الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى أتباعه وإخوانه .
أما بعد :
فيا أيها الناس : اتقوا الله ، واعلموا أنه يجب علينا جميعاً أن نعمل بتعاليم ديننا الحنيف ، وأن نأخذ بإرشادات نبينا صلوات الله وسلامه عليه ، كما يجب علينا أن نقصر أنفسنا عن الغضب ، ولا نتسرع فيما يعود علينا بالحسرة والندامة ، والمرء المسلم مطالب بكتمان غيظه وإطفاء غضبه بما استطاع من تحلم وتصبر ، واستعاذة بالله من النفس والهوى والشيطان ، وعليه أن يترفق أولاً في أهله ، وثانياً برعيته وجيرانه ، وعملائه ومواطنيه ، فلا يكون عوناً لزوجته على النشوز ، ولأبنائه على العقوق ، ولجيرانه على الإساءة ، ولرعيته على التمرد وللناس كافة ، على هجره ومجانبته .
ويختلف الغضب في دنيا الناس ، إذ يتراوح صعوداً وهبوطاً ، باختلاف الأحوال والظروف ، ولكنه من خلال الإطار الشرعي لا يخرج عن ثلاث مراتب :
المرتبة الأولى : مرتبة الاعتدال ، بأن يغضب ليدافع عن نفسه أو دينه أو عرضه ، أو ماله ، ولولا ذلك لفسدت الأرض بانتشار الفوضى ، وتقويض نظام الاجتماع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون نفسه فهو شهيد ) " رواه أحمد وابن حبان " .
المرتبة الثانية : أن ينحط الغضب عن الاعتدال ، بأن يضعف في الإنسان ، أو يفقد بالكلية ، وهذه الحال مذمومة شرعاً ، لاسيما إذا تعلقت بحرمات الله قالت عائشة رضي الله عنها : ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط ، بيده ، ولا امراءةً ولاخادماً ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه قط ، فينتقم من صاحبه ، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى ، فينتقم لله تعالى ) " رواه مسلم " .
والمرتبة الثالثة : أن يطغى الغضب على العقل والدين ، وربما جر صاحبه إلى ارتكاب جرائم كبيرة ، وموبقات كثيرة ، ولا يمكن التخلص من هذه العقبة ، إلا بفعل ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ( إذا غضب أحدكم فليسكت ) " رواه احمد " .
واستب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فاحمر وجه أحدهما غضباً فقال صلى الله عليه وسلم ( إني لأعلم لو قال " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لذهب عنه ما يجد " ) " رواه البخاري ومسلم " .
هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية وأفضل البشرية محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة .
منقول.. (شبكة فيفاء الإسلامية)
تقبلوا تحياتي.