الخاص
العام له دلالة كما أن للخاص دلالة , فدلالة العام العموم , ودلالة الخاص الخصوص .، ولهذا يقول هذا فيه عموم، وهذا تخصيص، لذلك العموم أو يقال هذا الدليل عام، وذاك الدليل خاص.
مما ينبغي أن يذكر هنا
إذا أردنا أن نمهد للخاص أن العلماء متفقون فيما بينهم على أن العام المطلق_وأعني بالعام المطلق أي المطلق عن القرائن المخصصة , والمطلق عن نفي التخصيص فهو الذي لم يصحبه دليل ينفي تخصيصه وينفي إرادة العموم منه فهذا معنى العام المطلق _فالعلماء متفقون فيما بينهم على أن العام المطلق يشمل جميع أفراده التي ينطبق عليها معناه دون حصر , وهو حجة في جميع الأفراد , والحكم الثابت لهذا العام ثابت لكل فرد من أفراده بخصوصه دون حصر واستثناء , ويجب بالتالي إجراء العام على عمومه , والعمل به ما لم يقم دليل على تخصيصه , بمعنى : أن العام حجة يشمل جميع الأفراد
ثم اتفق الأصوليون على أنه بالنظر إلى استخدام الشرع للنصوص أن الشريعة جاءت بكليات ومجملات وأمور عامة وهذه الأمور التي جاءت بها الشريعة قد يراد بها الشمول والعموم إن أطلقت , وقد يراد بها التخصيص ,أي قد يراد بها بعض ما يتناوله هذا اللفظ من أفراد , وتكون بعض الأفراد قد خرجت بدليل مستقل .
وقد وقع التخصيص في نصوص الكتاب والسنة على وجه كثير حتى قالوا : ما من عام إلا وقد خصص .
دلالة العام
هل هي دلالة قطعية أم هي دلالة ظنية ؟
من خلال ما ذكرنا علمنا أن العام على سائر أفراده دلالة قطعية يقينية , لكن لطروء عرف الشرع في استعمال العام وكثرة وجود المخصصات جعل جماهير أهل العلم يقولون إن دلالة العام المطلق على سائر أفراده دلالة ظنية وليست قطعية , وإن العام ظاهر العموم وليس صريحا أو قطعي الدلالة عليه , فهو ليس بينا في نفسه بل هو مفتقر إلى بيان المراد منه .
ولكن الحنفية يقررون أن دلالة العام المطلق على سائر أفراده دلالة قطعية وهو صريح في مدلوله ولا يفتقر إلى دليل يبين المراد منه , وذلك مبني على الثمرة المترتبة على الخلاف المشهور في تقديم الحقيقة اللغوية على الحقيقة العرفية , لأن الحقتئق كما هو معلوم ثلاثة :
1_حقيقة شرعية
2_ حقيقة عرفية
3_ حقيقة لغوية
هذا ترتيب الجمهور أنهم يقدمون الحقيقة الشرعية على العرفية والحقيقة العرفية على اللغوية
أما الحنفية فيقدمون الشرعية على اللغوية والحقيقة اللغوية على العرفية .
فمن قدم الحقيقة اللغوية على العرفية وهم الحنفية يجعلون دلالة العام قطعية ومن يقدم الحقيقة العرفية على اللغوية يجعلون دلالة العام ظنية .
والحقيقة أن عرف الشرع أكثر من استخدام العموم والاحتجاج به , ولكن لا يجوز لنا بأي حال من الأحوال أن نعطل دلالة العموم على سائر أفراده , ولا يجوز لنا كذلك أن نجعل لفظ العام حجة حتى نبحث له عن مخصص , بل اللفظ العام حجة بنفسه , فإن وجدنا المخصص خصصناه وإن لم نجد له مخصصا بقي على عمومه.
اتفق العلماء على أن العام إذا خصص بدليل خاص فدلالة العام على ما بقي من أفراده دلالة ظنية وليست قطعية .
وعليه فدلالة العام المطلق على سائر أفراده أقوى من دلالة العام المخصص مع القول بأن الجماهير يقولون : بأن دلالة العام المطلق ظنية ويوافقون الحنفية على أن دلالة العام المخصص ظنية ... طيب الآن لو سألنا أيهما أقوى دلالة العام المطلق على سائر أفراده , أم دلالة العام المخصص على سائر أفراده ؟
الجواب دلالة العام المطلق ..
وعلى هذا نقرر أنه لا ثمرة من الخلاف في مدى قوة دلالة العام التشريعية قبل وجود المخصص فعلا , أما عند وجود المخصص فهنا تظهر ثمرة الخلاف أي إن بقي عندنا عام مطلق فدلالته على أفراده حجة عند الجميع ولا ثمرة من هذا الخلاف ولا تظهر الثمرة إلا عند وجود المخصص .
..... يتبع بفضل الله