بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
مدينة بدر .. نبته طيبة من تربة طيبة .. وكما إنها تستمد جذورها من التاريخ الإسلامي. حيث دارت على أرضها رحى معركة بدر الكبرى التي أعزَّ الله بها الإسلام ... ويضم ثراها شهداء تلك المعركة الأبرار رضوان الله عليهم.
بدر من مياه العرب الشهيرة وكانت أحد أسواق العرب المشهورة وأطلق هذا الاسم على رجل من بني غفار اسمه ( بدر بن قريش بن مخلد بن النضر بن كنانه ) وهو أول من حفر بئراً في بدر.
تقع عند نهاية وادي الصفراء قبل مصبه في البحر الأحمر بمسافة 10 كم وهي ملتقى الطرق بين ( ينبع / المدينة / جدة / مكة ). وهي مركز إقليمي يخدم 45 قرية وهجرة ضمن مساحة 120×120كم وهي أيضاً مركز ثقافي وتسويق لتلك القرى.
و أهم معالمها :
مسجد العريش : ( الذي كان بمثابة مركز قيادة المسلمين أثناء غزوة بدر )
مقبرة الشهداء : ( تضم رفاة شهداء غزوة بدر الأبرار رضوان الله عليهم )
العدوة الدنيا : ( مكان قدوم المسلمين من المدينة المنورة )
العدوة القصوى : ( مكان قدوم المشركين من مكة المكرمة )
جبل الملائكة : ( بالجهة الغربية من المدينة المنورة )
واجهة ساحلية على البحر الأحمر : ( الرايس و البريكة )
أطراف مدينة بدر
لوحة إرشادية لمسجد العريش و شهداء بدر رضي الله عنهم
لوحتان على الجدار : 1 - خارطة غزوة بدر 2 - أسماء الشهداء رضوان الله عليهم
منظر جانبي لأماكن تواجد المسلمين حول مسجد العريش
منظر خلف مسجد العريش
مكان تواجد المسلمين و يشاهد وسط الميدان نصب تذكري لأسماء الشهداء رضوان الله عليم
هنا وصل سيدنا رسول صلى الله عليه وسلم وبصحبته ثلاثمائة وخمسة من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم ومعهم سبعون بعيراً وفرسان فقط ونزلا ببدر لملاقاة جيش المشركين الذي يتكون من تسعمائة وخمسون ومعهم مائتا فرس ..
و قبل بدء المعركة أتى الصحابي الجليل الحباب بن المنذر رضي الله عنه يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكان غير الذي نزل به : فقال رضي الله عنه : يا رسول الله , هذا المنزل أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ' بل هو الرأي والحرب والمكيدة ' فقال رضي الله عنه : يا رسول الله إن هذا المكان الذي أنت به ليس بمنزل انطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم فإني عالم بها وبقلبها بها قليب قد عرفت عذوبة مائه لا ينزح ثم نبني عليه حوضاً فنشرب ونقاتل ونعور ما سواه من القلب فنزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرأي ما أشار به الحباب فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك فكان الوادي دهسا فبعث الله تبارك وتعالى السماء فلبدت الوادي ولم يمنع المسلمين من المسير وأصاب المشركين من المطر ما لم يقدروا أن يرتحلوا معه وإنما بينهم قوز من الرمل وأصاب المسلمين تلك الليلة النعاس وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش من جريد فدخله النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وقام سعد بن معاذ رضي الله عنه على باب العريش متوشحاً بالسيف فلما أصبح عليه الصلاة و السلام صف أصحابه رضي الله عنهم قبل أن تنزل قريش وطلعت قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصفف أصحابه رضي الله عنهم ويعدلهم كأنما يقوم بهم القدح ومعه يومئذ قدح يشير به إلى هذا تقدم وإلى هذا تأخر حتى استووا وجاءت ريح لم يروا مثلها شدة ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى ثم ذهبت فجاءت ريح أخرى فكانت الأولى جبريل عليه السلام في ألف من الملائكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والثانية ميكائيل عليه السلام في ألف من الملائكة عن ميمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة عن ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان سيماء الملائكة عمائم قد أرخوها بين أكتافهم خضر وصفر وحمر من نور والصوف في نواصي خيلهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم إن الملائكة قد سومت فسوموا فأعلموا بالصوف في مغافرهم وقلانسهم وكانت الملائكة يوم بدر على خيل بلق.
أسماء الشهداء رضوان الله عليهم
مقبرة بدر ويشير السهم إلى مكان أضرحة الشهداء رضوان الله عليهم
صورتان لمقبرة بدر
عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال : تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر. أخبرنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا هشام بن عروة عن عباد بن حمزة بن الزبير قال : نزلت الملائكة يوم بدر عليهم عمائم صفر وكان على الزبير يوم بدر ربطة صفراء قد اعتجر بها. أخبرنا عتاب بن زياد بن المبارك أخبرنا أبو بكر بن أبي مريم الغساني عن عطية بن قيس قال : لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من قتال أهل بدر أتاه جبريل على فرس أنثى حمراء عاقدا ناصيته يعني جبريل عليه درعه ومعه رمحه قد عصم ثنيته الغبار فقال : يا محمد إن الله تبارك وتعالى بعثني إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى هل رضيت. قال : نعم رضيت. فانصرف..
قال الله تعالى :
(( وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ))قال تعالى :
{ وَيُنَزّلُ عَلَيْكُم مّن السَّمَآء مَآء لّيُطَهّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبّتَ بِهِ الاْقْدَامَ }
قدم النبي صلى الله عليه و سلم من المدينة من هذا الطريق ( السهم في الصورة )
عسكر النبي صلى الله عليه و سلم في هذه المنطقة
و هذا الكثيب من الرمل هو العدوة الدنيا المذكورة في قوله الله تعالى :
(( إذ انتم بالعدوة الدنيا ... )) الآية
و لنأخذ جولة في المكان و لنتأمل الصورة التالية
السهم الأيمن يؤشر على العدوة الدنيا و في سفحها معسكر المسلمين
السهم الأوسط يؤشر على طريق القوافل
وهو الطريق الذي كان سيمر منه أبو سفيان بالقافلة
السهم الأيسر يؤشر على جبل الملائكة
( جبل الملائكة و سبب التسمية )
دعا النبي صلى الله عليه و سلم من العريش بالنصرة للمسلمين و ألح على الله في الدعاء حتى أكرم الله هذه الأمة بحدث عظيم لم يحدث من قبل و لا من بعد حيث نزلت الملائكة على هذا الجبل. يقول الله تعالى عن هذا الحدث : (( إذ تستغيثون ربكم , فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين . وما جعله الله إلا بشرى , ولتطمئن به قلوبكم , وما النصر إلا من عند الله , إن الله عزيز حكيم )). و أمدَّ الله نبيّه صلى الله عليه و سلم بألف من الملائكة , فكان جبريل عليه السلام في خمسمائة مجنبة , وميكائيل عليه السلام في خمسمائة مجنبة ' . . قال ابن إسحاق : وقد خفق رسول الله صلى الله عليه و سلم خفقة وهو في العريش , ثم انتبه , فقال : ' أبشر يا أبا بكر , أتاك نصر الله . هذا جبريل آخذاً بعنان فرس يقوده , على ثناياه النقع ' يعني الغبار.
الله أكبر ... الله أكبر ... فلنتخيل إخواني الأعزاء قوة المنظر جيش الملائكة بقيادة سيد الملائكة جبريل عليه السلام قادم إلى أرض المعركة لينضم إلى جيش المؤمنين بقيادة خير البشر صلى الله عليه و سلم.
و أما المشركين فكانوا في العدوة القصوى ( المشار إليها بالسهم )
المذكورة في قوله تعالى : (( و هم بالعدوة القصوى ... )) الآية
انتقل الجيش الإسلامي إلى هذا المكان تقريباً
المكان من زاوية أخرى
( و يظهر في الصورة العدوة الدنيا و جبل الملائكة و مكان المعسكر الجديد )
صورة لمدينة بدر القديمة
أشار سيدنا سعد بن معاذ بمشورة فقال رضي الله عنه : إنا خلفنا من قومنا قوماً ما نحن بأشد حباً لك منهم , ولا أطوع لك منهم ; ولكن إنما ظنوا أنها العير . نبني لك عريشاً فتكون فيه , ونعد عندك رواحلك , ثم نلقى عدونا , فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببناه , وإن تكن الأخرى جلست على رواحلك فلحقت من وراءنا . . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيراً . وقال : ' أو يقضي الله خيراً من ذلك يا سعد '. فبني للنبي صلى الله عليه و سلم عريشاً . و المكان معروف إلى الآن و بني في مكان العريش مسجد.
موقع مجاور لمسجد العريش وشهداء بدر رضوان الله عليهم
مسجد العريش حيث كان المكان الذي يديرمنه الرسول صلى الله عليه وسلم المعركة
مسجد العريش من الداخل
في الحديث : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال : ' من أفضل المسلمين ' - أو كلمة نحوها - قال : ' وكذلك من شهد بدراً من الملائكة ' [ انفرد بإخراجه البخاري ].
و ما هي إلا فترة يسيرة تقدر بساعتين فقط ، حتى انتهت المعركة بنصر و إعزاز للمسلمين و هزيمة ساحقة للكفر و أهله.