السلام عليكم ورحمه الله
اجابه على موضوع الروشنه
بعض الشَّباب يُتْقن التحدُّث بلغات جديدة،
والغريب أنَّها ليست لغة عربيَّة أو إنجليزيَّة أو هنديَّة، حتَّى إنَّها لا تتبع أيَّة دولة، بل هي قاموس شبابي خاصّ جدًّا من عيّنة: "حطيت إيدي على البالف"، "ادعك في الفانوس دلوقتي"، "كبّر الجمجمة"، وغيرها من عبارات يصْعب حصرُها، وتختلف من مجتمَع لآخر حسب لهجتِه وعاداته.
وتندرج الألفاظ السَّابقة وغيرها
تحت ما يُعرَف بمصطلح "الرَّوشنة" الَّذي ارتبطَ ظُهوره وراج كثيرًا في أوْساط الشَّباب كأحَد سِمات مرحلة المراهقة، والمفهوم يُعنى بالشَّكل الخارجي (style) للتصرّف من خلال سلوك أو هيئة أو كلمة، والغالب فيه أنَّه يكون تقليدًا أعمى لتقاليع مستوْردة وسلوكيَّات جنونيَّة، بحسب تأْكيد عادل هندي الخبير في العلاقات الإنسانيَّة.
ويرجع السَّبب في انتِشار مثل هذه العبارات
- بِحسب رأيِه - إلى ضعْف الوازع الدّيني، وتغْييب معنى الهدف والغاية، وكذلك الاغتِرار بكلّ ما هو غربي، والاعتِقاد بأنَّ الغرب هو المُنْقِذ، مع بطلان هذا الاعتِقاد فيما هو معلوم من إحصائيَّات المجتمع الغربي المؤكّدة لانحِداره أخلاقيًّا، إضافة إلى سوء التَّربية للأبناء والبنات.
ويُعَدّ غياب القدوة الصَّالحة النَّافعة من أسباب انتِشار ألفاظ
"الرَّوشنة"، وكذلك الإعْلام له دَور أيضًا في تَمييع الشَّباب، من خِلال تَمثيل صورة البطل على أنَّه الشَّابّ "الروش" المعاكس للفتَيات النَّاطق بالكلِمات الخبيثة، والَّذي يتحدَّث لغة سفيهة، وكذلك دوْر الإعلام في تشْويه صورة الدِّين والتديُّن، وتفريغ عقول الشَّباب من القضايا المهمَّة في الحياة، كقضيَّة الغاية وقضايا الأمَّة بوجه عامّ.
وتحمل اللُّغة الشَّبابيَّة الجديدة -
إذا صحَّ هذا التَّعبير - كثيرًا من التمرّد والعدوان؛ لأنَّ المتحدّث بها يريد أن يقول كلامًا يَحتوي على رموز لا يفْهمُها الكبار، بحيثُ تحمل مدلولات غريبة بعض الشَّيء، فمثلاً كلمة "ادعك في الفانوس دلوقتي" تعني: اذهب من أمامي، وكلمة "حطيت إيدي على البالف"؛ يعني: أنَّني فهمت الموضوع، وذلك حسب تفسير الدّكتور محمَّد المهدي - أستاذ الطّبّ النَّفسي بجامعة الأزْهر - للحالة النَّفسيَّة التي يعانيها مَن يتحدَّثون بهذه اللَّهجة.
ويعود السَّبب في انتِشار مثل هذه الألفاظ والكلِمات
على لسان العديد من الشَّباب إلى بعض الأفلام والأعمال الفنّيَّة الَّتي شهدت تداوُلاً كبيرًا في العالم العربي، وأصبحت محلَّ اقتِباس وتقليد من المُشاهِد العربي، وكما يقول المهدي في برنامج (مع الشباب) على قناة الرَّحمة، منها على سبيل المثال لا الحصْر مسرحية "مدرسة المشاغبين"، وكذلك أفلام محمد سعد "اللمبي، وعوكل"، لافتًا إلى أنَّ الفضائيَّات العربيَّة نجحتْ لِلأسف في فرْض هذه الأعمال وغيرها كمادَّة شبه يوميَّة على أجندة المشاهد العربي بشكْلٍ عامّ، ومنه الشَّباب بشكْلٍ خاصّ، ما يفسّر إلى حدّ كبير انتِشار هذه اللُّغة على ألسِنة الشَّباب دون إدراك حقيقي لخطورتها.
يشاركه الرَّأي الدكتور هندي مؤكِّدًا أنَّ هذه المصطلحات يردّدها شباب فاقد للهويَّة الإسلاميَّة،
ويعيش مرحلة من الضَّياع والفراغ على كافَّة المستويات، كما تهدف "الروشنة" إلى فقدان القيود الرّقابيَّة ما يساعد على الانفِلات الأخلاقي، وتعْليم الفوضى والتسيّب، إضافة إلى انتِشار السلبيَّة في المجتمع؛ ممَّا يعطّل تقدّم الأمّة.
ويمكن - حسب قوله - معالجة هذا النَّوع من أنواع التمرّد الشَّبابي بعمل حملات إعلاميَّة هادفة، تبيّن فضل وأصالة اللّغة العربيَّة ومكانتها بين اللغات، إضافة إلى وقْف هذه العبارات في الأفلام والمسلْسلات والمسرحيَّات، وانتشال الشَّباب من دوَّامة "الرَّوشنة" الَّتي يعيشُها إلى ساحات المساجد والنَّدوات الثَّقافيَّة والعلميَّة، هذا بالإضافة إلى تعْزيز انتِماء الفرْد لدينه وعدم الانسياق وراء كلِمات غريبة تتردَّد في أرْوِقة "الكوفي شوب" والمنتديات، وتردّدها أفلام هابطة.
وممَّا يُساعد في العلاج أيضًا: عوْدة دور التَّربية إلى دورها الحقيقي
(
تربية الأبناء منذ الصِّغَر، التَّربية الضميريَّة، والرقابة الدَّاخليَّة، وتنمية الحاسبة النَّفسيَّة)، وتفْعيل دور المدرسة والجامعة في تصْحيح مفهوم الشَّباب الحقيقي في الحياة، وكذلك تفقُّد الأصحاب والأصدِقاء
"الصحبة الصالحة"، إضافة إلى تدريس القدوات الصَّالحة للشَّباب والفتيات كنماذج من الشَّباب النَّاجح من جيل الصَّحابة والتَّابعين والعصر الحالي، وكذلك دور الدُّعاة إلى الله في احتِواء الشَّباب بتغْيير لغة الخطاب وإعلان الحرْب على لغة
"الرَّوشنة"، وحثّ الشَّباب على مقاطعتِها
يارب تكون وصلت الاسباب
والعلاج لهذه الظاهره
اشكركم