لا: حرف نفي ونصب
إذا دخلت على النكرة المباشرة غير المكررة نصبتها وجوباً اسماً لها ورفعت الخبر.
إله: اسم (لا) منصوب تحققت فيه شروط وجوب النصب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
وخبر (لا) محذوف لظهور العلم به وتقديره (حق)
قال ابن مالك:
وشاع في ذا الباب إسقاط الخبر إذا المراد مع إسقاطه ظهر
وقدره بعض النحاة (موجود) وهو خطأ باعتبار وصحيح باعتبار آخر، والصحيح الذي لا خطأ فيه وتدل عليه الأدلة الأخرى تقديره بـ(حق)
فالذين قدروه بـ(موجود) إن كان مرادهم مطلق وجود ما يعبد من دون الله فهذا خطأ؛ فإن الآلهة التي اتخذت من دون الله كثيرة، قال الله تعالى: (واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون)
وكم حطم النبي صلى الله عليه وسلم من صنم اتخذ إلها من دون الله؟!!
وإن كان مرادهم بالوجود: الوجود المعتبر شرعاً فهذا حق ويدل عليه قوله تعالى: (إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء) وقال: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل) فهي آلهة باطلة ليست بشيء.
ولكن الله أرشدنا في التعبير أن نأخذ بالقول الذي لا يتذرع متذرع بتفسيره بالباطل على منهج : (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا)
فتقديره بـ(حق) هو الصواب حينئذ ،وهو مرادف للوجود الشرعي
وخبر (لا) يحذف كثيراً في كلام العرب ويقدر في كل مقام بحسبه
كما لو سئلت: من عندك؟ فقلت: لا أحد.
فإنك تريد: لا أحد عندي، فلو ذكرت خبر (لا) خالفت البلاغة في القول.
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)
فشهر صفر موجود ولكنَّ المنفي هو الوجود الشرعي لاعتقادهم فيه.
وكذلك الطيرة موجودة، ولكن المنفي هو الاعتبار الشرعي لها.
وهكذا يقدر الخبر في كل مقام بحسبه
ونظير هذا المعنى قوله تعالى: (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون) فالمنفي هنا هو الجعل الشرعي ، وليس الجعل الكوني القدري
فهذه الاعتقادات كانت سائدة في الجاهلية وتعرفها العرب ويعمل بها بعضهم، ويجعلون من الأنعام بحيرة يشقون اذنها ويحرمونها ، ويجعلون الوصيلة والجمل الحام...إلخ
وكل هذه التصرفات منهم غير معتبرة شرعاً ، وما أنزل الله بها من سلطان ، وجاءت الشريعة بإبطالها ونفي اعتبارها شرعاً.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)
المنفي ليس وجود الضرر الكوني، وإنما وجوده الشرعي فلا يقر الشرع ضرراً ولا ضراراً.
وتقدير الخبر المحذوف مرتبط بالمعنى المراد ارتباطا وثيقا.
ففي كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) ليس المنفي الوجود الكوني للآلهة التي تعبد من دون الله بالباطل، وإنما المنفي هو الاعتبار الشرعي لها وأنها تستحق شيئاً من العبادة.
ولذلك كثرت الأدلة من الكتاب والسنة على إبطال استحقاق غير الله للعبادة
قال تعالى: (واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشورا).
وقال: (أيشركون ما لا يخلق شيئاً وهم يخلقون)
وقال: (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)
والمقصود من الإعراب بيان المعنى المراد.
وكل إعراب أدى إلى معنى باطل فهو خطأ مردود.
وقد أكثر ابن هشام في رسالة له مستقلة في إعراب (لا إله إلا الله) من الأوجه الإعرابية حتى أوصلها إلى عشرة أوجه
وكلامه فيها غير محرر وإنما كتبها خواطر من ذهنه وتعرض فيها لأقوال عدد من النحاة منهم المعتزلة ومنهم الأشاعرة ومنهم من أهل السنة.
والنحاة لهم مذاهب كثيرة في الإعراب مبنية على خلافهم في العوامل.
منقول للفائدة