فرسان الإسلام

شكراً: 0

تم شكره 394 مرة في 171 مشاركة

نُكمل..قواعد الابحار إلى رمضان

القاعدة السابعة:احذر الإعصار .. (الهوى)
هذه أخطر قاعدة وأخطر ما تلقاه في السير إلى الله ..
إنه حقاً إعصار .. إنه الهوى ..

قال تعالى : ((أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43))) الفرقان.

وقال عز وجل : ((أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23))) الجاثية.

ومن أخطر أنواع الهوى .. أن تعبد الله على مزاجك .. ووفق رغبتك.
واأسفاه على من قضى رمضان في تيه الإعصار ..
قاعدة ثلاثية للنجاة من إعصار الهوى في عرض رمضان:
في عرض البحر : الإخلاص أنفع .. الدعاء أنجع .. الافتقار أسرع.
1.الإخلاص : وإنما يتعثر من لم يخلص ..
الإخلاص:هو القصد بالعبادة إلى أن يعبد بها المعبود وحده .. وقيل:تصفية السر والقول والعمل.
وقال سهل التستري رحمه الله: (نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا: أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء , لا نفس ولا هوى ولا دنيا).
أخلص نيتك .. تطهُر عبادتك من أدران الهوى .. وتُحبب إليك الخلوة والخمول .. وتعلُ همتك في الذكر وعبادات السر.
2.الدعـاء:
تأمل : ((فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)) العنكبوت:65
ألست قد ركبت وأبحرت؟فأين الدعاء؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعجز الناس من عجز عن الدعاء))
يا لعجز من حاجته بيد الله ولا يطلبها منه!! كيف يشق على إنسان أن يقول: يارب؟!

انجُ من هذا الإعصار الرهيب .. باستدامة الطرق على باب القريب المجيب : ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186))) البقرة.

3.الافتقار:
إذا وجدت في نفسك نشاطاً في أول رمضان .. فلا تغتر ..
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60))) المؤمنون
قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال : ((لا يا بنت الصديق , ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم , أولئك يسارعون في الخيرات)).
تأمل هذا المشهد .. وانظر اخطر الفرح بغير الله: ((هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22))) يونس
أرأيت كيف توّلد الإعصار فوراً بعد فرحة العجب؟!
فالنجاة من الإعصار تكمن في الافتقار .. يقول سفيان : (مثل المؤمن كمثل رجل في البحر على خشبة يقول: يارب .. يارب)
رأى الحسن يوماً شاباً يضحك بصوت عالٍ,فقال له كلمة أبكته, وجعلته يهيم على وجهه, ولم يُرَ بعد ضاحكاً .. أتدري ماذا قال له؟ قال: (كيف تضحك وأنت لم تَجُز الصراط بعد!!)
فطأطئ رأسك وتواضع .. حتى لا يغرقك الإعصار ..
ليلنا ليل البطالين .. ونهارنا نهار أهل الدنيا .. وملك الموت في طلبنا لا يكف عنا .. وهل يغتر أو يعجب بعمل من يعلم أن الموت ينتظره .. ولا يدري إلى أين يذهب به .. أإلى الجنة فيفرح .. أم إلى الأخرى؟!!

القاعدة الثامنة:زورق الأمان والإسراع قدر الإمكان (الإعتكاف)
عندما نقترب من الوصول يكثر الخوف .. كثير من الطائرات احترقت على مدرج المطار .. وكثير من السفن غرقت قرب الوصول .. فهل يا ترى ستأتي في آخر رمضان وتضيعه لكي تعود من الصفر؟؟!
اجعل الاعتكاف زورق أمان .. أسرع قدر الإمكان .. اقرأ القرآن بسرعة .. اذكر بسرعة .. صلّ بسرعة في اتقان .. أكثر من كل شيئ وبسرعة وبتركيز شديد .. لا تنشغل بأحد.
الاعتكاف: زورق خاص .. عاطفي جداً .. هادئ جداً لتتفرغ لاستمطار رحمة الله الخاصة جداً جداً: ليلة القدر.
((وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3))) القدر.
والمقصود بالاعتكاف: انقطاع الإنسان عن الناس .. ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلباً لفضله وثوابه..وإدراك ليلة القدر..ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة .. وأن يتجنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا.
إن أشرف ما في كل شيء آخره .. والخيل أسرع ما تكون إذا قاربت الوصول .. وكان حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد المأزر .. وأقام الليل كله .. وأحيا ليله وأيقظ أهله.
فأين أنت من سنته .. وهمته .. ونشاطه .. وحماسه صلى الله عليه وسلم ؟!!

القاعدة التاسعة:تخلص من أدران الرحلة

قبيل الاستواء على البر .. وقبيل رسوّ السفينة .. ابدأ في تنظيف نفسك.
ليلة عيد الفطر كان علي بن أبي طالب يخرج فيقول: (يا ليت شعري .. من هذا المقبول فنهنئه .. ومن هذا المحروم فنعزيه؟)
توقف قبل انتهاء رمضان .. قبل أن يلفظ الشهر أنفاسه الأخيرة: اهتم باللمسات الأخيرة:
*كثرة الاستغفار.*الاهتمام بقضية القبول.*كثرة الدعاء. *إحياء ليلة العيد (الناس مشغولون بتجهيز عيدهم وأنت في عبادة).*زكاة الفطر(أخلص في إخراجها كي تكون لله رجاء أن يطهر صومك ويكتبه كاملاً) أتقن بها وداع رمضان .. فزكاة الفطر بمثابة التفاتتك عند الوصول لتلقي نظرة أخيرة للبحر من ورائك.
أخرجها بيدك .. وقلبك يقول : اللهم تقبل منا رمضان.

القاعدة العاشرة:قل عقوبات .. ولا تقل فتور
إخوتاه.. تعالوا نصحح مفهوماً خطيراً:
كثير من الأخوة يستعدون مع أول قدم لهم على بر العيد لدعاوى (الفتور)!
لماذا يتوقع كثير من الناس (الفتور) بعد رمضان؟
سؤال:إذا أقبل العبد على الله تعالى 30يوماً.. فهل المفترض في هذه الحال أن يطرده الله عن جنابه؟!
هل قال لنا الله عز وجل:إذا تقرب إلي عبدي شبراً طردته من رحمتي؟!! هل قال لنا الله سبحانه وتعالى: إذا ذكرني عبدي في نفسه .. شغلته بمعصيتي .. وصددته عن سبيلي؟!!
حاشا .. وسبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً!!
بل ربنا غفور شكور .. انظر إلى عقيدة أهل الجنة: ((وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34))) فاطر.
نعم.. إن ربنا شكور .. يجازى القليل من العمل بالكثير من التوفيق في الدنيا .. قال الله سبحانه وتعالى: ((فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7))) الليل.
وقال عز وجل: ((إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13))) الكهف.
فهل يسوغ لكسول أو معجب أو مغرور أن يعلل سفول همته بعد رمضان بأنه فتور!! ويظن أنه فتور طبيعي؟! نتيجة طبيعية للإقبال على العبادة!!
إن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص .. يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ..
إذا ضعف الإيمان .. فإن المؤمن لا يترك السبيل بالكلية ..
إذا مضى رمضان .. فإن سبل الجنة لم تغلق دون المشتاق إليها ..
وإن مضى رمضان .. فإن طريق النار لم يفتح أمام الفار منها ..
وإن مضى رمضان .. فإن الشياطين لا سلطان لها على المتقين ..
إذاً فليس المتوقع أن الطاعة تؤدي إلى المعصية!!
حسناً ..فبم إذاً يُفسر الفتور بعد رمضان؟
أيها الأخوة .. إنها عقوبات .. إن من الناس من يكره الله طاعته والعياذ بالله.
يقول الله عز وجل : ((وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46))) التوبة.
فالله عليم بذات الصدور .. خبير بالنوايا والخفايا .. يقول سبحانه: ((وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23))) الأنفال.
إخوتاه .. صححوا هذا المفهوم .. إنه متعلق بالعقيدة
(لا تنسبوا لله كسلكم .. لا تتعللوا بالقدر)
((وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19))) الإسراء.
((إنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17))) التغابن.
دعك من الشكاوى .. لا يقتلك الوهم .. لا تشك الفتور .. لا تنطق هذه الكلمة: (عندي فتور) .. ولكن:
انطلق..اعمل..اثبت..اسكت..اذكر..انصح..تصدق
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
أحبتي في الله .. ((تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ)) من قواعد الإبحار في رمضان..
جعلني الله واياكم من عتقاء رمضان ومن المقبولين.
ثم هيا إلى .. آخر دورتنا المباركة
وصايا سريعة للإبحار إلى الفردوس الأعلى ..
فتابعونــا..