لو بدأت بي لأتعبتهما
قال أبو الحسن المدايني : خرج الحسن والحسين رضي الله عنهما وعبدالله بن جعفر حُجاجا ففاتتهم أثقالهم فجاعوا وعطشوا، فمروا بعجوز في خباء لها فقال لها أحدهم: هل من شراب؟
فقالت : نعم، فأناخوا إليها وليس لها إلا شويهةٌ في كسر الخيمة.
فقالت : احلبوها وامتذقوا لبنها ففعلوا، ثم قالوا لها هل من طعام؟
قالت : لا إلا هذه الشاة فليذبحها أحدكم حتى أهيئ لكم منها ما تأكلون، فقام إليها أحدهم فذبحها وكشطها، ثم هيأت لهم فأكلوا وأقاموا حتى أبردوا، فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه، فإذا رجعنا سالمين فألمي بنا، فإنا صانعون إليك خيراً ثم ارتحلوا.
وأقبل زوجها فأخبرته بخبر القوم والشاة فغضب وقال : ويحك تذبحين شاتي لقوم لا تعرفينهم ثم تقولين نفر من قريش .
ثم بعد مدة ألجأتهما الحاجة إلى دخول المدينة فدخلاها، وجعلا يتنقلان البعر ويبيعانه، ويعيشان بثمنه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن بن على رضي الله عنه على باب داره جالس، فعرف العجوز وهي له منكرة، فبعث إليها غلامه، فدعا بها فقال لها: يا أمة الله أتعرفينني؟ قالت: لا.
قال: أنا ضيفك يوم كذا.
قالت: بأبي أنت وأمي.
ثم أمر فاشترى لها من شاء الصدقة ألف شاة، وأمر لها معها بألف دينار، وبعث بها مع غلامه إلى الحسين رضي الله عنه، فقال لها الحسين: بكم وصلك أخي؟
قالت: بألف شاة وألف دينار.
فأمر لها الحسين أيضاً بمثل ذلك، ثم بعث بها مع غلامه إلى عبدالله بن جعفر، فقال لها: بكم وصلك الحسن والحسين؟
قالت: بألفي شاة وألفي دينار، فأمر لها عبدالله بألفي شاة وألفي دينار، وقال لها: لو بدأت بي لأتعبتهما.
فرجعت العجوز إلى زوجها بأربعة آلاف دينار وأربعة آلاف شاة.