09-27-2011, 09:32 PM
|
|
مدح الأمراء والسلاطين //
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فإن عامة مدح الأمراء والسلاطين يكون بالكذب والنفاق والزور ....
كان أبو تمام الشاعر الشهير في مجلس أحمد بن المعتصم مرة , فقال على البديهة بيتا يمدح فيه أحمد بن المعتصم , قال :"
إقدام عمرو في سماحة حاتم .... في حلم أحنف في ذكاء إياس
يعني أن أحمد بن المعتصم جمع كل هذه الخصال الحميدة
قال : إقدام عمرو وعمرو هذا هو بن عبد ود وهو من أشجع العرب , كان يعد في الجيش بألف .
قال : في سماحة حاتم , و حاتم هذا هو الطائي , وهو من أجود العرب , كان يجود بكل ما يملك , حتى أنه جاءه ضيف مرة فقض بعض ولده ليذبحه حتى يطعم الضيف , فكان يضرب به المثل في الجود فيقال أجود من حاتم الطائي , كان يقول لغلامه في يوم شديد البر في الليل يقول:" أوقد فإن الريح ريح صر , والبرد يا غلام برد قر , عسى يرى نارك من يمر , إن جلبت ضيفا فأنت حر ...
فهو رجل قد بلغ الذروة في الكرم والجود .
قال : في حلم أحنف , وأحنف هذا هو بن قيس , كان من أحلم الناس , يجهد الناس أن يغضبوه فلا يستطيعون , كان لا يغضب أبدا , حليما للغاية .
قال في ذكاء إياس و إياس هذا هو بن معاوية كان من أذكياء العالم .
فأبو تمام يقول وهو يمدح أحمد بن المعتصم الأمير أنه قد جمع كل هذه الخصال , وطبعا هذا كذب وزور ولكن غاية الشعراء العطاء فكان الواحد منهم قد يقول بيتا يخرج به من الملة لكي ينال إعجاب الأمير فيعطيه ...
لما قال أبو تمام هذا البيت , قام أحد الجلوس من الشعراء أيضا يريد إحراج أبي تمام فقال له بمحضر الأمير ,
قال له :" ويلك يا أبا تمام أمير المؤمنين خير من هؤلاء كلهم , أتشبه أمير المؤمنين بأجلاف العرب ؟؟"
وطبعا هذا كلام في غاية الإغراق , الرجل غارق في النفاق , وإلا فهؤلاء أشهر من الأمير في كل هذه الصفات ..
فقال أبو تمام بعد أن أطرق ساعة واستجمع قواه وتركيزه , يقال أنه ركز حتى خرج الدمع من عينيه , لأنه ركز جدا و أراد أن يجد مخرجا لهذه , حتى لا يفحمه ولا يغلبه هذا الذي قام في هذه المناظرة المفتعلة أمام الأمير ...
فاستجمع قوى ذهنه وعصر نفسه وقال بيتين , يقال أنه مات بعدها بتسع ليال ,لأنه أحرق نفسه حتى استخرج هذان البيتان فقال يتمم البيت الأول الذي هو :"
إقدام عمرو في سماحة حاتم .... في حلم أحنف في ذكاء إياس
قال :"
لا تنكر ضربي له من دونه .... مثلا شروذا في الهدى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره .... مثلا من المشكاة والنبراس
يعني أنه قال سلمنا لك أنه فعلا أفضل من هؤلاء وأحسن منهم كلهم , فليس هناك مانع أن أضرب مثلا بشئ أقل منه بكثير , ألا ترى أن الله جل وعز لما أراد أن يقرب للناس أمر نوره , قال ( مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة ) الأية
وماذا يكون المصباح والمشكاة أمام نور الله عز وجل , فكيع يشبه هذا بذاك , وهذا أدنى وذاك أعلى ..
فيقول يعني أنا لم أفعل شيئا جديدا أنا فعلت كما فعل الله , فشبهن الأعلى بالأدنى ..
فوهبه أمير المؤمنين عطاءا جزيلا على هذين البيتين , ويقال أنه مات بعدها بتسعة أيام , لأنه قد جاء بخلاصة نفسه وعصارة ذهنه فيهما ...
والله الموفق والسلام عليكم
|