فهي لن تنجو من موت مجهول الوقت وإن الانسان ضيف في هذه الدنيا مهما طال به الأمد ... فكان أول عمل قامت به أنها توجهت إلى القبلة لكي تصلي صلاة المغرب والعشاء بعد أن بعد بها العهد عن الصلاة ، وحين انتهت من أداء الفريضة عاهدت الله من جديد أن تبقى متمسكة بكل ما أمرها به من صلاة وصيام وحجاب وأن تترك كل ما نهاها عنه ، ولأجل أن لا ننسى فقد خطت هذه الآية المباركة وجعلتها على جدار غرفتها : ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعني لعلّي أعملُ صالحاً فيما تركتُ كلا إنها كلمةٌ هو قائلها ومن ورائهم برزخُ إلى يوم يبعثون ) ووضعت في الجهة المقابلة الحكمة التي تقول : « تب
قبل موتك بيوم ولما كنت لا تعلم متى تموت فكن تائباً على الدوام ».


رد مع اقتباس
3 أعضاء قالوا شكراً لـ آفـــــــآاق على المشاركة المفيدة: