( طفل باريس )
بعد إشراقه شمس صباح الاثنين وبعد أن تلألأت السماء بخيوط شمسا أشرقت بها الأنوار وبثت بين أرجائها السعادة ،
بينما كنت في ذلك اليوم أجول بين شوارع باريس والسعادة تغمرني وأنا في آخر يوم من سفري وكنت أنظر بين شوارع باريس لأودعها بكل ذكرياتي التي قضيتها وكنت أبحث عن هدية لأمي التي لطالما سهرت الليالي تنتظر عودتي بكل خير وعافيه
،كنت حائرا في اختيار الهدية وأنا أعرف في نفسي أن كنوز العالم لا تساوي قيمة أمي العزيزة ولكن أحببت أن أقدم لها هدية تذكاريه حال رجوعي من باريس...
وأخيرا اخترت لها هدية بمذاقي وحين هممت بالخروج من محل الهدايا وعند عتبة الباب إذا بعيني تلتفت يمنة ويسره وعندها رأيت ((طفلا)) بحوزة الشارع يحمل في يديه بعض الخبز وملابسه ممزقة ؛
نظرت لوجهه وأنا أرى رسمات قد رسمها الفقر القاسي على جبهة هذا الطفل اليتيم ، وحينها تأملت في نفسي وأنا أحمد الله على نعمه التي أنعمها علي وجعلني أفضل من غيري ، وقادتني نفسي الرحيمة لأقترب أكثر من هذا الطفل اليتيم لعلي أرسم على شفتيه ^ ابتسامة أمل ^ ترن صداها بين ضلوع هذا الطفل اليتيم الذي ينتظر من يساعده ،
واقتربت أكثر فأكثر وقلبي يعتصر رحمة لهذا الطفل اليتيم وحينها وصلت بجنبه وأديت عليه التحية وما زاد اندهاشي وصدمتي إذا به يرد علي التحية وبعد التحية سألته ما أسمك؟ فقال : أحمد
ومن أين؟ فقال :لا أعرف من أين أتيت وإلى أين أنا ذاهب ،
يا الله كم كان كلامه يؤلمني أين أمه أين أبيه يا الله كم هو صعب العيش بدونهم ، فقلت :له كيف تقضي جل وقتك؟
فقال: بين شوارع باريس ليس لي مكان غيرها فقد تعودت وولدت بين شوارعها ،
يا الله كم أنت قاسي يا فقر حتى على أطفالك ،
وإذا بي أسأله أين تنام؟ فقال: مشيرا بأصبعه ذلك هو المكان الذي أنام فيه ،
بالله تخيلوا أين المكان الذي ينام فيه !! إنه مكان بجنب قمامة النفايات التي تعج بالأوساخ والجراثيم
نعم أنه قد مزق قلبي وأنا أجلس بحوزته ، فقررت أن أصطحبه إلى مكان لعلي أفرحه قليلا وأعطيه درسآ أن يعرف لو كان هذا حاله فأن أناس قد بعث الله فيهم الرحمة فسترحمه ،
فقال:سأذهب معك ،
وإذا بي أمسك بيديه التي أحسست بلمستها بها أحلام وأمنيات قد ينتظرها فالعلة القدر يحول له وتتحقق أمنياته ، ومشينا بخطوات ترسم الفرحة بنفس هذا الطفل اليتيم وحينها كنت أتساءل وأسأل نفسي ما الذي أقدمه لهذا الطفل فكنت حائرا في أمري وأقول يا رب ما الذي أفعله لأفرح هذا اليتيم ،
وبعد أن اقتربنا من أسواق باريس مررنا بمحلات كثيرة فسألته : ما الذي تحتاجه وتريده فاعتبرني أبوك و أمك و أخوك و أختك يا أحمد ،فقال أنه و لأول مرة إنسان يقول لي هكذا ،
يا الله لماذا قست قلوب الناس وانعدمت من داخلها الرحمة ، فتأملت في نفسي لو كنت في نفس حاله ، فوجدت أن السعادة والراحة النفسية هي التي تغني عن كنوز العالم ،
فقلت سأشتري له بعض الملابس وسآخذ له حذاء غير الذي في قدميه وسأشتري له بعض الشوكولاته وعند عودتي جلست أفكر في نفسي كيف سيكون حال هذا الطفل اليتيم عند رجوعي من باريس !!،
نعم يا الله كيف سيكون حاله ومتى سيأتي له القدر بابتسامة وتفتح له الحياة دروب وأمال أنتظرها وأمنيات قد سكنت بين جدران قلبه ، فدعوت ربي أن يحفظه ويفرج عليه ويرسل له من يرحمه ويساعده ، يا الله كم كانت روعة ألرسمه التي رسمتها في أخر يوم في باريس
وداعا ^ بذكرى ^ واستقبالا ^ بفكره ^
نعم ^بفكره^ قد دارت في نفسي الرحيمة أن حال عودتي لدياري سأذهب لدار الأيتام وأجلس مع من يأوي بداخلها لعلي أكون ضيفا خفيفا عليهم وان أمازحهم بضحكات بريئة تنبعث من قلب رحوم إلى قلب يرحم ولعلي أرسم البسمة ع شفاتهم وأخبرهم أنه (( لا فرق بيننا وبينهم ))
وأنهم في قلوبنا لو لم نكن بنفس قدر لقائنا وجلوسنا طويلا ، فعدت إلي بلادي بعد سفر طويل وأول من استقبلني هو ((أمي العزيزة)) التي نزلت دموع فرحتها بعودتي ولم أتمالك نفسي فانهمرت دموعي وأنا أحضنها بكل شوق وحنين وبعدها ذهبنا إلى البيت وكم كانت كبيره فرحة أهلي برجوعي ، ولكن قبل نهاية قصتي أود من من يقرها أن يفعل هذه الأشياء .
1.أن يرحم من ينتظر الرحمة .
2. أن لا يبخل على أي فقير .
3. أن يرسم الابتسامة دائما.
4. يجعل حاله في نفس حال الفقير .
انتهت القصة...
تأليف نبيل المزروعي
مع تحياتي أختكم / شذى الحور
ادعولي بالتوفيق
التعديل الأخير تم بواسطة شذى الحور ; 03-26-2012 الساعة 07:26 PM