سار صديقان يومين كاملين في الصحراء القاحلة ,
تلهبهما الشمس بسياطها النارية ,
وتكوي اقدامهما رمال البيداء القاسية ,حتى بلغ
بهما العطش والتعب واليأس مبلغاً شديداً ,
وبعد جدالٍ حول أفضل الطرق للوصول إلى حيث الأمان والماء
صفع أحدهما الآخر ,فلم يفعل المصفوع أكثر من أن كتب على الرمل :
( تجادلت اليوم مع صديقي فصفعني على وجهي )
, ثم واصلا السير إلى أن بلغا عيناً من الماء ,
فشربا منها حتى ارتويا ونزلا ليسبحا , ولكن
الذي تلقى الصفعة لم يكن يجيد السباحة ,
فأوشك على الغرق ,فبادر
الآخر إلى إنقاذه , وبعد أن استرد الموشك على
الغرق ( وهو نفسه الذي تلقى الصفعة )
أنفاسه , أخرج من جيبه سكيناً صغيرة ,
ونقش على صخرة : ( اليوم انقذ صديقي حياتي ), هنا بادره الصديق الذي قام بالصفع
والإنقاذ بالسؤال ,
لماذا كتبت صفعتي لك على الرمل ؟ وكتبت
إنقاذي لحياتك على الصخر ؟
فكان أن أجابه : لأنني رأيت في الصفعة حدثاً
عابراً,وسجلتهاعلى الرمل لتذروها الرياح بسرعة ,
أما إنقاذك لي فعمل كبير وأصيل , وأريد له أن
يستعصي على المحو , فكتبته على الصخر .
أعجبتني هذه الحكاية , لأنني لاحظت أن هناك
في الخصومة من يقلب المودة إلى عداوة وبغضاء ,
وهناك من لا يفوت للصديق هفوة أو زلة , ومع
أن الصحيح أن نقبل الأصدقاء على علاتهم ,
مدركين أنهم مثلنا ليسوا كاملين .
( خير الاخوان من نسي ذنبك وذكر إحسانك إليه)
فكونوا خير الاخوان