الحرية مطلب من مطالب الفرد ، ولكي يعيش الفرد بإنسانيته لا بد أن يتمتع بحريته ، والديمقراطية أساسها الحرية ، وحقوقها وضماناتها تخدم الفرد لكي يتمتع بالحرية المطلوبة كيف ما أراد دون إيذاء الآخرين ، فهل الديمقراطية الأمريكية تراعي هذا المطلب البشري ؟
مر بي كما مر على الكثير من مرتادي الانترنت ايميل يذكر قصة الدكتورة عافية صديقي السجينة رقم 650 الدكتورة الباكستانية لديها 144 شهادة فخرية ، وشهادات في دراسة الجهاز العصبي مِنْ المعاهدِ المختلفةِ مِنْ العالمِ ، طبيبة الأعصاب الوحيدة في العالم الحاصلة على الدكتوراه الفخرية من جامعة هارفارد ، الحافظة لكتاب الله المجيد .
عافية إحدى نسائنا المسلمات اللاتي يصرخن طلباً للنجدة فهل من مجيب ؟ ف د/ عافية امرأة مؤمنة عفيفة تفوقت علمياً حتى برزت في تخصص نادر ، فهي طبية متخصصة في علم الأعصاب ، عادت إلى باكستان بعدما تخرجت من جامعة أمريكية ، لتخدم بلادها وأمتها الإسلامية ، عاشت في بيت علم ، فأمها و أختها طبيبتان كانت حياتها حياة هادئة تزوجت من الدكتور أمجد ورزقت منه ثلاثة أولاد ، لكن زواجها لم يستمر طويلاً عملت في مدينة راولبندي الباكستانية وفي أيام الصيف قبل خمس سنوات سافرت إلى كراتشي هي وأولادها لزيارة أمها وأختها فقضت وقت استجمام و سرور مع عائلتها ، وعند العودة إلى راولبندي بدأت قصة المأساة و المعاناة .
ركبت سيارة أجرة متجهة إلى المطار و لكنها لم تصل إلى المطار ، وانقطعت أخبارها و ذهبت فرحة الأيام الجميلة التي قضتها مع أمها و أولادها الثلاثة أكبرهم عمره أربع سنوات و أصغرهم لم يبلغ الشهر آنذاك .
حينما بدئ البحث عنها قيل لهم من قبل الاستخبارات الباكستانية الصمت الصمت ، فلم تستطع الأم الصبر طويلاً فأعادت السؤال فاتصل بها وزير الداخلية آنذاك فيصل صالح حيات ووُعدت بعودتها و أبنائها قريباً فها هي خمس سنوات عجاف قد مرت لا تعرف البشرية القصة حتى الآن ، فقد اختطفتها المخابرات الأمريكية بتعاون من المخابرات الباكستانية ونُقِلتْ بعد خطفها إلى سجن باكرام الأفغاني المشؤم وسجلت فيه بسجينة مجهولة الهوية تحت رقم 650 حتى لا يعرف أحد عنها شيئاً .
وحديث الخطف من قبل C.I.A الأمريكية حديث طويل لا نهاية له ، إلا أنه ينحصر في خطف الرجال ، وربما لا يعرف البشر مخطوفاً أنثى سواها من هذه الإدارة سيئة السمعة .
وأول إشارة برزت إلى الوجود عن هذه السجينة مجهولة الهوية جاءت من كتاب ( معظم ببك ) الذي اختطف هو الآخر من قبل الأمريكان فذكر انه كان يسمع صرخات مؤلمة يومياً من امرأة في السجن ثم نقل المعظم إلى غوانتنامو وظلت هذه الصرخات تتردد في أذنيه حتى أُفرج عنه فألف كتاباً ذكر فيه حياة الظلم و التعذيب التي كانت في هذه السجون ولم ينس تلك الصرخات فَدَوَّنها في كتابه .
وصل الكتاب إلى يد الصحفية البريطانية ( يون رولي ) التي أسلمت مؤخراً فشد انتباهها قصة السجينة 650 فبادرت بالبحث عن هوية هذه السجينة فتوصلت إلى أن هذه السجينة 650 هي عافية صديقي ، ثم أخذت بعض المعلومات تتسرب إلى الصحافة العالمية بعد أن نال الجلاد الأمريكي منها كل منال ، فقد تعرضت د/ عافية لشتى أنواع التعذيب منها سرقة بعض أعضائها الجسدية بعمليات جراحية قهرية ، أما الاعتداء الجنسي على هذه العفيفة فحدث عنه ولا حرج .
وبعد هذه الممارسات غير الإنسانية فقدت العافية عافيتها ، وأصيبت بأمراض نفسية خطيرة حتى فقدت ذاكرتها .
لم يهتم الإعلام الباكستاني بقضية عافية و لا غيرها ، وكان أول ظهورها علنيا تمثل في محكمة نيويورك ، فبدت هزيلة ضعيفة تنزف دماً لا تستطيع الوقوف على قدميها ، تقول عنها شقيقتها ستفقد حياتها قريباً .
العجب كل العجب أن أعظم دول العالم على الإطلاق تريد فرض الديمقراطية وتوزيعها على العالم وهذه ديمقراطيتها : خطف وسجن وتعذيب وسرقة أعضاء وهتك للأعراض وعدم التقيد بالأعراف البشرية .
وإما طبلة التهم التي الصقوها بهذه العفيفة فتمثلت في محاولة نسف مكتب الحاكم الإقليمي في غزنة في أفغانستان ، ومحاولة قتل ضباط أمريكيين ... فهل من بينة ملموسة ؟ .
صبراً يا آل صديقي صبراً يا أهل الإسلام ليكن لنا في الأنبياء و الأصحاب قدوة فإن الفجر قد أسفر، نعم هذه هي أمريكا وهذه هي حريتها المزعومة ، وليست الدكتورة عافية أول من حوربت فقد حورب الكثير من المفكرين والمبدعين إذا لم يتخلوا عن قيمهم الإسلامية ، ولم يخدموا اميريكا في جنون العظمة والسيطرة العالمية .