عرض مشاركة واحدة
قديم 10-16-2011, 07:11 PM   رقم المشاركة : 2
الثلايا
مشرف القسم الإسلامي






 

الحالة
الثلايا غير متواجد حالياً

 
الثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميعالثلايا عضوية معروفة للجميع

شكراً: 2,314
تم شكره 3,815 مرة في 992 مشاركة

 
افتراضي رد: الادلة على المنع من فعل مايؤدي الى الحرام ولو كان جائزا في نفسه


الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الشَّارِعَ اشْتَرَطَ لِلنِّكَاحِ شُرُوطًا زَائِدَةً عَلَى الْعَقْدِ تَقْطَعُ عَنْهُ شُبَهَ السِّفَاحِ، كَالْإِعْلَامِ، وَالْوَلِيِّ، وَمَنْعِ امْرَأَةٍ أَنْ تَلِيَهُ بِنَفْسِهَا، وَنَدَبَ إلَى إظْهَارِهِ حَتَّى اُسْتُحِبَّ فِيهِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ وَالْوَلِيمَةُ؛ لِأَنَّ فِي الْإِخْلَالِ بِذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلَى وُقُوعِ السِّفَاحِ بِصُورَةِ النِّكَاحِ، وَزَوَالِ بَعْضِ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ مِنْ جَحْدِ الْفِرَاشِ، ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَ لِلنِّكَاحِ حَرِيمًا مِنْ الْعِدَّةِ تَزِيدُ عَلَى مِقْدَار الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَثْبَتَ لَهُ أَحْكَامًا مِنْ الْمُصَاهَرَةِ وَحُرْمَتِهَا وَمِنْ الْمُوَارَثَةِ زَائِدَةً عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِمْتَاعِ؛ فَعُلِمَ أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ سَبَبًا وَوَصْلَةً بَيْنَ النَّاسِ بِمَنْزِلَةِ الرَّحِمِ كَمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ: {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] وَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ تَمْنَعُ شَبَهَهُ بِالسِّفَاحِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ بِالسِّفَاحِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالنِّكَاحِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «نَهَى أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلَ بَيْنَ سَلَفٍ وَبَيْعٍ» وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ صَحَّ، وَإِنَّمَا ذَاكَ لِأَنَّ اقْتِرَانَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ ذَرِيعَةٌ إلَى أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا وَيَبِيعَهُ سِلْعَةً تُسَاوِي ثَمَانِمِائَةٍ بِأَلْفٍ أُخْرَى؛ فَيَكُونُ قَدْ أَعْطَاهُ أَلْفًا وَسِلْعَةً بِثَمَانِمِائَةٍ لِيَأْخُذَ مِنْهُ أَلْفَيْنِ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى الرِّبَا، فَانْظُرْ إلَى حِمَايَتِهِ الذَّرِيعَةَ إلَى ذَلِكَ بِكُلِّ طَرِيقٍ، وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ الْمَانِعِينَ لِمَسْأَلَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ بِأَنْ قَالَ: إنَّ مَنْ جَوَّزَهَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دِينَارًا فِي مِنْدِيلٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ مُفْرَدَةً، قَالَ: وَهَذَا ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا، ثُمَّ قَالَ: يَجُوزُ أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا وَيَبِيعَهُ الْمِنْدِيلَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ مِنْ أَقْرَبِ الذَّرَائِعِ إلَى الرِّبَا، وَيَلْزَمُ مَنْ لَمْ يَسُدَّ الذَّرَائِعَ أَنْ يُخَالِفَ النُّصُوصَ وَيُجِيزَ ذَلِكَ، فَكَيْف يَتْرُكُ أَمْرًا وَيَرْتَكِبَ نَظِيرَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؟

الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الْآثَارَ الْمُتَظَاهِرَةَ فِي تَحْرِيمِ الْعِينَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ الصَّحَابَةِ تَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ عَوْدِ السِّلْعَةِ إلَى الْبَائِعِ إنْ لَمْ يَتَوَاطَآ عَلَى الرِّبَا، وَمَا ذَاكَ إلَّا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنَعَ الْمُقْرِضَ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ، حَتَّى يَحْسِبَهَا مِنْ دَيْنِهِ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى تَأْخِيرِ الدَّيْنِ لِأَجْلِ الْهَدِيَّةِ فَيَكُونُ رِبًا؛ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ مَالُهُ وَأَخَذَ الْفَضْلَ الَّذِي اسْتَفَادَهُ بِسَبَبِ الْقَرْضِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الْوَالِيَ وَالْقَاضِيَ وَالشَّافِعَ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ، وَهُوَ أَصْلُ فَسَادِ الْعَالَمِ، وَإِسْنَادُ الْأَمْرِ إلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَتَوْلِيَةُ الْخَوَنَةِ وَالضُّعَفَاءِ وَالْعَاجِزِينَ، وَقَدْ دَخَلَ بِذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِمُهَادَاتِهِ ذَرِيعَةٌ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ، وَحُبُّكَ الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ، فَيَقُومُ عِنْدَهُ شَهْوَةٌ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ مُكَافَأَةً لَهُ مَقْرُونَةٌ بِشَرِّهِ وَإِغْمَاضٍ عَنْ كَوْنِهِ لَا يَصْلُحُ.

الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ: إمَّا عَمْدًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَإِمَّا مُبَاشَرَةً كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِمَّا قَتْلًا مَضْمُونًا بِقِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ، وَإِمَّا قَتْلًا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِمَّا قَتْلًا مُطْلَقًا كَمَا هِيَ أَقْوَالٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ الْقَاتِلُ أَنْ يَتَعَجَّلَ الْمِيرَاثَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَإِنَّ رِعَايَةَ هَذَا الْقَصْدِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْمَنْعِ وِفَاقًا، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّ تَوْرِيثَ الْقَاتِلِ ذَرِيعَةٌ إلَى وُقُوعِ هَذَا الْفِعْلِ؛ فَسَدَّ الشَّارِعُ الذَّرِيعَةَ بِالْمَنْعِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَرَّثُوا الْمُطَلَّقَةَ الْمَبْتُوتَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ حَيْثُ يُتَّهَمُ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ بِلَا تَرَدُّدٍ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْحِرْمَانَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ ذَرِيعَةٌ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُتَّهَمْ فَفِيهِ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ مَأْخَذُهُ أَنَّ الْمَرَضَ أَوْجَبَ تَعَلُّقَ حَقِّهَا بِمَالِهِ؛ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ قَطْعِهِ أَوْ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مُتَأَخِّرٌ عَنْ إجْمَاعِ السَّابِقِينَ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الصَّحَابَةَ وَعَامَّةَ الْفُقَهَاءِ اتَّفَقُوا عَلَى قَتْلِ الْجَمِيعِ بِالْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْقِصَاصِ يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَكُونَ عَدَمُ الْقِصَاصِ ذَرِيعَةً إلَى التَّعَاوُنِ عَلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُقْطَعَ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى إلْحَاقِ الْمَحْدُودِ بِالْكُفَّارِ، وَلِهَذَا لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْغَزْوِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الْوَجْهُ الثَّلَاثُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ عَادَةٌ تُوَافِقُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَنَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً إلَى أَنْ يَلْحَقَ بِالْفَرْضِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ حَرَّمَ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ تَمْيِيزًا لِوَقْتِ الْعِبَادَةِ عَنْ غَيْرِهِ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى الزِّيَادَةِ فِي الْوَاجِبِ كَمَا فَعَلَتْ النَّصَارَى، ثُمَّ أَكَّدَ هَذَا الْغَرَضَ بِاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرِ السُّحُورِ، وَاسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ نُدِبَ إلَى تَمْيِيزِ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَنْ نَفْلِهَا؛ فَكُرِهَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَطَوَّعَ فِي مَكَانِهِ، وَأَنْ يَسْتَدِيمَ جُلُوسَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، كُلُّ هَذَا سَدًّا لِلْبَابِ الْمُفْضِي إلَى أَنْ يُزَادَ فِي الْفَرْضِ مَا لَيْسَ مِنْهُ.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ الصَّلَاةَ إلَى مَا قَدْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَحَبَّ لِمَنْ صَلَّى إلَى عُودٍ أَوْ عَمُودٍ أَوْ شَجَرَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ، وَلَا يَصْمُدُ إلَيْهِ صَمْدًا، قَطْعًا لِذَرِيعَةِ التَّشَبُّهِ بِالسُّجُودِ إلَى غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ شَرَعَ الشُّفْعَةَ وَسَلَّطَ الشَّرِيكَ عَلَى انْتِزَاعِ الشِّقْصِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْمَفْسَدَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالشَّرِكَةِ وَالْقِسْمَةِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ الْحَاكِمَ مَنْهِيٌّ عَنْ رَفْعِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَعَنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ دُونَهُ، وَعَنْ مُشَاوَرَتِهِ وَالْقِيَامِ لَهُ دُونَ خَصْمِهِ، لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى انْكِسَارِ قَلْبِ الْآخَرِ وَضَعْفِهِ عَنْ الْقِيَامِ بِحُجَّتِهِ وَثِقَلِ لِسَانِهِ بِهَا.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْحُكْمِ بِعِلْمِهِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى حُكْمِهِ بِالْبَاطِلِ وَيَقُولُ: حَكَمْت بِعِلْمِي.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ الشَّرِيعَةَ مَنَعَتْ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى بُلُوغِ غَرَضِهِ مِنْ عَدُوِّهِ بِالشَّهَادَةِ الْبَاطِلَةِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ رَسُولَهُ حَيْثُ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ الْجَهْرِ بِالْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَسْمَعُونَهُ فَيَسُبُّونَ الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ وَمَنْ أَنْزَلَ عَلَيْهِ.
الْوَجْهُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْحُدُودَ عَلَى مُرْتَكِبِي الْجَرَائِمِ الَّتِي تَتَقَاضَاهَا الطِّبَاعُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا وَازِعٌ طَبْعِيٌّ، وَالْحُدُودُ عُقُوبَاتٌ لِأَرْبَابِ الْجَرَائِمِ فِي الدُّنْيَا كَمَا جُعِلَتْ عُقُوبَتُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ إذَا لَمْ يَتُوبُوا، ثُمَّ إنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ؛ فَمَنْ لَقِيَهُ تَائِبًا تَوْبَةً نَصُوحًا لَمْ يُعَذِّبْهُ مِمَّا تَابَ مِنْهُ، وَهَكَذَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا إذَا تَابَ تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ رَفْعِهِ إلَى الْإِمَامِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ لَمْ تُسْقِطْ تَوْبَتُهُ عَنْهُ الْحَدَّ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى تَعْطِيلِ حُدُودِ اللَّهِ؛ إذْ لَا يَعْجِزُ كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَنْ يُظْهِرَ التَّوْبَةَ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَإِنْ تَابَ تَوْبَةً نَصُوحًا سَدًّا لِذَرِيعَةِ السُّكُوتِ بِالْكُلِّيَّةِ.
الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ فِي الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى، وَفِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةِ الْخَوْفِ، مَعَ كَوْنِ صَلَاةِ الْخَوْفِ بِإِمَامَيْنِ أَقْرَبَ إلَى حُصُولِ صَلَاةِ الْأَمْنِ، وَذَلِكَ سَدًّا لِذَرِيعَةِ التَّفْرِيقِ وَالِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ، وَطَلَبًا لِاجْتِمَاعِ الْقُلُوبِ وَتَأَلُّفِ الْكَلِمَةِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ مَقَاصِدِ الشَّرْعِ، وَقَدْ سَدَّ الذَّرِيعَةَ إلَى مَا يُنَاقِضُهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ، حَتَّى فِي تَسْوِيَةِ الصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ؛ لِئَلَّا تَخْتَلِفَ الْقُلُوبُ، وَشَوَاهِدُ ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ.
الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِكَرَاهَةِ إفْرَادِ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ، وَكَرَاهَةِ إفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ وَلَيْلَتِهَا بِالْقِيَامِ، سَدًّا لِذَرِيعَةِ اتِّخَاذِ شَرْعٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ مِنْ تَخْصِيصِ زَمَانٍ أَوْ مَكَان بِمَا لَمْ يَخُصَّهُ بِهِ؛ فَفِي ذَلِكَ وُقُوعٌ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ أَهْلُ الْكِتَابِ.

الْوَجْهُ الْأَرْبَعُونَ: أَنَّ الشُّرُوطَ الْمَضْرُوبَةَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ تَضَمَّنَتْ تَمْيِيزَهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي اللِّبَاسِ وَالشُّعُورِ وَالْمَرَاكِبِ وَغَيْرِهَا لِئَلَّا تُفْضِيَ مُشَابَهَتُهُمْ إلَى أَنْ يُعَامَلَ الْكَافِرُ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِ، فَسَدَتْ هَذِهِ الذَّرِيعَةُ بِإِلْزَامِهِمْ التَّمَيُّزَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ.

رد مع اقتباس